الإهداءات
 


 
العودة   منتدى مدينة تمير > الملتقى العام > النبض العام
 

النبض العام يختص باخبار المنتدى و القرارات الادارية و المواضيع التفاعلية والمسابقات و الطرح العام

آخر 10 مشاركات
|| جـمع الأدعــية والأذكـار والآحآديث الصحيحه || (الكاتـب : - آخر مشاركة : - )           »          ●• خزآمىَ الصَحآرى « للشعْر والخَوآطرْ ! (الكاتـب : - آخر مشاركة : - )           »          آخبآر متجدده « من الصحف اليومــيه .. «●】 (الكاتـب : - )           »          اكتشافات طبيه وصحيه حسب نوع طعامك || متجدد.. (الكاتـب : - )           »          هنا كل ما يخص التعليم و مايستجد من تعاميم .. [ وزارة التعليم ] ( عام / ١٤٤٥ هــ ) (الكاتـب : - )           »          ( آلآحوال الجويه وتوقعآت الطقس من الصحف اليوميه ) .. (الكاتـب : - )           »          آعلآنات وظائف الصحف السعودية (الكاتـب : - )           »          ܓ ضعْ [ مقالك ] هنا عزيزي القارئ ܓ (الكاتـب : - )           »          ┓ كآريكآتيـرُ آليوُم" . . / ٳڛترآحة آلقسم ـآلإخبآريَ (الكاتـب : - )           »          [. هآآتوا لي { القرآن } لا ضآآق صدري . ] | متصفح ( متجدد ) من القران الكريم | (الكاتـب : - )

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 01 / 05 / 2007, 18 : 04 PM   #11
VIP


الصورة الرمزية هادي
هادي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 5
 تاريخ التسجيل :  21 / 10 / 2003
 العمر : 53
الوظيفة :
الهويات :
عدد الالبومات :
 أخر زيارة : 16 / 09 / 2010 (02 : 07 PM)
 المشاركات : 9,017 [ + ]
 التقييم :  9967
افتراضي



الوطنية والوطن

يعتبر مفهوم المواطنة من المفاهيم الحضارية التي افرزها الفكر الحديث من خلال النتاج الفكري للإنسان والذي هو عماد وأساس هذا المفهوم وأيضا من خلال تراكم المنجزات الحضارية في الجانب العملي التطبيقي, عندما حَوّلَ المفاهيم المجردة إلى نظرية عمل تكللت هذه النظريات بمنجزات حية ساهمت في رفع شأن الإنسان وجعلته قيمة عليا. حيث الإنسان هو معيار الحضارة بعدما غُيّبَ وغاب لفترات طويلة جداً وتحت مسميات ودواع سواء أكانت شمولية أم لاهوتية من قبل الكنيسة في الغرب.


والآن ما نعنيه بالمواطنة هو التوافق والمشاركة والاعتماد المتبادل في المجتمع, لأن كل مواطن يقوم بوظيفة ضرورية وهامة للآخرين. حيث إنهم جميعاً أعضاء في مجتمع يمثل رابطة مدنية ومتحضرة ذات محتوى اجتماعي واقتصادي وسياسي وثقافي وأخلاقي.
إن مفهوم المواطنة ظهر في أوربا خلال القرن التاسع عشر, وبرز من خلال المتناقضات التي مرت بها أوربا على المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والتي غيرت في الكثير من سيميائيات الحياة هناك. فلقد نادى المفكر الفرنسي جان جاك روسو من خلال نظريته "التعاقد الاجتماعي"
بحقوق الإنسان التي تحفظ كينونته وكرامته وطالب بحقوقه وبضرورة المساواة السياسية والاجتماعية, وانبرى المفكر جون لوك الانكليزي ينادي بدور الإنسان وضرورة ضمان حق اعتراضه على أي تشريع يصدر من الحكومة ويضر بالإنسان. وهكذا تكللت مراحل نضال الإنسان على المستوى الفكري والعملي بظهور الثورة الفرنسية ومبادئها العظيمة (حرية- إخاء- مساواة) والتي هي ثمرة أفكار عصر التنوير الرائع, ونلاحظ منجزات هذه الثورة بإضفاء صفة المواطن على كل فرد فرنسي والتي تعني من بين ما تعنيه الاعتراف الشرعي والدستوري بحقه في المشاركة وإدارة البلاد وفي تقرير شؤونها بعدما حٌرَمَ من هذا الحق لفترات طويلة جداً بسبب هيمنة تحالف الأرستقراطية والكنيسة والملك الذين حرموا المواطن من هذا الحق الوطني.
والآن ما المواطنة وما سماتها؟ إن المواطنة صفة موضوعية لا تقبل التفاوت والتفاضل حالها حال مفاهيم رائعة أخرى كالإنسانية وغيرها, وان المواطنة تتعدى العلاقات والروابط الاجتماعية الأخرى كالعشائرية والمذهبية والجهوية والمحلوية لذلك هي صلة حديثة تختلف عن سابقاتها لدلالتها الفكرية. والحقيقة إن المواطنة منظومة من الحقوق الطبيعية الثابتة والحقوق المدنية المكتسبة والالتزامات المتبادلة والحريات الأساسية تُعينُها نسبة القوى الاجتماعية وعلاقاتها المتبادلة ومقدار التقدم الحضاري في البلد, وهي مفهوم مرادف لمفهوم المشاركة في الإنتاج الاجتماعي وفي الشأن العام, وهي انتماء موضوعي إلى وطن والى مجتمع والى دولة.

المواطنة ومدلولها اللغوي
إن مفردة الوطنية التي تنحدر منها المواطنة هي الدلالة على شعور الفرد بالانتماء إلى الوطن وميله على عاطفة حب الوطن والتعلق به والدفاع عنه. والمواطنة التي هي منحدرة من مفردة الوطن الذي يدل في اللغة العربية على المكان قبل أن تتطور دلالته اللغوية ليدل على الرقعة الجغرافية التي تقوم عليها الدولة التي قوامها ارضًُ وشعب وسلطة سياسية وعلاقات التفاعل الجدلي بين هذه العناصر والتي تتجلى بقانون الدولة ونظام الحكم فيها. إن مفهوم الوطنية والوطن, بالحقيقة, حديثان على الفكر السياسي. حيث إن مفهوم المواطنة بدلالاته الحديثة لم يكن يوجد في الخطابات الفكرية الماضية لأن لفظ (فرد) وكما أفرزتها الأدبيات الفكرية والسياسية من معنى حضاري ومدني هو ترجمة لكلمة "individual" التي تعني في الخطاب السياسي والاجتماعي والسيكولوجي الأوربي المعاصر على الموجود البشري بوصفه كائناً متميزاً عن الآخرين, ومن هنا نرى إن لفظ الفرد في الخطاب الأوربي, وبالنتيجة في الخطاب العربي المعاصر, مقولة يتحدد معناها من خلال كونها المقابل لمفردتي الدولة والمجتمع. حيث إن مفردتي الفرد والمجتمع في الخطاب السوسيولوجي تتحول إلى المواطن والدولة في الخطاب السياسي الحديث والمعاصر. ومن جهة أخرى نرى في معاجم اللغة العربية التي تعطينا عن الفرد الدلالات خالية من أي حمولة اجتماعية أو سياسية , ففي "لسان العرب" نرى مفردة فرد تعني الفرد الله تعالى الفرد الواحد الذي لا نظير له الفرد الوتر الفرد نعت الزوج الفرد ثور الوحش الفرد من الإبل المنتجة جانباً في المرعى الفرد ما كان وحده, نرى انه ليس هناك أي إشارة إلى لفظ مجتمع في اللغة العربية بوصفها حامل الثقافة العربية وكطرف يُعَرَف به الفرد لأنه واضح جداً إن لفظ المجتمع في اللغة العربية المعجمية لا يحمل ما نفهمه منه اليوم من دلالات سوسيولوجية وسياسية. فالمجتمع في الاستعمال العربي القديم هو إما اسم المكان أو الزمان من جمع لأناس في مكان وزمان معين, إذ لا يدل على ذلك الوصف البشري الذي يندمج فيه الفرد بوصفه مجموعة من القوى المنتظمة تمارس تأثيراً والمُعَبَرْ عنه بـ society أي المجتمع في اللغات الأوربية المعاصرة.
ومن خلال ما ذُّكِرَ أعلاه تبين لنا غياب الدلالة المعاصرة لمفهوم المواطنة في الخطاب الفكري العربي الماضي. أما حالياً نرى إن مفهوم المواطنة هو مفهوم حضاري وركيزة لأي مجتمع مدني وديمقراطي لأنه في ظِل هذه الأنظمة الحضارية تتم ممارسة أروع للمواطن وحقه في الاشتراك والاهتمام بشؤون بلاده لأن المواطنة من بين ما تعنيه وحسب المعنى الإغريقي القديم هو المشاركة السياسية في إدارة بلاده, أي انه مواطن حر والشرائع تضمن له هذا الحق الدستوري .
والحقيقة لا يفوتنا هنا أن نذكر كل السرديات (الإيديولوجيات) ال

ملف (2)ا

لمواطنة: الدلالات الحضارية

والشريك السامي بين الوضعي والديني

جاسم الصغير

يعتبر مفهوم المواطنة من المفاهيم الحضارية التي افرزها الفكر الحديث من خلال النتاج الفكري للإنسان والذي هو عماد وأساس هذا المفهوم وأيضا من خلال تراكم المنجزات الحضارية في الجانب العملي التطبيقي, عندما حَوّلَ المفاهيم المجردة إلى نظرية عمل تكللت هذه النظريات بمنجزات حية ساهمت في رفع شأن الإنسان وجعلته قيمة عليا. حيث الإنسان هو معيار الحضارة بعدما غُيّبَ وغاب لفترات طويلة جداً وتحت مسميات ودواع سواء أكانت شمولية أم لاهوتية من قبل الكنيسة في الغرب.

والآن ما نعنيه بالمواطنة هو التوافق والمشاركة والاعتماد المتبادل في المجتمع, لأن كل مواطن يقوم بوظيفة ضرورية وهامة للآخرين. حيث إنهم جميعاً أعضاء في مجتمع يمثل رابطة مدنية ومتحضرة ذات محتوى اجتماعي واقتصادي وسياسي وثقافي وأخلاقي.

إن مفهوم المواطنة ظهر في أوربا خلال القرن التاسع عشر, وبرز من خلال المتناقضات التي مرت بها أوربا على المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والتي غيرت في الكثير من سيميائيات الحياة هناك. فلقد نادى المفكر الفرنسي جان جاك روسو من خلال نظريته "التعاقد الاجتماعي"





بحقوق الإنسان التي تحفظ كينونته وكرامته وطالب بحقوقه وبضرورة المساواة السياسية والاجتماعية, وانبرى المفكر جون لوك الانكليزي ينادي بدور الإنسان وضرورة ضمان حق اعتراضه على أي تشريع يصدر من الحكومة ويضر بالإنسان. وهكذا تكللت مراحل نضال الإنسان على المستوى الفكري والعملي بظهور الثورة الفرنسية ومبادئها العظيمة (حرية- إخاء- مساواة) والتي هي ثمرة أفكار عصر التنوير الرائع, ونلاحظ منجزات هذه الثورة بإضفاء صفة المواطن على كل فرد فرنسي والتي تعني من بين ما تعنيه الاعتراف الشرعي والدستوري بحقه في المشاركة وإدارة البلاد وفي تقرير شؤونها بعدما حٌرَمَ من هذا الحق لفترات طويلة جداً بسبب هيمنة تحالف الأرستقراطية والكنيسة والملك الذين حرموا المواطن من هذا الحق الوطني.

والآن ما المواطنة وما سماتها؟ إن المواطنة صفة موضوعية لا تقبل التفاوت والتفاضل حالها حال مفاهيم رائعة أخرى كالإنسانية وغيرها, وان المواطنة تتعدى العلاقات والروابط الاجتماعية الأخرى كالعشائرية والمذهبية والجهوية والمحلوية لذلك هي صلة حديثة تختلف عن سابقاتها لدلالتها الفكرية. والحقيقة إن المواطنة منظومة من الحقوق الطبيعية الثابتة والحقوق المدنية المكتسبة والالتزامات المتبادلة والحريات الأساسية تُعينُها نسبة القوى الاجتماعية وعلاقاتها المتبادلة ومقدار التقدم الحضاري في البلد, وهي مفهوم مرادف لمفهوم المشاركة في الإنتاج الاجتماعي وفي الشأن العام, وهي انتماء موضوعي إلى وطن والى مجتمع والى دولة.



المواطنة ومدلولها اللغوي

إن مفردة الوطنية التي تنحدر منها المواطنة هي الدلالة على شعور الفرد بالانتماء إلى الوطن وميله على عاطفة حب الوطن والتعلق به والدفاع عنه. والمواطنة التي هي منحدرة من مفردة الوطن الذي يدل في اللغة العربية على المكان قبل أن تتطور دلالته اللغوية ليدل على الرقعة الجغرافية التي تقوم عليها الدولة التي قوامها ارضًُ وشعب وسلطة سياسية وعلاقات التفاعل الجدلي بين هذه العناصر والتي تتجلى بقانون الدولة ونظام الحكم فيها. إن مفهوم الوطنية والوطن, بالحقيقة, حديثان على الفكر السياسي. حيث إن مفهوم المواطنة بدلالاته الحديثة لم يكن يوجد في الخطابات الفكرية الماضية لأن لفظ (فرد) وكما أفرزتها الأدبيات الفكرية والسياسية من معنى حضاري ومدني هو ترجمة لكلمة "individual" التي تعني في الخطاب السياسي والاجتماعي والسيكولوجي الأوربي المعاصر على الموجود البشري بوصفه كائناً متميزاً عن الآخرين, ومن هنا نرى إن لفظ الفرد في الخطاب الأوربي, وبالنتيجة في الخطاب العربي المعاصر, مقولة يتحدد معناها من خلال كونها المقابل لمفردتي الدولة والمجتمع. حيث إن مفردتي الفرد والمجتمع في الخطاب السوسيولوجي تتحول إلى المواطن والدولة في الخطاب السياسي الحديث والمعاصر. ومن جهة أخرى نرى في معاجم اللغة العربية التي تعطينا عن الفرد الدلالات خالية من أي حمولة اجتماعية أو سياسية , ففي "لسان العرب" نرى مفردة فرد تعني الفرد الله تعالى الفرد الواحد الذي لا نظير له الفرد الوتر الفرد نعت الزوج الفرد ثور الوحش الفرد من الإبل المنتجة جانباً في المرعى الفرد ما كان وحده, نرى انه ليس هناك أي إشارة إلى لفظ مجتمع في اللغة العربية بوصفها حامل الثقافة العربية وكطرف يُعَرَف به الفرد لأنه واضح جداً إن لفظ المجتمع في اللغة العربية المعجمية لا يحمل ما نفهمه منه اليوم من دلالات سوسيولوجية وسياسية. فالمجتمع في الاستعمال العربي القديم هو إما اسم المكان أو الزمان من جمع لأناس في مكان وزمان معين, إذ لا يدل على ذلك الوصف البشري الذي يندمج فيه الفرد بوصفه مجموعة من القوى المنتظمة تمارس تأثيراً والمُعَبَرْ عنه بـ society أي المجتمع في اللغات الأوربية المعاصرة.

