من وحي الخيال 8

الجزء الأول :

ولدت ( منيرة ) فاقدة للبصر ،، عاشت طفولتها عمياء .. لم ترى وجه أبيها ولا أمها ولا تعرف لهما ملامح ..

ولكن هذه الإعاقة البصرية لم تجعل منيره تنطوي على نفسها .. بل كانت محط أنظار كل من حولها وأبهرتهم بذكائها و نباهتها وحسن تعاملها وأخلاقها منذ صغر سنها

فهي تتسم بشخصيه إجتماعية وتتصف بخفة الدم وحس الفكاهة التي تجذب الناس إليها .. إلى جانب أنها حازت على قدر كبير من ( الجمال )

و نظراً لأن القرية التي تسكنها منيره لا تحتوي على مدارس خاصة ( بذوي الإحتياجات الخاصة ) لبعد القرية عن مدينة الرياض بمسافة تزيد عن الـ 200 كيلو ، فقد تأخرت في الدراسة فهي لم تبدأ في التعليم إلا بعد بلوغها سن الخامسة عشر من عمرها ..

فبعد أن بلغت منيره عمر الخامسة عشر بدأت تتسائل : ليش ما أتعلم مثل البنات ؟؟ يعني عشان أنا عميانه ؟؟ حتى لو كنت عميانه أكيد فيه طريقه أتعلم فيها وأفهم ..

فأصرت على والديها بأن تتعلم بأي شكل كان ،، مما إضطر والداها إلى أن يرسلاها إلى مدينة الرياض لتعيش مع خالها ( عبدالرحمن ) و تلتحق بإحدى المدارس المتخصصة بذوي الإحتياجات الخاصة ..

كان خالها عبدالرحمن من تجار مدينة الرياض المعروفين .. وكان لديه من الأبناء ( ريم ) و ( ناصر )

إستقبلتها عائلة خالها عبدالرحمن بكل ترحيب وذللت لها كل الصعاب بأن جهزوا لها جناح كامل في فيلا خالها عبدالرحمن و تكفّلت إبنة خالها ريم بالإهتمام بشئون منيرة و تلبية طلباتها ومساعدتها في دروسها .. بل وطلبت ريم من والدها أن يكون جناحها بجانب جناح منيره كي تكون قريبة منها ..

تدرس ريم في المرحلة المتوسطة و عمرها يقارب عمر منيرة مما جعل علاقتهن ببعضهن تكون أقوى وأمتن بحكم تقارب أعمارهن و أيضاً بحكم ملازمة ريم لمنيرة طيلة الوقت تقريباً لمساعدتها ..

أما ناصر فقد تخرج من الجامعة منذ ثلاث سنوات تقريباً و لم يفكر في الوظيفة فلماذا يفكر في الوظيفة وهو لا يحتاج إليها اصلاً ؟؟ فوالده من أثرياء مدينة الرياض ،، ومما زاد من عدم رغبة ناصر بالوظيفة هي تلك الأموال التي كان يغدقها عليه والده ..
هذه الأسباب جعلت منه شاباً خاملاً لا هم له إلا نزواته وشهواته وملذاته و سفرياته التي لا تنقطع ...

قدمت منيرة أوراقها إلى ( معهد المكفوفين بالرياض ) فتم قبولها .. وبدأت بالدراسة و المذاكرة بجد وإجتهاد وتعلمت القراءة والكتابة بطريقة ( برايل ) و أبهرت معلماتها بمستوى ذكائها المرتفع و سرعة فهمها وحفظها الذي لا يتوازى مع الصف الذي تدرس فيه .. مما جعل إدارة المعهد تختصر عليها سنوات الدراسة ،، فبعد أن تم إجراء أختبار لتحديد مستواها الدراسي والعقلي إتضح إن مستواها و نباهتها وذكائها تجاوز مرحلة ( الصف الثاني إبتدائي ) الذي تدرس فيه ،، و تم نقلها إلى ( الصف الخامس ) ..

كانت منيرة طيلة وقتها في جناحها لا تخرج منه إلا لقضاء حاجاتها الضرورية من شراء مستلزمات المعهد والدراسة أو الذهاب مع السائق إلى المعهد كل صباح بعد أن يقوم بإيصال ريم إلى مدرستها ..

