![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
![]() |
![]() |
هَمْس الْقَـgافِــي مآتغترفه ذوائقگم من بحور الشعر |
![]() |
![]() |
|
أدوات الموضوع |
![]() |
#1 |
موقوف
![]() |
![]()
قــــــــــــــيـــس بــن الـــــــــمــــلــــوّح (( مــجــــــــنــون لـــيــــلى ))
هو من نسب إليه سلطان الحب , وقد جاءت إليه محبوبته ليلى يوما وهو يقول : - ليلى .. ليلى ويلقي الثلج على صدره فيذيبه حرارة فؤاده , فقالت له : - يا قيس , أنا ليلى فنظر إليها وقال لها : - إليكِ عني , فإن حبك شغلني عنك . وهذا ألطف حال ظهر في هذا الشأن من سلطان الحب , لأن صورتها الظاهرة لما شاهدها حالت بينه وبين ما كان في خياله منها , فإن خيالها ألطف منها في عينه , فلما أحس بفقد ذلك اللطف لمشاهدتها قال لها : إليك عني . وفي ذلك قالوا : وعزّة الحب إن الحب أشهدني = عين الحبيب الذي أهواه في خـَـلدي بحيث لو ظهرت في الحسن صورته = لعين حبي لم أنقص ولم أزدِ فحال حضرته كحال غيبته = وهذه صفة ٌ لم تُدر في أحدِ بها خصصت فلا شخصٌ ينازعني = فيها وأهل الهوى عنها على حيدي لذاك أنكرها من ليس يعرفها = والكل أنكرها إذ كان لم يجدِ والسر في ذلك أن القوم ما عشقوا = من عالم اللطف إلا عالم الجسدِ الاسم والنسب / أما عنه فهو : قيس بن الملوّح بن مزاحم بن قيس بن قيس بن عنبسه . وأما ليلى فهي : ليلى بنت مهدي بن سعد بن ربيعة بن الحريش وقيل أنها : ليلى بنت ورد من بني ربيعة . وفي كنيتها قولان : أحدهما " أم مالك " وبذلك كنّاها المجنون في شعره وهو الصواب والثاني " أم خليل " وفي بعض شعر المجنون " أم عمرو " على ما يأتي , وهي من بني عامر , ولهذا يقال لها ليلى العامرية . بداية معرفة المجنون بليلى / ذكر بعضهم أن قيسا خرج فمر بامرأة من بني عقيل , وكانت امرأة عاقلة , وكان بنات الحي يجلسن عندها , ويتحدثن وينشدن الأشعار , فلما رأت قيسا دعته إلى النزول عندها , فنزل عندهن , وتحدث معهن وأنشدهن , وقد عجبن من فصاحته , وإذا ليلى قد أقبلت , فلما رآها فتن بها , فلما رأته تلك المرأة كذلك قالت : ما بالك يا قيس قد ضل عقلك؟ فقال : من يرى مثل هذه الصورة كيف لا يضل عقله ؟! فسألت تلك المرأة ليلى أن تجلس معهن ففعلت , فانحرف قيس نحوها وعلق قلبه بها , وعلقته هي أيضا , فلما أمسوا انصرف قيس وبات بأطول ليلة , فلما أصبح مضى وجلس إليهن , ثم جاء فتى من حي ليلى يدعى منازل فأقبلت عليه ليلى وتركت قيسا , فكادت نفسه أن تذهب , فلما مضى أنشد قيس : |
![]() |
![]() |
#2 |
موقوف
![]() |
![]()
أأعقر من أجل الكريمة ناقتي = ووصلي مقرونٌ بوصل منازل ِ
إذا جاء قعقعنّ الحلى ولم أكن = إذا جئت أرجو صوت تلك الخلاخل ِ ولم تُغن عني بردتي وتجمّلي = وقومي ونسلي من كرام ٍ أفاضل ِ إذا ما اتفقنا في الحديث فضلتهُ = وإن رام وصلاً كان أكرم واصل ِ وإني من إعراضها متألمٌ = قليل العزا والصد لا شك قاتلي فلما قال ذلك قالت : كلانا مظهرٌ للناس بغضًا = وكلٌ عند صاحبه مكينُ وندفع بالتجمّل ضغن قوم ٍ = وفي الأحشاء منك هوىً دفينُ ونظهر جفوةً من غير حقد ٍ = وحبك في فؤادي ما يبينُ فطب نفسًا بذلك وقرّ عينًا = فإن هواك في قلبي مصونُ فلما سمع ذلك فرح ورجعت نفسه , فلم يزل معهن حتى أمسى , ثم ذهب فبات بأطول ليلة , وجهد أن ينام فلم يقدر , فأنشأ يقول : نهاري نهار الناس حتى إذا بدا = ليَ الليل هزّتني إليك ِ المضاجعُ أقضي نهاري بالحديث وبالمُنى = ويجمعني والهم بالليل جامعُ لقد ثبتت في القلب منك محبةٌ = كما ثبتت في الراحتين الأصابعُ ولو كان هذا موضع العتب لا شتفى = فؤادي ولكن للعتاب مواضعُ وأنت التي صيرتِ جسمي زجاجةً = تنمّ على ما تحتويه الأضالعُ أتطمع من ليلى بوصل وإنما = تضرّب أرقاب الرجال المطامعُ فلما أصبح غدا فوجدها مع أمها فلم تقدر أن تكلمه . فأنشأ يقول : أخاف هواها تاركي بمضلّةٍ = من الأرض لا مالٌ لديّ ولا أهلُ ولا صاحب ٌ أشكو إليه بليّتي = ولا وارثٌ إلى المطيّة والرحلُ محا حبها حبّ الألىَ كنّ قبلها = وحلّت مكانا لم يكن حُل من قبلُ فحبيها حبٌ قد تمكّن في الحشا = فما إن أرأى حبا يكون له مثلٌ فرجع وفي نفسه أشد من ذلك , ثم استمر به الحال من ذكرها , وقد لقيه ابن عم له فقال : يا أخي اتق الله في نفسك , فإن الذي أنت فيه من عمل الشيطان , فازجره عنك . فأنشأ يقول : يا حبّذا عملُ الشيطان من عمل = إن كان من عمل الشيطان حُبّيها في ذكر تزايد أمره وقلة صبره ورجوع عقله عند ذكراها / كان المجنون يجلس في نادي قومه وهم يتحدثون فيقبل على بعض القوم وهو باهت ينظر إليه ولا يفهم ما يحدثه به , ثم يثوب عقله فيسأل عن الحديث فلا يعرفه , فحدثه مرة بعض أهله بحديث ثم سأله عنه فلم يعرفه , فقال : إنك لمجنون . فقال : إني لأجلس في النادي أحدثهم = فأستفيق وقد غالتني الغولُ يُهوى بقلبي حديث النفس نحوكم = حتى يقول جلسي أنت مخبولُ وتزايد أمره حتى فقد عقله , وكان لا يقر في موضع ولا يؤويه رحل , ولا يعلوه ثوب إلا مزقه , وصار لا يفهم شيئا مما يكلّم به , إلا أن تذكر له ليلى ! فإذا ذُكرت أتى بالبداية ورجع عقله . وقيل أن قيسا ذهب إلى ليلى وقد شعروا ببعض أمره فرأته ليلى ولم تقدر على القيام إليه , فأنشأ يقول : |
![]() |
![]() |
#3 |
موقوف
![]() |
![]()
أيا ليلُ بكّي لي بعينكِ رحمة ً = من الوجد مما تعلمين وأعلمُ
أليس مجيبا أن تكون ببلدة = كلانا بها يشقى ولا يتكلمُ لئن كان ما ألقى من الحب أنني = به كلفٌ جمّ الصبابة مغرمُ فعلّك أن ترثي لعبد متيّم ٍ = فمثلك يا ليلى يرق ويرحمُ بكى لي يا ليلى الضمير وإنه = ليبكي بما يلقى الفؤاد ويعلمُ ( كلف : مولع 000 الضمير : جبل بالشام ) فلما اشتهر أمره لام قيسا أهله على ذلك , فصبر عن زيارتها أياما , ثم سار إليها وهو ينشد : ألا أيها القلب اللجوج المعذّلُ = أفق عن طلاب البيض إن كنت تعقلُ أفق كما أفاق العاشقون عن الهوى = وأنت بليلى هائم القلب مُتبَلُ وقد زعمت ليلى بأني سلوتها = وأن سواها حبه لي مكمّلُ فقلت لها : يا ليل والله إنني = لأوفي بعهدي في الجميل وأفضلُ هبي أنني أذنبت ذنبا جهلته = ولم آته عمدا وذو الجهل يجهلُ فقد تبت إليك فها اقبلي = ومثلي إذا ما تاب مثلكِ يقبلُ عفا الله عما قد مضى لسبيله = فها أنا من ذنبي لكم أتنصلُ فإن شئت هاكي نازعيني حكومة ً = وإن شئت قلنا إن حكمك أفضلُ وإن كان هذا الهجرُ هجرَ تدلل ٍ = فقد زادني يا ليل هذا التدللُ أعلّل منك النفس بالوعد والمُنى = فهل لي بيأس ٍ منك يا ليلى أعللُ أهيم بكم في كل يوم ٍ وليلةٍ = جنونا وجسمي بالسقام موكّلُ ثم سار حتى جاء منزلهم فلم يجدهم , فجعل يقبّل الأرض ويقول : أبوس تـراب رجـلـك ِ يا لـُويـْـلـَى = ولـولا ذاك لــم أدعـَى الــمـصـابا وما بـَـوسي التراب لحـب أرض ٍ = ولـكـن حـب مـن وطـئ الـتـــرابا جننت بها وقد أصبحت فيها = محبا أستطيب بها العذابا ولازمت القفار بكل أرض ٍ = وعيشي بالوحوش نما وطابا ثم صوّر صورة في التراب منها , وجعل يعاتبها ويقول : أصوّر صورةً في الترب منها = وأبكي إن قلبي في عذابِ وأشكو هجرها منها إليها = شكاية مدنفٍ عظم المصابِ وأشكو ما لقيت وكل وجد = غراما بالشكاية للترابِ ( مدنف : مريض ) ولما خلط قيس بن الملوح وزال عقله وامتنع عن الأكل والشرب سارت أمه إلى ليلى فقالت لها : إن ابني قد جنّ من أجلك وذهب حبك بعقله , وقد امتنع عن الطعام والشراب , فإن رأيت أن تسيري معي إليه , فلعله إذا رآك أن يسكن بعض ما يجد . فقالت لها : أما نهارا فما يمكنني ذلك , وإن علم أهلي ذلك لم آمنهم على نفسي , ولكن سأسير إليه في الليل , فلما كان الليل سارت إليه وهو مطرق يهذي , فقال له : يا قيس إن أمك تزعم أنك جننت من أجلي وأصابك ما أصابك , فرقع رأسه فنظر إليها وتنفس الصعداء وأنشأ يقول : قالت جُننت على أيش ٍ؟ فقلت لها = الحب أعظم مما بالمجانين ِ الحب ليس يفيق الدهر صاحبه = وإنما يُضرع المجنون في الحين ِ لو تعلمين إذا ما غبتِ ما سقمي = وكيف تسهر عيني لم تلوميني |
![]() |
![]() |
#4 |
موقوف
![]() |
![]()
ولنوفل بن مساحق أنه رأى يوما قيسا وهو يلعب بالتراب , فدنا منه وكلمه , فجعل يجيبه