ومن خلال ما ذُّكِرَ أعلاه تبين لنا غياب الدلالة المعاصرة لمفهوم المواطنة في الخطاب الفكري العربي الماضي. أما حالياً نرى إن مفهوم المواطنة هو مفهوم حضاري وركيزة لأي مجتمع مدني وديمقراطي لأنه في ظِل هذه الأنظمة الحضارية تتم ممارسة أروع للمواطن وحقه في الاشتراك والاهتمام بشؤون بلاده لأن المواطنة من بين ما تعنيه وحسب المعنى الإغريقي القديم هو المشاركة السياسية في إدارة بلاده, أي انه مواطن حر والشرائع تضمن له هذا الحق الدستوري .

والحقيقة لا يفوتنا هنا أن نذكر كل السرديات (الإيديولوجيات) الكبرى في العالم كانت قد أكدت في متونها ودساتيرها على أهمية المواطنة والاعتزاز بكينونة الإنسان سواء منها الدينية أو الوضعية.

ففي آيات قرآنية كثيرة منها يقول الله عز وجل (ولقد كرمنا بني ادم) ويقول الرسول الكريم (ص) (الإنسان بنيان الله ملعون من هدمه). أما على مستوى الفكر الإنساني, فيقول المفكر كارل ماركس (الإنسان أعظم رأسمال).وهكذا نرى إن نقاطاً عديدة مشتركة في الفكر الإنساني والديني .

ختاماً نقول إن المواطنة والديمقراطية هما وجهان لعملة واحدة كما يقول المفكر الن تورين (لا يمكن أن تكون هناك ديمقراطية إذا لم يستطع المواطنون أيا كانت آراؤهم ومصالحهم الخاصة أن يصلوا إلى مقترحات مقبولة من الجميع لأنه لا ديمقراطية بلا مواطنة ولا مواطنة بلا ديمقراطية). وذلك صحيح جداً لأن المواطنة تنتعش في أجواء حرة ومنقحة وتتجلى في أروع صورها الحضارية وتكون ثمرة رائعة جداً لأن الجميع سيلمس ويرى ذلك.
كبرى في العالم كانت قد أكدت في متونها ودساتيرها على أهمية المواطنة والاعتزاز بكينونة الإنسان سواء منها الدينية أو الوضعية.
ففي آيات قرآنية كثيرة منها يقول الله عز وجل (ولقد كرمنا بني ادم) ويقول الرسول الكريم (ص) (الإنسان بنيان الله ملعون من هدمه). أما على مستوى الفكر الإنساني, فيقول المفكر كارل ماركس (الإنسان أعظم رأسمال).وهكذا نرى إن نقاطاً عديدة مشتركة في الفكر الإنساني والديني .
ختاماً نقول إن المواطنة والديمقراطية هما وجهان لعملة واحدة كما يقول المفكر الن تورين (لا يمكن أن تكون هناك ديمقراطية إذا لم يستطع المواطنون أيا كانت آراؤهم ومصالحهم الخاصة أن يصلوا إلى مقترحات مقبولة من الجميع لأنه لا ديمقراطية بلا مواطنة ولا مواطنة بلا ديمقراطية). وذلك صحيح جداً لأن المواطنة تنتعش في أجواء حرة ومنقحة وتتجلى في أروع صورها الحضارية وتكون ثمرة رائعة جداً لأن الجميع سيلمس ويرى ذلك.


 

رد مع اقتباس
قديم 01 / 05 / 2007, 24 : 04 PM   #12
VIP


الصورة الرمزية هادي
هادي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 5
 تاريخ التسجيل :  21 / 10 / 2003
 العمر : 53
الوظيفة :
الهويات :
عدد الالبومات :
 أخر زيارة : 16 / 09 / 2010 (02 : 07 PM)
 المشاركات : 9,017 [ + ]
 التقييم :  9967
افتراضي



ناك من المسلمات العقلية ما لا يحتاج الإنسان من يدله عليها أو الاستعانة بأحد لتحديدها والتعرف عليها أو الاستدلال على بديهيتها وصحتها واستقامتها مع الفطرة البشرية السليمة.
ومن هذه المسلمات تعلق الإنسان بوطنه ونزعته نحو الذب عنه واستعداده لحمايته والحفاظ على كيانه وأرضه وجغرافيته، والإسهام في بنائه وتنميته وتقدمه وازدهاره حاضرا ومستقبلا، وهو دائم الشوق والتطلع إلى رؤية ذلك الوطن في مقدمة ركب الحضارة الإنسانية.
والعمل وفق مضامين هذه المسلمات يشير إلى تأصيل في مفهوم الحس الوطني والشعور بالمسؤولية الوطنية تجاه الوطن على جميع الأصعدة وفي كل الميادين.
ونحن في زمن التحديات الكونية الكبرى التي هي مستمرة في مواصلة زحفها نحو كل المجتمعات البشرية مع تعاظم في نفوذها يوما بعد يوم، يصبح من أولى الأولويات بل من أوجب الواجبات وأعظمها أهمية في بناء الأوطان ترسيخ هذه المسلمات قيما وطنية مقدسة في وجدان المواطن تصاغ لها الآليات لضمان انتقالها عبر الأجيال المتعاقبة عن طريق التطبيق الفعلي والحث والإشارة والإيماء والتلقين لكي يصاحب نمو النشء نمو فيما يحمل من هم بالشأن الوطني.
وفي ظل هذا العالم المتحرك في جميع الاتجاهات في خضم التجاذبات الحادة التي تدفع بها تلك التحديات الهائلة، فإن من نافلة القول الإشارة أو التشديد على ضرورة الاستعداد والمبادرة للتصدي لهذه التحديات ومواجهتها وتطويعها وتحويلها إلى فرص قابلة للاستغلال فيما فيه مصلحة المجتمع، فالتحولات والمتغيرات الكبيرة وغير المسبوقة التي يمر بها التاريخ البشري في كل لحظة في هذا الزمن تمثل تحديات حقيقية تستوجب إيجاد منظومة من الدفاعات الذاتية القوية لمواجهتها من قبل أي مجتمع يطمح في الظفر بإيجابياتها واتقاء سلبياتها، إذ ليس هناك مجتمع بشري محصن ضدها، وهي من القوة بحيث إن مواجهتها والتعامل معها بكفاءة وفاعلية أمر يستعصي على أي مجتمع ما لم تتضافر جهود جميع أبنائه لتعزيز وحدته وتماسكه وتضامنه.
لقد وجدت المجتمعات المعاصرة نفسها في سباق مع الإيقاع المتسارع لوتيرة الزمن في هذا العصر، فأدركت أنه لا مناص من إعداد العدة والاستنفار الاستباقي والتخطيط الشامل لتجاوز التداعيات السلبية المحتملة للمتغيرات الدراماتيكية التي تحدث على مستوى العالم بأسره.
والتخطيط هذا ليس من مهام ومسؤوليات الدولة فحسب، إنما هو أيضا من المهام والمسؤوليات التي يجب على كل فرد من أفراد المجتمع الاضطلاع بها، فالأفراد مطالبون بالإسهام في عملية التنمية واحترام النظام ودعم الاستقرار بالعمل على مساندة جهد الدولة في تثبيت نظام المصالح الوطنية، والبعد عن كل ما لا ينسجم مع ذلك الجهد أو يتقاطع معه.
أما إذا خرج الفرد عن هذا الإطار وعمل بما تمليه عليه رؤاه الشخصية دون النظر إلى المصلحة العليا للوطن وجعلها مرجعية لسلوكه، فإنه حينئذ يكون قد قام بتغليب مصلحته هو على المصلحة الوطنية، وهذا من شأنه أن يجعل الشعور الضيق بالفردية سمة مهيمنة في شخصية الفرد توجه سلوكه وتؤطر تعاملاته مع الآخرين بإطارها الفاقد للشمولية.
ومن أخطر إفرازات هذه النظرة الشخصية الضيقة الاستقطابات الفردية والجماعية، بحيث تكون المصالح هي محور حياة الفرد أو الجماعة، فيتجزأ المجتمع إلى محاور استقطابية أو ما يشبه التحالفات المعلنة أو غير المعلنة، الأمر الذي قد يؤدي إلى حالة من التشنجات في النظام الاجتماعي، والتشنجات أيا كان نوعها وطبيعتها وأسبابها لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تصب في مصلحة المجتمع أو الوطن، بل إن التشنجات تلحق الضرر بالبنى التحتية لعموم العلاقات في أي مجتمع، ومن نتائجها الوخيمة أنها تؤدي إلى تبديد الطاقة وتشتت الاهتمام بالشأن الوطني وتعمل على تقويض المنجزات الوطنية، كما أنها تؤدي إلى إثارة الأجواء داخل المجتمع وتغلغل الشكوك المتبادلة في النفوس وإصابة العلاقات الإنسانية الوطنية في مقتل.
فإذا كان الأمر كذلك فهل من الحكمة، بل هل من الدين القيام بأي شيء يمس مصلحة الوطن، وهل هناك من يجادل بأن التشنجات في العلاقات واحتقان المشاعر من شأنها أن تؤدي إلى تصادم في العلاقات، وتعمل على تمزيق النسيج الاجتماعي لأي مجتمع وتعيق تقدمه وتضعف كيانه. بينما روح التسامح تعمل على زيادة عوامل القوة فيه وتلاقي علاقات أفراده وتعمل على تماسكه وتسهم في تقدمه وتعزز هيبته ومكانته.
وفي تصوري أن من أسباب وجود أجواء من الاستقطابات والتشنجات في العديد من المجتمعات التحزبات والانخراطات الحزبية، والشواهد كثيرة في أن الأحزاب وتعددها لا يأتي بخير، بل إنها تعمل على تجزئة المجتمع الواحد إلى وحدات متصارعة.
ولقد أحسنت الدول التي تحظر الأحزاب صنعا في موقفها هذا، فالملاحظ أن الأحزاب كما يلاحظ في العديد من البلدان لها من السلبيات ما يفوق بكثير ما قد يكون لها من الإيجابيات، وقد يؤول الأمر بالحزب إلى أن يعطل اهتمامه بالوطن من أجل مصلحة الحزب ليحظى بأكبر جزء من الكعكة جريا وراء تحقيق مكاسب حزبية ليصبح "كل حزب بما لديهم فرحون" أما نحن فحري بنا أن نقف صفا واحدا مع القيادة، نجعل شعار الوحدة الوطنية عنوانا لكل مفاصل حياتنا، نوجه طاقاتنا لخدمة الوطن وتعزيز وحدتنا، ونتجنب كل قول أو فعل يسيء إلى بعضنا أو يتناول رموزنا بما لا يليق، وأن نتقبل بعضنا وننأى بأنفسنا عن تكرار العودة إلى التاريخ وتقليب صفحاته كما يحلو لنا بما لا طائل منه، وأن نجعل همنا هو بناء وطننا ونركز على حاضرنا ومستقبلنا، نربي أبناءنا على ذلك ونغرس في نفوسهم أن حياة الشعوب في تماسك أبنائها وتوحدهم ونبذ الفرقة والاستقطابات والتشنجات.


 

رد مع اقتباس
قديم 01 / 05 / 2007, 25 : 04 PM   #13
مشرف سابق


الصورة الرمزية الجنوبي 2000
الجنوبي 2000 غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1854
 تاريخ التسجيل :  18 / 10 / 2005
الوظيفة :
الهويات :
عدد الالبومات :
 أخر زيارة : 02 / 11 / 2009 (18 : 02 PM)
 المشاركات : 24,672 [ + ]
 التقييم :  4809271
افتراضي



مشكور اخوي هادي وكثر الله من امثالك وبكره هو يوم التسليم وان شاء الله انجز ذلك بس المواضيع قليلة


 

رد مع اقتباس
قديم 01 / 05 / 2007, 26 : 04 PM   #14
VIP


الصورة الرمزية هادي
هادي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 5
 تاريخ التسجيل :  21 / 10 / 2003
 العمر : 53
الوظيفة :
الهويات :
عدد الالبومات :
 أخر زيارة : 16 / 09 / 2010 (02 : 07 PM)
 المشاركات : 9,017 [ + ]
 التقييم :  9967
افتراضي



النجاحات التي حققها رجال الأمن البواسل، كانت من أصدق المؤشرات على الوحدة الوطنية لبلادنا الحبيبة الغالية المملكة العربية السعودية. وقد رأينا كيف استرخص أولئك الأخيار الأبرار نفوسهم فداءً للوطن والمواطن، وإن ذلك ما يؤكد أهمية تقديرنا جميعا للدور الذي اضطلع ويضطلع به رجال الأمن البواسل، الذين تتمثل فيهم الوطنية بأجلى وأوضح مظاهرها. وذلك حين وضعوا نفوسهم على أكفهم استعداداً لنداء الواجب دفاعا عن هذا الكيان العظيم الماثل في المملكة العربية السعودية بلد الأمن والأمان، والذي كانت فيه الجزيرة العربية قبل توحيدها ممزقة بعيدة كل البعد عن أي مظهر من مظاهر النماء، إلى أن قيض الله لها جلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود طيب الله ثراه، فوحد الله به الكلمة وأمن به السبل.. فكان هذا الكيان العظيم، ولا يمكننا بأي حال من الأحوال أن نتنازل لكائن من كان عن المكتسبات التي حققناها، وتلك حقيقة أدركها جنودنا البواسل ورجال الأمن الأبطال، الذين يقفون بكل صمود في سبيل الذود عن حياض الوطن وكرامته، واليوم ونحن نعيش بهجة احتفالنا بذكرى يومنا الوطني، يتعين علينا جميعا حمد الله وشكره على ما أنعم به علينا من نعم لا تحدها حدود، ومن بينها نعمة الأمن والاستقرار التي يبذل رجال الأمن الجهود المشكورة في استمرارها.

لقد مرت ببلادنا ظروف أمنية مشابهة للظروف التي مرت بها الكثير من البلدان وقلما سلم منها بلد، ولكن ما يميز تلك الظروف عن غيرها مما مر ويمر به غيرنا، هو النتيجة الأخيرة لكل تلك الظروف، والمتمثلة في الرفض القاطع لها من كافة فئات الشعب السعودي الكريم، الذي يحتفل اليوم بذكرى توحيده تحت علم واحد وقيادة واحدة، وكلمة واحدة لا تتزعزع.

وكون جنودنا ورجال الأمن البواسل يدركون حقيقة الدور الوطني المنوط بهم خير إدراك، هو ما يحملنا على أن نعرف لهم قدر تضحياتهم العظيمة في سبيل أمن الوطن، واستمرار مسيرة الوحدة الوطنية، التي هي الدوحة التي نتفيأ جميعا ظلالها الوارفة، فلهم منا جميعا كل الشكر والتقدير، والدعاء إلى المولى عز وجل أن يكلل جهودهم على الدوام بالخير والنجاح والتوفيق، ولعل رب الأسرة وهو في إجازة مع أفراد عائلته يقوم بتبيان أهمية هذا اليوم، الذي أعلن فيه الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه تأسيس المملكة العربية السعودية بلدا عظيما مهبطا للوحي وملتقى أفئدة المسلمين، وبلد الحرمين الشريفين وأرض الحضارة والتاريخ والعمران والنهضة البشرية والفنية والإدارية، فهي فرصة لشرح ذلك ببساطة ووعي.. حفظ الله بلادنا وإلى المزيد من التقدم والازدهار.