كانت ريم تقود منيرة حينما تريد التجول في المنزل أو النزول إلى صالة المنزل للجلوس مع زوجة خالها ( مرام ) أو حتى للخروج للتنزه خارج المنزل أو في الأسواق .. فكانت ريم هي عيني منيرة حينما تريد شراء غرض ما فهي تصف لها ما تريد شراءه كقطعة قماش مثلاً أو أي شيء في السوق ..

إستطاعت منيرة أن تكسب قلب جميع من في المنزل بأسلوبها وبخفة دمها و دماثة أخلاقها ...
حتى أن زوجة خالها و إبنتها ريم أصبحا لا يطيقان تلك الفيلا الواسعة في الإجازة الصيفية حينما تذهب منيرة إلى قريتهم لزيارة والديها ولقضاء الإجازة الصيفية هناك ،، فهي من بثت في المنزل روح الحياة بمداعباتها و خفة دمها المعهودة و طرائفها الفكاهيه ..

كبرت ريم كما كبرت منيرة ..

أصبحت ريم في المستوى الثالث في كلية ( الطب ).. و منيرة في المستوى الأول تخصص ( لغة إنجليزية ) في نفس الجامعة ..

ومن هنا بدأت المشاكل تلوح في الأفق بين منيرة و ريم ...

للقصة بقية

الجزء الثاني :

بعد أن أصبحت منيرة في نفس جامعة ريم .. إستطاعت منيرة أن تلفت الأنظار إليها ..
بل إنها كوّنت لها صداقات وصديقات من قسمها ومن الأقسام الأخرى و بالإضافة إلى صديقات ريم اللاتي كنّ يفرحن كثيراً حينما تأتي منيرة مع ريم للإستمتاع معها وبجلستها التي لا تخلوا من الطرافة والفكاهة التي تنثرها منيرة بينهن بإسلوبها الفكاهي ..
فحينما تجتمع ريم مع صديقاتها في الجامعة كانت منيرة تشاركهن ،، وحينما تخرج ريم مع صديقاتها إلى الملاهي أو السوق أو المناسبات الخاصة بينهن كانت ريم تصطحب منيرة معها .. وكانت ريم دائماً تفتخر بمصاحبة بإبنة عمتها منيرة في أي مكان تذهب إليه ريم ..

إلا أن هذا التآلف بين ريم و منيرة وهذا الفخر لم يستمر ،، وبدأت علاقتهن ببعضهن تسوء

لأن صديقات ريم أصبحن يقارنون بينها وبين إبنة عمتها منيرة في كل شيء ..
صديقتها إيمان : تصدقين يا ريم إن منّور أحلى منك
صديقتها إبتسام : اييييه بسم الله عليها مملووحه وعيونها تجنن
ريم يتأفف : ترا صجيتوني في بنت عمتي ذي !! لا تغركم عيونها ترا ما تشوف فيهن
صديقتها إيمان : إي والله على قولتهم " الزين ما يكمل حلاه "
ترد إيمان : حتى لو عميانه يكفي أنها مؤدبه و دمها خفيف يجنن .. حتى لبسها رووعه وربي ذوقها خياال ولبسها كششخه .. ليش ما تكشخين مثلها يا ريم ؟

بدأت الغيرة تأكل قلب ريم من منيرة .. وأصبحت تتحاشاها و تتحاشى الجلوس معها و أيضاً لم تعد تصطحبها معها لزيارة صديقاتها أو الإجتماع بهن كما السابق ..

أحست منيرة بهذا التغير من إبنة خالها و صديقتها وأختها ( ريم ) .. كانت منيرة تحاول التقرب والتودد من ريم لمعرفة سبب هذا التغير ،، إلا أنها كانت تتفاجأ بصد ريم لها و بإلقاء بعض الكلمات الجارحة عليها أو التلميح بأعاقتها ... إلا أن منيرة كانت ترد على تلك الإهانات والتلميحات بـ ( الصمت )

عاشت منيرة لحظات ألم و أوقاتاً حزينة و وحيدة بعد تغير ريم عليها ..
كانت تتسائل : ليش ريم متغيره علي ؟ لا يكون ضايقتها بكلمه وأنا مدري ؟!! أو سويت شي ضايقها ؟؟

لاحظت زوجة خالها أن ريم أصبحت تخرج لصديقاتها لوحدها بدون منيرة ..
وحينما تسأل ريم عن السبب كانت ريم تقول : صديقاتي يتضايقون منها ....

