سئل سماحة الشيخ عبدالعزيزبن بازهذاالسؤال:5 - مسألة في حكم إرضاع الكبير
س: رسالة من أم بلال - خميس مشيط، تقول: ما هو الراجح في إرضاع الكبير؟ (1)
ج: الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في رضاع الكبير هل يؤثر أم لا؟ والسبب في ذلك أنه ورد في الحديث الصحيح عن عائشة رضي الله عنها أن الني صلى الله عليه وسلم أمر سهلة بنت سهيل أن ترضع سالما مولى أبي حذيفة وكان كبيرا وكان مولى لدى زوجها، فلما كبر طلبت من النبي صلى الله عليه وسلم الحل لهذا الأمر، فأمرها أن ترضعه خمس رضعات، فاختلف العلماء في ذلك، والصحيح من قولي العلماء أن هذا خاص بسالم وبسهلة بنت سهيل وليس عاما للأمة، كما قاله غالب أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وقاله جمع غفير من أهل العلم وهذا هو الصواب ؛ لقوله صلى الله عليه
وسلم: « لا رضاع إلا ما فتق الأمعاء وكان قبل الفطام » (1) ولقوله عليه الصلاة والسلام: « إنما الرضاعة من المجاعة » (2) . رواه الشيخان في الصحيحين ، ولقوله أيضا عليه الصلاة والسلام: « لا رضاع إلا في الحولين » (3) فهذه الأحاديث تدل على أن الرضاع يختص بالحولين ولا يؤثر الرضاع بعد ذلك وهذا هو الصواب والله جل وعلا ولي التوفيق.
__________
(1) أخرجه الترمذي في كتاب الرضاع، باب ما ذكر أن الرضاعة لا تحرم إلا في الصغر، برقم 1072، وابن ماجه في كتاب النكاح، باب لا رضاع بعد فصال، برقم 1936 مختصرا.
(2) أخرجه البخاري في كتاب الشهادات، باب الشهادة على الأنساب والرضاع المستفيض والموت، برقم 2453، ومسلم في كتاب الرضاع، باب إنما الرضاعة من المجاعة ، برقم 2642.
(3) أخرجه الدارقطني في سننه، 4 \ 174.__(1) من برنامج نور على الدرب الشريط رقم 520__انتهى______
وقال الشيخ محمدبن عثيمين في سؤال وردعليه :وأما ما سأل عنه أنها تكون أم له فلا تكون أماً له لأن من شروط الرضاع أن يكون خمسة رضعات فأكثر فإن كان دون ذلك فإنه ليس بمحرم أي لا يوجب أن يكون الرضيع محرما للمرأة التي رضع منها ولا تكون هي محرمةً عليه كما أن من الشروط أيضا عند جمهور أهل العلم أن يكون الرضاع في زمنه أي في الزمن الذي يتغذى فيه الطفل بالرضاع أما إذا تجاوز ذلك الزمن بأن فطم ولم يكن معتمداً في طعامه على اللبن فإن تأثير اللبن في حقه غير واقع، لا يؤثر وقد ذهب بعض العلماء إلى أن رضاع الكبير محرم لعموم قوله تعالى (وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ) ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لامرأة أبي حذيفة بالنسبة لمولى أبي حذيفة سالم قال( أرضعيه تحرمي عليه) وكان كبيراً يخدمهم واستدل بعض العلماء بهذا على أن رضاع الكبير مؤثر ومحرم لكن الجمهور على خلاف ذلك وأنه لا يؤثر ولا يحرم واختار شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله التفصيل وقال إذا دعت الحاجة إلى إرضاع الكبير وأرضع ثبت التحريم وإلا إذا لم يكن ثم حاجة لم يثبت ولكن الراجح ما ذهب إليه جمهور العلماء ويدل على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لما نهي عن الخلوة بالنساء قالوا يا رسول الله أرأيت الحمو قال (الحمو الموت) محذراً من خلوة قريب الزوج لزوجته ولو كان الرضاع موجباً لتحريم الخلوة لبين النبي صلى الله عليه وسلم ذلك لدعاء الحاجة لبيانه لقال مثلا إذا كان للزوج أخ وهو معهم في السكن فهو محتاج إلى أن يخلو بزوجته، ولو كان ثمة علاج لهذه الحالة الواقعية التي يحتاج الناس إليها لقال الرسول عليه الصلاة والسلام ترضعه وتنتهي المشكلة، فلما لم يبين النبي صلى الله عليه وسلم ذلك مع دعاء الحاجة إليه في هذا الأمر العظيم دل هذا على أن لا أثر في رضاع الكبير وهذا هو الراجح وأنه ينبغي تجنب إرضاع الكبير مهما كانت الظروف حتى لا يقع في مشاكل.من فتاوى نورعلى الدرب