 

رد مع اقتباس
قديم 01 / 05 / 2007, 35 : 04 PM   #15
VIP


الصورة الرمزية هادي
هادي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 5
 تاريخ التسجيل :  21 / 10 / 2003
 العمر : 53
الوظيفة :
الهويات :
عدد الالبومات :
 أخر زيارة : 16 / 09 / 2010 (02 : 07 PM)
 المشاركات : 9,017 [ + ]
 التقييم :  9967
افتراضي



مّا بعد: فاتقوا الله ـ أيها المسلمون ـ حقَّ التقوى، وراقبوه في السرِّ والنجوى، فتقوى ربِّكم عدّتُكم للشدائد، وذخرٌ لكم يومَ القيامة، يوم لا تجزي نفسٌ عن نفس شيئًا ولا يقبَل منها عدل، ولا تنفعها شفاعة ولا هم ينصَرون.

أيّها الناس، اذكروا نعمَ الله عليكم التي لا تُعدُّ ولا تُحصَى، واحمدوا ربَّكم واشكروه على نعمة الإسلام الذي هو أجلّ النعم، فبه تدوم النِّعم، وتتمّ به، ويتمّ به إحسانُ الله على العباد.

واعلموا ـ عباد الله ـ أن نعمةَ الأمن جزءٌ عظيم لا يتجزّأ من الإسلام. الأمنُ من تمام الدين، ولا يتحقَّق الإسلام إلاّ بالأمن، ولا يُعمل بشعائر الدين إلا في ظلِّ الأمن، قال الله تعالى: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ [النور:55].

روى ابن جرير رحمه الله في تفسيره عن أبي العالية قال: مكَث النبي عشر سنين خائفًا، يدعو إلى الله سرًّا وعلانية، قال: ثم أُمر بالهجرة إلى المدينة، قال: فمكث بها هو وأصحابه خائفين، يصبحون في السلاح ويمسون فيه، فقال رجل: متى يأتي علينا يومٌ نأمَن فيه ونضَع عنا السلاح؟ فقال النبي : ((لا تلبثون إلا يسيرًا، حتى يجلسَ الرجل منكم في الملأ العظيم محتبيًا فيه ليس معه حديدة)) فأنزل الله هذه الآية[1].

وبيّن الله تعالى أنَّ الصلاةَ لا تكون في تمامٍ وطمأنينة إلاّ في ظلّ الأمن، قال الله تعالى: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ [البقرة:238، 239]، وقال تعالى: فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا [النساء:103].

والزكاة لا تتحقّق جبايتها في الزروع والثمار وبهيمة الأنعام إلاّ مع الأمن ووجود جماعة المسلمين وإمامهم؛ لأن نوّاب الإمام هم الذين يجبون الزكاةَ في الأموال الظاهرة، ويفرّقونها في مستحقّيها، وقد قال الله تعالى: وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ [النور:56].

وصيامُ رمضان لا يكون إلا برؤيةِ هلاله، والفطرُ برؤية هلال شوّال، كما قال النبي : ((صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته))[2]، وهذا يقتضي ثبوتَ الرؤيةِ عند الإمام أو نُوّابه وتبليغَ المسلمين ليصوموا وليفطروا، ولا يتحقّقَ هذا إلا باستتباب الأمن.

والحجّ لا يتحقّق إلاّ مع الأمن، قال الله تعالى: فَإِذَا أَمِنتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ [البقرة:196].

والحدود لا تُقام ولا يُؤخَذ على يدِ المفسدين المجرمين العابثين إلاّ مع تحقُّق الأمن؛ لأنّ ذلك يقتضي قوةَ ونفوذَ وليِّ الأمر على الجماعة، قال الله تعالى: الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنْ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ [الحج:41].

ولو تتبّع المسلم نصوصَ الكتاب والسنّة لوجَد أنّ الأمنَ جزءٌ لا يتجزَّأ ولا ينفصِل عن الإسلام، ولعلِم يقينًا بأن الأمنَ من تمام الإسلام، كما قال رسول الله لعديّ بن حاتم حين وفد عليه: ((أتعرفُ الحِيرة؟)) قال له: لم أعرفها ولكن قد سمعتُ بها، قال: ((فوالذي نفسي بيده، ليُتمّنّ الله هذا الأمرَ حتى تخرجَ الظعينة ـ أي: المرأة ـ من الحِيرة حتى تطوفَ بالبيت في غير جوارِ أحَد، ولتُفتَحَنَّ كنوز كِسرى بن هرمز))، قلت: كسرى بن هرمز؟! قال: ((نعم كِسرى بن هرمز، وليُبذلَنَّ المالُ حتى لا يقبله أحَد))، قال عديّ: فهذه الظعينة تخرج من الحِيرة فتطوف بالبيت في غير جِوار أحد، ولقد كنتُ فيمَن فتح كنوزَ كسرى بنِ هُرمز، والذي نفسي بيده لتكوننّ الثالثة لأنّ رسول الله قالها[3].

أيّها الناس، دينُ المسلم مرتبِطٌ بالأمن، مصالح الناسِ الدنيويّة أساسُها الأمن، فتبادُلُ المنافع والمصالح وانتظامُ التّجارة وتوظيف الأموال واستثمارها واتّساع العمران وفشوّ الماشية وأمان الأسفار والطرق وتزايد التنمية وانبساط الآمال في الحال والاستقبال كلّ ذلك لا يكون إلاّ مع الأمن، وضدُّ ذلك كلّه لا يكون إلا مع الخوف والفوضى.

وقد امتنّ الله تعالى بالأمن على أهل حَرَمه فقال تعالى: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ [العنكبوت:67].

وإنّ هذه البلادَ قد منّ الله عليها بالأمنِ والإيمان وبنعمٍ لا تُعَدّ ولا تحصى، حتى صارت ـ ولله الحمد ـ مضربَ المثل في الأمن، ولكنها ابتُليت في هذه الأيامِ بشِرذمةٍ اعتنقت أفكارًا تخالف كتابَ الله وتخالف سنة رسول الله ، وخرجت على جماعةِ المسلمين وإمامهم، وعصى هؤلاء الخوارجُ الله تعالى، وعصَوا رسوله ، وعصَوا الإمام، وقد أُمِروا بالطاعة في قوله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ [النساء:59]، وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله : ((على المرءِ المسلم السمعُ والطاعة فيما أحبَّ أو كره، إلاّ أن يؤمَر بمعصية)) رواه البخاري ومسلم[4].

وعصى هؤلاء الخوارج الوالدين لمن كان له والِد، وشَقّوا عصَى المسلمين، عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ((من فارَق الجماعة شبرًا فقد خلَع رِبقة الإسلامِ من عُنُقه)) رواه أبو داود[5].

وإنَ أعمى العَمى الضلالةُ بعد الهدى والعياذ بالله، فهؤلاء الخوارجُ قاموا بأعمالٍ شنيعة، وجمعوا بين معاصٍ وكبائر كثيرة، لا تفسَّر إلا أنها تخدِم أعداءَ الإسلام والمسلمين، وتضرّ غايةَ الضرَر الدينَ والمجتمع، فسفكوا الدمَ الحرام، واستحلّوا ما حرّم الله تعالى من دِماء المسلمين وأموالهم، واستحلّوا من رِجال الأمن ما حرّمه الله تبارك وتعالى.

ندعو الله تعالى ونتوسّل إليه بقُدرته ورحمته أن يتقبّل رجالَ الأمن الذين قُتِلوا في الشهداء، وأن يرفعَ درجاتهم في جنّات النعيم بما قدّموا لدينهم وبما خدَموا وطنَهم، وأن يُطفئ فتنةَ الخوارج المفسدين ويكُفّ شَرّهم عن الإسلام والمسلمين أبدَ الآبدين.

وإنّ ما يقوم به هؤلاء المفسدون ومَن وراءَهم لا يؤثِّر ولا يهزُّ أمنَ هذه البلادِ ولله الحمد، فالمجتمع مع ولاة أمره وعلمائه يقفون صفًّا واحدًا، ويتّخذون خندقًا واحدًا، يصدّون ويحاربون منه كلَّ فِكرٍ منحرِفٍ وكلَّ متربِّص بهذه البلاد حاقد، سواءً كان من الداخل أو من الخارج، امتثالاً لقول الله تبارك وتعالى: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا [آل عمران:103]، وقوله تبارك وتعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى [المائدة:2].

وإنّنا نوصي بأن يكونَ الجميع يدًا واحدةً وقلبًا واحدًا ضدَّ هذه الأعمال الإرهابية الآثمةِ لتُدفَن في مهدها، ويجب شرعًا البلاغُ عن أيِّ عملٍ من هذه الأعمال المحرّمة الآثمة بالرفع للسّلُطات، ومن لم يفعل ذلك فقد خان الله ورسولَه والمؤمنين؛ لأنّ شرَّ ذلك عامٌّ على الكافَّة.

وإنّا لندعو هؤلاء الذين تشرَّبوا هذه الأفكارَ التكفيريّة أن يرجعوا إلى الله تعالى، وأن يعودوا إلى رُشدهم، وأن لا ينجرفوا وراءَ أحدٍ في الغيِّ والضلال كائنًا من كان، وأن يُقبلوا على العلم الشرعيّ من الكتاب والسنة، وأن يسألوا أهلَ العلم عمّا يُشكل عليهم ليرشدوهم ويزيلوا عن قلوبهم هذا العمى بقول الله وقول رسول الله ، وأن يحذروا هذه الأعمالَ الإرهابيّة المفسدة التخريبيّة التي أُهدِرت فيها الدماء المحرّمة والأموال المعصومة، ففي الحديث: ((لزوال الدنيا بأسرها أهون عند الله من قتل رجلٍ مسلم))[6].

وندعو هؤلاء الخارجين على جماعةِ المسلمين أن يشكروا اللهَ على نعمةِ الأمن؛ فإنّ كفرانَ النِّعَم ضامنٌ لتحوُّلها إلى ضدِّها، ولينظُروا إلى ما منّ الله به على هذه البلاد من النِّعم التي لا تُحصَى، وأن يتذكّروا مصائبَ وفتنَ الخوف والفوضى والفتنَ المظلمة المضِلَّة، وليعلموا أنّ الخروج على وليّ الأمر جامعٌ لكلّ المفاسدِ في الدين والدنيا، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ [النساء:59].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإيّاكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، ونفعنا بهدي سيِّد المرسلين وبقوله القويم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.


 

رد مع اقتباس
قديم 01 / 05 / 2007, 37 : 04 PM   #16
VIP


الصورة الرمزية هادي
هادي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 5
 تاريخ التسجيل :  21 / 10 / 2003
 العمر : 53
الوظيفة :
الهويات :
عدد الالبومات :
 أخر زيارة : 16 / 09 / 2010 (02 : 07 PM)
 المشاركات : 9,017 [ + ]
 التقييم :  9967
افتراضي



إن تربية الأبناء تربية سليمة تقيهم من الوقوع في مهالك الأفكار وتجنيبهم الانحراف وتعينهم على أداء واجبهم الديني والدنيوي على أكمل وجه وأضاف: الذي نحتاجه في أحوالنا الحاضرة هو التعرف على قواعد التربية الصالحة وأصولها والسبل المعينة على التكوين السليم من أجل بناء مجتمع صالح وواع نظيف من كل الأوبئة والأدواء الفكرية والسلوكية وان الأبناء قرة عين الآباء وانسهم وامتداد ذكرهم يعيشون في سويداء عيونهم ويحرسونهم من أدنى نسمة أذى قد تصل إليهم حتى يقول القائل:

وإنما أولادنا أبناؤنا

أكبادنا تمشي على الأرض

لو هبت الريح على بعضهم

لامتنعت عيني عن الغمض

وأننا في ظل المفاهيم الضالة والأفكار المنحرفة والمبادئ الهدامة المضللة التي انتشرت في هذا العصر عبر وسائل متعددة ووجد من يدعو لها وينادي إليها ويغرر بالشباب الأغرار ويلج إليهم من تلهيب العواطف وتأجيج نار الغيرة والحمية حتى ينساق وراءهم الشاب وقد غطي على عينيه فيقع فريسة سهلة لأرباب هذه الأفكار سواء في الشهوات أو الشبهات لذا فإن المسؤولية على الآباء مضاعفة والتربية لا تقتصر على بناء الجسد دون العقل والروح فكما يهتم الآباء من توفير مطالبهم البدنية المادية يجب أن يهتم بمفاهيمهم وتوجههم وأهدافهم ورغباتهم وارى ذلك في عدة نقاط اذكر طرفاً منها:

الاستعانة بالله أولا وآخراً وسؤاله سبحانه صلاح الذرية فإنها من صفات عباد الرحمن (ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين) فإن صلاحهم من أعظم النعم: نعم الإله على العباد عظيمة واجلها نجابة الأولاد مداومة النصح والتوجيه منذ نعومة أظفارهم وعدم الكل أو الملل فإن عاقبته خير وإلا يقتصر دور الأب فقط بالبحث عن المدارس الفارهة دون المتابعة والسؤال عن خلطائهم وأصدقائهم فإن الصديق قد يهدم في أيام ما يبنيه الأب منذ سنوات.

عدم الاختصار في التعليم على المراحل الدراسية النظامية بل يجب أن يسعى الأب لتحصين أولاده بإلحاق أولاده في حلق تحفيظ القرآن المشهود لها وللقائمين عليها بالاستقامة والعلم وأيضا يحرص الأب على جعل أولاده كأنهم قرناء له فيستشيرهم في بعض أموره ويأخذ برأيهم ويصوب الخطأ وينمي فيهم قوة الشخصية واستقلال الرأي وعدم التأثر السريع بأي قول أو فكر دون قناعة واستشارة.

توفير وسائل وأسباب الصلاح مرئية ومسموعة وان وجد في المنزل جهاز حاسب فعليه أن يراقب المواقع التي يطلعون عليها يومياً اذ الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم. العناية بمظهرهم عناية إسلامية مستقيمة اذ المظهر غالباً ما يدل على المخبر وكثيراً ما يحكم على الشاب من خلال مظهره في ملبسه ومشيته ومركبه وقل أن يكون هذا الكلام خاطئاً.

قد يكون دور الأب في اختيار رفقة أولاده فإن حصل له ذلك فهو خير. والحاصل أن الأب إن لم يستشعر خطر سهام الأفكار المضللة التي تتخطف الشباب يمنة ويسرة ويسعى لحماية فلذات كبده منها فقد ما لا يحمد عقباه ويعض أصابع الندم ولات ساعة مندم وفق الله الجميع لما فيه رضاه.

وذلك للوقوف صفاً واحداً تربويين ورجال أمن ومعلمين وطلاباً في وجه هذه الظواهر الغريبة على المجتمع السعودي والتصدي لكل من يحمل فكراً ضالاً أو منحرفاً ثم تحدث النقيب فارس آل حيدر فقال:أن مظاهر الانحراف الفكري والسلوكي تظهر في المجتمع أو الأمة عندما يكون هناك قصور في الجوانب التربوية والتعليمية و الأسرة، كل هذه العوامل مجتمعة تسهم بشكل مباشر أو غير مباشر في ظهور الانحراف الفكري والسلوكي، لذا فإنه من الأهمية بمكان أن تعالج جميع جوانب القصور المحتملة وأخذ العملية التعليمية كوحدة واحدة لا تتجزأ فهي مجرد عناصر أو حلقات تقود في النهاية إلى منتج نهائي واحد إما أن يكون سليما وصحيحا فبه تنعم الأمة وتسعد أو أن يكون ضعيفاً وهزيلاً وبه تشقى الأمة وتهلك وأشار أن الطريق الأمثل لتحصين عقول الناشئة هو تمسكهم بالمنهج السليم والصحيح عقائدياً وفكرياً والابتعاد عن التزمت والغلو والتطرف بشقيه سواءً كان تطرفاً دينياً أو تطرفاً تحرريا يدعو إلى الفساد والرذيلة، ونحن أمة وسط كما جاء في محكم التنزيل، والتزام منهج الوسطية والاعتدال هو طريقنا إلى النجاة والسعادة والمواطن هو رجل الأمن الأول.