بدأت أم ريم تمنع ريم من الخروج لوحدها خوفاً عليها و طلبت منها من باب الحرص عدم الخروج لأي مكان إلا بصحبة منيرة لأنها تطمئن عليها حينما تكون منيرة معها ،، وكان الأب يؤيد الأم في ذلك

وفي ظل هذا الحصار المفروض على ريم إضطرت أن تعيد علاقتها بمنيرة كي يتم إزالة هذا الحصار المفروض عليها من قبل والديها ..

عادت العلاقة بين منيرة وريم إلا أن هذه العلاقة لم تعد متينة وقوية كما كانت ..

أصبحت ريم لا تجلس مع منيرة ألا عند الخروج من المنزل .. وحتى عند ذهاب ريم مع صديقاتها إلى السوق أو كوفي شوب مثلاً بصحبة منيرة فأنها تطلب من منيرة الجلوس على إحدى الطاولات بينما تجلس ريم وصديقاتها على طاولة أخرى بعيدة عنها .. أو تجلسها على كراسي الإنتظار في السوق لتذهب للتسوق مع صديقاتها و تعود لأخذها عند إنتهاء ريم وصديقاتها ..
أما في المنزل فإن ريم تغلق باب جناحها وغرفتها على نفسها ..
و عندما تأتي منيرة إلى باب غرفتها وتطرق عليه فإن ريم لا ترد عليها ولا تفتح لها الباب .. وتظل منيرة تطرق عليها الباب بهدوء إلى أن تيأس من إستجابتها و تعود إلى غرفتها و تجلس وحيدة ..

ولا تريد أن تشتكي لأحد خوفاً من أن تسبب مشكلة لريم مع أمها أو أن خالها قد يوبخ ريم حينما يعلم بما تفعله ريم فيها وهي تحب ريم ولا تريد أية مشكلة تحصل لها بسببها ...

أصبحت منيرة تشعر بحركات وأصوات غريبة خارج غرفتها .. وكلما خرجت بعصاها لتستطلع الأمر فإن هذه الأصوات تختفي
كان تكرار هذه الحركات و الأصوات المريبة مصدر خوف لمنيرة فهي لم تتعود أن تجلس لوحدها و أيضاً هذه الأصوات تدعوا للشك والريبة ...

في إحدى المرات .. سمعت منيرة صوت شخص يصعد الدرج .. فخرجت مسرعة و نادت وهي تلوح بعصاها في الهواء : ميين ؟؟؟

سمعت صوت ( ناصر ) إبن خالها يتنحنح بعد أن سمعها تنادي .. فما أن سمعت صوت إبن خالها ناصر حتى دخلت غرفتها و أغلقت الباب ..

ولكن منيرة إشتمت رائحة ( عطر نسائي ) بمجرد مرور إبن خالها ناصر من أمام باب جناحها ..
فأخذت تضحك وتقول : الله يهديك يا نويصر ما لقيت إلا هالعطر تتعطر فيه ؟ ما تفرق بين عطر نسائي و عطر رجالي ؟؟

إستمر هذا الفراق بين الصديقتين طيلة ( الترم والفصل الدراسي ) إلى أن جاءت الإجازة الصيفية ..

وكان لابد لمنيرة أن تذهب إلى قريتها لزيارة والديها و المكوث هناك طيلة الإجازة الصيفية ..

و بعد مرور شهر من الإجازة الصيفية .. جاء خالها عبدالرحمن إلى القرية لزيارة أخته و الاطمئنان على منيرة ....

للقصة بقية

الجزء الثالث :

جاء خالها عبدالرحمن إلى القرية لزيارة أخته و الاطمئنان على منيرة ..

و أخذت منيرة تسأل عن أحوال ريم و تطمئن عليها و بعثت مع خالها أشواقها الحارة لريم و لزوجة خالها ..

بعد أن مكث الخال مدة يوم في القرية عاد إلى الرياض ...

