ج9
بم يثبت دخول شهر رمضان مع الدليل ؟
يثبت دخول شهر رمضان إما برؤية هلاله ، وإما بإكمال شعبان ثلاثين يوماً ، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " إذا رأيتموه فصوموا ، وإذا رأيتموه فأفطروا ، فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين "
2\هل الأفضل للمسافر الفطر أو الصوم مع الدليل؟
المطلب الأول: حكم صوم المسافر الذي لا يشق عليه الصوم
إذا لم يشق الصوم على المسافر، واستوى عنده الصوم والفطر، فاختلف أهل العلم في أيِّهما أفضل: الصوم أو الفطر، على قولين:
القول الأول: الصوم أفضل له <br/> وذلك لأن الصوم أسرع في إبراء الذمة؛ لأن القضاء يتأخر. كما أن الصوم أسهل على المكلف غالباً؛ لأن الصوم والفطر مع الناس أسهل من أن يستأنف الصوم بعد ذلك، كما هو مجرَّبٌ ومعروف. ولأن الصوم عزيمةٌ والفطر رخصةٌ، ولا شك أن العزيمة أفضل. ، وهو قول الجمهور من الحنفية <br/> ((البحر الرائق لابن نجيم)) (2/304). ، والمالكية <br/> ((الكافي لابن عبدالبر)) (1/337)، ((الفواكه الدواني للنفراوي)) (2/718). ، والشافعية <br/> ((المجموع للنووي)) (6/261)، ((روضة الطالبين للنووي)) (2/370). ، واختاره ابن عثيمين <br/> ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (19/136). .
الأدلة:
أولاً: من الكتاب:
عموم قوله تعالى وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة: 184].
ثانياً: من السنة
عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: ((كنا مع النبي صلَّى الله عليه وسلَّم في رمضان في يومٍ شديدِ الحر، حتى إن أحدنا ليضع يده على رأسه من شدة الحر، وما فينا صائمٌ إلا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وعبد الله بن رواحة)) <br/> رواه البخاري (1945)، ومسلم (1122). .
وجه الدلالة:
فعلُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، حيث صام هذا اليوم وهو مسافر <br/> كان هذا في السفر، كما أشار إليه ابن حجر، وقال: (وفي الحديث دليلٌ على أن لا كراهية في الصوم في السفر لمن قوي عليه ولم يصبه منه مشقةٌ شديدة) ((فتح الباري)) (4/182) ، وفعلُهُ عليه الصلاة والسلام هو الأفضل <br/> قال شهاب الدين الشلبي: (.. فعُلِمَ أن الصوم أفضل؛ لأنه اختيار رسول الله صلى الله عليه وسلم) ((تبيين الحقائق وحاشية الشلبي)) (1/333). .
القول الثاني: الفطر أفضل، وهو مذهب الحنابلة <br/> ((الإنصاف للمرداوي)) (3/204)، ((كشاف القناع للبهوتي)) (2/311). ، وطائفةٍ من السلف <br/> قال ابن عبد البر: (وروي عن ابن عمر وابن عباس الرخصة أفضل وبه قال سعيد بن المسيب والشعبي ومحمد بن عبد العزيز ومجاهد وقتادة والأوزاعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه كل هؤلاء يقولون أن الفطر أفضل؛ لقول الله عز وجل يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) *البقرة:185* ((التمهيد)) (2/171). ، وهو قول ابن تيمية <br/> قال ابن تيمية: (والصحيح أن الفطر أفضل إلا لمصلحةٍ راجحة) ((مجموع الفتاوى)) (22/336). ، وابن باز <br/> قال ابن باز: (الأفضل للصائم الفطر في السفر مطلقاً، ومن صام فلا حرج عليه) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (15/237). وقال أيضا: (المسافر مخيرٌ بين الصوم والفطر، وظاهر الأدلة الشرعية أن الفطر أفضل ولا سيما إذا شق عليه الصوم) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (15/236). وقال: (والفطر في السفر سنةٌ كما فعل ذلك النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم، ولكن إذا علم المسلم بأن فطره في السفر سيثقل عليه القضاء فيما بعد، ويكلفه في المستقبل، ويخشى أن يشق عليه فصام ملاحظةً لهذا المعنى فذلك خير) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (15/235-236). .
الدَّليل:
عموم ما جاء عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه حيث قال: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فرأى زحاماً ورجلاً قد ظُلِّلَ عليه، فقال: ما هذا؟ فقالوا: صائم، فقال: ليس من البر الصوم في السفر)) <br/> رواه البخاري (1946) واللفظ له، ومسلم (1115). .
المطلب الثاني: حكم صوم المسافر الذي يلحقه بالصوم مشقةٌ
إذا شقَّ الصوم على المسافر، بحيث يكون الفطر أرفق به، فالفطر في حقه أفضل؛ وهذا باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة: الحنفية <br/> ((تبيين الحقائق وحاشية الشلبي)) (1/333). ، والمالكية <br/> ((الفواكه الدواني)) (2/719). ، والشافعية <br/> ((المجموع للنووي)) (6/261). ، والحنابلة <br/> وذلك وفقاً لاستحبابهم الفطر لمن خاف إصابته بمرضٍ لأجل عطشٍ أو غيره. انظر ((المغني لابن قدامة)). (3/43)، ((كشاف القناع للبهوتي)) (2/311). ؛ وذلك لأن ارتكاب المشقة مع وجود الرخصة يشعر بالعدول عن رخصة الله عزَّ وجل <br/> (( الشرح الممتع)) (6/344). .
|