ثم تحدث هبه خديش رائد نشاط قائلا: إن نشر الوعي الشرعي والفكري والوطني الصحيح في أوساط الطلاب وذلك من خلال مايتعلق بقضايا الغلو والتكفير، وبيان حقوق ولاة الأمر وكبار العلماء وأهمية الأخذ والتلقي عنهم.

وذلك ببرامج النشاط الطلابي ومنها إعداد نشرات ومطويات لمعالجة ما يستجد من أحداث ومشكلات تتضمن فتاوى هيئة كبار العلماء وبياناتهم وقيام المختصين بزيارات ميدانية للمدارس للتوعية الجماعية والفردية وتوجيه المعلمين لتوظيف المنهج الدراسي في توضيح منهج أهل السنة والجماعة في طاعة ولي الأمر وعدم الخروج عن الجماعة وبيان حقوق الوطن.

وتكثيف المحاضرات لمناقشة المسائل العلمية التي تخفى على كثير من الشباب ومن ذلك فقه إنكار المنكر والموازنة بين المصالح والمفاسد ومقاصد الشريعة.

تنمية المفاهيم الصحيحة الدينية والاجتماعية والوطنية من خلال عقد الحوارات مع الطلاب.

وقال: يتحقق معنى الجسد الواحد لهذا الوطن من خلال نشر الوعي بين أوساط الطلاب فيما يتعلق بأدوارهم ومسئولياتهم في المحافظة على أمن الوطن، وتوضيح ميزات هذا البلد الشرعية والحضارية والثقافية والاجتماعية وبيان الجهود التي بذلت في توحيد هذا الوطن والمحافظة عليه، وبيان دور الطلاب في المحافظة على مكتسبات الوطن ومقدراته ومحاولة الرقي به، وتعزيز حب الطلاب لوطنهم باعتباره بيتنا الكبير، ويتطلب تحقيق معنى الجسد الواحد إقامة العديد من البرامج ومنها إقامة المعارض التربوية التي تؤكد على أهمية الأمن والمحافظة عليه بالتنسيق مع الجهات الأمنية المختصة، ودعوة عدد من منسوبي الجهات الأمنية لزيارة المدارس ومناقشة بعض القضايا الأمنية مع الطلاب والإجابة على استفساراتهم، وإقامة معرض صور للمنجزات الحضارية في المملكة على جميع المستويات الدينية والاقتصادية والثقافية وتنظيم زيارات طلابية للمعالم الحضارية في المملكة، وتنظيم لقاءات طلابية مع كبار المسئولين بالمملكة، وتنظيم محاضرات وندوات لعدد من العلماء مع الطلاب والمعلمين عن أهمية الولاء لولاة الأمر، وتنظيم مسابقة شعرية في مجال حب الوطن وتنظيم مسابقات الرسم ومسابقات أفضل رسالة شجب واستنكار للعمليات الإرهابية.ونشر ثقافة الحوار الهادف واستيعاب الآراء واحترامها، وتنمية مهارات التفكير، وبيان خطورة مصادر التلقي المشبوهة المثيرة التفرقة والضلال. ويتم تحصين عقول الطلاب من خلال إعداد بحوث عن دور الطالب في المحافظة على الأمن وتعزيزه، وعقد لقاءات مباشرة مع المشرفين ومديري المدارس وبعض المعلمين للتحاور معهم حول دور المدرسة في توعية الطلاب حول أهمية الأمن وخطورة الإخلال به، واستضافة أساتذة الجامعات وأخصائيين نفسيين وغيرهم في التوعية بالأحداث ومخاطرها على الوطن ومقدراته وإصدار مطويات للتعريف بأخطار الانحراف الفكري وإجراء مسابقات توعية وتثقيفية للطلاب حول مضامين فتوى العلماء وبياناتهم عن التفجيرات والتكفير وحرمة الدماء، زيارة طلابية لمواقع التفجيرات لمشاهدة أضرار هذه التفجيرات ثم تحدث محمد الأحمدي مدير مكتب عكاظ بجازان قائلا: أعتقد أن دور الإعلام سواء المقرؤء أو المرئي أو المسموع في تعزيز الأمن الفكري مهم ورئيس خصوصاً في هذه المرحلة ، ويكون دور الإعلام بنشر التوعية اللازمة لرفع مستوى الإدراك لدى الأفراد ونشر المعلومات الصحيحة عقائدياً وفكرياً وسلوكياً ومنهجياً، والتحذير من الأخطار المحدقة بالأمة، والتوعية أيضاً بطريقة وكيفية التعامل الصحيح مع القضايا والأحداث والمستجدات في هذا العصر. وفي نهاية الندوة بدأت مداخلات المعلمين والطلاب التي أجاب عليها المشاركين بكل اقتدار بعدها شكر مدير المركز الأستاذ عبدالله الشاجري المشاركين في إحياء هذه الندوة والمعلمين والطلاب الحاضرين ثم قدم هدايا للمشاركين.

ويعتبر الأمن الفكري في ميدان التعليم الحصن الأمثل لكل أبنائنا الطلاب وبناتنا الطالبات في مواجهة الأفكار الهدامة والانحرافات الفكرية التي تؤثر على مسيرة الناشئة في بلادنا ويمكن تعزيز الأمن الفكري في نفوس الطلاب من خلال الأتي:

أولا: تربية الطلاب على احترام حقوق العامة والضرورية التي جاء الإسلام لحفظها وحمايتها لتحقيق الأمن والاستقرار للمجتمع المسلم وهي: الدين النفس المال والعرض والعقل.

ثانياً: غرس القيم والمبادئ الإسلامية لدى الناشئة وتصحيح المفاهيم الخاطئة وتقويم السلوكيات المعوجة.

ثالثاً: إشاعة روح المحبة والتعاون بينهم وتحذيرهم من الاختلافات التي تسبب الفرقة والبغضاء والتشاحن.

رابعاً: إبراز الفكر الوسطي المعتدل والتحذير من التيارات الفكرية والتوجهات السياسية ومصادر الإعلام المشبوهة.

خامساً: تعزيز السلوك الأمني الصحيح ودعوة الطلاب إلى الحفاظ على أمن الوطن ومقدراته ومكتسباته.

سادساً: الحب والإخلاص لولاة الأمر في هذه البلاد الذين يسعون جاهدين لخدمة الدين وتطبيقه في جميع نواحي الحياة.

سابعاً: ترسيخ مبادئ الوحدة الوطنية القائمة على راية التوحيد: لا إله إلا الله محمد رسول الله ونبذ الأصوات التي تحزب الناس وتفرقهم.


 

رد مع اقتباس
قديم 01 / 05 / 2007, 39 : 04 PM   #17
مشرف سابق


الصورة الرمزية الجنوبي 2000
الجنوبي 2000 غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1854
 تاريخ التسجيل :  18 / 10 / 2005
الوظيفة :
الهويات :
عدد الالبومات :
 أخر زيارة : 02 / 11 / 2009 (18 : 02 PM)
 المشاركات : 24,672 [ + ]
 التقييم :  4809271
افتراضي



هادي هذا حقت موضوع الوطنية والوطن صحيح خلصنا منها

واحد طماع والمواضيع الثانية مافي شي


 

رد مع اقتباس
قديم 01 / 05 / 2007, 40 : 04 PM   #18
VIP


الصورة الرمزية هادي
هادي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 5
 تاريخ التسجيل :  21 / 10 / 2003
 العمر : 53
الوظيفة :
الهويات :
عدد الالبومات :
 أخر زيارة : 16 / 09 / 2010 (02 : 07 PM)
 المشاركات : 9,017 [ + ]
 التقييم :  9967
افتراضي



الإعلام والأمن الوطني وتحديات العولمة

العميد الركن

أحمد عيد المصاروة

مدير التوجيه المعنوي

أصبحت العلاقة بين الإعلام والأمن الوطني وتحديات العولمة تشكل هاجسا وتحدياً في عالم اليوم، لا سيما في ظل التحديات التي يشهدها العالم وتعيشها الأمة ويدفع ثمنها الإنسان.



ومع تعاظم ثورة الاتصالات وتحوّل الكرة الأرضية إلى قرية كونية توارى فيها حاجز الزمان والمكان ، أصبحت وسائل الاتصال الجماهيري

أو وسائل الإعلام أقوى الوسائل أثراً وأكثرها فاعلية في تشكيل التوجّهات، وتوجيه السلوك ، والتأثير على بنية الثقافة ، حيث يجد الإنسان نفسه أمام تساؤلات كثيرة وتحديات جسيمة، تدفعه إلى التجسير بينها لإدراك مضامينها وغاياتها وأهدافها، وأن يوظفها ويتفاعل مع مخرجاتها حتى لا يجني على نفسه وأمته ووطنه. فالأمن الوطني لم يعد في ظل الإعلام وفورته وتحديات العولمة مجرد مواجهة بالقوة والسلاح لكل ما يتهدد مصالح الدولة، وواقعها وتطلعاتها ومجمل نظامها السياسي، لكن أبجدياته تبدأ بالتربية الاجتماعية والوطنية والسياسية والثقافية والاقتصادية وحتى العسكرية بكل تجلياتها أمام ولوج العالم أفقاً حياتياً جديداً يقوم بنيانه على أسس الانفتاح والحرية والشفافية والتمايز بين الناس على قاعدة القدرة على التفكير والإبداع وبالتالي العطاء والإنجاز. ومع استمرار هاجس الأمن الوطني كتحد لكثير من الدول والشعوب ، تأتي العولمة كمؤثر آني ومستقبلي يستحوذ على اهتمام الحكومات والرأي العام والأفراد بالرغم من غموضها الذي يخفي وراءه الاعتقاد بأن تطبيقها قد يخلق حضارة عالمية جديدة، تكون نسخة متجانسة وخالية من الشوائب عن الحياة البشرية ، حيث تشير القرائن والمعطيات الماثلة في الساحة الدولية المعاصرة ، إلى أن الصراع خلال الألفية الثالثة، هو صراع حضاري أهدافه منظومة القيم والمثل والعقيدة ، وبالتالي استهداف الموروث الاستراتيجي للأمة أكثر مما هو صراع اقتصادي على المنافع المادية . والدليل على ما سبق هو أن الدول لم تعد قادرة على التحكم فيما تصنعه وما تشتريه، وأنه وِلأول مرة في تاريخ البشريةِ أضحى كل شيء يمكن أن يصنع في أي مكان، ويباع في كل مكان آخر في ضوء أن الحكومات والدول الآن لا يمكنها إغلاق حدودها لمواجهة الأمراض المعدية، أو المخدرات أو الإرهاب أو الثقافات القادمة عبر وسائل الإعلام من الفضاء، ومن الاتجاهات كافة حيث إمتدت مفاهيم العولمه لتطال ثقافات الشعوب وموروثها الذي يشكل هويتها بكل مقوماتها.



:مفهوم الإعلام وتطور نظرياته

تنبع أهمية الإعلام من كونه الأداة الرئيسة في عملية الاتصال الجماهيري التي توسعت آفاقها ، وزادت أبعادها ، وتشعبت مجالاتها مع الثورة المعلوماتية والاتصالية والتكنولوجية الحديثة، الأمر الذي لم تشهده البشرية منذ بواكيرها وحتى مطلع القرن الحادي والعشرين ، والإعلام من هذه المقاربة يعدُّ في نظر أصحاب التخصص (عملية النشر وتقديم المعلومات الصحيحة والحقائق الواضحة، والأخبار الصادقة والموضوعات الدقيقة والوقائع المحددة، والأفكار المنطقية والآراء الراجحة للجماهير، مع ذكر مصادرها خدمة للصالح العام. ويقوم على مخاطبة عقول الجماهير وعواطفهم السامية وعلى المناقشة والحوار والإقناع بأمانة وموضوعية)1.

وربما يعكس التعريف السابق صورة مثالية للإعلام قد لا نراها في الإعلام المعاصر الذي اصبح عرضة للتأثر بالكثير من المعطيات التي تخرجه أحياناً عن إطار هذه الصورة المثالية، كما أنه يختلف ويتأثر بالتغير في عنصري التاريخ والجغرافيا، أو المكان والزمان، حيث نجد أن هناك نظريات عدة جسدت الإعلام وعكست مفهومه ، فقد برزت (نظرية السلطة) التي أخذت بها وأعادت إنتاجها الأنظمة الاشتراكية والشمولية، كأداة لتطبيق سياسات الحزب الحاكم واستمرار النظام. وما لبثت أن ظهرت (نظرية الحرية) في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية لتعكس الروح السائدة هناك من ديمقراطية وحرية ، وأصبح الإعلام بحق كما أطلق عليه هو السلطة الرابعة .

لم تلبث أمريكا من جانبها وهي ، إلى حد كبير ، موطن التكنولوجيا المتقدمة أن طورت نظرية الحرية بتحديد الإعلام ووضع القيود عليه ، فوضعت مجموعة من المبادئ وجعلته يخضع للمساءلة من قبل الحكومة والشعب في حال تجاوزها ، ومن هنا أطلق على هذه النظرية الإعلامية (نظرية المسؤولية الاجتماعية) «2.

ومع تفجر المعرفة والثورات المعلوماتية والاتصالية ، أصبحت الجهات التي تملك أدوات الإعلام ووسائل إنتاج المواد الإعلامية كالغرب ، وفي مقدمته أمريكا مرسلاً والعالم الثالث مستقبلاً، وهذا بدوره مكّن الإعلام الغربي مع مطلع القرن من نقل المواد ذات المحتوى الدعائي السياسي فاتسم بالقصدية، حيث شرعت تلك الجهات بإشاعة وترويج ثقافتها وقيمها ونظمها كأسلوب عالمي بذريعة عولمة الإعلام»3.

لم تلبث الحروب المتلاحقة التي خاضتها أمريكا والعمليات العسكرية المختلفة أن دفعتها وساعدتها لتقديم الغطاء الشرعي القانوني المحلي والدولي لتلك الحروب والعمليات ، فساعد ذلك على توظيف الإعلام لخدمة الأمن الوطني ، مما جعل الإعلام الموضوعي المحايد يتحول بقوة وسرعة إلى الإعلام المسيس، وبخطوة متقدمة تم الانتقال من حالة التسييس إلى العسكرة .

فكما هو الأمر في سائر المجالات الأخرى تم وضع الإعلام في خدمة المجهود الحربي وتحت تصرفه، فأصبح الإعلام صورة مطابقة للعمليات النفسية الدعائية، وبالتالي بدأنا نعايش بروز نظرية إعلامية جديدة منذ مطلع القرن الحادي والعشرين، وتحديداً بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وسقوط جدار برلين في 9تشرين الأول1989 ، وعقب تفجيرات الحادي عشر من أيلول2001 ، وهي نظرية (الدعاية السياسية المسلحة أو الحربية).

لقد ظهر ذلك جلياً من خلال سنّ المزيد من القوانين لتسخير الإعلام في حفظ الأمن الوطني في الداخل من خطر هجمات الإرهاب، وفي ميادين القتال في الخارج لمطاردته، فأصدرت أمريكا بعد هجمات أيلول ما عرف بـ(قانون باتريوت)، وهو قانون الدفاع رقم واحد الذي يسمح لها بالمراقبة والملاحقة والاعتقال، ومراقبة كل ما قد يشكل خطراً على الأمن بما فيه الإعلام ، وهو ما عكسته تصريحات المسؤولين كوزير الدفاع (رامسفيلد) الذي دعا إلى عدم معارضة الرئيس « لأن انتقاده يشجع أعداء واشنطن ويعرقل حربه على الإرهاب»4 ، وحتى وزير الخارجية السابق (كولن باول) هو الآخر الذي صرح « بأن أمريكا في وضع تاريخي لا يجرؤ أحد معه على المساس بها!! »5 .