بخلاف ما يسأله عنه , فقال له رجل من أهله : إذا أردت أن يكلمك كلاما صحيحا فاذكر له ليلى . فقال له نوفل : أتحب ليلى ؟ قال : نعم . قال : فحدثني حديثك معها . قال : فجعل ينشد شعره فيها فأنشأ يقول : وشُغلت عن فهم الحديث سوى = ما كان منكِ وأنتمُ شغلي وأديم نحو محدثي ليرى = أن قد فهمت وعندكم عقلي وأنشد : ذكرت عشيّة الصدفين ليلى = وكل الدهر ذكراها جديدُ إذا حال الغراب الجون دوني = فمنقلبي إلي ليلى بعيدُ عليّ أليّة إن كنت أدري = أينقص حب ليلى أم يزيدُ ( أليّة : يمين , حـَلِف ) فلما رأى نوفل ذلك منه أدخله بيتا وقيّده وقال : أعالجه . فأكل لحم ذراعيه وكفيه فحلـّـه وأخرجه , فكان يأوي مع الوحش , وكان له داية ربّته صغيرا , فكان لا يألف غيرها ولا يقرب منه أحد سواها . فكانت تخرج في طلبه إلى البادية وتحمل له الخبز والماء , فيوما أكل ويوما لم يأكل . عزمهم على تزويجه بغيرها لعله يذهب ما به / لما ذكر المجنون لليلى واشتهر أمره اجتمع إلى أبيه أهله , وكان سيدا . فقالوا له : زوّج قيسا , فإنه سيكف عن ذكر ليلى وينساها . فعرض عليه أبوه التزويج فأبى وقال : لا حاجة بي لذلك . وأتى ليلى بعض فتيان الحي , ممن كان يحسد قيسا ويعاديه , فأخبرها أنه عزم على أن يتزوج . وجاء المجنون كما كان يجيء فحجبته ولم تظهر له , فرجع وهو يقول : فوالله ما أدري علام هجرتني = وأيّ أموري فيكِ يا ليلُ أركبُ أأقطع حبل الوصل فالموت دونه = أم أشرب رنقـًـا منكم ليس يشربُ أم أهرب حتى لا أرى لي مجاورًا = أم أفعل ماذا أم أبوح فأغلبُ فوالله ما أدري وإني لدائبٌ = أفكّر ما جرمي إليها فأعجب ُ فبلغها قوله فأنشأت تقول : صدق والله قيس حين يقول : ومن يطع الواشين لا يتركوا لهُ = صديقا وإن كان الحبيب إلى القلبِ وذكر بعضهم أنه قال له : أنا أزوجك أشرف منها وأحسن . فبكى وأنشأ يقول : لليلى على قلبي من الحب حاجزٌ = مقيم ٌ ولكنّ الفراق عظيمُ فواحدةٌ تبكي من الهجر والقِلى = وأخرى لها شجوٌ بها وتهيمُ وينهشني من حب ليلى نواهشٌ = لهنّ حريق في الفؤاد مقيمُ إلى الله أشكو فقد ليلى كما شكا = إلى الله فقد الوالدين يتيمُ يتيمٌ جفاه الأقربون فعظمُهُ = ضعيف وعهد الوالدين قديمُ وإن زمانا فرّق الهجر بيننا = وبينكِ يا ليلى فذاك ذميمُ ـــــــــــــ خروجهم به إلى مكة ليذهب كلفه ويـُـقـِـل / لما ظهر من المجنون ما ظهر ورأى قومه ما ابتلي به اجتمعوا إلى أبيه وقالوا : يا هذا قد ترى ما ابتلي به ابنك , فلو خرجت به إلى مكة فعاد بيت الله , ودعا الله عز وجل , رجونا أن يرجع عقله ويعافيه الله . فخرج أبوه حتى أتى مكة , فجعل يطوف به ويدعو الله له بالعافية , وهو يقول : |
![]() |
![]() |
#5 |
موقوف
![]() |
![]()
دعا المحرمون الله يستغفرونه = بمكة وهًنا أن تمحى ذنوبها
وناديت أن يا رب أوّل سؤلتي = لنفسي ليلى ثم أنت حسيبها فإن أعط َ ليلى في حياتي لا يتب = إلى الله خلقٌ توبةً لا أتوبها ( وهنا : منتصف الليل ) حتى إذا كان بمنى نادى منادٍ من بعض تلك الخيام يا ليلى , فخرّ قيس مغشيا عليه , واجتمع الناس حوله , ونضحوا على وجهه الماء , وأبوه يبكي عند رأسه , ثم أفاق وهو يقول : وداع ٍ دعا إذ نحن بالخيف من منى = فهيّج أطراب الفؤاد وما يدري دعا باسم ليلى غيرها فكأنما = أطار بليلى طائرا كان في صدري ( أطراب الفؤاد : أحزانه ) وذكر بعض المشائخ قال : خرجت حاجا حتى إذا كنت بمنى إذا جماعة على جبل من تلك الجبال ومعهم فتى أبيض حسن الوجه وقد علاه الصفار , وبدنه ناحل , وهم يمسكونه , فسألتهم عنه , فقالوا : هذا قيس الذي يقال له المجنون , فقلت لهم : فما لكم تمسكونه؟ قالوا نخاف أن يجني على نفسه جناية تتلفه . قال : وهو يقول : دعوني أتنسّم صبا نجد . فقال لي بعضهم : ليس يعرفك , فلو شئت دنوت منه فأخبرته أنك من نجد وأخبرته عنها . قلت : نعم أفعل . فدنوت منه فقالوا له : يا قيس هذا رجل قدم من نجد . قال : فتنفس حتى ظننت أن كبده قد تصدّعت , ثم جعل يسألني عن موضع ٍ موضع ووادٍ واد , وأنا أخبره , وهو يبكي : ثم أنشأ يقول : ألا حبّذا نجدٌ وطيب ترابهِ = وأرواحه إن كان نجد على العهدِ ألا ليت شعري عن عوارضتى قنا = بطول الليالي تغيرتا بعدي وعن جارتينا بالبـَـتيل إلى الحمى = على عهدنا أم لم تدوما على عهدِ وعن أعلويّات الرياح إذا جرت = بريح الخزامى هل تهب إلى نجدِ وعن أقحوان الرمل ما هو صانعٌ = إذا هو أسرى في ليلة بثرى جعدِ وإن هبت الأرواح هيّجن ذكره = فيا طول أحزاني عليه ويا وجدي وأنشد بعضهم للمجنون : إذا الحجاج لم يقفوا بليلى = فلست أرى لحجّهم تماما تمامُ الحج أن تقف المطايا = على ليلى وتُقريها السلاما وأنشد أيضا : أقول لإلف ذات يوم لقيتهُ = بمكة والأنضاء ملقىً رحالها بربك أخبرني ألم تأثم التي = أضر بجسمي من زمان ٍ خيالها فقال : بلى والله سوف يمسّها = عذابٌ وبلوى ف الحياة تنالها فقلت ولم أملك سوابق عبرة ٍ = سريع ٍ على جيب القميص