وبعد أن ذهب الخال عبدالرحمن .. دخلت أم منيرة غرفة منيرة و وجدت في يدها كتاب تقرأ فيه و مكتوب بطريقة ( برايل ) ..
الأم : هلا والله بنتي هلا والله نظر عيني
ضحكت منيرة مستغربه : خيرر يمه ؟ عسى ماشر وش فيك أول مره تشوفيني ؟؟
الأم بفرح : تو خالك عبدالرحمن كلمني أنه يبغا يخطبك لولده ناصر ...
إستغربت منيرة من هذا الخبر ،، بل صعقت منه ..
إستطردت الأم قولها : هاه وش قلتي يا منيرة ،، موافقه ؟
أخذت منيرة تحاول أن تستوعب ما تقوله أمها فسألتها : نااصر ولد خالي عبدالرحمن خاطبني ؟؟
الأم : إيييه ،، و ناصر ماشاء الله عليه جامعي و ما عليه قصور
منيرة بإستغراب : بس ليش ناصر تارك كل بنات الناس وجاي يخطب وحده عميانه يا يمه ؟؟
الأم : وش فيك وراك حاقره نفسك يا منيرة ؟؟ ترا أنتي اسم الله عليك حلووه و انتي بنت عمته وهو أولى فيك ..
منيرة : طيب وش قلتي لخالي عبدالرحمن ؟؟
الأم : قلت له بآخذ رأيك أول وبعدين أرد له ..
منيرة : طيب يا يمه عطيني وقت أفكر وأرد عليك
الأم وهي تهم بالخروج من الغرفه : خلاص فكري بس لا تتأخرين ترا خالك مستعجل

خرجت الأم من غرفة منيرة وبدأت الأسئلة المحيرة تجول في رأسها و تفكر :
ناصر وش يبغا بوحده عميانه ؟؟
يمكن خالي هو اللي ضاغط عليه عشان يتزوجني وهو ما يفكر فيني أصلاً !!
أو يمكن ناصر راحمني عشاني عميا وما أحد جا يخطبني ؟؟؟
معقووول ناصر بيتزوجني زواج شفقه ؟؟
لا يمكن أرضاها على نفسي لو أعنّس وأجلس طول عمري بدون زواج ولا أتزوج شخص ينظر لي بعين الشفقة
أمممم أو يمكن عشان أنا عايشه معهم في البيت يبغونه يكون لي محرم ويصير يدخل ويطلع براحته وأنا بعد أصير آخذ راحتي في البيت ؟؟

لم تفكر منيرة في الإتصال على ريم والإستفسار منها لأن العلاقة بينهما لازالت متوتره ..

قررت منيرة أن تطلب من أمها أن تبلغ خالها عبدالرحمن بأن يؤجل هذا الموضوع قليلاً إلى أن تتأكد منيرة من السبب الحقيقي من رغبة ناصر في الزواج منها ..

ولن تستطيع منيرة أن تتأكد إلا بعد إنتهاء الإجازة وعودتها إلى منزل خالها عبدالرحمن ..
ربما تحادثها زوجة خالها في الموضوع
و ربما يحدثها ناصر بنفسه في الموضوع فتستفسر منه
أو لعل ريم تفتح هذا الموضوع معها ..

للقصة بقية

وصلنا للوحي الثامن ..
ما شاء الله تبارك الله ...
سلسلة جميلة تعايش الواقع .. وإن كانت قصصية من نسج الخيال ..
أخي الدائرة ... لقد سلبتنا من ساحات المنتدى ... وأجبرتنا على الدخول كل لحظة لهذه الساحة ..

سبحان الله ... الأكفاء أو كفيفي الأعين يبدلهم الله ويعوضهم عن إعاقتهم بخير منها .. ولقد تطرقت لها في وحيّك ..

متابعين ومستمتعين .. ومسجلين في هذه الصفحة القبول والاعجاب ..

مشششششاء الله مبدع وابداعك متواصل
كمل القصه نحن في انتظار البااقي ,,,

والله قصه روعه يابو عبدالعزيز
ننتظر باقي القصه المشووقه

سبحان الله ربي ياخذ شي ويعوضه بشيٍ ثاني
قصه من بدآيتها مؤلمه وحزينه !!
وهل ستوافق منيره على ابن خالها أم لآ
وماهو السر الذي جعل ناصر يخطبها
بأنتظار أحداث القصه بشوق

ماشاء الله عليك وعلى خيالك وتراني متابع لك بس بصمت
لأن الخيال لايريد أزعاج
أحترامي لك ولخيالك يامبدعنا...

ماشاءالله عليك مبدع في خيالك..
ننتظر البقيه ..

مشاءالله عليك ..

اسلوب رائع .. يشد الشخص ..

تنقلك بين احداث القصه يخليك تعيشها ..

بإنتظار بقية القصه .. عجل علينا ..