وهذا كله جعل (وليام رو) يقول في الواشنطن بوست :«عمدت الإدارة الأمريكية إلى تفعيل مكتب الإعلام برسالته الرسمية، مما أنعكس على العاملين في الميدان حيث كان انتقاء الأخبار والتعليقات يعكس آراء مطابقة لوجهة النظر الرسمية عن الحرب»6 ولإشاعة ذلك عالمياً استحدثت أمريكا (مكتب التأثير الاستراتيجي) التابع للبنتاغون لنشر معلومات مضلله عبر وسائل الإعلام الأجنبية!!7 .



الإعلام الحديث وتحديات العولمة

تعني العولمة باختصار شديد (مركزة العالم في حضارة واحدة) أي إعادة إنتاج العالم وفقاً لثقافة واحدة هي ثقافة الجهة صاحبة المشروع التي تُعرّف بأنها: « تشكيل العالم بوصفه موقفاً واحداً وظهور إنسانية عالمية واحدة»8 وكان مصطلح العولمة قد أعلنه الرئيس الأمريكي بوش الأب أثناء حرب الخليج الثانية 1991 ، وأداته الرئيسة منظمة التجارة العالمية W.t.o التي أنشئت في كانون الثاني 1995،ولا تقتصر مهمتها على مبدأ حرية التجارة ، بل أضيف لبرامجها الحرية الثقافية، « أي حرية الإنسان في أي مكان في تعاطي ما يريده ويرغبه من ألوان الثقافة دون حظر رقابي من حكومته، والهدف تحويل العالم كله إلى النموذج الأمريكي دون إحساس بالدونية» 9 سعياً للهيمنة على وسائل نقل المعرفة لتنميط العالم سياسياً واقتصادياً وثقافياً وحتى عسكرياً بغية إحكام قبضتها على مناحي العالم جميعها .

ويأتي دور الإعلام ليلعب في ظل العولمة دوره الأكبر في تنفيذ خطط العولمة في تلك المجالات جميعها، وعلى سبيل المثال فإن شبكة السي أن أن C.n.n الأمريكية هي نظام إعلامي أمريكي متكامل ، نصّبت من نفسها قَيِّماً على صياغة الأحداث في العالم، ،مما يؤكد مدى الهيمنة الإعلامية الكاسحة للغرب وخاصة أمريكا، وبالتالي نشر برامج العولمة في المجالات الثقافية والاجتماعية والقيمية ، لإخراج ثقافة جماهيرية(عالمية) واحدة بقوالب محددة مسبقة الصنع.

وفي ظل العولمة ودور الإعلام الكاسح فيها تظهر مواقف عدة إزاءها ، منها التسليم بها كقدر محتوم، أو الرفض التام لكافة معطياتها ، وآخرها الموقف الوسط الذي يدعو للتمسك بالهوية مع التطوير والتغيير ، بما يتمشى مع الخصوصية الحضارية والتراث والقيم الدينية دون اندماج مطلق وتابع للدول المهيمنة.

الإعــلام الأردنــي والأمــن الوطنــي

: وتحديات العولمة

في ظل التغيرات الجيواستراتيجية الحاصلة في الإقليم والعالم، فأننا في القوات المسلحة ننظر إلى الإعلام الأردني بكل التقدير والاحترام، ونعتبره شريكاً رئيسياً في حماية الأمن الوطني الأردني، لاسيما في ظل تحديات العولمة وما أصبحت تشكله من ضغوط، على الموروث الاستراتيجي للأمة، حيث تتطلب المرحلة الراهنة والمستقبلية التعامل معها بعقلية وآليات وأساليب جديدة ومغايرة لما كان . وقد أكد جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين في مداولات منتدى دافوس التي أجريت في منطقة البحر الميت خلال الفترة من 20-22 أيار أهمية دور الإعلام في إنجاح عملية الإصلاح.

حيث يشكل الصحفيون الأردنيون أسس الإعلام الأردني ، وهم مواطنون أردنيون مثلنا ولا يمكن أن نزاود عليهم بأي حال من الأحوال ، ولا يمكننا القول إننا أكثر انتماءً وولاءً منهم ، ولا يعني أننا بلباسنا للبزة العسكرية وحملنا لشعار الجيش العربي أكثر أردنة منهم أو اهتماماً بالأمن الوطني ، فهم يحملون القلم ، ونحن نحمل البندقية ويشكل كلانا ثنائية مهمّة تقف في خندق الوطن دفاعاً عن مصالحه الحيوية ضد التهديدات أو التحديات الداخلية والخارجية على السواء.

وأستطيع القول إنه في ظل المستجدات وما نشهده من أحداث جسام في عالم اليوم ، خاصة ما جرى ويجري في ظل طروحات ومقاصد الحرب على الإرهاب، وعلى وجه الخصوص تداعيات حرب الخليج الثالثة، هذه الحرب التي تم خوضها إعلامياً وتم الوصول إلى نهاياتها الاستراتيجية قبل أن تطلق طلقة واحدة، أستطيع القول إن لنا في القوات المسلحة ذخيرة كبيرة لدى إعلامنا الأردني، حيث نُعّول على القائمين عليه أن يقوموا بصوغ سياسات واستراتيجيات إعلامية قادرة على تسويق الوطن بمنجزاته إلى الخارج ، وفي الوقت الدفاع إلى جانب قواته المسلحة وأجهزته الأمنية عن مكتسباته وعن كيانه إذا تهددته الأخطار - لا قدر الله - انطلاقاً من إيمانناً بقدرتهم وكفاءتهم وما يمكن أن يُقدموه في هذا الاتجاه.

قد نختلف أحياناً في الرأي حول مواضيع كثيرة، لكن الذي يجب أن لا نختلف فيه على الإطلاق هو ( الأردن )، من منطلق أنه الوطن الذي منه نستمد الاسم والجنسية وهو الأم الرؤوم والعباءة الضافية على الدوام ، وعليه ، فعندما نقول الأمن الوطني الأردني، فأننا نقصد المفهوم بأبعاده الشاملة الاقتصادية، السياسية، الاجتماعية ، والعسكرية وبعبارة أدق فالأمن الوطني يلامس عناصر قوة الدولة وتكاملها في حالتي الدفاع أو التهديد والتحدي.

وفي ضوء ما سبق، أجد أن الدستور الأردني، والميثاق الوطني، والرؤية الملكية للإعلام ، تشكل جميعها مرجعية تؤسس لحرية إعلامية أردنية، تجعلنا متقدمين على كثير من بلدان الإقليم الذي نعيش فيه وحتى في العالم، حيث يقول جلالة القائد الأعلى الملك عبد الله الثاني ابن الحسين« حرية الإعلام سقفها السماء»، وهذا بحد ذاته يشكل إطاراً للإعلام الذي نريد، وبما يتلاءم والأردن العربي المسلم والقائد الأنموذج في المنطقة، وهنا لابد من القول إن جلالة القائد الأعلى، وعندما أطلق هذا الشعار، فهو يقصد الإعلام الحرّ المسؤول، الإعلام المبادر، الشفاف والواضح ، الذي يحترم عقل المواطن ويبتعد عن الإسفاف أو المبالغة، إعلاماً ذا شخصية وطنية وليس إعلاماً تابعاً أو بوقاً يردد منهج الآخرين ، إعلاماً يعي ويدرك مصلحة الأردن وأمنه الوطني، ويدرك مصالح الأمة العربية الإسلامية وما تتعرض له من ضغوطات.

وهنا أستطيع القول ، إن جلالة القائد الأعلى برؤيته الملكية للإعلام ، قد وضع على كاهل الإعلام الأردني والعاملين فيه، مسؤولية وتحدٍ كبيرين ، الأمر الذي يتطلب منا إدراك ما يرمي إليه جلالته من مقاصد وغايات.

ولمزيد من الإيضاح ، فإن أقصى ما يرمي إليه جلالته برؤيته للإعلام ، هو التأكيد على أنه لا يمكن أن يكون هناك أي تعارض ما بين الأمن الوطني وحرية الإعلام المسؤول على الإطلاق . وعليه، فإن المسؤولية الإعلامية لا تشكل، كما أنها لا تعني عند ممارستها أو مراعاتها ، تحديداً أو تقييداً على حرية الإعلام ، والإعلامي عندما يقوم بممارسة الإعلام المسؤول ، فإن ذلك لا يتعارض مع الشفافية والوضوح أو حتى مع الأدبيات الإعلامية في بلدان العالم ، أي أن الوصول إلى المعلومة ونشرها يجب أن يكون محكوماً بمهنية واحترافية عالية ، تدرك أن نشر الحقيقة يجب أن لا يسهم في تدمير مصالح الوطن وبالتالي إضعافه .

والدليل على ما أسلفت هو التحول الكبير في النظريات الإعلامية المعروفة التي سبق الحديث عنها ، إلى أن وصلنا إلى أحدث نظرية إعلامية أمريكية وهي « عسكرة الإعلام » أو « الدعاية الإعلامية المسلحة » سعياً لخدمة الأمن الوطني الأمريكي ، وأكبر مثال على ذلك تشكيل الفيلق الإعلامي الذي رافق القوات الأمريكية التي غزت العراق ، حتى أصبحنا نرى أن هناك رقيباً على كل ما يقال أو يبث .

فما بالكم إذا كان هذا هو حال إعلام القوة الأعظم ، فكيف يمكن أن نُخْدع بما يروّج أو يقال في ظل العولمة ، ولماذا تصبح حرية الإعلام والتبرع بنشر المعلومات التي تؤثر في أمن الوطن وعلى بقائه مطلوبة من الآخرين ويصبح الكل مطلوباً رأسه بدعوى تكميم الأفواه والتضييق على حرية الإعلام ، ومعدومة في الحالة الأمريكية، أليس هذا من نتاج العولمة التي لا يجوز أن نبهر بوهجها ونقبل بما تروّجه او تسعى إلى تحقيقه بتقديم أمن القوة الأعظم وأسلوبها وثقافتها وقيمها ومثلها على أمن الآخرين وأساليبهم وقيمهم ومثلهم.

إننا في القوات المسلحة ندرك مفهوم الأمن الوطني وحدوده بكل أبعادهما ، وإننا نُجّلُ ونحترمُ إعلامنا الموقر ، ونُعَوّلُ في الوقت نفسه على أهل العزم من الأردنيين العاملين في الإعلام أن يثابروا على مزيدٍ من إدراك ووعي مفهوم الأمن الوطني وحدوده بكل أبعادهما ، وأن يسأل أي منهم نفسه السؤال التالي قبل أن يُقْدمَ على نشر أية معلومة مهما كانت درجة سريتها : هل لما سأنشره أي تأثير على الأمن الوطني الأردني ؟ وأن يكرر السؤال بينه وبين رئيس التحرير أيضاً ، لأن كل ما سيُنشر إن كان تأثيره أدنى من الوطن فالأمر هيّن ، لأن الوطن للجميع وعندها تبدأ عند الجميع أهمية الأمن الوطني والحفاظ على المصلحة الوطنية العليا .

ولكي أدلل بمثال حيّ على دور وسائل الإعلام في الأمن الوطني الأردني، استشهد بما وقع مؤخرا من تصعيد في العلاقات الأردنية العراقية بسبب خبر نشرته إحدى الصحف الأردنية وتناقلته الفضائيات ، وجاء على خلفية التفجير الذي حصل في مدينة الحلّة العراقية في شباط الماضي، حيث تحدث الخبر عن شخص أردني اتُهِمَ بالعملية ، وأن ذويه أقاموا مأتما ، بينما زعمت بعض الفضائيات أن المأتم أقيم كاحتفال لتلقي التهاني، مما دفع بعض المرجعيات الشيعية هناك ، ومنها عبد العزيز الحكيم للحديث عن تهاون أردني بشأن الإرهابيين ، وتناقله خطباء الجمعة في العراق الشقيق فاستثيرت الجماهير العراقية وخرجت لتعتدي على السفارة الأردنية وعلى الرموز الوطنية، بما فيها العلم الأردني ذي الدلالات الوطنية الكبيرة ، فاستدعى الأردن سفيره للتشاور وفعل العراق الشيء نفسه، مما أدخل علاقات البلدين في شبه أزمة دبلوماسية، فكأن للتحرك الأردني الحكيم المتعقل الأثر في تهدئة النفوس، حيث بادر رسمياً وشعبيا لاستنكار العمليات التي تستهدف المدنيين العزل، وفي هذا المقام نشيد بالرئيس العراقي السابق غازي الياور الذي ساهم بتعقله في وأد نار الفتنة في مهدها، كما حضر وزير التخطيط العراقي وأكد حرص بلاده على العلاقات الأخوية وصدق التوجهات الأردنية لصيانتها وحفظه حقوق الجوار والعروبة والإسلام، ثم أقيم ملتقى إعلامي مشترك حضره عدد كبير من إعلاميي البلدين في السابع عشر من نيسان الماضي، بهدف ترسيخ دور الإعلام في بناء جسور التواصل والثقة والتفاهم لصيانة الروابط وتمتين العلاقات. ثم تلت ذلك زيارة رئيس الجمهورية الجديد جلال الطالباني في مطلع ايار2005 لتصب في السياق نفسه وتبدد آخر الشوائب والغيوم التي اعترت العلاقة الثنائية بين الجارين الشقيقين. مما سبق، نلاحظ خطورة سلاح الإعلام ودوره في التشويش على العلاقات بين البلدين وكذلك تهدئتها من جديد .

وفي ظل هذه المسائل وغيرها نتساءل عن مدى وعي القائمين على الإعلام بمفهوم الأمن الوطني، وأين تنتهي حرياتهم في إطار الحرية المسؤولة، التي تضفي على عملهم مهنية عالية باعتبارهم السلطة الرابعة ، وحراس البوابة الإعلامية للوطن والمواطن ، الذين نأمل منهم أن يدركوا تماما أن الكلمة أبلغ من الطلقة إن أُحسنت إدارتها في ضوء أن سلاحهم هو الكلمات التي قد تخرج الأفعى من جحرها إن أُحُسنت صياغتها بدبلوماسية تراعي مصلحة الوطن دون مجاملة أو مواربة أو نفاق ، كما أنها قد تشعل الحروب كما قال الشاعر « وإن الحرب مبدؤها الكلام» بل وتوقظ الفتن، وتذكي في النفوس الحقد والكراهية ، وتغرس بين الشعوب والأمم بذور الشك، وتهدم بناء سنين طويلة جراء خبر أو تصريح تحمله وسائل الإعلام، وما خبر تفجيرات الحله عما أقول ببعيد، والجميع يدرك كنه وفحوى ما دار حول هذا الموضوع وما رافقه من أعمال غير مسؤولة مست شغاف قلوبنا بالسوء ، فالأمل أن نصل إلى المستوى المهني والعمل بحرفية عالية نصون من خلالها أمن وطننا بإحساس المواطن المنتمي إلى تراب الأردن العابق بالحب والأمل ونكران الذات، فالإعلام ليس للترفيه والتسلية فحسب بل هو علم وفن واحتراف، يلعب دوره البارز في تثبيت الهوية وتأصيل الثقافة وتطوير وتعزيز السلوك والتوجهات.