انهمالها عفا الله عنها ذنبها وأقالها = وإن كان في الدنيا قليلا نوالها في ذكر منعه من محادثتها والاجتماع بها / لما نسب المجنون بليلى وشهر بحبها اجتمع إليه أهلها فمنعوه من محادثتها وزيارتها , وتهددوه وأوعدوه بالقتل , وكان يأتي امرأة فتعرف له خبرها فنهوا تلك المرأة عن ذلك , فكان يأتي الغافلات في الحي في الليل . فلما كثر ذلك خرج أبو ليلى ومعه نفر من قومه إلى مروان بن الحكم يشكون إليه ما ينالهم من قيس بن الملوّح , وسألوه الكتاب إلى عامله لديهم بمنعه من كلام ليلى , فكتب لهم مروان كتابا إلى عامله يأمره أن يحضر قيسا ويتقدم إليه في ترك زيارة ليلى , فإن أصابه أهلها عندهم أهدر دمه . فلما ورد ذلك قيس وأبيه وأهل بيته قال قيس : |
![]() |
![]() |
#6 |
موقوف
![]() |
![]()
ألا حُجبت ليلى وآلي أميرها = عليّ يمينا جاهدا لا أزورها
فكيف وقلبي في هواها موكّل = وقد فاض من أجفان عيني غزيرها وفيها جفاني كل إلف ٍ وصاحب ٍ = فيا ليت شعري ما يكون مصيرها وكنت إذا ما جئت ليلى تبرقعت = فقد رابني منها الغداة سفورها وما أسفرت إلا وقد بات أهلها = على عجل منّي وهذا نذيرها وأوعدني فيها رجالٌ أعزهم = أبي وأبوها فاستقلّت صدورها على غير ذنب ٍ غير أني أحبها = وأن فؤادي عند ليلى أسيرها وقد عوّضتني بالوصال قطيعة ً = فيا ليت شعري ما يكون أخيرها ما وقع له من الاستخبار والاصطياد / لقي مجنون بني عامر الأحوص الأنصاري فقال له حدثني حديث عروة بن حزام . فجعل الأحوص يحدثه وهو يسمع حتى فرغ من حديثه . ثم أنشأ يقول : عجبت لعروة العُذري أمسى = أحاديثا لقوم ٍ بعد قوم ِ وعروة مات موتا مستريحا = وها أنا ذا أموت بكل يوم ِ ويوما دخل كـُـثير عزّة على عبدالملك بن مروان , فجعل ينشد شعرا في عزة وعيناه تذرفان . فقال له عبدالملك : قاتلك الله يا كثير ! هل رأيت أحدا أعشق منك ؟ قال : يا أمير المؤمنين , خرجت مرة أسير في البادية علي بعير لي يوضع ( يوضع : يسرع السير ) فبينما أنا أسير إذ رفع لي شخص فأممته , فإذا رجل قد نصب شركا للظبى وقعد بعيدا منه , فسلمت فرد علي السلام . فقلت له : ما أجلسك هاهنا ؟ قال : نصبت شركا للظبى فأنا أرصده . قلت : إن أقمت لديك فصدت أطعمتني ؟ قال : إي والله . قال : فنزلت فعقلت ناقتي وجلست أحدثه , فإذا هو أحسن خلق الله حديثا وأرقّه وأجزله , قال : فما لبثنا أن وقعت ظبية في الشرك , فوثب ووثبت معه , فخلصها من الحبائل ثم نظر في وجهها مليّـا , ثم أطلقها . وأنشأ يقول : أيا شِـبه ليلى لن تراعي فإنني = لك اليوم من بين الوحوش صديقُ ويا شبه ليلى لن تزالي بروضةٍ = عليك سحابٌ دائم وبروقُ فما أنا إذ أشبهتها ثم لم تؤب = سليما عليها في الحياة شفيقُ ففر فقد أطلقت عنك لحبها = فأنت لليلى ما حييت طليقُ فعيناك عيناها وجيدك جيدها = ولكنّ عظم الساق منكِ دقيقُ ( تؤب : ترجع ) ثم أصلح شركه وعدنا إلى موضعنا . فقلت : والله لا أبرح حتى أعرف أمر هذا الرجل . فأقمنا باقي يومنا فلم يقع لنا شيء , فلما أمسينا قام إلى غار قريب من الموضع الذي كنا فيه وقمت معه فبتنا به . فلما أصبح غدا فنصب شركه , فلم نلبث أن وقعت ظبية شبيهة بأختها التي بالأمس , فوثب إليها ووثبت معه , فاستخرجها من الشرك ونظر في وجهها مليّـا ثم أطلقها فمرت . فأنشأ يقول : |
![]() |
![]() |
#7 |
موقوف
![]() |
![]()
اذهبي في كلاءة الرحمن ِ = أنت مني في ذمة وأمان ِ
لا ترهبي والجيد منك لليلى = والحشا والبـُغام والعينان ِ لا تخافي بأن تُهاجي بسوء ٍ = ما تغنى الحمام في الأغصان ِ ( البُغام : صوت الظبي ) ثم عدنا إلى موضعنا فلم يقع يومنا ذلك شيء , فلما أمسينا سنا إلى الغار فبتنا فيه . فلما أصبحنا غدا إلى شركه وغدوت معه . فنصبه وقعد يتحدث , وقد شغلني يا أمير المؤمنين بحسن حديثه عن الجوع , فبينما نحن نتحدث إذ وقعت في الشرك ظبية فوثب إليها ووثبت معه . فاستخرجها من الشرك فنظر في وجهها وأراد أن يطلقها فقبضت على يده وقلت : ماذا تريد أن تعمل ؟ أقمت لديك ثلاثا كلما صدت شيئا أطلقته ! قال : فنظر في وجهي وعيناه تذرفان وأنشأ يقول : أتلحي محبا هائم القلب إذ رأى = شبيها لمن يهواه في الحبل موثقا فلما دنا منه تذكّر شجوهُ = وذكّره من قد نأى فتشوّقا ( أتلحي : أتـلوم ) فرحمته والله يا أمير المؤمنين فبكيت لبكائه , فنسبته فإذا هو قيس المجنون . فذلك والله أعشق مني يا أمير المؤمنين . وذكروا أن المجنون مرّ برجلين قد صادا عنزا من الضباء فقمطاها . فلما نظر إليها دمعت عيناه وقال : يا هذان خلـّـياها . فأبيا عليه . فقال : لكما مكانها شاة من غنمي . فقبلا منه ودفعاها إليه , فأطلقها ودفع إليهما الشاة . وأنشأ يقول : شريت بكبش شبه ليلى ولو أبوا = لأعطيت مالي من طريف وتالد ِ فيا بائعي شبها لليلى هُبلتما = وجُنبتما ما ناله كل عابد ِ فلو كنتما حرين ما بعتما معا = شبيها لليلى بيعة المتزايد ِ وأعتقتماها رغبةً في ثوابها = ولم ترغبا في ناقص غير زائد ِ فلا ظفرت كفّا كما بكريمةٍ = وجُنبتما صوب الغمام الرواعد ِ ( طريف : الجديد 000 تالد :القديم الموروث ) وقال في ذلك أيضا : يا صاحبيّ الذين اليوم قد أخذا = في الحبل شبها لليلى ثم شدّاها إني أرى اليوم في أعطاف شاتكما = مشابهًا أشبهت ليلى فـَحُلاها وأورداها غديرا لا عدمتكما = من ماء مزن ٍ قريب ٍ عند مرعاها |
![]() |
![]() |
#8 |
موقوف
![]() |
![]()
قال مجنون بني عامر : بينما أنا ذات يوم قاعد إذ رأيت ذئبا فرس ظبية , فاتبعته فإذا هو
رابض عندها يأكلها , فرميته بسهم فما أخطأته , ثم لحقته فقتلته وشققت بطنه وأخرجت ما كان في بطنه من لحمها فدفنته وأحرقت الذئب , وقلت في ذلك : أبى الله أن يبقى لليلى بشاشة ٌ = فصبرا على ما شاءه الله لي صبرا في ذكر كلفها به / ذكر أن رجلا رحل إلى ناحية الشام مما يلي تيماء والشراة في طلب بغية له , فإذا هو بخيمة قد رفعت له , وقد أصابه مطر فعدل إليها فتنحنح , فإذا بامرأة قد كلمته فقالت لبعض العبيد : سلوا هذا الرجل : من أين أقبل ؟ فقال : من ناحية اليمامة ونجد . فقالت له : انزل . فنزل وراحت إبلهم وغنمهم , فإذا أمر عظيم , وإذا رعاء كثير , فقالت : أيّ بلاد نجد وطئت ؟ فقال : كلها . فقالت : بمن نزلت هناك ؟ قال : ببني عامر . فتنفست الصعداء وقالت : بأي بني عامر ؟ فقال : ببني الحريش . فاستعبرت ثم قالت : هل سمعت بذكر فتى يقال له قيس ويلقّب بالمجنون ؟ فقال : أي والله , ونزلت بأبيه وأتيته حتى نظرت إليه في تلك الفيافي يهيم , ويكون مع الوحش لا يعقل ولا يفهم إلا أن تذكر له ليلى , فيبكي وينشد الأشعار يقولها فيها . قال : فرفعت الستر بيني وبينها فإذا شقة قمر , فلم تر عيني مثلها , فبكت وانتحبت حتى ظننت والله أن قلبها قد انصدع , فقلت لها : أيتها المرأة , اتقي الله , فوالله ما قلت بأسا . فمكثت طويلا على تلك الحال من بكاء ونحيب , ثم قالت : ألا ليت شعري والخطوب كثيرة ٌ = متى رحلُ قيس ٍ مستقلٌ فراجعُ بنفسيَ من لا يستقل برحله = ومن هو إن لم يحفظ الله ضائعُ ثم بكت حتى غشي عليها , فلما أفاقت قلت : من أنت ؟ قالت : أنا ليلى المشؤومة عليه , غير المساعدة له . فما رأيت مثل حريقها عليه ووجدها به , فمضيت وتركتها . في شعوره بالألم عند فراقها وسؤاله الغريب والبعيد بكل أمرها / قيل إن ليلى اجتمعت به مرة ثم ودعته فقال : ضعفتُ عن التسليم يوم وداعها = فودّعتها بالطرف والعين تدمعُ وأخرست عن رد الجواب فمن رأى = محبا بدمع العين قلبا يودعُ عليك سلام الله مني تحية ً = إلى أن تغيب الشمس من حيث تطلعُ وقيل إنها زارته مرة فأنشأ يقول : زها جسم ليلى في الثياب كما زها = مع الغصن غصن قد تزايد عودها ضممتك حتى قلتُ: ناري قد انطفت = فلم تطفَ نيراني وشبّ وقودها ألا قل لليلى قد وهبت لها دمي = وجدت بنفسي قد نعاها عزيزها وقيل أنه اجتمع بليلى يوما , فلما حان فراقها أنشد هذه الأبيات : متى يشتفي منكِ الفؤاد المعذّبُ = وسهم المنايا من وصالكِ أقرَبُ فبعدٌ وهجرٌ واشتياقٌ ورجفةٌ = فلا أنت تدنيني ولا أنا أقرُبُ كعصفورة ٍ في كفّ طفل يزمّها = تذوق حياض الموت والطفل يلعبُ فلا الطفل ذو عقل ٍ يرق لما بها = ولا الطير ذو ريش ٍ يطير فيذهبُ ولي ألف وجه ٍ قد عرفت مكانه = ولكن بلا قلب ٍ إلى أين أذهب ؟ ويوما مر المجنون بزوج ليلى وهو جالس يصطلي في يوم شات , فوقف عليه ثم قال : بربك هل ضممت إليك ليلى = قُبيل الصبح أو قبّلت فاها وهل رفّت عليك قرون ليلى = رفيف الأقحوانة في نداها فقال : اللهم إذ حلفتني فنعم . فقبض المجنون بكلتي يديه قبضة من الجمر فما فارقهما حتى خرّ مغشيا عليه , فسقط الجمر مع لحم راحتيه... وفد فتى من نَهد يقال له صباح بن عامر على الملوّح أبي قيس المجنون , فسلم عليه وخبّره نسبه وقال له : إني وفدت من بلدي لأنظر إلى قيس وأسمع شعره , فما فعل ؟ فبكى الشيخ حتى غشي عليه , ثم سكن وقال له : وأنى لك بقيس ؟ فقد عشق ابنة عم له , وإنه جن ّ على رأسها , فهو لا يأنس بأحد , يرد مع الوحش يوم ورودها , ويصدر معها إذا صدرت , ولكن هاهنا شاب يذهب إليه في كل يوم , وهو يأنس به ويحدثه , فإن شئت فصر إليه . قال صباح : فصرت إلى الفتى فرحب بي وسألني عن حالتي فأخبرته , فقال لي : تروي لقيس بن ذريح شيئا ؟ فإن المجنون معجب بشعره , قلت : أنا من أحفظ الناس لشعر قيس . قال : فصر إلى موضع كذا وكذا فاطلبه في تلك الفيافي فإنك تجده , واعلم أنه إذا رآك فسوف ينفر منك ويهوي إليك بحجر , فلا يهولنّـك واقعد كأنك لا تريده , فإذا رأيته قد سكن : فاذكر له ليلى , فإنه سيرجع إليه عقله وترجع صحته ويحدثك عن حاله . ثم أنشده من شعر قيس بن ذريح فإنه مشغوف به . قال صباح : ففعلت الذي أوصاني به الفتى فلم أزل أطلبه حتى انتصف النهار , فإذا أنا برجل عريان قد شعث شعر رأسه على حاجبيه , وإذا هو قد فعل حظيرة من تراب وهو قاعد في وسطها وإلى جانبه أحجار وهو يخطط بإصبعه في الأرض , فلما رآني أهوى إلى حجر ووثب ليقوم , فقعدت ناحية أرمي ببصري إلى غيره ولا أحفل به , ثم إنه رجع إلى عبثه وتخطيطه . فقلت له : أتعرف ليلى ؟ قال : بأبي والله هي , وكيف لا أعرفها ؟ قلت : لله در قيس بن ذريح حيث يقول : |
![]() |
![]() |
#9 |
موقوف
![]() |
![]()
وإني لمفن ٍ دمع عيني بالبكا = حِذارا لما قد كان أو هو كائنُ
وقالوا غدا أو بعد ذاك بليلة: = فراق حبيب لم يبن وهو بائنُ وما كنت أخشى أن تكون منيتي = بكفّيكِ إلا أن ما حان حائن فقال : أنا والله أشعر منه حيث أقول : نعب الغراب ببين ليلى غُدوة ً = فأتى الكتاب ببينهم مخطوطا أصبحت من أهلي الذين أحبهم = كالسهم أصبح ريشه ممروطا ثم وثب مسرعا إلى ظبي سنحت له فغاب عن عيني فتبعته فجعلت أقفو أثره إلى آخر النهار فما وقعت عيني عليه , ثم غدوت في اليوم الثاني فجعلت أطوف عليه في تلك الفيافي حتى إذا جنى الليل انصرفت , فلما كان في اليوم الثالث طلبته فإذا أنا به عريان بين أحجار ميت . وقد حكي فيه غير ذلك : فذكر أن كثيرا قال : بينما أنا عند مجنون بني عامر إذ مر راكب فقال : تعزّ يا قيس . قال : عمّن ؟ قال : عن ليلى . فقام إلى بعيره وقمت إلى بعيري , ثم أتينا الحي فأرشد إلى قبرها , فأقبل يقبله ويلزمه ويشم ترابه وينشد الشعر , ثم شهق فمات فدفنته . في ذكر سياق أبيات نستحسنه من شعره / قضاها لغيري وابتلاني بحبها = فهلاّ بشيء ٍ غير ليلى ابتلانيا قال القذحمي : لما قال المجنون هذا البيت سُـلب عقله , وقال ابن الجوزي : ذهب بصره . وقال المجنون : تزوّدت من ليلى بتكليم ساعةٍ = فما زاد إلا ضعفَ ما بي كلامها وقال : أتاني هواها قبل أن أعرف الهوى = فصادف قلبا خاليا فتمكّنا وقال : يكاد فضيض الماء يخدش جلدها = إذا اغتسلت بالماء من رقّة الجلد ِ وقال : لقد هتفت في جنح ليل حمائمُ = على إلفها وإني لنائمُ كذبتُ وبيت الله لو كنتُ عاشقا = لما سبقتني بالبكاء الحمائمُ وقال : يقرّ بعيني قربها ويزيدني = بها كلفا من كان عندي يعيبها وكم قائل ٍ قد قال: تب فعصيته = وتلك لعمري توبةٌ لا أتوبها وقال : عفا الله عن ليلى وإن سفكت دمي = فإني وإن لم تجزع غير عاتبِ عليها ولا مبدٍ لليلى شكاية ً = وقد تشتكي البلوى إلى كل صاحبِ يقولون : تب من حب ليلى وذكرها = وما خلتُني عن حب ليلى بتائبِ وقال : أحبّا على حب وأنت ِ بخيلة ٌ = وقد زعموا ألاّ يحب بخيلُ بلى والذي حج الملبّون بيتهُ = ويشفي الجوى بالنّيل وهو قليلُ وقال : أمر على الديار ديار ليلى = أقبل ذا الجدار وذا الجدارا وما حب الديار أهاج وجدي = ولكن حب من سكن الديارا وقال : فحبك أنساني الشراب وبردهُ = وحبك أبكاني بكل مكان ِ وحبك أنساني الصلاة فلم أقم = لربي بتسبيح ولا بقرآن ِ وقال : وما الناس إلا عاشقون ذوو الهوى = ولا خير فيمن لا يحب ويعشقُ إذا لمتها قالت : وعيشك إننا = حراصٌ على اللقيا ولا نتفرقُ فإن كنت مشتاقا فسر نحو بابنا = فنحن إلى ما كان من ذاك أشوقُ وقال : إذا نظرت نحوي تكلّم طرفها = وجاوبها طرفي ونحن سكوتُ فواحدةٌ منها تبشّر باللقا = وأخرى لها نفسي تكاد تموتُ إذا مت خوف اليأس أحيانيَ الرجا = فكم مرة ٍ قد متّ ثم حييت ولو أحدقوا بي الإنس والجن كلهم = لكي