فيلم إيطالي يكشف بالشهادات والوقائع والوثائق استخدام جنود الاحتلال للفوسفور ضدالفلوجه

18 / 11 / 2005, 51 : 03 PM

الاستخبارات الأمريكية منعت دخول الصحفيين وسرقت ما سُرِّب عن الجرائم
معركة الفلوجة تعيد إلى الأذهان ممارسات الأمريكيين خلال حرب فيتنام

فيلم إيطالي يكشف بالشهادات والوقائع والوثائق استخدام جنود الاحتلال للفوسفور ضد الفلوجة

جندي أمريكي يقول إنه تلقى أوامر باستخدام "ويسكي بي" وصحفية إيطالية تؤكد استخدام النابالم في معركة المطار

أبها: الوطن
كانت معركة الفلوجة التي اقتحمتها القوات الأمريكية والبريطانية في 6 نوفمبر 2004 وأعلنت السيطرة عليها في 10 من الشهر نفسه، علامة بارزة في الحرب التي تلت سقوط النظام العراقي في أبريل 2003. فالمدينة التي عصت على الاحتلال في مراحله الأولى، نالت قسطاً كبيراً من اهتمام الأمريكيين العسكري، حيث استخدمت فيها الأسلحة المحرمة دولياً لإخضاعها.
وبقيت أسرار تلك المعركة طي الكتمان بالرغم من المؤشرات الكثيرة على أن شيئاً ما قد حصل. وقد حاول عدد كبير من الصحفيين دخول المدينة في مرحلة ما بعد سقوطها، واستطاع عدد منهم الحصول على معلومات ووثائق تدين الاحتلال، إلا أن أجهزة الاستخبارات الأمريكية استطاعت إخفاء الحقائق بعد أن سمحت لفريق صغير من الصحفيين بدخول المدينة بمؤازرة القوات الأمريكية، كما أنها عمدت إلى سرقة أفلام استطاع صحفي مستقل أن يصورها بعد عودته مباشرة إلى أمريكا.
ونشرت محطة "راي نيوز" الإيطالية تحقيقاً يوم الثلاثاء الماضي كشفت فيه استخدام القوات الأمريكية الفوسفور الأبيض في حربها ضد مدينة الفلوجة. والفوسفور الأبيض الذي يستخدم نظرياً لإنارة مواقع العدو في الظلام، هو عنصر كيميائي قوي جداً يمكن أن يسبب الموت.
ويستند التحقيق الذي استغرق حوالي 20 دقيقة أيضاً إلى شهادة مدنيين في الفلوجة، ولشهادات صحفيين وجنود.
تقول الصحفية الإيطالية جوليانا سيجرينا إن الأمريكيين استخدموا النابالم في معركة مطار بغداد عام 2003م ولكن فيما يخص الفلوجة تقول إنها شخصيا علمت من مواطنين التقتهم أن الأمريكيين استخدموا في معركة الفلوجة مادة غريبة بيضاء، وأن نساء وجدن هذه المادة منتشرة في منازلهن، وقد طلب منهن الأمريكيون تنظيفها بمواد تنظيف لأنها خطرة، وكانت الصحفية تحاول إجراء لقاءات مع هؤلاء النسوة ولكن تم اختطافها لاحقا، وقد أخبرها بعض المواطنين الذين التقتهم أن تلك المادة سببت لهم نزيفا وأشياء غريبة.
يقول التحقيق: سمح الأمريكيون للصحفيين المرافقين لهم بمرافقتهم للفلوجة ولم يسمح لأحد غيرهم. وعندما تسربت لقطة قتل الجنود الأمريكيين لجرحى عراقيين في أحد مساجد الفلوجة وانتشر الخبر حول العالم، طرد صحفي السفارة من عمله. كما أن أحد الصحفيين المستقلين واسمه مارك دخل الفلوجة واستطاع الخروج بلقطات تظهر مدى الدمار الشامل في المدينة لكن تلك اللقطات الخاصة بالفلوجة سرقت من غرفة فندقه في أمريكا بعد عودته حيث عاد ووجد باب غرفته مكسورا، وقد سرقت اللقطات الخاصة بالفلوجة فقط، وذلك حسب شهادة الإيطالية بولا قاسبورلي.
شهادات العراقيين تثبت أن الأمريكيين استخدموا مادة كيميائية محرمة في معركة الفلوجة، فالدكتور محمد حديد وفريقه الذين سمح لهم بدخول الفلوجة لاحقاً، وجدوا جروحا غريبة على جلود الضحايا من الأطفال والرجال والنساء، ووجدوا أن جلود الضحايا تتدلى من على أجسادهم وأن وجوههم قد ذابت دون أن تكون هناك آثار حروق على الملابس، كما أن هناك حيوانات نافقة لم تصب بأية جروح مما يدل على أنها نفقت بفعل استنشاق مادة كيميائية خانقة. أما شهادة محمد طارق الدراجي فهي متطابقة مع ما وجده الدكتور محمد حديد وفريقه.
أحد الجنود الأمريكيين يدلي بشهادته بعد عودته واسمه جيف انفلهارت ويقول إنه متأكد من استخدام الأمريكيين الفوسفور الأبيض في معركة الفلوجة وسأله الذي أجرى اللقاء: كيف تأكدت؟ قال: "لقد سمعنا أوامر عسكرية باستخدام هذه المادة من خلال السماعات الملحقة بأجهزة الاتصالات حيث سمعنا أوامر باستخدام "ويسكي بي" في رسالة عامة، وهو مصطلح عسكري يرمز لمادة الفوسفور الأبيض".
وتثبت اللقطات التي أخذتها الطائرات العسكرية الأمريكية في 8 نوفمبر وما تبعها أن مادة كيميائية استخدمت بشكل موسع لإنهاء الفلوجة. وتظهر لقطات الأقمار الصناعية الموقعة ذلك بكل جلاء.
ويقول الجندي الأمريكي انفلهارت الذي أدلى بشهادته في الفيلم إن مادة الفوسفور الأبيض تعمل عندما تلامس الجلد وهذا ما حدث في الفلوجة حيث احترقت الجثث وبقيت ملابس الضحايا كما هي. فهذه المادة تتأثر بالماء والأوكسجين وتحرق الجلد واللحم وتسبب الاختناق حتى الموت عند استنشاقها، وهو ما شوهد في جثث الأطفال والنساء والرجال في الفلوجة.
إليس ماهون (بريطانية) ونائبة لحزب العمال البريطاني تقول إن وزارة الدفاع أنكرت استخدام قنابل النابالم في العراق لكنها اعترفت باستخدام نوع مشابه يسمى "MK77" "لم تحدد من الذي استخدمه البريطانيون أم الأمريكيون" وهي تقول إن تركيبة هذا السلاح لا تتشابه مع قنابل النابالم لكنها بالتأكيد تسبب الدمار الشامل الذي لا يفرق بين محارب وغير محارب، وبين الطفل والكبير وقد استخدمت في بداية حرب العراق.