ووفقا لمقولة ومنهجية تؤمن ، أن طفل اليوم هو أردني الغد ، الذي يجب أن تصاغ شخصيته على أسس تكوين وطني، يؤمن بثوابت الدولة وبنظامها السياسي والاقتصادي والاجتماعي، ويكون مستعداً للدفاع عنها وتعظيمها، فهناك إرث سياسي حضاري تاريخي هاشمي، وهو كفيل إذا ما تم فهمه والتفاعل معه ومحاكاته قولا وفعلا ، بأن يضمن البقاء والقوة والقدرة على الاستمرار والتقدم ، واستشراف المستقبل بقوة ، ويرتكز على قاعدة صلبة مما أكرم الله به هذه الأمة بأن كانت أرضها مهد الديانات السماوية الثلاث، وهي تعتز أكثر ما تعتز بموروثها العربي الإسلامي الاستراتيجي على الدوام .

لقد أتاح الوطن بقيادته الراشدة مزيدا من الحرية لوسائل الإعلام والإعلاميين، وأكد جلالة قائدنا الأعلى ، أنه لا سقف لحرية الإعلام المسؤولة ، التي في إطارها يكون الصحفي واعياً ومدركاً لمعنى المواطنة، ويستشعر بحسه المهني الراقي معنى أن يكون أهله ووطنه آمنين مطمئنين.



المراجع :



1.د.حامد زهران، علم النفس الاجتماعي، القاهره1970

2.عصام موسى، المدخل في الاتصال الجماهيري،1986،عمان.

3.عاهد مشاقبه، الأبعاد السياسية للتدفق الإعلامي، عمأن2002.

4.الرأي 9/9/2003.

5.الرأي 19/9/2004.

6.الرأي 26/4/2003.

7.الرأي 20/2/2002.

8.د.بركات محمد مراد، ظاهرة العولمه، كتاب الأمة2002

9.فرأنسيس ستونر سوندرز، الحرب الباردة الثقافية، المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة 2002


 

رد مع اقتباس
قديم 01 / 05 / 2007, 42 : 04 PM   #19
VIP


الصورة الرمزية هادي
هادي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 5
 تاريخ التسجيل :  21 / 10 / 2003
 العمر : 53
الوظيفة :
الهويات :
عدد الالبومات :
 أخر زيارة : 16 / 09 / 2010 (02 : 07 PM)
 المشاركات : 9,017 [ + ]
 التقييم :  9967
افتراضي



الأمن الوطني مفهوم سياسي للدولة الحديثة

أدار الندوة: حمد الفحيلة
الضيوف المشاركون:

د. صالح محمد الخثلان العلوم السياسية - جامعة الملك سعود

د. صدقة يحيى فاضل عضو مجلس الشورى

د. عبدالله جبر العتيبي العلوم السياسية - جامعة الملك سعود

لواء، د.صالح فارس الزهراني عضو مجلس الشورى

د.علي فايز الجحني عميد كلية التدريب - جامعة الأمير نايف

مفهومنا الخاص للأمن ينطلق من المحافظة على المصالح المعتبرة وفق الثوابت الأساسية والأمن الوطني الذي هو مجموعة من الإجراءات تتخذ للمحافظة على أمان الوطن والكيان في الحاضر وفي المستقبل مع مراعاة الامكانات المتاحة، وهو مجموعة من الإجراءات الوقائية والعقابية والتربوية التي تتخذها السلطة لصيانة استتباب الأمن داخليا وخارجيا انطلاقا من المبادئ التي تدين بها الأمة ولا تتعارض مع المصالح والمقاصد المعتبرة، وله أبعاد تتعلق بالنظام السياسي والتماسك الداخلي والاستقرار الاجتماعي.. فمن هنا جاءت هذه الندوة لتسليط الضوء على هذا الجانب المهم مع عدد من المختصين في العلوم السياسية والعلوم الأمنية..

٭ «الرياض»: توطئة للندوة نود التوضيح للقارئ الكريم بأهمية الأمن الوطني وتعريفاته؟

- د. علي الجحني: بالنسبة لموضوع الأمن الوطني فإنه قد نال الاهتمام الكبير من العلماء والمفكرين والمثقفين وايضا من الممارسين للعمل الأمني والاستراتيجي على وجه الخصوص. واذا نظرنا إلى التعريفات فهناك حشد كبير من التعريفات والعشرات منها، وكل مفكر ينظر إلى هذه المسألة من زاويته ومن تخصصه واهتماماته، لكن في أبسط عبارة دون الدخول في التصعيد الأكاديمي، وما يطرح في الجامعات وأروقتها هو المحافظة على مصالح الأمة في الداخل والخارج وتأمين الجبهة الداخلية وحماية الحدود والثغور والنظر إلى الأمن بمنظار أشمل وليس فقط بمنظار الأمن الجنائي أو الأمن السياسي، ولكن هناك منظومة كبيرة ينظر إليها من حيث الأمن الاستراتيجي والاقتصادي وإلى آخره.

ولذلك فإن الأمن نال اهتماماً كبيراً ولا شك أنه الآن حل في موقع من اهتمام الكليات والجامعات المتخصصة في هذا المجال والشأن، وتظل المسافات والمترادفات للمفهوم نفسه فيها اختلاف ربما ننظر اليهما فالمدرسة الأمريكية أو الغربية تنظر الى الأمن بمفهوم ينبع من طبيعتها، والأمن أيضا في الدراسات الشرقية عندما كان هناك ما يسمى بالاتحاد السوفياتي ينبع من مفهوم آخر، أما دول العالم الثالث فهذه أيضا لها خصوصيتها ولنا نحن في المملكة العربية السعودية مفهومنا الخاص للأمن الذي ينطلق من المحافظة على المصالح المعتبرة في الشريعة وهي المحافظة على الدين والنفس والعقل والعرض والمال وفي إطار هذه الثوابت تنطلق مسيرة الأمن الوطني في بلادنا.

- لواء صالح الزهراني: كما تفضل سعادة الدكتور علي الجحني فإن الأمن له تعريفات متعددة كل ينظر إليه من زاويته الخاصة لكن هناك تعريفين أحدهما لمفكر استراتيجي مصري الذي عرفه أنه مجموعة إجراءات يمكن أن تتخذ للمحافظة على أمان الوطن والكيان في الحاضر وفي المستقبل مع مراعاة الامكانات المتاحة وتطبيق اي استغلال للمصادر الذاتية وجعلها الأساس لبناء القدرة وادراك المتغيرات التي تحدث في الداخل والخارج، وهذا التعريف من أقرب التعريفات للمواقع، ولكن ما زال البعض يتعامل معه في بعده المادي، وهناك تعريف آخر هو تعريف إسلامي وهو الذي عرفه سعادة الدكتور علي الجحني بأنه مجموعة الإجراءات الوقائية والعقابية والتربوية التي تتخذها السلطة لصيانة استتباب الأمن داخليا وخارجيا انطلاقا من المبادئ التي تدين بها الأمة ولا تتعارض مع المصالح والمقاصد المعتبرة من الأمة، اذاً هذا التعريف الثاني يشمل البعيدين المادي والروحي، وعندنا في الإسلام أن الأمن الوطني انطلاق من قول الله سبحانه وتعالى: {والذين آمنوا ولم يلبسوا أيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن...} فالإيمان بالله مطلب لاستتباب الأمن وفي هذا السياق يأتي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما معناه (.. أصبح آمنا في حياته معافى في بدنه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها) فالأمن في الإسلام يجب أن يعطينا النواحي الروحية والمادية.

أما من حيث التعبير فالأمن الوطني هو تطور لشعور المجتمعات الإنسانية المتجانسة والواقعة في منطقة محددة من الكرة الأرضية، وفكرة الأمن الوطني مرتبطة بطبيعة الحال بتطور المجتمع وهذا مفهوم سياسي نشأ منذ نشوء الدولة الوطنية في العصور الحديثة، وكان عند نشوئه مرتبطا بالمفهوم العسكري وينظر اليه على أنه يتعلق بالأمن العسكري ضد الأخطار الخارجية وضد الغزو وهجمات الأعداء، ثم تطور بعد ذلك خصوصا منذ ثلاثين سنة تقريباً حتى أصبح له دلالات شاملة ومعان شاملة بحيث يشمل الأمن الفكري والاقتصادي والاجتماعي والنفسي والإنمائي كلٌ هذه الأمور تدخل في مفهوم الأمن الشامل ومن هذا المنطلق فإن الأمن كل لا يتجزأ في مفهومه الحديث، ويصعب أن نستبعد جانبا من جوانب الأمن لا تغطي ونعتبر أن الأمن متوفر في المجتمع.

- د. صالح الخثلان: أشارك الدكتور علي الجحني واللواء صالح الزهراني في ما ذكراه حول ما يتعلق بعدم وجود تعريف دقيق ومحدد لمفهوم الآن فهناك عدة تعريفات وعدة اتجاهات في تناول قضية الأمن الوطني ونستطيع أن نتحدث عن اتجاهين رئيسيين، الاتجاه الأول يعطي تعريفا ضيقا للأمن الوطني ويحصره في الجانب العسكري المتمثل في توفير القدرات العسكرية لحماية الدولة، وهذا التعريف الضيق يحصر التهديدات على التهديدات الخارجية التي تتعرض عليها الدولة، فهو هنا يتحدث عن الدفاع فقط عن الدولة وهذا هو المفهوم الذي ساد في بداية الثمانينات بعد ذلك جاء اتجاه آخر جديد أكثر شمولا وهو اتجاه واسع ينظر الى الأمن كقضية ذات أبعاد خارجية وداخلية، وكذلك ذات مستويات ويعطي صورة شمولية لقضية الأمن، فالأمن ليس فقط متعلقا بتوفير القدرات العسكرية وإن كان هذا جانبا في غاية الأهمية، ولكن هناك أبعاد اقتصادية وأبعاد تتعلق بالنظام السياسي والتماسك الداخلي والاستقرار الاجتماعي، هذا هو الآن التعريف الأقرب لمفهوم الأمن وهو ايضا التعريف السائد هذه الأيام ويمكن أن نقول من خلال هذا المفهوم الواسع أن الأمن الوطني هو حماية القيم الأساسية للدولة من أي تهديد ويدخل فيها بقاؤها واستقرارها وسيادتها والرفاه فيها الاقتصادي والاجتماعي للمواطنين وبعض الدول حسب امكاناتها يجب حمايتها كذلك حماية وتوفير الامكانات اللازمة لحماية القيم الأساسية هي من صميم الأمن الوطني، توجد جزئية تتعلق بمفهوم الأمن الوطني في الوطن العربي وتاريخيا يعالج هذا المفهوم دائما من منار الأمن الوطني وقليلا ما كان الاهتمام بالأمن الوطني باعتبار ان الدولة ينظر اليها كقطر وكجزء من الأمن العربي ككل فكان الحديث تاريخيا دائما عن الأمن الوطني العربي في الدول العربية كلها، ودائما ما يكون هناك تجاهل للأمن الوطني، ولكن في السنوات الأخيرة أصبح هناك ادراك لذلك بأن الأمن الوطني للأمة مهما عرفنا هذا الأمن وحرصنا عليه يبقى أمن كل دولة على حدة مهماً جداً من أجل أن تصل إلى الاستراتيجية الشاملة لتحمي هذه الدول العربية كلها، فلا يمكن أن تتجاهل هذا المستوى للأمن الوطني.

- د. عبدالله العتيبي: مفهوم الأمن الوطني وفي قضية التعريف تحديدا قد اختلف مع الدكتور علي واللواء صالح، في نقطة جوهرية وأساسية وهي أن مفهوم الأمن الوطني يرتبط وفقط من مجرد التسمية بمنطق الدولة الوطنية، وهذا يعني أن الدولة تعمل وفق منطق خاص بها يحتم عليها العمل وفق معطيات الواقع الذي تواجهه، فبالتالي يكون التعريف هو تحقيق مصالح الدولة وحمايتها والمحافظة على بقائها ووجودها بجانبيه الداخلي والخارجي وتأتي في هذه القضية تحقيق مصالح الدولة، وفي هذا تشترك جميع دول العالم فهاجسها الوحيد بالنسبة لها هو المحافظة على بقائها ووجودها وتحقيق مصالحها وبمعنى آخر هو توظيف للمصادر المتاحة من أجل تحقيق غايات معينة وهنا تأتي قضية كفاءة الدولة بغض النظر عن كثرة الموارد المتوفرة التي تعتبر قضية جوهرية لأنها تستخدم في تحقيق الأهداف العليا للدولة، والقضية الأخرى للأمن الوطني وهي التي تتضح ايضا من التسمية انه وطني وليس قومياً، بمعنى أن مهمة الأمن الوطني هو تأمين بقاء مصلحة وقوة ومنزلة ورفاه الدولة الوطنية تحديدا، واذا أصبحت المسألة وطنية بحتة فإنها ستصبح أنانية، بحتة وصرفة وتعتني بذاتها ولن يكون في ذلك منقصة على الدولة وانما هذا هو منطق الدولة وكيفية عملها والقضية الثالثة والتي أيضا أود أن أركز عليها هي أن مسألة الأمن الوطني انطلاقا من هذا المنطق الذي أركز عليه ألا وهو منطق الدولة أو كيفية عملها لا علاقة لها بالخصوصية ولا علاقة لها بالقيم، فالقضية هي قضية وجود وقضية أمن ورفاه اقتصادي واجتماعي أو أمن سواء كان أمناً بالمعنى العسكري أو بالمعنى الفكري. وبدون هذه الأمور لن تستطيع الدولة أن تدافع عن الخصوصية مهما كانت هذه الخصوصية نبيلة أو في مداها. فقضية الخصوصية أو قضية القيم إذا تغلبت على منطق الدولة وكيفية عملها وخدمة مصالحها فقد يكون لها آثار سلبية، فمجرد ارتباط كلمة أمن بكلمة وطن هذا يعني أنه مرتبط بعمل الدولة. هذا ما وددت ذكره حول هذه النقطة.

- د. علي الجحني: ليس هناك أي اختلاف ولله الحمد.. عندما نقول إن تأمين الجبهة الداخلية والإجراءات التربوية والوقائية التي تتخذها أي دولة هو للحفاظ على أمنها ومصالحها على ضوء ثوابتها. إن الأمن هو الشيء الذي يجعل للحياة طعماً وهو أكسجين الحياة، وكل دولة تسعى إليه، لكن الاختلاف في ما هي الاجراءات والوسائل لتحقيقه. وفي اعتقادي عندما قال مكنمار أن الأمن والتنمية وجهات لعملة واحدة فهو لم يأت بشيء جديد وأرى أن الدكتور عبدالله العتيبي يتبنى رأي مكنمار ولديه دراسات في هذا المجال. وفي إسلامنا الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف، هذا منذ أكثر من 14 قرناً وأيضاً وأن لك فيها ولا تجوع ولا تعرى ومن أصبح آمناً في سربه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها... الخ. نعود ونقول دون الدخول والاغراق في هذه الشكلية إذا كان لدينا من الجامعات العربية أثكر من 200 جامعة ولا يدرس الأمن الوطني إلا في ثلاث جامعات فماذا تقول عنا نحن في العالم العربي!! هذه هي الكارثة حيث إن مفاهيم الأمن العربي الوطني لا يزال فيها ضبابية ويتخرج الخريج من الجامعة فيرى أن المؤسسة العسكرية الأمنية تحاول أن تقلل من حريته ولذلك تجد أن من المشاكل الكبيرة في الوطن العربي هي أن مفاهيم الأمن الوطني ما زالت غائبة والسبب هو أننا لم ندرس مثل تعاليم المرور وكيف نتعامل مع الشارع ومع الحياة وكيف نكافح المخدرات وكيف ننظر إلى المستقبل ونسشرفه وكيف نشعر بهموم المجتمع. أنا أتصور أن هذه هي المشكلة ولذلك فإن ما يتحصل عليه الدارس من جامعة الأمير نايف العربية للعلوم الأمنية وهو دبلوم الأمن الوطني العربي بما في ذلك الأمن الوطني للمملكة العربية السعودية وهذا الدبلوم يدرسه الطالب لمدة سنة ونتمنى أن يتطور ليصبح هناك كلية الأمن الوطني.