يمنعوني أن أجيكِ لجيتُُ وقال : عجبت لليلى كيف نامت وقد غفت = وليس لعيني للمنام سبيلُ ولما غفت عيني وما عادةٌ لها = بنوم ٍ وقلبي بالفراق عليلُ أتاني خيالٌ منك باليلَ زائرٌ = فكادت له نفسي الغداة تزولُ خيال لليلى زارني بعد هجره = وزار نجيّا والعناقُ يطولُ وقال : أحبك يا ليلى محبة عاشق ٍ = عليه جميع المصعبات تهونُ أحبك حبا لو تحبين مثله = أصابك من وجد ٍ عليّ جنونُ ألا فارحمي صبّا كئيبا معذّبا = حريق الحشا مضنى الفؤاد حزينَ قتيلٌ من الأشواق أما نهاره = فباك ٍ وأما ليله فحزينُ له عبرةٌ تهمى ونيران قلبه = وأجفانه تذري الدموع عيونُ فيا ليت أن الموت يأتي معجّلاً = على أنّ عشق الغانيات فتونُ وقال أيضا : ألا لا أرى وادي المياه يثيبُ = ولا النفس عن وادي المياه تطيبُ أحب هبوط الواديين وإنني = لمشتهرٌ بالواديين غريبُ أحقا عباد الله أن لست واردا = ولا صادرا إلا عليّ رقيبُ ولا زائرا وحدي ولا في جماعةٍ = من الناس إلا قيل : أنت مريبُ ألا في سبيل الله ما قد لقيتهُ = غراما به أحيا ومنه أذوبُ ألا في سبيل الله قلبُ معذبُ = بذكرك يا ليلى الغداة طروبُ أيا حب ليلى لا تبارح مهجتي = ففي حيّها بعدُ الممات قريبُ أقام بقلبي من هواها صبابة ٌ = وبين ضلوعي والفؤاد وجيبُ فلو أن ما بي بالحصى فلق الحصى = وبالريح لم يسمع لهن هبوبُ ولو أن أنفاسي أصابت بِحرّها = حديدا لكانت للحديد تذيبُ ولو أنني استغفر الله كلما = ذكرتك لم تكتب عليّ ذنوبُ ولو أن ليلى في العراق لزرتها = ولو كان خلف الشمس حين تغيبُ أحبك يا ليلى غراما ومعشقا = وليس يُرى لي في الوصال نصيبُ أحبك يا ليلى محبة عاشق ٍ = أهاج الهوى في القلب منه لهيبُ أحبك حتى يبعث الله خلقه = ولي منك في يوم الحساب حسيبُ سقى الله أرضا أهل ليلى تحلّها = وجاد عليها الغيث وهو سكوبُ ليخضرّ مرعاها ويخصب أهلها = وينمى بهذاك المحل خصيبُ |
![]() |
![]() |
#10 |
موقوف
![]() |
![]()
وله :
وداع ٍ دعا إذ نحن بالخيف من منى = فهيّج أحزان الفؤاد وما يدري دعا بسم ليلى غيرها فكأنما = أطار بليلى طائرا كان في صدري ينادي سواها أسخن الله عينه = وليلى بأرض عنه نازحةٍ قفر ِ أقول لها يوما وقد شط بي النوى = متى الملتقى قالت: قريبٌ من الحشر ِ حلفت لها بالله ما بين ذي الحشا = سواها حبيبٌ من عوان ومن بكر ِ جعلنا علامات المودة بيننا = مصائد لحظ هنّ أخفى من السحر ِ فأعرف منها الود من لين طرفها = وأعرف منها الهجر بالنظر الشذر ِ إن عبتها شبهتها البدر طالعا = وحسبكِ من عيب يشبه بالبدر ِ هي البدر حسنا والنساء كواكب = فشتان ما بين الكواكب والبدر ِ إذا ذكرت يرتاح قلبي لذكرها = كما انتفض العصفور بلله القطرُ تداويت من حب ليلى بليلى من الهوى = كما يتداوى شارب الخمر بالخمر ِ وتزعم ليلى أنني لا أحبها = بلى والليالي العشر والشفع والوتر ِ بلى والذي أرسى بمكة بيته = بلى والمثاني والطواسين والحِجر بلى والذي ناجى من الطور عبده = وشرّف أيام الذبائح والنحر ِ بلى والذي نجّى من الحب يوسفا = وأرسل داوودا وأوحى إلى الخضر ِ بلى والذي لا يعلم الغيب غيره = بقدرته تجري المراكب في البحر ِ سأصبر حتى يعلم الناس أنني = على نائبات الدهر أقوى من الصخر ِ سلام ٌ على من لا أملّ حديثها = ولو عاشرتها النفس عشرا إلى عشر ِ عزائي وصبري أسعداني على الأسى = فأحمد ما جرّبت عاقبة الصبر ِ ولي كل يوم غشية ٌ من صدودها = أبيت على جمر ٍ وأضحي على جمر ِ عليها سلام الله ما طار طائر = وما سارت الركبان في البر والبحر ِ وله أيضا : أيا أبتي دعني وما قد لقيتهُ = ولا تُلح محزون الفؤاد سقيمُ عديم التسلّي باكيُ العين ساهرٌ = حليف الأسى للاصطبار عديمُ تعشّقت ليلى وابتليت بحبها = وأصبحت منها في القفار أهيمُ كلفت بها حتى أذابني الهوى = وصيّر عظمي بالغرام رميمُ وأصبحت فيها عاشقا ومولّهًا = مضى الصبر مني والغرام مقيمُ يقول أبي يا قيس عندي خلافها = وأكثر منها بهجةً ونعيمُ وذي أمها كانت من الروم أصلها = وقصدي أنا أصلي يكون كريمُ رضيت الذي قد عبت يا أبتي بها = ودع أصلها بين النساء ذميمُ فيا أبتي إن كنت حيّا تريدني = وترجو حياتي بينكن أقيمُ فجُد لي بليلى واصطنعني بقومها = أصير لها زوجا وأنت سليمُ لليلى على قلبي من الحب حاجزٌ = مقيمٌ ولكنّ اللسان عقيمُ فواحدة تبكي من الهجر والقلى = وأخرى تبكي شجوها وتقيمُ وتنهضني من حب ليلى نواهضٌ = لهن حريقٌ في الفؤاد عظيمُ إلى الله أشكو حب ليلى كما شكا = إلى اله فقد الوالدين يتيمُ يتيمٌ جفاه الأقربون فعظمهُ = ضعيف وحبّ الوالدين قديمُ وإنّ زمانا فرّق الدهر بيننا = وبينكِ يا ليلى فذاك ذميمُ وقال أيضا , وهي المؤنسة : سقى الله جارات ٍ لليلى تباعدت = بهن النوى حيث احتللن المطاليا بثمدين لاحت نار ليلى وصحبتي = بقزع الغضا تزجي المطيّ الحوافيا فقال بصير القوم: لمحةُ كوكبٍ = بدا في سواد الليل فردا يمانيا فقلت لهم: بل نار ليلى توقّدت = بعليا تسامى ضوؤها فبدا ليا بلى نار ليلى يا خليليّ فارسما الـ = قلائص لا تأوُوا لهنّ ولا ليا أشواقا ولمّا يمض لي غير ليلةٍ = رويدا الهوى حتى يغبّ لياليا خليليّ لا والله ما أملك البكا = إذا عَلَم من أرض ليلى بدا ليا خليليّ لا والله لا أملك الذي = قضى الله في ليلى ولا ما قضى ليا قضاها لغيري وابتلاني بحبها = فهلاّ بشيء ٍ غير ليلى ابتلانيا وخبّر تماني أن تيماء منزلٌ = لليلى إذا ما الصيف ألقى المراسيا فهذي شهور الصيف عنّا قد انقضت = فما للنوى ترمي بليلى المراميا فلو كان واش ٍ بالمدينة دارهُ = وداري بأعلى حضرموت اهتدى ليا وماذا لهم لا أحسن الله حظّهم = من الحظ في تصريم ليلى حباليا وقد كنت أعلو حب ليلى فلم يزل = بيَ النقض والإبرام حتى علانيا فيا رب سو الحب بيني وبينها = يكون كفافا لا عليّ ولا ليا فما طلع النجم الذي يهتدى به = ولا الصبح إلا هيّجا ذكرها ليا ولا سرت ميلاً من دمشق ولا بدا = سُهيل لأهل الشام إلا بدا ليا ولا سُميت عندي لها من سميةٍ = من الناس إلا بلّ دمعي ردائيا ولا هبّت الريح الجنوب من أرضها = من الليل إلا بت للريح جانيا ويوم ٍ كظل الرمح قصّرت طوله = بليلى فلهّاني ولا ما كنت لاهيا فيا ليلَ كم من حاجة لي مهمّةٍ = إذا جئتكم بالليل لم أدر ما هيا خليليّ إن لا تبكيا لي ألتمس = خليلا إذا أنزفت دمعا بكا لي فقد يجمع الله الشتيتين بعدما = يظنان كل الظن أن لا تلاقيا فإن تمنعوا ليلى وتحموا بلادها = عليّ فلن تحموا علي القوافيا فأشهد عند الله أني أحبها = فهذا لها عندي فما عندها ليا قضى الله بالمعروف منها لغيرنا = وبالشوق منّا والعناء قضى ليا وإن الذي أمّلت من أم مالك ٍ = أشاب قذالي واستهام فؤاديا أعد الليالي ليلةً بعد ليلةً = لقد عشت دهرا لا أعد اللياليا وأخرج من بين البيوت لعلّني = أحدّث عنك النفس بالليل خاليا إذا سرت أرضا بالقفار رأيتني = أصانع رحلي أن يميل حياليا إذا ما تداعى في الأنين حبائبٌ = دعوت لليلى أن تجيب دعائيا فلا نفع الله الطبيب بطبّه = ولا أرشد الله الحكيم المداويا أتيت أبا ليلى بصحبي ونسوتي = وجمّعت جمعا من رجال بلاديا بأن يتخلّى عن قساوة قلبه = فزاد فظاظا ثم رام هلاكيا ألا لا رعا الله الوشاة فإنهم = يرومون قتلي عامدين هلاكيا ألا قل لقومي هام قيس من الهوى = لقد همت يا ليلى وزاد هياميا ألا قل لهم ما قد ترى من صبابتي = ومن أدمع تنهلّ مني تواليا فمن أجل ليلى صرت راع ٍ لأهلها = ثلاثين شهرا في السنين الخواليا ومن أجل ليلى شاب يا قوم مفرقي = وخلّيت بعدها جميع رجاليا ومن أجل ليلى صرت استوطن الفلا = وأحببت بعد الأهل وحس البراريا ومن أجلها أحببت من لا يحبني = ومن لا يزال الدهر منها معاديا ومن أجلها صاحبت قوما تعصّبوا = عليّ ولم يرعوا حقوق الجواريا وهي أطول من ذلك ولكن لا يتسع المكان لذكرها أو لذكر أيّ من قصائده كاملة . خاتمه / ذكر الغزالي في كتابه " الإحياء " قال : رؤي مجنون بني عامر في المنام فقيل له : ما فعل الله بك ؟ فقال : غفر لي وجعلني حجة ً على المحبين . ويعضد ذلك ما ورد في كتاب " روح الروح " لأبي الفضل السهلكي , قال : سمعت عن عمن حكى عن الجُـنيد أنه كان يقول : مجنون بني عامر كان من أولياء الله عز وجل , فستر شأنه بجنونه . تنبيه : نظرا للبس الدائم فلا بد من التوضيح بوجود قيسين هما : قيس بن الملوّح الملقب بالمجنون ومحبوبته ليلى العامرية وقيس بن ذريح ومحبوبته لبنى الكعبية . وليلى ليلتان أيضا : ليلى العامرية محبوبة قيس بن الملوّح الملقب بالمجنون وليلى الأخيلية محبوبة توبة بن حمير بن حزن بن كعب . __________________ عاشق بنت النور سعد البقمي ....... الســــــــــاهي |
![]() |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
![]() |
![]() |
![]() |