دعاء بلا عمل..!
دعاء بلا عمل..!
كان المسلمون في العهد النبوي الشريف وفي عهد الصحابة الكرام وفيما بعده من عهود فاضلة، إذا ما تعرضت بيضة الدين أو الوطن الاسلامي للخطر فإنهم يطلبون من الله النصر والثبات ولكنهم قبل دعائهم بذلك من على المنابر يقومون باعداد القوة لمواجهة الأعداء، امتثالا لأمر الله عز وجل }وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة| فهم يقدمون الاستعداد والعمل على الدعاء، ويقومون بما عليهم من واجب بشري نحو دينهم وأوطانهم، وامتهم ثم يطلبون من الله أن ينصر الحق ويزهق الباطل ويوهن كيد الكافرين والمعتدين، ولذلك فقد سجل التاريخ لهم العديد من الانتصارات الباهرة التي حولت مجرى التاريخ البشري وجعلتهم سادة الارض بالحق والعدل على مدى نحو ألف عام.
أما ما نسمعه اليوم يطلق من على المنابر من دعاء فانه دعاء «حاف» أي بلا عمل ولا اعداد ولا حتى نية مخلصة للقيام بالواجب، بل ان معظم الخطباء يكتفون بالدعاء على اعداء الأمة ويطلبون من الله ان يقاتل أولئك الاعداء نيابة عنهم، فيكون دعاؤهم من شريحة: اللهم أهلك الظلمة والملحدين والكفرة والمعتدين على إخواننا المسلمين في.. وفي... وفي...، اللهم افعل بهم وافعل بهم وافعل بهم!! الى آخر قائمة الأدعية التي يطالب فيها الخطباء رب العزة والجلال بالقيام بما كان على الأمة نفسها القيام به قبل طلب العون والنصرة من الله ولا شك ان الامور كلها بيد الله عز وجل ولكن العمل واجب على عباده، ثم يكون بعده الدعاء وطلب النصر لأن النصر من عند الله، أما الاكتفاء بالكلام واتباع سنة الذين قالوا }اذهب انت وربك فقاتلا انا ها هنا قاعدون| بل وتجاوز من قال ذلك لرسول الله موسى عليه السلام بدعاء منبري متكرر موجه الى الذات الالهية للقيام بما تقاعست الأمة عن القيام به من اعداد واستعداد وتضحية وفداء ودفاع عن حياض الدين، فان مثل هذا الدعاء المنبري لا أثر له في النفوس، ناهيك عن كونه مقبولا لانه يخالف ما أمر الله به من إعداد وعمل لأن شرط النصر من الله ان ننصر دين الله }إن تنصروا الله ينصركم ويثبت اقدامكم|.
ولا يكون ذلك بالكلام من فوق المنابر أو بالتباكي الذي قد يحدث تأثيرا مؤقتا في النفوس لا يلبث ان يزول بعد نزول الخطيب من على منبره لتبقى قضايا الأمة ومآسيها كما هي، دون حل لأن دعاءها بلا عمل صادق فأنى يستجاب لها؟!.
منقول عن الاستاذ:
محمد أحمد الحساني
|