الإهداءات
 


 
العودة   منتدى مدينة تمير > الملتقى العام > الساحه الدينية
 

الساحه الدينية تهتم بجميع الامور الدينيه من فتاوى واذكار واحاديث

آخر 10 مشاركات
آخبآر متجدده « من الصحف اليومــيه .. «●】 (الكاتـب : - )           »          الرياضة [ المحلية والعربية والعآلمية ] أخبآر متجدده بأستمرآر ..! (الكاتـب : - )           »          اكتشافات طبيه وصحيه حسب نوع طعامك || متجدد.. (الكاتـب : - )           »          ܓ ضعْ [ مقالك ] هنا عزيزي القارئ ܓ (الكاتـب : - )           »          آعلآنات وظائف الصحف السعودية (الكاتـب : - )           »          || جـمع الأدعــية والأذكـار والآحآديث الصحيحه || (الكاتـب : - )           »          حان وقت الصلاة ..... تذكير بالصلوات ‏ (الكاتـب : - )           »          [. هآآتوا لي { القرآن } لا ضآآق صدري . ] | متصفح ( متجدد ) من القران الكريم | (الكاتـب : - )           »          ( آلآحوال الجويه وتوقعآت الطقس من الصحف اليوميه ) .. (الكاتـب : - )           »          الأرصاد" ينبه 11 منطقة: أمطارٌ خفيفة إلى غزيرة وسيول ورياح شديدة (الكاتـب : - )

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 04 / 01 / 2015, 46 : 12 PM   #1
تميراوي


الصورة الرمزية رحيق مختوم
رحيق مختوم غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 6157
 تاريخ التسجيل :  17 / 06 / 2009
الوظيفة :
الهويات :
عدد الالبومات :
 أخر زيارة : 03 / 03 / 2018 (51 : 02 AM)
 المشاركات : 77 [ + ]
 التقييم :  10
افتراضي لتبتغوا فضلا من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب



الْحَمْدُ لِلهِ ثُمَّ الْحَمْدُ لِله, اَلْحَمْدُ لِلهِ الَّذِي خَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرَا, نَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى اَنْ اَتَى بِنَا اِلَى هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِيَبْلُوَنَا اَيُّنَا اَحْسَنُ عَمَلَا, سُبْحَانَهُ اَلْاَيَّامُ تَمْضِي, وَالْعُمُرُ يَنْقَضِي, وَيَرِثُ بَعْضُنَا بَعْضاً الْاَرْضَ حَتَّى يَرِثَ سُبْحَانَهُ الْاَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا, نُوصِي اَنْفُسَنَا جَمِيعاً بِتَقْوَى اللهِ الْعَظِيمِ وَطَاعَتِه, فَكُلُّ يَوْمٍ يَمُرُّ عَلَيْكَ اَخِي يَاابْنَ آدَم, اِمَّا اَنْ يَكُونَ شَاهِداً لَكَ, اَوْ شَاهِداً عَلَيْك, فَلْنَتَّقِ اللهَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاء, وَلْنُحَاسِبْ اَنْفُسَنَا قَبْلَ اَنْ يُحَاسِبَنَا الله, وَلْنَعُدْ اِلَى اللهِ عَوْداً جَمِيلاً سَرِيعاً, حَتَّى لَايَاْتِيَ الْيَوْمُ الَّذِي لَايَنْفَعُ مَعَهُ النَّدَم, رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَاِلَيْكَ اَنَبْنَا وَاِلَيْكَ الْمَصِير, وَاَشْهَدُ اَنْ لَا اِلَهَ اِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَاشَرِيكَ لَه, لَارَبَّ اِلَّا هُو, وَلَا اِلَهَ يُعْبَدُ بِحَقٍّ اِلَّا هُو, وَاَشْهَدُ اَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُه, جَاءَ مِنْ اَجْلِ الْاِنْسَان, وَمِنْ اَجْلِ عِزَّةِ الْاِنْسَان, هُوَ وَاِخْوَانُهُ الَّذِينَ سَبَقُوهُ مِنْ قَبْل, اَللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلّمْ وَبَارِكْ عَلَى هَذَا النَّبِيِّ الْكَرِيم وَعَلَى الْاَهْلِ وَالْآلِ وَالذُّرِّيَّةِ وَالْاَصْحَابِ وَالْاَتْبَاعِ اِلَى يَوْمِ الدِّين وَسَلّمْ تَسْلِيماً كَثِيراً يَارَبَّ الْعَالَمِين اَمَّا بَعْدُ فَيَا اَيُّهَا الْاِخْوَةُ الْكِرَام{وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ, فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ, وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً, لِتَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ, وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابِ, وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلَا(نعم اخي, اَلسَّنَةُ الْمَاضِيَة, كَانَتْ كَشَابٍّ فِي عُنْفُوَانِ قُوَّتِهِ وَشَبَابِه, ثُمَّ تَمُرُّ الْاَيَّامُ, وَتَكِرُّ اللَّيَالِي, فَيُصَابُ الْعَامُ بِالْهَرَم, فَاِذَا بِهِ يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ اَيْدِينَا كَعَجُوزٍ يَتَوَكَّاُ عَلَى عَصَاه, وَيَاْتِي الْعَامُ الْجَدِيدُ شَامِخاً رَافِعاً رَاْسَه, فَلَا تَغْتَرَّ اَيُّهَا الْعَامُ الْجَدِيد, اِيَّاكَ اَنْ تَغْتَرَّ بِقُوَّتِكَ, فَاِنَّ مَنْ سَبَقَكَ كَانَ مِثْلَكَ, وَانْظُرْ كَيْفَ يَخْرُجُ مِنْ هَذِهِ الْحَيَاةِ ضَعِيفاً لَايَتَمَالَكُ اَنْ يَسِيرَ عَلَى رِجْلَيْهِ دُونَ اَنْ يَتَوَكَّاَ عَلَى عَصَاه, نعم اخي, اِنَّهَا لَعِبْرَةٌ لِاُولِي الْاَلْبَاب{اِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لَمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ(يَعْقِلُ بِهِ{اَوْ اَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيد( وَلَيْسَ مِنَ الَّذِينَ{ ذَرَاْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْاِنْسِ, لَهُمْ قُلُوبٌ لَايَعْقِلُونَ بِهَا, وَلَهُمْ اَعْيُنٌ لَايُبْصِرُونَ بِهَا, وَلَهُمْ آذَانٌ لَايَسْمَعُونَ بِهَا, اُولَئِكَ كَالْاَنْعَامِ, بَلْ هُمْ اَضَلّ(نعم اخي, فَاِذَا كَانَتِ الْاَيَّامُ سَتَفْنَى, وَاِذَا كَانَتِ السِّنُونُ سَتَبْلَى, فَمَا مَصِيرِي اَنَا, وَمَامَصِيرُكَ اَخِي اَيْضاً, نَعَمْ اَخِي الْاِنْسَان, مَصِيرُكَ يَسِيرُ مَعَ هَذِهِ الْاَعْوَام, فَمَا لَكَ تَفْرَحُ اِذَا انْقَضَى الشَّهْرُ مِنْ اَجْلِ اَنْ تَقْبِضَ رَاتِبَكَ الشَّهْرِيّ, وَلَيْتَكَ تَعْلَمُ اَنَّ شَهْراً قَدْ مَضَى مِنْ حَيَاتِك, لِمَاذَا اَيُّهَا الْاِخْوَة, يُجْرِي التُّجَّارُ مِنْكُمْ مَايُسَمَّى بِالْجَرْدِ فِي كُلِّ عَامٍ, لِيَعْرِفُوا مَاكَسَبُوا وَمَاخَسِرُوا, فَاِذَا كَسَبُوا تَنَشَّطُوا اَكْثرَ, وَاِذَا اُصِيبُوا بِالْخَسَارَةِ, حَاسَبُوا اَنْفُسَهُمْ, وَاسْتَدْرَكُوا كَسَلَهُمْ وَخُمُولَهُمْ, وَجَدُّوا مِنْ اَجْلِ اَنْ يُحَصِّلُوا مَاقَدْ فَاتَهُمْ, فَلِمَاذَا لَانَقْتَدِي بِهَؤُلَاءِ التُّجَّارِ وَنُحَاسِبُ اَنْفُسَنَا, لِمَاذَا لَانَعْمَلُ جَرْداً عَلَى حَسَنَاتِنَا وَسَيِّآتِنَا, فَاِذَا رَاَيْنَا حَسَنَاتِنَا اَكْثَرَ مِنْ سَيِّآتِنَا, اِزْدَدْنَا اِيمَاناً عَلَى اِيمَان, وَعَمَلاً عَلَى عَمَل, وَاِذَا رَاَيْنَا سَيِّآتِنَا اَكْثَرَ مِنْ حَسَنَاتِنَا, اَقْلَعْنَا عَنْ سَيِّآتِنَا وَكَسَلِنَا وَخُمُولِنَا فِي طَاعَةِ اللهِ, وَتُبْنَا اِلَى اللهِ تَوْبَةً يَتَقَبَّلُهَا سُبْحَانَهُ الْآن, وَاَمَّا حِينَمَا تَبْلُغُ رُوحُكَ الْحُلْقُومَ, فَاِنَّ التَّوْبَةَ لَاتُقْبَل, نَعَمْ اَخِي الْمُؤْمِن, نَعَمْ اَخِي الْعَاقِل, عَلَيْكَ اَنْ تَسْتَدْرِكَ الْاَمْرَ جَيِّداً, وَانْظُرْ اِلَيْهِ بِمِنْظَارِ النُّورَانِيَّةِ, لَا بِمِنْظَارِ الظَّلَامِيَّة, كُنْ اِنْسَاناً فِي هَذِهِ الْحَيَاة, لَاتَكُنْ جَبّاراً عَنِيداً, لَاتَكُنْ ظَالِماً, لَاتَكُنْ آكِلاً لِلْحُقُوق, لَاتَكُنْ سَفّاكاً لِلدِّمَاء, لَاتَكُنْ مُعْتَدِياً عَلَى الْاَعْرَاض, وَاعْلَمْ اَنَّ الرَّقِيبَ فَوْقَكَ, وَاَنَّ هُنَالِكَ مَلَكَيْنِ يُسَجِّلَانِ عَلَيْك{مَايَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ اِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد( تَذَكَّرْ اَخِي شَارِبَ الْخَمْرِ, اَنَّ سَكْرَةَ الْمَوْتِ, سَتَاْتِيكَ بِمَا يُسَاوِي اَلْفَ ضَرْبَةِ سَيْفٍ عَلَى الْمُؤْمِنِ الطَّائِعِ, وَمَايَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ بِاَضْعَافٍ مُضَاعَفَةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِ الْعَاصِي وَالْكَافِرِ وَالْمُنَافِقِ, وَسَتَذُوقُ مَرَارَتَهَا وَعَلْقَمَهَا كَمَا ذُقْتَ سَكْرَةَ الْخَمْرِ بِطَعْمِهَا الْخَبِيثِ وَلَوْ كَانَ مُنْعِشاً{وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ, ذَلِكَ مَاكُنْتَ مِنْهُ تَحِيد, وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيد, وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيد, لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا, فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ, فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيد, وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَالَدَيَّ عَتِيد, اَلْقِيَا فِي جَهَنَّم( مَنْ يَارَبّ{كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيد, مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيب, اَلَّذِي جَعَلَ مَعَ اللهِ اِلَهاً آخَرَ, فَاَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيد( اَمَا تَحْفَظُ يَااَخِي هَذِهِ الْآيَات, اَمَا تَسْمَعُهَا, اَمَا تُزَلْزِلُ مَشَاعِرَك, اِنَّهَا تُزَلْزِلُ مَشَاعِرَنَا وَكَيَانَنَا, زَلْزَلَةً لَامَثِيلَ لَهَا, لِتُخْرِجَ الْخَبِيثَ وَالْخَبَثَ, فَتَجْعَلُهُ يَطْفُو كَالزَّبَدِ الَّذِي لَايَسْتَقِرُّ وَيَذْهَبُ جُفَاءً, اِنَّهَا السَّنَوَاتُ اَيُّهَا الْاِخْوَة, سَنَةٌ حينما كَادَتْ اَنْ تَمْضِي, وَقَبْلَ اَنْ تَمْضِيَ سَتَاْخُذُ مَعَهَا كَثِيراً مِنَ الْاَرْوَاح, لِاَنَّ حَرَكَةَ الْمَوْتِ لَاتَتَوَقَّفُ اَبَداً, كَمَا اَنَّ حَرَكَةَ الْوِلَادَةِ لَاتَتَوَقَّفُ اَبَداً اِلَى اَنْ يَرِثَ اللهُ تَعَالَى الْاَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا, تَذَكَّرْ اَخِي مَنْ كَانُوا مَعَكَ فِي عَامٍ مَضَى, لَقَدْ ذَهَبُوا اِلَى الله, فَمَاذَا اَخَذُوا مَعَهُمْ, لَمْ يَاْخُذُوا سُلْطَاناً وَلَاجَاهاً وَلَامَالاً وَلَاوَلَداً, بَلْ جَاؤُوا فُرَادَى بَيْنَ يَدَيِ اللهِ عَزَّ وَجَلّ{وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ اَوَّلَ مَرَّةٍ, وَتَرَكْتُمْ مَاخَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكِمْ, وَمَانَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ اَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاء, لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ, وَضَلَّ عَنْكُمْ مَاكُنْتُمْ تَزْعُمُون(هُنَاكَ تُهْدَرُ كُلُّ قُوَّة, وَتَبْقَى الْقُوَّةُ لِلهِ وَحْدَه, هُنَالِكَ سَيُنَادِي الْمُنَادِي{لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْم(فَلَايُجِيبُهُ اَحَدٌ لِمَاذَا؟ لِاَنَّ الْكُلَّ قَدْ مَات, نَعَمْ لِاَنَّ الْمَوْتَ جَاءَ عَلَى الْجَمِيع{لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْم( مَامِنْ مُجِيب, وَلَكِنَّ اللهَ يَرُدُّ عَلَى نَفْسِهِ{لِلهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّار, اَلْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ, لَاظُلْمَ الْيَوْم, اِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسَاب(نَعَمْ اَخِي, اَلْاِنْسَانُ هُوَ اَقْدَسُ شَيْءٍ فِي الْوُجُودِ بَعْدَ الله, وَالِانْتِسَابُ اِلَى الْاِنْسَانِيَّةِ اَعْظَمُ شَرَف, نعم اخي, اَعْظَمُ بِطَاقَةِ هَوِيَّةٍ يَحْمِلُهَا الْاِنْسَانُ, اَنْ يَكُونَ اِنْسَانِيّاً, نعم اخي, وَمِنْ سِمَاتِ الْاِنْسَانِيَّةِ الرَّائِعَة, وَمِنْ قِيَمِهَا الْعَظِيمَة, مَايُسَمَّى بِالرَّحْمَةِ الَّتِي فُقِدَتْ فِي اَيَّامِنَا هَذِهِ فِي هَذَا الْعَالَمِ الْمُضْطَّرِبِ, فِي هَذَا الْعَالَمِ الْمُتَصَارِعِ الْمُتَكَالِب, نعم اخي, اِنَّهَا الرَّحْمَة, فَمَاذَا يَقُولُ اللهُ تَعَالَى عَنْ عِيسَى بْنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَام, حِينَمَا سَاَلَتْ مَرْيَمُ عَلَيْهَا السَّلَامُ, لِمَاذَا يَارَبّ؟ وَكَيْفَ؟ وَ{اَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ, وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ, وَلَمْ اَكُ بَغِيَّا{قَالَ كَذَلِكِ, قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ, وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ, وَرَحْمَةً مِنَّا, وَكَانَ اَمْراً مَقْضِيَّا(نعم اخي, عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام, جَاءَ رَحْمَةً لِقَوْمِهِ خَاصَّةً مِنْ بَنِي اِسْرَائِيل, وَمُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم{وَمَااَرْسَلْنَاكَ اِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِين(نعم اخي, اَلْاِنْسَانِيَّةُ الرَّائِعَةُ, هِيَ الَّتِي تُثًبِّتُ هَذِهِ الْقِيَم, نعم اخي, فَالرُّسُلُ لَمْ يَتَعَالَوْا عَلَى اَقْوَامِهِمْ, بَلْ بِالْعَكْس, كُلُّ رَسُولٍ كَانَ يَقُول{يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ مَالَكُمْ مِنْ اِلَهٍ غَيْرُهُ(وَلَمْ يَتَعَالَ اَحَدٌ عَلَى قَوْمِهِ بِقَوْلِهِ لَهُمْ اَنِ اعْبُدُونِي مِنْ دُونِ الله, نعم اخي, لِمَاذَا جَاءَ الرُّسُل؟ رَحْمَةً بِهَذَا الْاِنْسَانِ, حَتَّى يُزِيلُوا عَنْهُ الْقُيُود, مَاذَا قَالَ مُوسَى لِفِرْعَوْنِ هَذِهِ الْقُيُود{اَنْ اَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي اِسْرَائِيلَ وَلَاتُعَذّبْهُمْ, قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّك, وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى(يَافِرْعَوْنُ! اَطْلِقْ سَرَاحَ بَنِي اِسْرَائِيل, هَؤُلَاءِ الَّذِينَ قَتَلْتَ اَبْنَاءَهُمْ, وَاسْتَحْيَيْتَ نِسَاءَهُمْ, نعم اخي, وَرَسُولُنَا رَحْمَةٌ لِلْعَالَمِين, وَالرَّحْمَةُ تَقْتَضِي اَنْ تَكُونَ مُشَاعَةً فِي الْكَوْنِ كُلّه, وَحِينَمَا يَقُولُ{رَحْمَةً لِلْعَالَمِين(أيْ رَحْمَةً لِلْعُقَلَاءِ؟ لِاَنَّ الْعَالَمَ هُوَ كُلُّ مَاسِوَى الله, اَمَّا الْعَالَمِينَ فَهُمُ الْعُقَلَاءُ فَقَطْ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَالْجِنِّ وَالْاِنْسِ, وَقَدْ وَرَدَ اَنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ, مَازَالَ يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ سُوءَ الْعَاقِبَةِ, حَتَّى نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى عَلَى رَسُولِهِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم ذَاكِراً جِبْرِيلَ بِقَوْلِهِ{ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ, مُطَاعٍ ثَمَّ اَمِين(فَقَالَ جِبْرِيل: اَلْآنَ اَمِنْتُ عَلَى نَفْسِي مِنْ سُوءِ الْعَاقِبَة؟ لِاَنَّ اللهَ قَالَ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد, اَنِّي ذُو مَكَانَةٍ عِنْدَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى, نعم اخي, اِنَّهُ مُحَمَّد, رَحْمَةٌ لِلْعَالَمِين, رَحْمَةٌ لِلْاِنْسَان, وَلَوْ سَاَلْنَا مُحَمَّداً وَعِيسَى وَغَيْرَهُمَا مِنْ رُسُلِ اللهِ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام مَاجِنْسِيَّتُكُمْ؟ مَاهِيَ الْجِنْسِيَّةُ الَّتِي تَنْتَسِبُونَ اِلَيْهَا؟ هَلْ تَدْرِي اَخِي مَاذَا كَانُوا يَقُولُون؟ يَقُولُ عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ عَلَيْهِمَا الصلاة والسلام لِمَنْ اَطْرَى وَزَادَ فِي مَدْحِهِ وَقَالَ لَهُ اَنْتَ الصَّالِحُ, فَقَالَ ابْنُ مَرْيَمَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ بِكُلِّ تَوَاضُع: لَيْسَ هُنَاكَ صَالِحٌ سِوَى الله, وَاَمَّا اَنَا, فَاَنَا ابْنُ الْاِنْسَان, نَعَمْ اَخِي, وَمَاذَا قَالَ اَخُوهُ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وَاَهْلهِ وآله وسلم{قُلْ اِنَّمَا اَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ؟ يُوحَى اِلَيَّ اَنَّمَا اِلَهُكُمْ اِلَهٌ وَاحِد, فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ, فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً, وَلَايُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ اَحَدَا(نعم{اِنَّمَا اَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ(لَمْ يَقُلْ اَنَا فَوْقَكُمْ اَيُّهَا الْبَشَر وَهُوَ اَكْرَمُ خَلْقِ الله, بَلْ اَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ كَمَا قَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام[اَنَا ابْنُ الْاِنْسَان(نعم, وَحِينَمَا قَالَ لِلرَّسُولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بَعْضُ الصَّحَابَةِ يَاسَيِّدَنَا! فَانْظُرْ اَخِي اِلَى السَّيِّدِ, وَتَعَلَّمْ مِنْهُ التَّوَاضُع, فَمَاذَا قَالَ لَهُ رَسُولُ الله؟ اِنْتَفَضَ وَقَال! اَنَا لَسْتُ سَيِّداً عَلَى اَحَد! بَلْ اَنَا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُه, نعم اخي, وَمِنْ مُقْتَضَيَاتِ هَذِهِ الرَّحْمَةِ اَنْ نَتَسَاءَلَ قَائِلِين؟ اِذَا كَانَ رَسُولُ اللهِ رَحْمَةً لِلْعُقَلَاء, فَمَا نَصِيبُ غَيْرِ الْعُقَلَاءِ مِنْ هَذِهِ الرَّحْمَة؟ هَلْ يَنْسَاهُمْ رَسُولُ اللهِ؟ اَبَداً لَايَنْسَاهُمْ رَسُولُ اللهِ لِمَاذَا؟ لِاَنَّهُ رَحْمَةٌ لِكُلِّ الْمَخْلُوقَات, نعم رَحْمَةٌ حَتَّى لِلْحَيَوَان[ مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْساً, اَوْ يَزْرَعُ زَرْعاً, فَيَاْكُلُ مِنْهُ اِنْسَانٌ اَوْ طَيْرٌ اَوْ بَهِيمَة, اِلَّا كَانَ لَهُ بِهِ اَجْرٌ وَصَدَقَة(نعم اخي, اَلَّذِي يَاْكُلُ مِنْ هَذَا الزَّرْعِ هُوَ اِنْسَانٌ, اَوْ طَيْرٌ, اَوْ بَهِيمَةٌ, وَلِصَاحِبِ الزَّرْعِ اَجْرٌ رَغْماً عَنْهُ رَضِيَ بِذَلِكَ اَوْ لَمْ يَرْضَ! وَهُنَا الْعُلَمَاءُ مَاذَا يَقُولُون؟ اَلْمُؤْمِنُ يُؤْجَرُ رَغْماً عَنْ اَنْفِهِ لِمَاذَا؟ لِاَنَّهُ لَااَحَدَ مِنْ هَؤُلَاءِ الزَّرَّاعِ غَالِباً يَرْضَى اَنْ يَاْكُلَ مِنْ زَرْعِهِ اِنْسَانٌ اَوْ حَيَوَانٌ اَوْ طَيْرٌ, وَمَعَ ذَلِكَ فَاِذَا اَكَلَ هَذَا الْاِنْسَانُ اَوِ الْبَهِيمَةٌ اَوِ الطَّيْرُ مِنْ هَذَا الزَّرْعِ رَغْماً عَنْ صَاحِبِهِ, فَاِنَّ صَاحِبَهُ يُؤْجَرُ عِنْدَ اللهِ اَيْضاً رَغْماً عَنْهُ, اَرَاَيْتَ اَخِي اِلَى هَذِهِ الرَّحْمَة, اِنَّهَا رَحْمَةٌ بِالْحَيَوَان, حِينَمَا تُقَدِّمُ لَهُ مَعْرُوفاً, وَالْاِسْلَامُ يَاْبَى عَلَى اَتْبَاعِهِ اَنْ يَكُونَ هُنَاكَ جَائِعُونَ, اَوْ اَنْ يَكُونَ هُنَاكَ ظَمْآى, اَوْ اَنْ يَكُونَ هُنَاكَ مَقْهُورُونَ, اَوْ اَنْ يَكُونَ هُنَاكَ مَقْرُورُونَ بِمَعْنَى بَرْدَانُونَ يَرْتَجِفُونَ مِنْ قَسْوَةِ الْبَرْدِ وَالثَّلْجِ وَالصَّقِيعِ وَالشِّتَاء, نعم اخي, اِنَّ ثَوْباً تَكْسُوهُ لِاَخِيك, يَكْسُوكَ اللهُ بَدَلاً عَنْهُ ثَوْباً فِي الْجَنَّة, نعم اخي, وَحِينَمَا تُنَفّسُ عَنْ كُرْبَةِ اَخِيك, يُنَفّسُ اللهُ بِذَلِكَ عَنْكَ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَة, نعم اخي, عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَحِمَهُ الله, وَالَّذِي كَانَ يَمْشِي عَلَى مَنْهَجِ الله, كَانَ يَاْبَى اَنْ يَجُوعَ اَحَدٌ فِي سُلْطَانِهِ وَلَوْ كَانَ طَيْراً, فَكَانَ يَشْتَرِي الْحَبَّ مِنَ الْقَمْحِ وَغَيْرِهِ, وَيَاْمُرُ بِهِ لِيُذْرَى عَلَى رُؤُوسِ الْجِبَالِ وَفِي الْوُدْيَان, فَلَمَّا سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ قَال: اِنِّي اَخْشَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ اَنْ يَقُولَ لِي رَبِّي, لِمَ اَجَعْتَ طَيْراً فِي مَمْلَكَتِكَ اَوْ فِي سُلْطَانِك؟ نعم اخي, اِنَّهُ الشُّعُورُ بِالْمَسْؤُولِيَّة, اِنَّهُ الطَّيْرُ الَّذِي يَاْمَنُ وَيَاْكُلُ وَيَشْرَبُ وَلَايَجُوعُ فِي بِلَادِ الْمُسْلِمِين, اِنَّهُ الطَّيْرُ الَّذِي لَايَجُوزُ اَنْ تَحْجُزَهُ فِي قَفَص, بَلِ اتْرُكْهُ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ فِي مَلَكُوتِ اللهِ تَعَالَى الْوَاسِعِ, لِتُشِيعَ رَحْمَةَ مُحَمَّدٍ وَرَبِّ مُحَمَّدٍ عَلَى الْوُجُودِ كُلّه, نعم اخي[دَخَلَتِ امْرَاَةٌ النَّارَ فِي هِرَّةٍ حَبَسَتْهَا, لَاهِيَ اَطْعَمَتْهَا, وَلَاتَرَكَتْهَا تَاْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الْاَرْض(نعم اخي, اِمْرَاَةٌ غَضِبَتْ عَلَى هِرَّةٍ وَهِيَ الْقِطَّةُ اَوِ الْبُسَيْنَةُ بِاللَّهْجَةِ الشَّامِيَّة, فَحَبَسَتْهَا, وَلَمْ تُقَدِّمْ لَهَا طَعَاماً, وَلَمْ تُطْلِقْ سَرَاحَهَا لِتَاْكُلَ مِنْ هَوَامِّ الْاَرْضِ وَخَشَاشِهَا وَحَشَرَاتِهَا حَتَّى مَاتَتْ هَذِهِ الْقِطَّةُ صَبْراً, فَمَاذَا كَانَتِ النَّتَيِجَة؟ اَنْ اَدْخَلَ اللهُ تَعَالَى هَذِهِ الْمَرْاَةَ النَّارَ مِنْ اَجْلِ هِرَّةٍ تَقُولُ نَاوْ نَاوْ! فَمَابَالُكَ اَخِي بِالْاِنْسَانِ اِذَا اَجَعْتَهُ حَتَّى الْمَوْت! حَتَّى وَلَوْ كَانَ سَفِيهاً يَسْتَحِقٌّ الْحَجْرَ عَلَيْهِ! لَايَحِقُّ لَكَ اَخِي اَنْ تُجِيعَهُ! وَلَا اَنْ تُعَرِّيَهُ! بِدَلِيلِ اَنَّ لِلسُّفَهَاءِ حَقّاً فِي قَوْلِهِ تَعَالَى{وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا, وَاكْسُوهُمْ, وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفَا(نعم اخي, حَتَّى وَلَوْ كَانَ هَذَا الْاِنْسَانُ اَسِيراً عَدُوّاً لَكَ وَتَتَوَقَّعُ مِنْهُ اَنْ يَغْدُرَ بِكَ اِذَا فَكَكْتَ قُيُودَه! فَلَايَحِقُّ لَكَ اَنْ تُجِيعَهُ! وَلَا اَنْ تَمُنَّ عَلَيْهِ اِذَا اَطْعَمْتَهُ وَكَسَوْتَهُ وَاَدْفَاْتَه! بِدَلِيلِ الْآَيَةِ الْمَعْرُوفَةِ الْمَشْهُورَة{وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَاَسِيرَا[مَاآمَنَ بِي مَنْ بَاتَ شَبْعَانَ وَجَارُهُ اِلَى جَنْبِهِ جَائِعٌ وَهُوَ يَعْلَمُ بِهِ( نعم اخي, كَذَلِكَ دَخَلَ رَجُلٌ وَامْرَاَةٌ اِلَى الْجَنَّةِ بِسَبَبِ كَلْب! حِينَمَا كَانَا يَمْشِيَانِ فِي الصَّحْرَاء, فَاَصَابَهُمَا الْعَطَشُ, فَرَاَيَا بِئْراً, فَنَزَلاَ اِلَيْهِ وَشَرِبَا, ثُمَّ صَعِدَا خَارِجَ الْبِئْرِ, فَرَاَيَا كَلْباً يَلْهَثُ وَيَاْكُلُ الثَّرَى مِنْ شِدَّةِ عَطَشِه, نعم اخي, وَالثَّرَى هُوَ التَّرَابُ اَوِ الرِّمَالُ الَّتِي تَكُونُ طَبَقَتُهَا الْعُلْيَا سَاخِنَةً مِنْ حَرَارَةِ الشَّمْسِ, وَاَمَّا الطَّبَقَةُ السُّفْلَى فَمَا تَزَالُ تَحْتَفِظُ وَلَوْ بِشَيْءٍ مِنَ الرُّطُوبَة, فَكَانَ الْكَلْبُ يَبْحَثُ بِلِسَانِهِ وَيَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ تَحْتَ التُّرَابِ اَوِ الرِّمَالِ! مِنْ اَجْلِ اَنْ يُبَلّلَ رِيقَه, فَمَاذَا قَالَ هَذَانِ الْاِنْسَانَانِ وَقَدْ كَانَا بَغِيَّيْنِ زَانِيَيْنِ عَاهِرَيْنِ وَكَانَا ظَالِمَيْن وَكَانَا يَرْتَكِبَانِ الْفَوَاحِشَ وَ الْمُنْكَرَات؟ فَقَالَا: لَقَدْ بَلَغَ بِهَذَا الْكَلْبِ مَابَلَغَ بِنَا مِنَ الْعَطَشِ, فَتَوَقَّدَتْ زَاوِيَةُ الرَّحْمَةِ الْمَخْبُوءَةِ عِنْدَهُمَا, نعم تَوَقَّدَتْ فِي هَذَا الْمَشْهَدِ الْاِنْسَانِيِّ الرَّائِع, فَكَيْفَ يَفْعَلَانِ الْآنَ وَلَيْسَ هُنَاكَ دَلْوٌ؟ وَلَا يُوجَدُ حَبْلٌ وَلَاسَطْلٌ بِاللَّهْجَةِ الشَّامِيَّة؟ فَنَزَلَا اِلَى الْبِئْرِ, فَمَلَئَا خُفَّيْهِمَا بِمَعْنَى حِذَاءَهُمَا, وَوَضَعَاهُ بَيْنَ اَسْنَانِهِمَا وَرَقَيَا الْبِئْرَ, وَوَضَعَا خُفَّيْهِمَا اَمَامَ الْكَلْبِ فَشَرِبَ الْكَلْبُ, وَرَفَعَ رَاْسَهُ اِلَى السَّمَاءِ, ثُمَّ هَزَّ بِذَنَبِهِ وَهُوَ يُوَلّي وَيَنْظُرُ اِلَى مَنْ سَقَاهُ فَمَاذَا كَانَتِ النَّتِيجَة؟ فَغَفَرَ اللهُ لَهُمَا! نعم اخي بَعْضُ الْعُلَمَاءِ يَقُول: غَفَرَ اللهُ لَهُمَا الذُّنُوبَ الصَّغِيرَة, وَاَمَّا اَهْلُ الْمَعَانِي وَالْعَارِفُونَ بِاللهِ سَوَاءٌ كَانُوا مِنْ اَهْلِ التَّصَوُّفِ الصَّحِيحِ اَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ فَيَقُولُونَ لَا حَتَّى الْكَبَائِرُ فَاِنَّ اللهَ غَفَرَهَا لَهُمَا! وَنَقُولُ لِهَؤُلَاءِ الْعَارِفِينَ, وَكَيْفَ يَكُونُ ذَلِك؟ قَالُوا: مَنْ يَعْمَلُ هَذَا الْعَمَلَ, فَاِنَّ اللهَ يُسَهِّلُ عَلَيْهِ بَابَ التَّوْبَة{وَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى(نعم, فَيَفْتَحُ سُبْحَانَهُ لَهُ بَابَ التَّوْبَةِ لِيَتُوبَ اِلَى اللهِ تَعَالَى تَوْبَةً نَصُوحاً يَرُدُّ بِهَا حُقُوقَ النَّاسِ وَبِذَلِكَ يَقْبَلُ اللهُ تَعَالَى تَوْبَتَه. نَعَمْ اَيُّهَا الْعَامُ الْمُنْصَرِمُ, يَامَنْ تُوَدِّعُنَا, سَوَاءٌ كُنْتَ هِجْرِيّاً اَوْ مِيلَادِيّاً, فَلَقَدْ كَانَ فِيكَ مِنَ الْمَآسِي مَافِيكَ, لَكِنْ نَحْنُ لَانَذُمُّ الزَّمَنَ, وَلَانَسُبُّ الدَّهْرَ, وَاِنَّمَا الْاِنْسَانُ هُوَ الَّذِي يُفْسِدُ, وَهُوَ الَّذِي يُصْلِح, نَعَمْ اَخِي, وَاِذَا اَفْسَدَ النَّاسُ, اَعْطَاهُمُ اللهُ تَعَالَى الْفُرْصَةَ, مِنْ اَجْلِ اَنْ يَتُوبُوا, قَبْلَ اَنْ يَاْخُذَهُمْ اَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِر, فَاِذَا عَادُوا اِلَى اللهِ, عَادَ اللهُ اِلَيْهِمْ, نعم اخي, مَاذَا يَقُولُ عِيسَى عليه السلام عَنِ نَفْسِه{وَاَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَادُمْتُ حَيّاً, وَبَرّاً بِوَالِدَتِي, وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبّاراً شَقِيَّا(اِنَّهُ عِيسَى الَّذِي لَايَعْرِفُ التَّجَبُّرَ عَلَى مَخْلُوقَاتِ الله, اِسْتَمِعُوا اَيُّهَا الْغَرْبُ الصَّلِيبِي. يَامَنْ تَنْتَمُونَ بِادِّعَاءٍ كَاذِبٍ اِلَى الْمَسِيح, اِنَّ الْمَسِيحَ عَلَيْهِ السَّلَام, لَمْ يَكُنْ جَبّاراً فِي الْاَرْضِ, وَلَمْ يُشْقِ النَّاسَ, بَلْ اَسْعَدَ النَّاس, نعم وَاَخُوهُ مُحَمَّدٌ مَاذَا يَقُولُ لَهُ رَبُّه{اَفَلَا يَنْظُرُونَ اِلَى الْاِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ, وَاِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ, وَاِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ, وَاِلَى الْاَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ, فَذَكِّرْ اِنَّمَا اَنْتَ مُذَكِّرٌ, لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِر{بِمُصَيْطِر( نعم لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُتَحَكِّم, لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّار, بَلْ تَدْعُوهُمْ اِلَى الْاِيمَانِ {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ, وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ(وَنَتِيجَةُ اِيمَانِهِ تَكُونُ لَهُ, وَنَتِيجَةُ كُفْرِهِ تَكُونُ عَلَيْه, نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَةُ الْكِرَام, كَمْ نَحْنُ بِحَاجَةٍ اِلَى الرَّحْمَة, كَمْ نَحْنُ بِحَاجَةٍ اِلَى هَذَا الدَّوَاءِ؟ لِيُعَالِجَ الْجِرَاحَ, وَلِيَرْفَعَنَا فَوْقَ الْمَآسِي, نَعَمْ اِنَّهُ عَامٌ سَيَمْضِي كَمَا مَضَتِ الْاَعْوَامُ السَّابِقَة, وَالْمُؤْمِنُ مَاذَا يَفْعَل؟ عَلَيْكَ اَخِي الْمُؤْمِنُ, اَنْ تَقِفَ وَقْفَةَ مُتَدَبِّر! هَا اَنَا وَقَدْ ذَهَبَ مِنْ عُمُرِي سَنَة, وَلَااَدْرِي, هَلْ سَاَبْقَى اِلَى عَامٍ قَادِم؟ نَعَمْ اَخِي, اَهْلُ التُّقَى وَالصَّلَاح, وَاَهْلُ الْغِوَايَةِ وَالضَّلَال! اَلْكُلُّ يَقُولُ سَنَمُوت, وَلَمْ نَسْمَعْ وَاحِداً مِنْهُمْ يَقُولُ سَوْفَ لَنْ نَمُوت, لَكِنَّ الْمُؤْمِنَ حِينَمَا يَقُولُ سَوْفَ اَمُوت, فَاِنَّهُ يَسْتَعِدُّ لِهَذَا الْمَوْتِ, غَيْرَ مُسْتَهْتِرٍ بِالدُّنْيَا وَلَا بِالْآخِرَة, وَيَعْمَلُ الصَّالِحَاتِ مُسْتَعِدّاً لِلِقَاءِ رَبِّهِ, وَيَنْتَهِي عَنِ السَّيِّآتِ وَيَقُولُ{رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً, وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً, وَقِنَا عَذَابَ النَّار(نَعَمْ حَسَنَة وَاحِدَة فِي الْآخِرَة وَهِيَ بِطَاقَةُ لَا اِلَهَ اِلَّا الله خَالِصَةً مِنْ قَلْبِكَ اَخِي, تَرْجَحُ عَلَى جَمِيعِ سَيِّآتِك! نَعَمْ حَسَنَةٌ وَاحِدَةٌ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا كَمَا فَعَلَ هَذَا الرَّجُلُ وَالْمَرْاَةُ مَعَ الْكَلْبِ, قَدْ تَقِيكَ اَخِي عَذَابَ النَّار, فَتَصَدَّقْ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَة, نعم اخي, اِزَاحَتُكَ الشَّوْكَ مِنْ طَرِيقِ الْمُسْلِمِين, اِزَالَتُكَ الْقَذَارَةَ مِنَ الْمَسْجِدِ وَمِنْ حَوْلِ الْمَسْجِد, وَاِيَّاكَ اَخِي اَنْ تَحْقِرَ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئاً وَلَوْ اَنْ تَلْقَى اَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ يُعِينُهُ عَلَى التَّفَاؤُلِ بِرَحْمَةِ اللهِ وَيَرْفَعُ مَعْنَوِيَّاتِهِ وَخَاصَّةً اَمَامَ الْجَرْحَى وَالْمَرْضَى فِي الْمُسْتَشْفَيَاتِ وَالْمَنْكُوبِين, وَصَدِّقْنِي اَخِي اَنَّ تَبَسُّمَكَ فِي وَجْهِ اَخِيكَ بِهَذَا الْمَنْظَرِ الرَّائِعِ الْبَهِيج, هُوَ اَجْمَلُ عِنْدَ اللهِ مِنَ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ وَمِنْ جَمِيعِ مَنَاظِرِ الْوُرُودِ وَالزُّهُورِ وَالرَّيَاحِينِ وَالْفُلِّ وَالْيَاسَمِينِ وَالزَّنْبَقِ وَعَبِيرِهَا وَعَبَقِهَا وَرَائِحَتِهَا{لَقَدْ خَلَقْنَا الْاِنْسَانَ فِي اَحْسَنِ تَقْوِيم(نعم اخي, وَاَمَّا الضَّالُّ فَاِنَّهُ يَقُول! يَاللهْ مَيْتِينُ وْمَيْتِينْ وَلَارَجْعَةَ بَعْدَهَا اِلَى الدُّنْيَا وَلَا اِلَى الْآخِرَة! فَمَاذَا يَفْعَل؟ يَعْصِي اللهَ عَزَّ وَجَلّ, وَيَغُبُّ مِنَ الْمَعَاصِي غَبّاً! وَمِنَ الظُّلْمِ غَبّاً! وَمِنَ الطُّغْيَانِ غَبّاً لِمَاذَا؟ لِاَنَّهُ لَايُؤْمِنُ بِالْحِسَاب! بَلْ يَتَقَوْقَعُ تَفْكِيرُهُ كُلُّهُ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا! وَلَايُؤْمِنُ بِاَنَّهُ سَيَقِفُ بَيْنَ يَدَيِ اللهِ عَزَّ وَجَلّ{وَقِفُوهُمْ اِنَّهُمْ مَسْؤُولُون, مَالَكُمْ لَاتَنَاصَرُون, بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُون( نعم اخي, لَوْ اَنَّ اِنْسَاناً مِنْ اَنَاسِيِّ الدُّنْيَا لَهُ مَكَانَتُهُ, وَقَالَ لَكَ تَعَالَ اِلَيَّ سَاَسْاَلُكَ بَعْضَ الْاَسْئِلَة؟ فَاِنَّكَ اَخِي بِالتَّاْكِيدِ سَتُصَابُ بِالذُّهُولِ اِذَا لَمْ تَرْتَجِفْ, فَمَابَالُكَ بِاللهِ الَّذِي سَتُسْاَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ عَنِ الصَّغِيرَةِ وَالْكَبِيرَة؟ سَتُسْاَلُ عَنْ عَلَاقَتِكَ بِرَبِّكَ؟ وَعَنْ عَلَاقَتِكَ بِمُجْتَمَعِكَ؟ وَعَنْ عَلَاقَتِكَ بِالْاِنْسَانِيَّةِ جَمِيعاً؟ وَكَيْفَ كَانَتْ هَذِهِ الْعَلَاقَة؟ فَهَلْ سَتَقُولُ يَارَبّ رُدَّنِي اِلَى الدُّنْيَا لِاَسْتَدْرِكَ مَافَاتَنِي مِنْ طَاعَة؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي الضَّالّ لَا اَنْتَ تَحْلُم, فَقَدِ انْتَهَى الْاَمْرُ, وَلَايُمْكِنُكَ اَنْ تَسْتَدْرِكَ مَافَاتَكَ مِنْ تَقْصِيرٍ؟ اِلَّا قَبْلَ اَنْ تَمُوتَ؟ وَلَيْسَ بَعْدَ اَنْ تَمُوت, وَلِذَلِكَ{وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذّكْرِ, فَهَلْ مِنْ مُدَّكِر؟(اَمَا نَتَذَكَّر؟ اَيْنَ آبَاؤُنَا؟ اَيْنَ اَجْدَادُنَا؟ لَقَدْ وَلَّوْا, نَعَمْ وَلَّوْا اِلَى رَبِّهِمْ بِاَعْمَالِهِمْ, نَعَمْ اَيُّهَا الْغَنِيّ, يَامَنْ تَعْتَزُّ بِغِنَاك! قَدْ تُفْقَرُ قَبْلَ اَنْ تَمُوت, وَلْنَفْرِضْ اَنَّكَ بَقِيتَ غَنِيّاً اِلَى اَنْ مُتَّ, فَمَاذَا سَتَاْخُذُ مَعَكْ؟ لَنْ تَاْخُذَ مَعَكَ اِلَّا هَذَا الْكَفَنَ, وَوَاللهِ الَّذِي لَا اِلَهَ اِلَّا هُوَ, لَوْلَا سَوْاَتُكَ, مَاكَفَّنُوكَ, بَلْ دَفَنُوكَ وَاَنْتَ عَارٍ, وَاسْتَخْسَرُوا فِيكَ ثَمَنَ هَذَا الْكَفَنِ اَنْ يَدْفَعُوهُ مِنْ اَجْلِك, نَعَمْ لَنْ تَاْخُذَ مَعَكَ شَيْئاً حَتَّى وَلَوْ كَانَ عِنْدَكَ مِنَ الْخَزَائِنِ وَالْاَدْرَاجِ الْمُحْكَمَةِ الْاِغْلَاقِ وَالْمُجَوْهَرَاتِ الثَّمِينَةِ وَ الْاَوْرَاقِ النَّقْدِيَّةِ وَالْعَادِيَّةِ وَالْاَسْرَارِ الْمَوْضُوعَةِ فِيهَا, فَبِمُجَرَّدِ اَنْ تَمُوتَ, يُفَتِّشُ الْوَرَثَةُ عَنِ الْمَفَاتِيحِ قَبْلَ اَنْ يَتَقَبَّلُوا التَّعَازِي فِيكَ, فَاِنْ لَمْ يَجِدُوا الْمَفَاتِيحَ فَمَاذَا يَفْعَلُون؟ يَكْسُرُونَ الْاَقْفَالَ, وَيُفَتِّشُونَ الْاَسْرَارَ الَّتِي تَخُصُّكَ, فَمَابَالُكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى{وَبَرَزُوا لِلهِ جَمِيعاً(مَابَالُكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى{وَلَاتَحْسَبَنَّ اللهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُون(لَايَغْفَلُ عَنْهُمْ, وَلَا عَنْ ظُلْمِهِمْ مَهْمَا مَارَسُوهُ فِي الْخَفَاءِ, وَمَهْمَا اَخْفَوْا اَسْرَارَ هَذَا الظُّلْمِ تَحْتَ الطَّاوِلَةِ اَوْ مِنْ وَرَاءِ الْكَوَالِيسِ{اِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَاَخْفَى, اَللهُ لَا اِلَهَ اِلَّا هُوَ, لَهُ الْاَسْمَاءُ الْحُسْنَى {اِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْاَبْصَارُ! مُهْطِعِينَ! مُقْنِعِي رُؤُوسِهِمْ! لَايَرْتَدُّ اِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ! وَاَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء(يَاحَرَام! كَمْ اَنْتَ مِسْكِينٌ اَيُّهَا الظَّالِم! مَنِ الَّذِي سَيَنْصُرُكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى هَؤُلَاءِ النَّاسُ الَّذِينَ اعْتَدَيْتَ عَلَى حُقُوقِهِمْ؟ هَلْ يَتَجَرَّاُ اَحَدٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى اَنْ يَنْبِسَ بِبِنْتِ شَفَةٍ مِنْ اَجْلِ خَلَاصِكَ مِنْ عَذَابِ اللهِ اِذَا لَمْ تَقُمْ بِاِعَادَةِ الْحُقُوقِ اِلَى اَصْحَابِهَا فِي الدُّنْيَا قَبْلَ فَوَاتِ الْاَوَانِ وَقَبْلَ نُزُولِكَ اِلَى الْقَبْر {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ اِلَّا بِاِذْنِه(مَنِ الَّذِي سَيَنْصُرُ مَنْ اَكَلَ اَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِل؟ مَنْ وَمَنْ؟ لَانَصِيرَ لَكَ اِلَّا اَنْ تَعْمَلَ الْآنَ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَتَغُبَّ مِنْهَا غَبّاً هَائِلاً وَتُعِيدَ الْحُقُوقَ؟ حَتَّى يُكَفّرَ اللهُ عَنْكَ سَيِّآتِكَ, وَيُبَدِّلَهَا اِلَى حَسَنَات, فَاَنْتَ الْآنَ فِي دَارِ الْعَمَلِ النَّافِعِ, وَغَداً سَتَكُونُ فِي دَارِ الْحِسَابِ الَّذِي لَنْ يَنْفَعَ مَعَهُ أيُّ عَمَلٍ مِنْكَ, بَلْ مِنْ غَيْرِكَ مِنْ اَجْلِكَ بَعْدَ مَمَاتِكَ وَهُوَ مَاوَرَدَ فِي حَدِيثٍ صَحِيحٍ مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ مِنْهَا مَايَاْتِيكَ رَغْماً عَنْكَ! اَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ, اَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَك. نعم اخي, اَللُهُ تَعَالَى جَعَلَ لَنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ؟ مِنْ اَجْلِ اَنْ نَعْرِفَ السِّنِينَ الَّتِي تَمْضِي مِنْ اَعْمَارِنَا, فَيَارَبّ, يَااَكْرَمَ الْاَكْرَمِين, بِاِيمَانِنَا نُورَان؟ سُنَّةٌ وَقُرْآَن؟ فَمَا بَالُنَا نَعِيشُ فِي حَالِكِ الظُّلُمَات؟ لِاَنَّنَا مَعَ الْاَسَف, لَانَنْظُرُ اِلَيْهِمَا مِنْ اَجْلِ الْاَحْيَاءِ وَهُمَا بَيْنَ اَيْدِينَا حَاضِرَان! وَاِنَّمَا جَعَلْنَا الْقُرْآَنَ مُغَيَّباً فِي السِّرْدَابِ وَلِلْاَمْوَاتِ فَقَطْ! وَنَنْتَظِرُ مِنَ الْمَهْدِي الْمَزْعُومِ اَنْ يَخْرُجَ مِنْ سِرْدَابِهِ لِيُفَسِّرَ لَنَا الْقُرْآنَ وَنَتَجَاهَلُ بِوَقَاحَةٍ قَوْلَهُ تَعَالَى{اَلْيَوْمَ اَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ, وَاَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي, وَرَضِيتُ لَكُمُ الْاِسْلَامَ دِينَا( نَعَمْ اَخِي, مَاحَاجَتُنَا اِلَى هَذَا الْمَهْدِي الْمُسَرْدَبِ وَاللهُ تَعَالَى يَقُولُ{وَنَزَّلْنَا الْقُرْآنَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِلْمُؤْمِنِين{اِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ(وَلَيْسَ قُرْآنَ الْمَهْدِي{ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ اَقْوَم(نعم اخي{يَرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللهِ(وَهُوَ هَذَا الْقُرْآنُ{بِاَفْوَاهِهِمْ(وَفِي سِرْدَابِ الْمَهْدِي الْمُظْلِمِ اَيْضاً وَلَايَبْقَى مِنْ هَذَا الدِّينِ اِلَّا اللَّطْمِيَّاتُ وَالتَطْبِيرُ وَالتَّوَاشِيحُ وَالْاَنَاشِيدُ الصُّوفِيَّة وَالْاَلْحَانُ الْجَنَائِزِيَّةُ وَقَرْعُ الْاَجْرَاسِ الْحَزِينَةِ وَحَائِطُ الْمَبْكَى لِيَرْقُصَ اَحْفَادُ الْقُرُودِ الْيَهُودِ وَالْخَنَازِيرُ الصُّلْبَانُ الْخَوَنَةُ عَلَى جُثَثِ الْمَوْتَى{وَيَاْبَى اللهُ اِلَّا اَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُون( الْمُجْرِمُون,نعم اخي؟ اَللهُ تَعَالَى يَقُولُ لِاَهْلِ الْكِتَابِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى: لَيْسَ لَكُمْ حُجَّة{اَنْ تَقُولُوا مَاجَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَانَذِيرٍ, فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِير(فَهَلْ سَيَقُولُ اَهْلُ الْكِتَابِ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ يَوْمَ الْقِيَامَة: بَلْ لَنَا مِنَ الْحُجَّةِ الْبَالِغَةِ عَلَيْكَ يَارَبَّ الْعَالَمِين! فَاَيْنَ هَذَا الْبَشِير؟ وَاَيْنَ هَذَا النَّذِير؟ لِمَاذَا قُمْتَ بِاِخْفَائِهِ فِي سِرْدَابِ الْمَهْدِي؟ لَقَدْ بَحَثْنَا عَنْهُ لِسَنَوَاتٍ طَوِيلَةٍ فِي سِرْدَابِ الْمَهْدِي! وَلَمْ نَعْثُرْ عَلَيْهِ! وَلَمْ يَخْرُجْ لَنَا هَذَا الْمَهْدِي بِبَشِيرٍ وَلَانَذِيرٍ مِنْ هَذَا الْقُرْآن وَهُوَ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَرَثَةِ الْاَنْبِيَاءِ الَّذِينَ يَاْمُرُ سُبْحَانَهُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِقَوْلِهِ{يَااَيُّهَا الرَّسُولُ بَلّغْ مَااُنْزِلَ اِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَاِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَه(هَلْ يَقُولُ بِهَذَا الْكَلَامِ عَاقِلٌ يَااَهْلَ السُّنَّة؟ اَرْجُو مِنَ اللهِ اَلَّا يَتَمَكَّنَ هَؤُلَاءِ الْاَوْغَادُ اَعْدَاءُ اللهِ مِنْ اِضْلَالِكُمْ كَمَا ضَلُّوا وَاَضَلُّوا, نعم اخي,وَبِمُجَرَّدِ اَنْ تَسْمَعَ قِرَاءَةَ قُرْآنٍ! فَوْراً تَنْطَلِقُ الْاَلْسِنَةُ بِالسُّؤَالِ عَمَّنْ مَاتَّ! مَعَ اَنَّ الْقُرْآنَ لَمْ يَاْتِ مِنْ اَجْلِ الْاَمْوَاتِ فَقَطْ, بَلْ جَاءَ اَيْضاً{ لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيّاً وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِين{قُلْ صَدَقَ اللهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ اِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَاكَانَ مِنَ الْمُشْرِكِين(اَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَاَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ. حَمْداً لِلهِ وَصَلَاةً وَسَلَاماً عَلَى رَسُولِ اللهِ وَعَلَى اَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ وَالَاهُ وَ وَالَاهُمْ, اَللَّهُمَّ يَارَبّ, نَوَاصِينَا بِيَدَيْك, وَقُلُوبُنَا بَيْنَ اَصَابِعِك, كُلَّنَا مَخْلُوقُونَ لَكَ, يَارَبّ هَذِهِ هِيَ الْاَيَّامُ تَنْقَضِي سَرِيعاً, وَتَنْقَضِي اَعْمَارُنَا مَعَهَا, وَهِيَ قَصِيرَةٌ مَهْمَا طَالَتْ, فَلَابُدَّ مِنَ الْمَوْتِ, فَيَارَبّ اِلَى مَنْ نَلْجَاُ, لَانَلْجَاُ اِلَّا اِلَيْكَ يَااَلله, يَاعَالِمَ السِّرِّ وَاَخْفَى, يَامَنْ اَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير, اَرِنَا الْحَقَّ حَقّاً وَارْزُقْنَا اتِّبَاعَهُ, وَاَرِنَا الْبَاطِلَ بَاطِلاً وَارْزُقْنَا اجْتِنَابَه, اَللَّهُمَّ انْصُرِ الْحَقَّ وَاَهْلَهُ, وَاهْزُمِ الْبَاطِلَ وَجُنْدَهُ, اَللَّهُمَّ اَعِدْ اِلَى الْاَرْضِ طَمَاْنِينَتَهَا, وَاَعِدْ اِلَى نُفُوسِنَا طَمَاْنِينَتَهَا, وَاَذْهِبْ يَارَبِّي رَوْعَنَا وَخَوْفَنَا, اَللَّهُمَّ نَحْنُ عِبَادُكَ وَاَنْتَ رَبُّنَا, لَامَلْجَاَ لَنَا سِوَاك, فَيَارَبّ, بَدِّلِ الظُّلُمَاتِ بِالنُّور, بَدِّلِ الْبَاطِلَ بِالْحَقّ, اَللَّهُمَّ اهْدِنَا اِلَى الْحَقّ, اَللَّهُمَّ حَبِّبْ اِلَيْنَا الْاِيمَانَ, وَزَيِّنْهُ فِي قُلُوبِنَا, وَكَرِّهْ اِلَيْنَا الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَان, اَللَّهُمَّ اجْعَلِ الْعَامَ الْقَادِمَ خَيْراً مِنَ الْعَامِ الَّذِي سَيَمْضِي ِيَااَلله, اِيَّاكُمْ يَااِخْوَتِي اَنْ تَعْصُوا اللهَ وَلَوْ فِي سَهْرَةِ نِهَايَةِ السَّنَة, اِيَّاكُمْ اَنْ تُجَرِّبُوا حَظَّكُمْ فِي لَعِبِ الْقِمَارِ وَالسُّكْرِ وَالْعَرْبَدَةِ وَهَذَا هُوَ حَظُّ اَهْلِ الضَّلَال, وَاَمَّا حَظُّ اَهْلِ الْحَقِّ, فَهُوَ اَنْ يُجَرِّبُوا حَظَّهُمْ مُبْتَهِلِينَ اِلَى اللِه تَعَالَى مُخْلِصِينَ فِي دُعَائِهِمْ قَائِلِين{رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً, وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً, وَقِنَا عَذَابَ النَّار(وَاَمَّا اَصْحَابُ الدُّنْيَا فَمَاذَا يَقُولُون{فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَالَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاق( نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة, جَرِّبُوا حَظَّكُمْ فِي طَاعَةِ اللهِ, وَسَتَرَوْنَ الْفَوْزَ وَالْفَلَاحَ عِنْدَ اَكْرَمِ الْاَكْرَمِين{فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَاُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَاز{اِنَّ اللهَ يَاْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْاِحْسَانِ وَاِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى, وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ, يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُون( وَقَبْلَ اَنْ نَخْتِمَ هَذِهِ الْمُشَارَكَة, نُتَابِعُ حَدِيثَنَا عَنْ اَحْكَامِ الزَّكَاة؟ وَلَابُدَّ لِلْمُؤْمِنِ حِينَمَا يَقُومُ بِعَمَلٍ, اَنْ يَقُومَ بِهِ وَقَدِ اسْتَوْفَى شُرُوطَهُ الَّتِي وَضَعَهَا الشَّرْعُ لِهَذَا العَمَلِ, وَاَوّلاً لَابُدَّ مِنَ الْاِخْلَاص, فَاَيُّ عَمَلٍ يُرَادُ بِهِ الرِّيَاءُ وَالسُّمْعَةُ حَتَّى يَرَاهُ النَّاسُ وَيَمْدَحُوه, فَهَذَا لَايَقْبَلُهُ اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى, نعم اخي, جَاءَ رَجُلٌ اِلَى النَّبِيِّ عليه الصلاة والسلام فَقَالَ يَارَسُولَ الله: اِنِّي اُحِبُّ اَنْ اَقِفَ مَعَكَ الْمَوَاقِفَ, وَلَكِنْ مَعَ ذَلِكَ اُحِبُّ اَنْ يَرَانِي النَّاس, نَعَمْ يَارَسُولَ الله, اَقِفُ مَعَكَ الْمَوَاقِفَ, اُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللهِ مَثَلاً بِنَفْسِي وَبِمَالِي, لَكِنْ مَعَ هَذَا اُرِيدُ اَنْ يَسْمَعَ بِيَ النَّاسُ وَاَنْ يَمْدَحُونِي, فَسَكَتَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى نَزَلَ قَوْلُ الله {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ, فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً, وَلَايُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ اَحَدَا(نعم اخي, آخِرُ آيَةٍ مِنْ سُورَةِ الْكَهْفِ تَقُول: مَنْ كَانَ يُرِيدُ اَنْ يَعْمَلَ عَمَلاً صَالِحاً, فَلْيَعْمَلْهُ خَالِصاً لِوَجْهِ الله, وَلَايُشْرِكْ بِعِبَادَتِهِ؟ لِاَنَّ كُلَّ عَمَلٍ تَقْصُدُ بِهِ وَجْهَ اللهِ يَااَخِي, يُعْتَبَرُ عِبَادَة, فَالْعِبَادَةُ هُنَا لَيْسَتْ مَقْصُورَةً عَلَى الشَّعَائِرِ كَشَعِيرَةِ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَالزَّكَاةِ وَالْحَجِّ وَالنُّطْقِ بِالشَّهَادَتَيْن, نعم اخي, وَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَرْجُو لِقَاءَ اللهِ وَاللهُ رَاضٍ عَنْهُ, فَعَلَيْهِ اَنْ يَعْمَلَ الْعَمَلَ خَالِصاً لِوَجْهِ الله؟ لِاَنَّ الرِّيَاءَ هُوَ الشِّرْكُ الْخَفِيّ, نعم اخي, وَالشِّرْكُ نَوْعَان: عَلَنِيٌّ, وَخَفِيّ, اَمَّا الشِّرْكُ الْعَلَنِيُّ: فَهُوَ الشِّرْكُ الَّذِي يُشْرِكُ بِهِ الْاِنْسَانُ مَعَ اللهِ اِلَهاً آخَر, وَاَمَّا الشِّرْكُ الْخَفِيُّ: فَهُوَ اَعْمَالٌ ظَاهِرُهَا الْخَيْرُ وَبَاطِنُهَا حُبُّ الشُّهْرَةِ وَالسُّمْعَة, فَحِينَمَا يَقُومُ الْمُؤْمِنُ بِاَدَاءِ فَرِيضَةِ الزَّكَاةِ, فَعَلَيْهِ اَنْ يَتَحَرَّى مُسْتِحِقّيهَا, نعم اخي, وَفِي آيَةٍ مِنْ سُورَةِ التَّوْبَةِ قَوْلُ اللهِ تَعَالَى{اِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِين وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيم(نعم اخي, فَهَذِهِ الْآيَةُ تُشِيرُ بِوُضُوحٍ اِلَى اَنَّ الزَّكَاةَ لَهَا ثَمَانِيَةُ مَصَارِف, وَالْمَصَارِفُ جَمْعٌ مُفْرَدُهُ مَصْرِف, وَالْمَصْرِفُ هُوَ الَّذِي تُصْرَفُ فِيهِ الزَّكَاةُ: وَهِيَ ثَمَانِيَةُ مَصَارِفَ تَنْتَظِمُ وَتَشْمَلُ كُلَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ وَالْمُحْتَاجِينَ فِي الْمُجْتَمَع: فَاَوَّلاً الْفُقَرَاء, ثُمَّ الْمَسَاكِين, نعم اخي, وَالْفَقيرُ عَلَى الرَّاجِحِ: هُوَ الَّذِي لَايَمْلِكُ شَيْئاً, نعم وَ سُمِّيَ فَقِيراً؟ لِاَنَّ كَلِمَةَ فَقِير مَاْخُوذَةٌ مِنْ فَقَارِ الظَّهْرِ؟ لِاَنَّ الْاِنْسَانَ مِنَّا اِذَا اُصِيبَ فِي فَقَارِ ظَهْرِهِ, فَلَا يَسْتَطِيعُ اَنْ يَتَحَرَّك, نعم اخي, وَكَذَلِكَ هَذَا الْفَقِيرُ, لَاهَمَّ لَهُ اَنْ يَتَحَرَّكَ اِلَّا مِنْ اَجْلِ اَنْ يَسُدَّ حَاجَتَهُ وَضَرُورَتَهُ بِمُسَاعَدَتِكَ لَهُ اَخِي, وَاَمَّا الْمِسْكِينُ فَهُوَ الَّذِي لَهُ دَخْلٌ وَلَكِنْ لَايَكْفِيه, نعم فَيُعْطَى مِنْ مَالِ الزَّكَاةِ مَايَكْتَفِي بِهِ, نعم اخي لَكِنَّ كَلِمَةَ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ, لَاتُؤْخَذُ في الآية عَلَى اِطْلَاقِهَا, وَلِذَلِكَ لَايَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ اَنْ يُعْطِيَ زَكَاةَ مَالِهِ لَا لَاُصُولِهِ وَلَا لِفُرُوعِهِ وَلَا لِمَنْ هُوَ مُلْزَمٌ بِالْاِنْفَاقِ عَلَيْهِمْ ولو كانوا فقراء ومساكين, نعم اخي, اَصْلُ الْاِنْسَانِ مِنَّا آبَاؤُهُ وَاَجْدَادُهُ وَاُمَّهَاتُهُ وَجَدَّاتُهُ, فَهَؤُلَاءِ يُعْتَبَرُونَ اَصْلاً لِلْاِنْسَان, فَاَبُوكَ اَخِي اَصْلُكَ مِنْ نَاحِيَةِ الذُّكُورَة, وَجَدُّكَ اَصْلُ اَبِيكَ, وَاَصْلُ اَصْلِكَ وَهُوَ جَدُّكَ, يُعْتَبَرُ اَيْضاً اَصْلاً لَكَ مَهْمَا عَلَوْا وَلَوْ اِلَى الْجَدِّ الْاَلْف, وَاَمَّا الْفُرُوعُ فَهُمُ الْاَوْلَادُ وَاَوْلَادُ الْاَوْلَادِ مَهْمَا نَزَلُوا فِي حَيَاتِكَ اَوْ بَعْدَ مَمَاتِكَ, فَهَؤُلَاءِ جَمِيعاً مَهْمَا عَلَوْا وَنَزَلُوا, فَلَا تُعْطَى لَهُمُ الزَّكَاةُ لِمَاذَا؟ لِاَنَّهُ عَيْبٌ عَلَيْكَ اَخِي اَنْ تَقُولَ لِوَالِدَيْكَ اَنَا اُزَكِّيكُمَا اَوْ اُعْطِيكُمَا مِنَ الزَّكَاةِ اَوْ اَتَصَدَّقُ عَلَيْكُمَا! فَهَذَا نَوْعٌ مِنَ الْعُقُوق؟ لِاَنَّ الزَّكَاةَ لَاتَتَّفِقُ مَعَ هَذِهِ الرَّابِطَةِ الَّتِي تَرْبِطُكَ بِهَؤُلَاءِ وَلَوْ كَانُوا مُحْتَاجِين, فَعَلَيْكَ اَنْ تَكْفِيَهُمْ حَاجَتَهُمْ بِاسْمِ الْبِرِّ وَالنَّفَقَةِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِمْ وَعَلَى زَوْجَتِكَ وَاَوْلَادِكَ لَا بِاسْمِ الزَّكَاةِ وَالصَّدَقَة, فَاِذَا بَقِيَ مَعَكَ شَيْءٌ بَلَغَ نِصَاباً, فَاِنَّكَ هُنَا تُخْرِجُ مِنْهُ الزَّكَاةَ عَلَى مُسْتَحِقّيهَا لَا عَلَيْهِمْ لِمَاذَا؟ لِاَنَّ الْاَصْلَ وَالْفَرْعَ لَايُعْطَى مِنَ الزَّكَاة, وَكَذَلِكَ الزَّوْجَة وَمَنْ اَنْتَ مُلْزَمٌ بِالْاِنْفَاقِ عَلَيْهِمْ مِنْ اَرْحَامِكَ, فَاِنْ لَمْ تَكُنْ مُلْزَماً فَاِنَّكَ تُعْطِيهِمْ شَرْعاً, نعم اخي, وَكَذَلِكَ الْفُقَرَاءُ غَيْرُ الْمُسْلِمِينَ وَاِنْ كَانَ بَعْضُ الْآرَاءِ يُجِيزُ اِخْرَاجَ الزَّكَاةِ الْمَفْرُوضَةِ لَهُمْ, لَكِنَّهُمْ لَايُعْطَوْنَ مِنَ الزَّكَاةِ الْمَفْرُوضَةِ, وَاِنَّمَا يُعْطَوْنَ مِنْ صَدَقَاتِ النَّفْلِ وَالتَّطَوُّعِ غَيْرِ الْمَفْرُوضَة, فَمَثَلاً قَامَ اَحَدُهُمْ فِي الشَّوَارِعِ بِتَوْزِيعِ الصَّدَقَاتِ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِين, فَجَاءَ اِنْسَانٌ مِنْ اَهْلِ الْكِتَابِ يَهُودِيٌّ اَوْ مَسِيحِيٌّ وَهُوَ مُحْتَاج, فَاَعْطَاهُ مِنَ الصَّدَقَةِ غَيْرِ الْمَفْرُوضَةِ وَهِيَ النَّفْلُ وَالتَّطَوُّعُ, فَهَذَا جَائِزٌ شَرْعاً, وَاَمَّا فَرِيضَةُ الزَّكَاةِ, فَعَلَى الرَّاجِحِ مِنْ اَقْوَالِ الْعُلَمَاءِ, فَاِنَّهُ لَايُعْطِيهِ مِنْهَا, لَكِنَّ بَعْضَ الْاَئِمَّةِ وَمِنْهُمْ زُفَر وَهُوَ حَنَفِيُّ الْمَذْهَبِ, كَانَ يُجِيزُ اِعْطَاءَ غَيْرِ الْمُسْلِمِ مِنَ الزَّكَاةِ الْمَفْرُوضَةِ اِذَا لَمْ يَكُنْ مُحَارِباً, وَكَانَ يَحْتَجُّ عَلَى الْاَكْثَرِيَّةِ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَيَقُول: هَذَا يَنْدَرِجُ تَحْتَ عُمُومِ قَوْلِهِ تَعَالَى الْعَاّم{لَايَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ اَنْ تَبَرُّوهُمْ(يَقُولُ زُفَرُ رَحِمَهُ اللهُ تَعْلِيقاً عَلَى هَذِهِ الْآيَة: اَلزَّكَاةُ نَوْعٌ مِنَ الْبِرّ, نعم اخي, لَكِنَّ مَاعَدَاهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ قَالُوا: لَايَجُوزُ اَنْ يُعْطَى غَيْرُ الْمُسْلِمِ اِلَّا مِنَ الزَّكَاةِ غَيْرِ الْمَفْرُوضَة وَبِذَلِكَ نُفْتِي: وَهُوَ اَنَّ الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ الْوَاجِبَةَ, لَاتُعْطَى اِلَّا لِلْمُسْلِمِ مَعَ تَحَفُّظِنَا عَلَى رَاْيِ زُفَرَ رَحِمَهُ الله وَاِنْ كَانَ رَاْياً لَهُ وَجَاهَتُهُ وَحُجَّتُه. نعم اخي, بَعْدَ ذَلِكَ هُنَاكَ سُؤَالٌ مِنْ اَحَدِ الْاِخْوَةِ يَقُولُ فِيه: مَاذَا عَنْ تَارِكِ الصَّلَاة؟ وَالْجَوَابُ عَلَى ذَلِكَ اَنَّ تَارِكَ الصَّلَاةِ لَايُعْطَى مِنَ الزَّكَاةِ كَذَلِكَ؟ لِاَنَّهُ تَرَكَ فَرِيضَةُ مِنْ فَرَائِضِ اللهِ تَعَالَى, فَلَايَجُوزُ لَنَا شَرْعاً اَنْ نَجْعَلَهُ يَسْتَفِيدُ مِنْ فَرِيضَةٍ اُخْرَى كاَلزَّكَاةِ لِمَاذَا؟ لِاَنَّ تَرْكَ الصَّلَاةِ كَبِيرَةٌ مِنَ الْكَبَائِرِ, وَخَاصَّةُ اِذَا اسْتَهْزَاَ بِهَا وَاَنْكَرَ وُجُوبَهَا, فَهَذَا بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ يَكْفُرُ وَيَخْرُجُ عَنْ دِينِ الْاِسْلَام, كَالَّذِي يَقُولُ مَثَلاً: اِنَّ الصَّلَاةَ لَيْسَتْ فَرْضاً, وَشُو هَالصَّلَى الزَّعْبَرَى وَالْمَسْخَرَة وَالضَّحِك عَلَى الذُّقُونِ وَاللّحَى وَالْعُقُول, وَانْظُرُوا اِلَى الْمُصَلّينَ كَيْفَ يُطَوْبِزُونَ! وَهُوَ غَافِلٌ عَمَّا يَنْتَظِرُهُ فِي الْقَبْرِ مِنْ هَوْلِ الْعَذَابِ الَّذِي لَايَتْرُكُ سِلْسِلَةُ مُحَمَّاةً فِي نَارِ جَهَنَّمَ اِلَّا دَخَلَتْ فِي فِيهِ وَخَرَجَتْ مِنْ دُبُرِهِ وَشَرْجِهِ الَّذِي يَنْغَرُ فِيهِ الدُّودُ نَغْراً وَهُوَ يُطَوْبِزُ مَسْلُوبَ الْاِرَادَةِ لَايَدْرِي مَنْ يَقُومُ بِتَعْذِيبِهِ مِنَ الْوَرَاءِ وَلَايَدْرِي شَيْئاً عَنْ حَجْمِ الْخَازُوقِ الَّذِي سَيَقْعُدُ عَلَيْهِ رَغْماً عَنْهُ لِاَنَّهُ لَمْ يُطَوْبِزْ يَوْماً مِنَ الْاَيَّام خَانِعاً ذَلِيلاً لِرَبِّ الْعَالَمِينَ وَلَوْ بِسَجْدَةِ شُكْرٍ عَلَى مَااَنْعَمَ عَلَيْهِ مِنْ هَذِهِ الطَّوْبَزَةِ الَّتِي لَوْلَاهَا لَمَا وَجَدَ اِلَى اِخْرَاجِ النَّجَاسَةِ وَالْفَضَلَاتِ وَالسُّمُومِ سَبِيلاً مُتَجَاهِلاً شُكْرَ اللهِ وَلَوْ بِقَوْلِهِ اَلْحَمْدُ لِلهِ الَّذِي اَذْهَبَ عَنِّي الْاَذَى مِنْ هَذِهِ الطَّوْبَزَةِ وَشَرْجِهَا وَعَافَانِي, نعم اخي فَتَارِكُ الصَّلَاةِ هَذَا سَوَاءٌ اَنْكَرَهَا اَوِ اسْتَهْزَاَ بِهَا, فَاِنَّهُ يُعْتَبَرُ مُرْتَدّاً عَنْ دِينِ الْاِسْلَامِ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ جَمِيعاً عَلَى ذَلِك, وَاَمَّا اِذَا تَرَكَهَا كَسَلاً مَعَ اِقْرَارِهِ وَاعْتِرَافِهِ بِهَا وَبِفَرَضِيَّتِهَا, فَبَعْضُهُمْ يَقُول يَكْفُرُ بِمُجَرَّدِ التَّرْك, وَبَعْضُهُمْ يَقُول يَفْسُقُ وَلَايَكْفُرُ اِلَّا اِذَا اَنْكَرَهَا وَاسْتَهْزَاَ بِهَا فَاِنَّهُ يَكْفُر. نعم اخي, كَذَلِكَ لَانُعْطِي الزَّكَاةَ لِعَاصٍ يَسْتَعِينُ بِهَا عَلَى مَعْصِيَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ كَالَّذِي يُرِيدُ اَنْ يَاْخُذَ مَالَ الزَّكَاةِ لِيُنْفِقَهُ عَلَى الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَالْقِمَار وَعَلَى الْمُخَدِّرَاتِ وَالتَّدْخِين بِنَوْعَيْهِ السِّيجَارَةِ وَالْمُعَسَّلِ وَالشِّيشَةِ وَغَيْرِهَا, فَهَؤُلَاءِ لَايُعْطَوْنَ مِنَ الزَّكَاةِ؟ حَتَّى لَايُشَجَّعُوا عَلَى فِعْلِ الشَّرِّ؟ وَحَتَّى لَايَسْتَفِيدُوا مِنْ هَذِهِ الْعِبَادَةِ بِالْبَاطِلِ وَبِغَيْرِ حَقّ, نعم اخي, وَاَمَّا اِذَا كَانَ الْاِنْسَانُ مَجْهُولاً عِنْدَكَ وَلَاتَدْرِي اِنْ كَانَ يُنْفِقُهَا فِيمَا اَحَلَّهُ اللهُ اَوْ فِيمَا حَرَّمَهُ اللهُ فَاَعْطَيْتَهُ, فَزَكَاتُكَ هُنَا حَلَالٌ وَمَقْبُولَةٌ عِنْدَ اللِه عَزَّ وَجَلّ, وَلِذَلِكَ وَرَدَ اَنَّهُ كَانَ فِيمَنْ قَبْلَنَا: اَنَّ رَجُلاً اَعْطَى الزَّكَاةَ, ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ اَنَّ الَّذِي اَخَذَ الزَّكَاةَ سَارِق! فَقَالَ لَعَلَّ الزّكَاةَ تَمْنَعُهُ مِنَ السَّرِقَة, نعم اخي, مِنَ الْجَائِزِ اَنْ يَسْرِقَ اِنْسَانٌ مَا بِسَبَبِ حَاجَتِهِ وَهُوَ مُحْتَاجٌ فِعْلاً, وَرُبَّمَا لَايَجِدُ مَايَكْفِيه, فَاِذَا اَعْطَيْتَهُ مِنَ الزَّكَاةِ غَيْرِ الْمَفْرُوضَةِ, فَاِنَّهُ رُبَّمَا يَمْتَنِعُ عَنِ السَّرِقَة, نعم اخي, ثُمَّ تَصَدَّقَ رَجُلٌ آخَرٌ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَنَا اَيْضاً, فَقِيلَ تُصُدِّقَ الْبَارِحَةُ عَلَى غَنِيّ, فَقَالَ اللهُ تَعَالَى لَهُ اِنَّهَا مَقْبُولَة, رُبَّمَا هَذَا الْغَنِيُّ الّذِي تُصُدِّقَ عَلَيْهِ يَخْجَلُ وَيَسْتَحِي وَيَتَصَدَّقُ عَلَى الْآخَرِينَ هُوَ اَيْضاً؟ لِاَنَّهُ كَانَ بَخِيلاً, نعم اخي, وَتَصَدَّقَ رَجُلٌ ثَالِثٌ اَيْضاً بِمَالِهِ, فَاَصْبَحَ النَّاسُ يُثَرْثِرُونَ وَقِيلَ تُصُدِّقَ الْبَارِحَةُ عَلَى بَغِيٍّ زَانِيَة! فَقَبِلَهَا اللهُ تَعَالَى؟ لِاَنَّهُ رُبَّمَا يَمْنَعُهَا بِصَدَقَتِهِ عَلَيْهَا مِنَ الزِّنَى, نعم اخي, فَاِذَا تَرَجَّحَ لَدَيْكَ اَنَّ هَذَا الْاِنْسَانَ وَلَوْ كَانَ فَاسِقاً, فَاِذَا اُعْطِيَ هَذَا الْمَالَ مِنَ الصَّدَقَةِ, فَاِنَّهُ يَمْنَعُهُ مِنْ اَنْ يَقَعَ فِيمَا حَرَّمَهُ اللهُ تَعَالَى, فَعِنْدَ ذَلِكَ يَجُوزُ لَكَ شَرْعاً اَنْ تُعْطِيَهُ مِنْ هَذَا الْمَال, نعم اخي بَعْضُ النَّاسِ فِعْلاً يَسْرِقُونَ بِسَبَبِ حَاجَتِهِمْ, وَبَعْضُهُمْ يَسْرِقُ هِوَايَةً وَغِوَايَةً مِنَ الشَّيْطَان, تَرَى مَثَلاً اِنْسَاناً يَكُونُ غَنِيّاً وَعِنْدَهُ مَالٌ كَثِيرٌ, بَلْ عِنْدَهُ كُلُّ شَيْءٍ يَخْطُرُ عَلَى بَالِكَ مِنْ نَعِيمِ الدُّنْيَا, وَمَعَ ذَلِكَ تَمْتَدُّ يَدُهُ اِلَى السَّرِقَةِ لِمَاذَا؟ لِاَنَّ السَّرِقَةَ صَارَتْ عِنْدَهُ هِوَايَةً يَهْوَاهَا وَيُحِبُّهَا وَلَايَسْتَطِيعُ اَنْ يَتَخَلَّى عَنْهَا بِهَذِهِ السُّهُولَة, فَهَذَا الْاِنْسَانُ مَهْمَا صَارَ غَنِيّاً, فَاِنَّهُ لَايَمْتَنِعُ عَنِ السَّرِقَةِ! حَتَّى اَنَّ بَعْضَ الْآبَاءِ شَكَا لِي؟ اَنَّهُمْ يُعْطُونَ اَوْلَادَهُمْ وَيَكْفُونَهُمْ؟ وَمَعَ ذَلِكَ اَوْلَادُهُمْ تَمْتَدُّ اَيْدِيهِمْ اِلَى جُيُوبِ آبَائِهِمْ وَاُمَّهَاتِهِمْ فَيَسْرِقًونَ الْمَال؟ وَطَبْعاً فَاِنَّ الْوَالِدَيْنِ يَتَاَذَّيَانِ مِنْ ذَلِك, نَعَمْ اَخِي, لَوْ اَنَّ وَلَدَكَ طَلَبَ مِنْكَ وَاَعْطَيْتَهُ, فَمَهْمَا اَعْطَيْتَهُ, فَاِنَّكَ لَاتَشْعُرُ بِحَرَج, بَلْ بِالْعَكْس قَدْ يَنْشَرِحُ صَدْرُك, وَلَكِنْ اِذَا عَلِمْتَ اَنَّ وَلَدَكَ تَمْتَدُّ يَدُهُ اِلَى مَالِكَ خُفْيَةً اَوْ خِلْسَةً عَنْكَ, فَهَلْ تَرْضَى بِذَلِكَ؟ اَمْ تَشْعُرُ اَنَّ وَلَدَكَ يُعَامِلُكَ عَلَى مَبْدَا يَاغَافِل لَكَ الله! فَتَشْعُرُ بِغَضَاضَةٍ لَامَثِيلَ لَهَا؟ سَبَبُهَا اَّنَكَ مَعَ الْاَسَف, فَشِلْتَ فِي تَرْبِيَتِهِ وَاِبْعَادِهِ عَنِ السَّرِقَةِ, وَاَنَّكَ مَهْمَا مَلَاْتَ عَيْنَيْهِ مِنَ الْمَالِ, فَلَايَمْلَؤُهُمَا اِلَّا التَّرَابُ؟ بِسَبَبِ جُوعِ الطَّمَعِ الَّذِي لَايَشْبَع, لَكِنْ مَعَ ذَلِكَ اَخِي لَا يُرِيدُ مِنْكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ اَنْ تَفْقِدَ الْاَمَلَ فِي نَجَاحِكَ فِي تَرْبِيَتِهِ مَهْمَا رَاَيْتَ مِنْ سُوءِ اَخْلَاقِهِ, فَاَنْتَ اَخِي كَالشَّجَرَة, وَلَابُدَّ فِي نِهَايَةِ الْمَطَافِ اَنْ تَسْقُطَ مِنْهَا الثّمَارُ الطَّيِّبَةُ مِنْ فَرْعِكَ فِي هَذِهِ الشَّجَرَة وَهُوَ وَلَدُكَ مِنْ كَثْرَةِ هَزِّهَا لِيَصْحُوَ مِنْ غَفْلَتِه؟ نعم اخي؟ وَحَتَّى الطَّبِيبُ؟ فَاِنَّهُ قَدْ يَصِفُ لَكَ مِنَ الدَّوَاءِ ذِي الْعِيَارِ الثَّقِيلِ؟ مِنْ اَجْلِ تَنْبِيهِ الْجُمْلَةِ الْعَصَبِيَّةِ تَنْبِيهاً قَوِيّاً؟ لِتُوَاجِهَ الْاَخْطَارَ الْمُحْتَمَلَةَ فِي جِسْمِكَ وَتُدَافِعَ عَنْهُ, بِتَقْوِيَةِ مَنَاعَتِهِ ضِدَّ الْاَمْرَاضِ الْجُرْثُومِيَّةِ وَغَيْرِهَا, وَلِذَلِكَ فَاِنَّ حَاجَةَ وَلَدِكَ اِلَى تَعَهُّدِهِ بِالتَّرْبِيَةِ الْحَسَنَةِ وَتَنْبِيهِهِ بِقُوَّةٍ اِلَى مَحَاسِنِ اَخْلَاقِهَا وَمَسَاوِئِهَا, هُوَ كَحَاجَتِكَ اَنْتَ اِلَى تَنْبِيهِ هَذَا الدَّوَاءِ بِقُوَّتِهِ وَقَدْ تَحْتَاجُهُ الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّة, وَقَدْ يَحْتَاجُ وَلَدُكَ اِلَى تَعَهُّدِكَ لَهُ بِالنَّصِيحَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ اَيْضاً وَفِي كُلِّ مَرَّةٍ بِاُسْلُوبٍ جَدِيدٍ مُرِيحٍ نَاصِحٍ اَمِين, نعم اخي, وَالشَّيْطَانُ الرَّجِيمُ كَالْجُرْثُومَةِ, لَايَدُلُّنَا اِلَّا عَلَى جَرَاثِيمِ الْاَخْلَاقِ الضَّارَّةِ, وَلَايُمْكِنُ اَنْ يَدُلَّنَا عَلَى الْجَرَاثِيمِ وَالْبَكْتِيرْيَا النَّافِعَةِ الْمُضَادَّةِ لَهَا اِلَّا دِينُنَا الْاِسْلَامِيّ, نعم اخي المؤمن, عَلَيْكَ اَنْ تَكُونَ بِاِيمَانِكَ ذَكِيّاً فَطِناً مُؤْمِناً اِيمَانَ الْاَذْكِيَاءِ لَااِيمَانَ الْاَغْبِيَاءِ الْمُغَفَّلِين, وَاَنْ تَحْكُمَ عَلَى ظَوَاهِرِ الْاُمُورِ وَبَوَاطِنِهَا بِذَكَاءٍ بَالِغ وَخَاصَّةً فِي تَرْبِيَةِ وَلَدِكَ تَرْبِيَةً صَالِحَةً نافعة, وخاصة في الْاُمُورِ الْفِقْهِيَّة ايضا, فَمَثَلاً هَذَا السُّؤَالُ الَّذِي جَاءَنِي مِنْ اَحَدِ الْاِخْوَة يَقُولُ فِيه: اِنْسَانٌ تَصَدَّقَ عَلَى اِنْسَانٍ آخر وَاَعْطَاهُ مَبْلَغاً مِنَ الْمَال, فَهَذَا الْمَبْلَغُ صَارَ مُلْكاً لِهَذَا الْاِنْسَانِ الْآخَر, لَكِنْ جَاءَ هَذَا الْاِنْسَانُ الْآخَرُ, فَاَعْطَى اَصْلَ الْمُزَكِّي, فَهَلْ هَذِهِ زَكَاةٌ صَحِيحَة؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي نَعَمْ, وَلِمَزِيدٍ مِنَ الْاِيضَاحِ اَقُولُ لَك: مَثَلاً اَنَا اَعْطَيْتُ اِنْسَاناً مَبْلَغاً مِنَ الْمَالِ لَايَجُوزُ اَنْ اُعْطِيَهُ لِاَصْلِي وَهُوَ اَبِي مَثَلاً مِنْ اَجْلِ الزَّكَاة, فَجَاءَ هَذَا الْاِنْسَانُ الَّذِي تَصَدَّقْتُ عَلَيْهِ مِنَ الزَّكَاةِ, فَاَعْطَى شَيْئاً مِنْ هَذِهِ الزَّكَاةِ لِاَصْلِي كَاَبِي وَاُمِّي وَجَدِّي وَجَدَّتِي, اَوْ اَعْطَى فَرْعِي كَوَلَدِي وَحَفيِدي فَاَخَذُوهُ مِنْهُ, هَلْ يَصِحُّ ذَلِكَ شَرْعاً اَوْ لَايَصِحّ؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي بَلْ يَصِحُّ لِمَاذَا؟ لِاَنَّكَ بِمُجَرَّدِ اَنْ اَعْطَيْتَ هَذَا الْمَالَ مِنَ الزَّكَاةِ لِهَذَا الْاِنْسَانِ, فَقَدْ مَلَّكْتَهُ اِيَّاهُ رَضِيتَ بِذَلِكَ اَوْ لَمْ تَرْضَ, وَحِينَمَا تُمَلّكُهُ اِيَّاهُ, فَقَدْ صَارَ حُرَّ التَّصَرُّفِ فِيهِ بِالْقُيُودِ الشَّرْعِيَّة. نعم اخي{اِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِين(فَبَدَاَ سُبْحَانَهُ بِاَحْوَجِ النَّاسِ اِلَى هَذَا الْمَال وهم الفقراء والمساكين, نعم اخي, وَنَحْنُ الْمُسْلِمِينَ مَعَ الْاَسَفِ, لَانُعْطِي الزَّكَاةَ الصُّورَةَ الشَّرْعِيَّةَ الصَّحِيحَة, فَمَثَلاً لَوْ اَنَّ اِنْسَاناً يُرِيدُ اَنْ يَعْمَلَ, وَلَكِنْ لَيْسَتْ عِنْدَهُ الْاَدَوَاتُ الَّتِي يَقُومُ بِهَا بِهَذَا الْعَمَل, فَمَثَلاً اِنْسَانٌ يُرِيدُ اَنْ يَعْمَلَ وَهُوَ بِحَاجَةٍ اِلَى سَيَّارَةِ بِيكْ اَبْ لِيَنْقُلَ الْخَضَارَ وَالْفَوَاكِهَ مَثَلاً مِنْ اَجْلِ بَيْعِهَا بِالْجُمْلَةِ اَوِ الْمُفَرَّقِ, وَاَنْتَ اَخِي الْغَنِيّ فَتَحَ اللهُ عَلَيْكَ, فَاشْتَرَيْتَ لَهُ مِنْ مَالِ الزَّكَاةِ هَذِهِ الْوَسِيلَةَ مِنَ النَّقْلِ لِيَعِيشَ عَلَيْهَا, فَهَذَا اَفْضَلُ بِكَثِيرٍ عِنْدَ اللهِ مِنْ اَنْ تُعْطِيَ الْفُقَرَاءَ لِيَبْقُوا وَيَظَلُّوا فُقَرَاء, نعم اخي, اِنَّهُ لَفَضْلٌ عَظِيمٌ جِدّاً عِنْدَ اللهِ لِهَؤُلَاءِ الْاَغْنِيَاءِ, حِينَمَا يُهَيِّئُونَ لِهَؤُلَاءِ الْعَامِلِينَ مِنْ مَالِ الزَّكَاةِ, مَايَسْتَطِيعُونَ بِهِ اَنْ يَعْمَلُوا لِمَاذَا؟ لِاَنَّ الْمُحْتَاجِينَ فِي الْمُجْتَمَعِ الْاِسْلَامِيِّ اَقْسَام: مِنْهُمْ مَثَلاً مَنْ لَايَسْتَطِيعُ اَنْ يَعْمَلَ؟ لِاَنَّهُ عَاجِزٌ عَنِ الْعَمَلِ وَلَكِنَّهُ مُحْتَاج, فَهَذَا يُعْطَى مَايَكْفِيهِ مِنْ اَمْوَالِ الزَّكَاة, وَاَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي: فَهُوَ اِنْسَانٌ لَيْسَ لَهُ مَالٌ وَلَكِنْ يَسْتَطِيعُ اَنْ يَعْمَلَ, فَهَذَا يُهَيَّءُ لَهُ الْعَمَلُ مِنْ مَالِ الزَّكَاةِ فِي أيِّ مَشْرُوعٍ اسْتِثْمَارِيٍّ قَيْدَ الْاِنْشَاءِ وَفِي غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمَشَارِيع, نعم اخي, وَالْخُلَاصَةُ اَنَّ الزَّكَاةَ لَيْسَتْ فِي دِينِنَا كَمَا يَتَّهِمُنَا الْمَادِّيُّونَ وَالْمُلْحِدُونَ بِاَنَّنَا نُقِرُّ الْفَقْرَ وَاَنَّنَا نُشَجِّعُ عَلَيْهِ وَاَنَّ الْغَنِيَّ حِينَمَا يُعْطِي الْفَقِيرَ مِنْ مَالِ الزَّكَاةِ كَاَنَّهُ يَقُولُ لَهُ اِبْقَ عَلَى فَقْرِكَ وَاَنَا سَاَتَكَفَّلُ بِكَ, فَهَذَا تَصَوُّرٌ خَاطِىءٌ سَبَبُهُ؟ اِمَّا الْحِقْدُ عَلَى هَذَا الدِّين؟ اَوِ الْجَهْلُ حِينَمَا يَحَمِّلُونَ شَرْعَ اللهِ تَعَالَى الْمَسْؤُولِيَّةَ عَنْ اَعْمَالِ الْمُسْلِمِينَ الشَّاذَّة. رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا هَذِهِ الْمُشَارَكَةَ وَاجْعَلْهَا فِي مِيزَانِ حَسَنَاتِنَا وَفِي مِيزَانِ حَسَنَاتِ مَنْ يَقْرَؤُهَا آمِينَ اِنَّكَ اَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيم, سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ, اَشْهَدُ اَنْ لَا اِلَهَ اِلَّا اَنْت, اَسْتَغْفِرُكَ وَاَتُوبُ اِلَيْك, وَصَلِّ اللَّهُمَّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَاَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ وَآلِهِ وَاَصْحَابِهِ وَعَلَى جَمِيعِ الْاَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِين, وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته من اختكم في الله غصون, وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين


 

رد مع اقتباس
قديم 05 / 01 / 2015, 23 : 12 AM   #2
المستشارة والقآئمه بشؤون العنصر النسآئي
Free size


الصورة الرمزية سُلاَفْ القَصِيدْ
سُلاَفْ القَصِيدْ متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 4609
 تاريخ التسجيل :  03 / 04 / 2008
الوظيفة :
الهويات :
عدد الالبومات :
 أخر زيارة : اليوم (10 : 12 PM)
 المشاركات : 1,021,933 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female
 SMS ~
......... يَآ رب

............ أروي وآلدتي

.................. فرحاً ♥♥
قـائـمـة الأوسـمـة
وسام العطاء 
مزاجي:
افتراضي رد: لتبتغوا فضلا من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب



جزاك الله خير


 
 توقيع : سُلاَفْ القَصِيدْ

اللهم صل وسلم على نبينا محمد


رد مع اقتباس
قديم 05 / 01 / 2015, 51 : 06 AM   #3
تميراوي عريق
Free size


الصورة الرمزية جروح الوفا*
جروح الوفا* غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 20428
 تاريخ التسجيل :  14 / 01 / 2011
الوظيفة :
الهويات :
عدد الالبومات :
 أخر زيارة : 21 / 05 / 2018 (36 : 11 AM)
 المشاركات : 220,419 [ + ]
 التقييم :  1896228961
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female
 SMS ~
Free size
قـائـمـة الأوسـمـة
الوسام الذهبي جديد التميز وسام افضل مشرف 
افتراضي رد: لتبتغوا فضلا من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب



جزاك الله خير وبارك الله فيك


 

رد مع اقتباس
قديم 05 / 01 / 2015, 15 : 09 AM   #4
تميراوي عريق


الصورة الرمزية غريب ديرة
غريب ديرة غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 26132
 تاريخ التسجيل :  22 / 06 / 2014
الوظيفة :
الهويات :
عدد الالبومات :
 أخر زيارة : 27 / 04 / 2024 (55 : 08 PM)
 المشاركات : 89,656 [ + ]
 التقييم :  12959
قـائـمـة الأوسـمـة
وسام افضل عضو جديد التميز 
مزاجي:
افتراضي رد: لتبتغوا فضلا من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب



جزاك الله خير والله يوفقك


 
 توقيع : غريب ديرة

اللهم أجعل حضورى فى قلوب الناس
كـالمطر يبعث الربيع ويسقى العطشى !.!


رد مع اقتباس
قديم 07 / 01 / 2015, 26 : 07 AM   #5
مآيشبهونكِ「يالوفآاء
Free size


الصورة الرمزية » اِلـَوَفْآءْ بـِنْـتْ
» اِلـَوَفْآءْ بـِنْـتْ غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 11394
 تاريخ التسجيل :  25 / 07 / 2009
الوظيفة :
الهويات :
عدد الالبومات :
 أخر زيارة : 08 / 10 / 2023 (35 : 08 AM)
 المشاركات : 95,633 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Kuwait
 الجنس ~
Male
 SMS ~
بي
نعومة حضر وعناد بدوية
بدوية
بدوية
بدوية
مزاجي:
افتراضي رد: لتبتغوا فضلا من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب






‏جزآك الله خيراً‎‪



 
 توقيع : » اِلـَوَفْآءْ بـِنْـتْ

آن عشت لي مع جور ألايام ميعاد
........................وآن مت دنيا ماعليها حسوفه !


Free size


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

« الموضوع السابق | الموضوع التالي »

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11 : 12 PM.


تصميم وتطوير سفن ستارز لخدمات الاستضافة والتصميم