- د. عبدالله العتيبي: مسألة مفهوم الأمن الوطني في العلوم السياسية المعاصرة وفي الدراسات الاستراتيجية المعاصرة لا يعني الجانب الداخلي فقط إنما فالجانب الداخلي هو جانب واحد من جوانب الأمن الوطني وهو يعني تعزيز الجبهة الداخلية بما في ذلك المحافظة على قيم وخصوصية الدولة، ولكن الأدهى والأمر هو الجانب الدولي فالجانب الداخلي يمتاز عن الجانب الدولي بأن الدولة لها السيطرة الكاملة على ما يحدث داخلياً. أو السيطرة شبه الكاملة وتستطيع أن تحصل على ما تريد من المعلومات وأن توظف ما تريد من الأجهزة وأن تنشيء ما تريد من المؤسسات التي كلها تساعد على تعزيز الأمن الداخلي، لكن قدرة هذه الدولة السحرية على السيطرة على الوضع الداخلي تنتهي نهائياً وعلى المجتمع الدولي. وتصبح الدولة في شك دائم وفي دوامة أمنية دائمة عن القضايا التي قد تهدد وجودها ومستقبلها، فالجانب الخارجي هو الجانب الأكثر أهمية من الجانب الداخلي للأمن الوطني ويعني تحديداً توظيف القدرات المتاحة في الدولة من أجل تعزيز مصالح وقوة الدولة ومنزلتها في المنظومة الدولية.

- د. صالح الخثلان: عندما نتحدث عن الجانب الداخلي فقط قد تكون مصادر التهديد لهذا الأمن داخلية، وكفاءة الدولة وقدرتها أن تبقى باستمرار قادرة على تأمين وتعبئة مواردها وهنا قد يكون هناك خطر أمني داخلي يضعف امكانية وقدرة الدولة على تعبئة مواردها. فلو أخذنا بهذا المفهوم العام وجئنا إلى المملكة نجد أن لكل دولة مفهوم للأمن مع وجود مفهوم عام مثل مفهوم الأمن الكوري ومفهوماً الأمن المصري والسعودي وهكذا فالأمر يختلف من دولة لأخرى حسب مكانة الدولة وظروفها وقدراتها. فمثلاً بالنسبة للمملكة نستطيع أن نتحدث عن أربعة أبعاد للأمن الوطني السعودي، فيما يتعلق بأمنها الداخلي أو بوجودها كدولة. وهذا الاهتمام المركزي يكون دائماً في القضايا الداخلية التي تمس الأمن الوطني والقيم الأساسية للدولة وكذلك بالإطار الاقليمي القريب جدا فالجزيرة العربية والخليج العرب. هناك بعد آخر يتعلق بالأمن الوطني السعودي بدورها الاقليمي المميز جداً وخصوصاً القوي جداً وما يحدث في الجوار العربي وليس القريب جداً وإنما حتى في الوطن العربي ككل ومنطقة الشرق الأوسط والذي قد يؤثر الأمن الوطني السعودي، وهذا لا يتحقق في الدول الصغيرة. وفي مستوى آخر حضور المملكة على مستوى العالم الإسلامي والذي يجعل لها بعداً أمنياً مهماً جداً فيما يتعلق بالأقليات سواء من حيث دعمها أو الحرص على حضورها ودورها الايجابي، كذلك يأتي حضور المملكة دولياً فقضية النفط هي قضية أمنية وطنية لا يمكن تجاهلها. هذه الجوانب كلها جوانب مهمة وفي غاية الأهمية، فالدولة الصغيرة ربما قضيتها الأمنية داخلية ومحيطها الجغرافي القريب جداً من حدودها، لكن بالنسبة لدولة كالمملكة أو دولة مثل مصر تتسع دائرتها الأمنية الوطنية، وهكذا بالنسبة لأي دولة حسب مكانتها وحضورها.

- اللواء صالح الزهراني: نتحدث عن الأمن في الدولة المعاصرة وقلنا في البداية أن مفهوم الأمن الوطني بدأ كعسكري ثم جنائي وفكري واقتصادي حتى أصبح الآن بمفهومه الشامل، هذا من حيث المعنى والمفهوم، أما من حيث أيهما أهم الأمن الداخلي أو الأمن الخارجي فلذلك الأمر حوله اختلاف. وموضوع الأمن الوطني متجدد كما تعلمون ومازال في حاجة إلى المزيد من الأبحاث، لكن في الواقع في دول العالم النامي يبدو أن الأمن الداخلي يحتل الأهمية القصوى، فالجبهة الداخلية يجب أن تكون قوية ومتماسكة ولديها القدرة على مقاومة الضغوط والتحديات الخارجية، أما إذا كانت هذه الجبهة الداخلية ضعيفة ومهلهلة ومحترقة فمهما كانت امكانيات الدولة ومهما كان عدد الشعب ومهما كانت القدرات يسهل اختراقها ومهاجمة نقاط الضعف فيها وتعريض أمنها واستقرارها للخطر. فأنا في نظري أن الجبهة الداخلية في مفهومها أهم من حيث المحافظة على أمن الدولة. لأن عليها تستطيع أن تبني ومنها تستطيع أن تنطلق في كل الاتجاهات باتساع الوطن.

٭«الرياض»: ما زلنا في حاجة إلى توضيح أكثر أهمية للأمن الوطني وجوانبها؟

-د. عبدالله بن جبر العتيبي: جاء قرار خادم الحرمين الشريفين بإعادة تنظيم مجلس الأمن الوطني كخطوة جديدة ضمن مهمة سعي القيادة في المملكة إلى تحسين آليات وعمليات صنع القرار الأمني والسياسي. ويأتي هذا القرار في سياق اعادة هيكلة مؤسسات الدولة وتطويرها استجابة للتغيرات التي شهدتها البيئة الدولية والمحلية والاقليمية المحيطة بالمملكة. وإعادة تفعيل مؤسسة تختص بالأمن الوطني مثل المجلس يعتبر مسألة مهمة بالنسبة لدولة كبيرة ومهمة مثل المملكة. فسياسة المملكة الأمنية والدبلوماسية تدور في عدة دوائر جميعها ذات أهمية قصوى بالنسبة للاستقرار والأمن الاقليمي والدولي. فالمملكة لم تكن في يوم من الأيام دولة هامشية، وبالتالي يصبح من الواجب ملء هذا الدور بشكل فعال ومؤثر.

ولهذا فإن الدور الرئيسي لمجلس الأمن الوطني الجديد سيكون التأسيس لآلية تنظيمية تدعم عملية صنع القرار في السياستين الداخلية والخارجية. وعلى الرغم من أن الأسم يشير إلى أن المجلس سيكون مهتماً بالجانب الأمني إلا أن تجارب الدول الأخرى تفيد أنه لا يمكن الفصل بين الأمن والدبلوماسية، وأن مفهوم الأمن أوسع وأشمل من القضايا الأمنية البحتة وهو المقرر الرئيسي لاستقرار وتطور أية دولة.

ولهذا فإن مجلس الأمن الوطني هو المنبر الرئيسي لصانع القرار السياسي الذي سيعينه على الاهتمام بالأمن الوطني والسياسة الخارجية والداخلية بمساعدة مستشاريه وأعضاء المجلس. وسيقوم بتطوير آلية فعالة لايجاد حالة من التنسيق بين مختلف أجهزة الدولة ومؤسساتها السيادية. وذلك بهدف وضع ورسم سياسة فاعلة على المستويين الداخلي والخارجي. ولهذا فإن مهمة المجلس هي في الأساس استشارية وليست تنفيذية.

كما سيكون من مهام المجلس تقديم رؤية شاملة لمصالح الدولة وتقييم للاخطار والتحديات التي تواجهها. ولهذا سيقوم برسم الاستراتيجيات الضرورية لمنح الدولة المرونة والقدرة على التعامل مع التغيرات في البيئتين الداخلية والخارجية. وكذلك التنسيق بين مؤسسات الدولة ذات العلاقة وبين متخذي القرار. فهو سيعمل كحلقة وصل بين مؤسسات صناعة القرار وبين هيئة اتخاذ القرار.

- د. علي الجحني: طبعاً لقد تطرقنا إلى ماهية الأمن وتعريفاته.. ونسوق مثلاً بالولايات المتحدة الأمريكية ليتضح المعنى ثم نعود مرة أخرى إلى السؤال.

الولايات المتحدة كانت تنظر إلى الأمن على أنه حماية من التهديد الخارجي ولكنها اكتشفت مؤخراً بعد «11 سبتمبر» ان الأمن الداخلي مهم جداً فأنشأت وزارة أي رجعت إلى ما عليه العالم الثالث من حيث وجود وزارات الداخلية والأمن الوطني والحكم المحلي وما إلى ذلك. وهذا يدل على أهمية الأمن الداخلي في مواجهة احتمالات الأزمات الخارجية، لأنه شيء متفق عليه بين المفكرين انه إذا كان الشعب والأمة والدولة القطرية أو الدولة بمستويات أخرى، إذا كانت الدولة القطرية قوية والدولة الوطنية قوية لا تضر كثيراً التهديدات الخارجية إذا كان هناك اعتصام ووحدة ولا انقسام داخل البلد. أما إذا كانت هناك انقسامات وتشتت ونعرات وإثارة بعض المشاكل فستكون هناك دعوة مفتوحة للأعداء الخارجين لكي يتدخلوا. من هنا فإن أهمية الأمن الداخلي انه أساس التنمية وعصب الحياة وأساس التطور.

وفي ظل الأمن الذي تنعم به أي دولة تجد ان الاقتصاد ازدهر ورأس المال تطور والاستثمارات مفتوحة، الوفود والتوظيف على قدم وساق، شعور المواطن بالأمن، وهذا ما اعتبره المقياس الحقيقي للأمن، والأرقام هي التي تعطي المؤشرات لكن حينما تسأل المواطن العادي انه آمن ومرتاح نفسياً وحياته منتظمة ويأمن على نفسه وعلى مستقبله ومستقبل أولاده اعتقد ان هذا أعلى مستويات الأمن، ومن هنا يأتي دخولنا مدخلاً طبيعياً لأهمية الأمن.

- د. صالح الخثلان: جميعنا متفقون على أهمية الأمن الوطني لكن الأهمية الآن أن يتطور هذا المفهوم. ولو نظرنا الآن إلى مجلس الأمن الوطني نجده مؤسسة قديمة وربما أقدم مؤسسات الوطن العربي وكان قد شكل لوظائف معينة، إنما الآن لو نظرنا إلى الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي الراهن للمملكة نجد أن هناك تحديات جديدة لابد من أخذها في الاعتبار في إطار استراتيجية الأمن الوطني، كذلك البيئة الاقليمية والدولية فيها بؤر متوترة غير مستقرة تحيط بالمملكة، وهذه مسألة في غاية الأهمية وتؤثر على الأمن الوطني السعودي. تاريخياً كان التركيز على الأمن الجنائي، لكن الآن هناك أمن اقتصادي وأمن يتعلق بالمستقبل واستقرار المنطقة ككل واستقرار داخلي، وهذه مسائل جديدة استجدت ولابد من التركيز عليها. إلى جانب البعد الجنائي المهم جداً فيجب أن نركز على القضايا الجنائية. والذي أود أن أقوله هو أن ننتقل من مفهوم الأمن الوطني التقليدي إلى المفهوم الحديث لمواجهة الأبعاد الجديدة إضافة إلى الأمن الجنائي المهم جداً.

المملكة مفهومها للأمن الوطني مرتبط بمكانتها فمثلاً دورها في أسواق الطاقة يعتبر قضية أمنية بمعنى كيف تحافظ باستمرار عليها لأن الطاقة مصدر مهم جداً في اقتصادنا وهذه كما قلت قضية أمنية وليست فقط قضية اقتصادية. أيضاً هناك منافسة قوية في محاولة لتحجيم دور المملكة في العالم الإسلامي، ولذلك مهم كيف تطور دورها للمحافظة على هذا الحضور ونفس الشيء في نطاق الوطن العربي. فالقصد هو أن صانعي القرار - ولابد أنهم مدركون ذلك - عليهم الاهتمام بالأبعاد الجديدة ووضعها في الاعتبار في منظومة الأمن الوطني.

- د. عبدالله العتيبي: الذي ألاحظه أنا هنا هو أن هناك تركيزاً على الجانب الداخلي، ولا شك في أن الجانب الداخلي جزء أساسي من الأمن الوطني. واعترف بما تفضل به الدكتور علي الجحني حول قلة المراكز أو الجامعات لدراسة مفهوم الأمن الوطني، ولكن للأسف حتى ما وجد منها في العالم العربي ما زال يركز على الجانب الجنائي وكأنما المواطن أو من يقع داخل الوطن هو مصدر التهديد للأمن الوطني. نعم الجانب الجنائي كما تفضل الدكتور صالح هو جانب مهم، لكن الجانب الجنائي تتوفر للدولة آلية فعالة جداً في توفيره وانتهى الكثير من دول العالم منه.

أما الجوانب الأخرى المهمة جداً في الأمن الوطني فهي المستجدات التي ذكرها الدكتور صالح الخثلان. مثل الجانب الفكري. وفي نظري أن المهم في هذا الجانب هو رسم استراتيجية تحافظ على تعددية ممأسسة أو في إطار قنوات تتصف بصفة المؤسسات المستقرة والتي تحافظ على التعدد في إطاره السلمي والمقبول. والجانب الأهم أيضاً في قضية الأمن الوطني الداخلي هو تحقيق كلمة وطني بأقصى درجات الوطنية بمعنى مأسسة السياسة ومأسسة المواطن.

والعمل على تعزيز شعور المواطن بانتمائه وبكيانه للدولة وللمنجزات، أي ان الجانب المهم في الأمن الوطني الداخلي هو تشكيل هوية الشخص المواطن وزيادة قدرته ولاستشرافه لمستقبله. فإذا كان الإنسان لا يرى في هذا المستقبل إلا كل العقبات والعثرات فلن نستطيع أن نفخر بأننا حققنا شيئاً من الأمن الوطني. وشعور المواطن بالأمن ليس فقط انه في مأمن، وإنما أيضاَ شعوره بأن أولاده سيجدون العمل في المستقبل، بالإضافة إلى توفر الحماية.

فالمستقبل المشرق وتحقيق ذلك مكون أساسي من مكونات الهوية الوطنية وهي جزء أساسي في الأمن الوطني.

- د. صدقة فاضل:إذا تحدثنا بطريقة مباشرة نقول أن الفكر السياسي قد توصل العالم فيه إلى صيغة معينة تحقق الأمن الوطني، وهذه الصيغة قابلة للتطبيق على كل المجتمعات طالما اننا نتحدث في شأن البشر.

وهناك مبادئ أساسية يجب أن تراعى. أنا والدكتور اللواء صالح كنا نتحدث وخلصنا إلى أن الأمن الوطني ليس هو الأمن الأمني إن صح التعبير، وإنما هو مفهوم أشمل، وطالما شعر الإنسان انه حر وأن هناك مساواة وأن هناك عدالة وأن هناك عدم حجر على الآراء فقد تحقق الأمن الوطني. وإذا بدأت الحديث من حيث انتهيتم فأقول نحن لسنا بدعاً من الناس وما ينطبق على الآخرين ينطبق علينا. وصحيح أن لكل بلد خصوصية، والخصوصية ليست وقفاً على بلد دون آخر، بل إن لكل شخص في هذه الدنيا خصوصية حتى ان التوأم نجد ان هذا له خصوصية وهذا له خصوصية أيضاً. وهكذا يسري هذا على الحي والشارع والمدينة. ودائماً نحن نستخدمها بحيث ننتهي إلى أننا نحتاج إلى تنظير معين. وأنا أرى أن التنظير موجود والنظريات موجودة مع مراعاة خصوصية كل بلد وهذا التنظير يمكنه تحقيق الاستقرار والأمن الوطني.

ولتعريف الأمن الوطني أقول إنه حالة الاطمئنان واللاخوف التي تعيشها بلاد معينة في أوقات معينة أو هو استتاب النظام والاستقرار في بلد معين وفسر الأمن الوطني الإيجابي بأنه استتاب الاطمئنان والنظام على أسس تقرها غالبية البلد المعني، ولا يكفي أن يكون هناك بلد فيه هدوء وليس فيه مشاكل ولا شيء ظاهرا كالاضطرابات ونقول انه مستقر وآمن، لابد من وجود عنصر مهم حتى نقول انه مستقر وآمن هذا العنصر يسمى الرضا، وهل هذا الاستقرار قائم على أسس ترضاها الغالبية؟ وإن كانت هذه الأسس ترضاها الغالبية فهذا هو الاستقرار الصلب الذي يمكن أن يستمر على المدى البعيد والعكس هو عدم الاستقرار المبطن.

- اللواء صالح الزهراني: في تقديري أن الأمن أهميته بالنسبة للإنسان والمجتمعات كبيرة، ولذلك امتن الله سبحانه وتعالى على قريش بقوله: {... الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف}.. فالأمن مثل الماء والطعام هذه من ناحية. ومن ناحية ثانية ان هناك مقومات لهذا الأمن كالسياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والأمنية بمفهومها الجنائي والثقافي وغير ذلك، هذا هي مقومات الأمن الوطني والجوانب المشار إليها هي متعددة وهي سلسلة من مفاهيم مترابطة للأمن الوطني تماماً مثل السلسلة ويمكن للسلسلة ان تعتمد على أضعف حلقة فيها فالأمن مفهوم شامل وددت ان أشير إلى هذه النقطة وإلى ان الإيمان بالله سبحانه وتعالى في الدولة السعودية هو أهم مقوماتها الأمنية، حيث يتوفر لدينا الأمن والحمد لله، وهذا الإيمان بالله سبحانه وتعالى يوجه الحاكم والمحكوم، يوجه الحاكم ان يعدل والا يظلم والا يتخذ قرارات غير عادلة أو سياسات غير مفيدة للوطن، ويوجه المواطن إلى الا يرتكب الجرائم والا يشجع على ارتكابها وان يقوده إيمانه وضميره إلى الا يظلم أحداً، وبهذا يسود الأمن الوطني والاستقرار على جميع المستويات.

- د. عبدالله العتيبي: خطر ببالي ان أضيف محوراً آخر يقبل النقاش لأن الذي تحدثنا عنه في الساعة الماضية هو الأمن كمفوم وما زال فيه بقية من الحديث عن الأمن الخارجي لكن أيضاً حتى يكون للندوة صلة بالواقع المعاش حالياً وهو ما حصل مؤخراً من إنشاء مؤسسة مهتمة بالأمن الوطني أيضاً يجب ان يكون من ضمن المحاور التي يجب ان نتحدث عنها محور الامن الوطني كمؤسسة لأن جزءاً من نقاط هذه الندوة هو تعريف القارئ الكريم بالمؤسسة الجديدة التي أنشئت وهي مؤسسة الأمن الوطني. سواء من ناحية الأمن الوطني كمفهوم أو الأمن الوطني كمؤسسة. أما بالنسبة لعامل الإيمان في قضية الأمن الوطني فلا شك انه في دولة إسلامية أو في مجتمع مسلم كالمجتمع السعودي أو أي مجتمع آخر في الدنيا يعتبر عنصراً ضرورياً في السلوك الاجتماعي والسلوك السياسي. لكن قضية الإيمان تبقى قضية غيبية باطنية وحتى تجد لا وجود في أرض الواقع لابد ان تكون في مؤسسات مستقرة وهذه ترجعنا مرة أخرى إلى قضية الرضا التي أضافها الدكتور صدقة في تحقيق الأمن الوطني. وإذا كان الأمن الوطني ناتجاً عن الرضا والقناعة التامة فإن هذه لا تأتي إلاّ من مؤسسات يتم من خلالها التعبير عن الرغبات والاختلافات في إطار منظم. وأما إذا كان مفروضاً فرضاً فهو ليس رضا وإنما هو عدم استقرار مبطن.

- د. صدقة فاضل: أود ان أضيف نقطة مهمة جداً إلى ما قاله الدكتور صحيح ان الحياة العصرية لابد أنها تحتاج إلى مؤسسة ونحن نخطئ كثيراً عندما نقول ان النهاية أو المرجعية لأفراد، هذا عيب كبير فينا وسبب كبير من أسباب التخلف. في الدولة العصرية هناك مؤسسات تسيرها والدولة غير العصرية ربما لا تسيرها مؤسسات والشخص الفرد لا يؤسس أمناً وطنياً صلباً في اعتقادي مهما بلغ هذا الشخص من الكارزمية في هذا العصر بالذات كذلك الأمن الوطني لا ينحصر في مؤسسة واحدة فكل ما هو موجود في البلد يؤدي وظيفة أمنية وطنية معينة فالمدرسة والصحيفة والجامعة كلها لها أدوار أمنية وطنية تؤديها، وان يقام مجلس للأمن الوطني هذا تقسيم إداري. وهذا لا يعني ان كل المهام الأمنية الوطنية كلها تنحصر في هذه المؤسسة ونستطيع ان نقول ان كل فرد له دوره الأمني يؤديه.

- د. صالح الخثلان: مفهوم المأسسة لا يعني إنشاء المؤسسة لأنها كانت موجودة أساساً إنما الذي حدث هو تطويرها كمأسسة الإجراءات ومأسسة الممارسات فيما يتعلق سواء بالنظام السياسي أو النظام الاقتصادي أو الاجتماعي. والمأسسة هي ركيزة أساسية لتحقيق الاستقرار والأمن. بالنسبة للرضا فهذا يعني انه في صياغة الأمن الوطني لابد من الأخذ في الاعتبار مفهوم الرأي العام على الإيمان والعقيدة. والمهمة التي تواجه مجلس الأمن الوطني هي صياغة استراتيجية الأمن الوطني. ولابد من اشراك كل المؤسسات كمجلس الشورى وجهات أخرى فى هذه الصياغة.

٭ «الرياض»: كثرت في الأونة الأخيرة التهديدات خارجية كانت أم داخلية فما مصادر التهديد للأمن الوطني؟

- د. علي الجحني: من المهددات ما أشار إليه الدكتور صالح في دعائم الأمن الوطني أو مرتكزاته، وهذه من أهم القضايا التي ينبغي ان نلتفت إليها مثل المرتكز الديني والسياسي والاقتصادي والنظرة الشمولية. أيضاً هناك مبدأ مهم جداً في الرضا هو بتكافؤ الفرص والعدل فسيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما عدل كان يقول: (عدلت فأمنت فنمت يا عمر)، فالعدل في الدول على المستوى الوطني أو القطري أو الدولي يعطي الانطباع الجيد بأن العدالة تمضي على الصغير والكبير وتأخذ مجراها، وبالتالي يكون هناك الرضا الذي أشار إليه الدكتور صدقة. أعود وأقول كلمة الأمن الوطني ليست فقط ما يؤخذ على أمن أماناً فهو مأمون واطمئنان، واطمأن أي زال الخوف وسكن قلبه وهدأ، ولكن له أبعاد أخرى أيضاً في صنع القرار عندما يُصنع قرار له تأثير على الأمة أو ما هو أثر هذا القرار وما هي نقاط القوة والضعف فيه وردود الفعل وما هي فرص نجاحه أو عدم نجاحه والتهديدات الداخلية والخارجية والقوة المعنوية لتنفيذه؟، يا ما صنع من قرارات ويا ما أعد من أنظمة لكنها عند التنفيذ في عالمنا العربي نجد أنفسنا في نكبة وفي مشكلة ونحتاج إلى دراسة هذا الأمر ولماذا لا تفعل هذه القرارات وهذه التوصيات والأنظمة والسبب هو ان هناك فجوة بين المفكرين والمثقفين وبين الإداريين وحتى مع الأسف من يعمل في الجامعة من الأكاديميين لمدة ربع قرن ثم ينتقل إلى وظيفة يصبح يدور في دولايب البيروقراطية ويعمل بنفس العقلية التي كان يعمل بها من كان قبله.

ان الأمن الوطني يأخذ في حسابه أيضاً مراعاة كيف ينهض بهذه الأمة وكيف ينظر وكيف نستطيع ان نجلب من العالم ما ينفعنا دون ان يهدد مصالحنا أو يتنافى مع ثوابتنا. نحن في كل شيء نقلد الآخر إلاّ حينما نأتي إلى بعض المسائل نقول ان لنا خصوصيتنا.

وعندما تأتي أفكار جميلة تعود بالخير على المواطن وعلى عملية توفير الفرص وعلى عملية الطمأنينة والسكينة والعدالة والمشاركة وحرية الرأي ثم يأتي من يقول لا لنا خصوصياتنا ويحاول ان يفرض علينا سياجاً قوياً ونحن حريصون على الدين وعلى قيمنا وأصالتنا ولسنا في حاجة إلى من يزايد في هذه المسألة. فأعود وأقول إن المسؤولية الأمنية الوطنية هي مسؤولية الجميع وليست مسؤولية مؤسسة واحدة ونريد ان نطبق هذا كما هو موجود في العديد من الدول.

وان يشعر الإنسان ان هذا الأمن هو أمنه وأنه معني به بالدرجة الأولى قبل الجهات الرسمية التي كلفت به وظيفياً.

- اللواء صالح الزهراني: ان الدولة العصرية هي دولة مؤسسات وتنظر إلى المؤسسات على أنها صمام أمان وهي كفيلة بمعالجة الاجتهادات والخلافات وقد رأينا هذا في الولايات المتحدة الأمريكية مثل الاختلافات التي حدثت حول الانتخابات الأخيرة فأهمية المؤسسات لا تحتاج إلى تأكيد، أما مصادر التهديد للدولة فإني أتطرق إلى مصادر التهديد الخارجية ومنها العوامل السياسية والعمل على محاولة تفتيت الوحدة ومحاولة الانتقاص من سيادة الدولة من خلال المعاهدات والسياسات والأحلاف نحن نرى هذا الآن يسوق في المنطقة. كذلك فرض القيود المختلفة على التشريع والقيود على السياسة الخارجية بالإضافة إلى اتباع سياسة فرق تسد، هذا جانب العوامل السياسية، وهناك عوامل اقتصادية أخرى تتمثل في التعامل مع الدول ينتج عنها الديون المستحقة، وفوائد ويتبعها وعود وتبعية ينتج عنها ارتفاع في الأسعار، وهناك كذلك عوامل ثقافية واجتماعية وهذه أيضاً تحتاج إلى تفصيل، ولكن الوقت ضيق إنما العوامل الثقافية ما يحدث من تبعية ثقافية نتيجة الاختراق الإعلامي وتأثير العمالة الأجنبية على اللغة وعلى الدين وعلى الثقافة وتأثير الأقليات من حيث إمكانية استغلالها من قبل أطراف خارجية لزعزعة الأمن والاستقرار وإثارة القلاقل أوساط العالم العربي.

- د. صدقة فاضل: أهم الأخطار التي تهدد أمننا الوطني في المملكة بصفة عامة هذه الأخطار تكاد تكون واحدة ما بين الدول. وهناك أخطار داخلية وخارجية فدعونا نطبق النمط النظري على بلادنا ثم بعد ذلك ننظر إلى ما هي الأخطار التي تخصنا فقط أو تهمنا أكثر من غيرنا ربما، ويأتي على قمتها الإرهاب وإلى آخره.

وبالنسبة للمهددات والأخطار الخارجية فيمكن تقسيمها أيضاً إلى سياسية واقتصادية واجتماعية وإلى آخرها، في دول العالم الثالث لا شك أن أخطر الأخطار هو الاستعمار الجديد كما تمارس أمريكا الاستعمار القديم في العراق، وأيضاً تمارس الاستعمار الجديد في دول أخرى. والاستعمار الجديد أخطر وأكثر فداحة من الاستعمار القديم. والاستعمار الجديد هو تسخير دولة معينة لخدمة دولة أخرى، ولا يرسلون إليك بطريقة مباشرة عسكراً ودبابات في الاستعمار الجديد ثم يحتلون البلد، وإنما هم يحكمونك بالوكالة. وهذه من الأخطار التي تواجهها دول العالم ككل وخاصة تلك التي حباها الله بموارد طبيعية.

- د. صالح الخثلان: بالنسبة للمخاطر الخارجية ومصادر التهديد الداخلي للمملكة هو تآكل الطبقة الوسطى ومعروف أن الطبقة الوسطى هي أساس الاستقرار، وكما ذكرنا فإن الاستقرار هو أحد القيم الأساسية بالنسبة لأي دولة. وما يجري منذ منتصف التسعينيات هو تآكل هذه الطبقة الوسطى وهناك فجوة تحدث بين فئة قليلة تزداد ثراء وخاصة في السنوات الأخيرة. وأعداد كبيرة وهائلة من الطبقة الوسطى قلة منهم يشاركون الأغنياء، ولكن الكثير منهم تتآكل مداخليهم بحيث أنهم أصبحوا من الطبقة الدنيا، وهذا مصدر قلق ومصدر رئيس في تهديد الأمن الوطني. فقد تساءل الشباب في مؤتمر سابق عن كيف يطالبون بالانتماء للوطن وهم لا يجدون فرصاً للعمل في الوطن؟

- د. عبدالله العتيبي: مصادر التهديد كثيرة وأنا أميل إلى ما ذكره الدكتور صدقة فاضل فهو قد أخذ الموضوع بمبادئه العامة ومحاولة تطبيقها على المملكة، بالنسبة للأمن الوطني الداخلي فإن ما يمثل تهديداً لهذا الأمن هو كل ما يمثل التعارض مع القيم العليا للمجتمع، ومن هذا الأمر تنبع قضايا أثارها الزملاء. فمثلاً الحق في المخالفة والحق في التعدد، إن الحق في التعدد هو حق مشروع، ولكن حينما يفرض رأي واحد على الجميع من لهم حق بحكم طبيعتهم الآدمية وبحكم أنهم بشر لهم حق الاختلاف ويفرض عليهم الرأي قد يكون هذا بالنسبة لهم مصدر سخط وقلق، بمعنى أن المقصود كما ذكر الدكتور صدقة ان الحرية المطلوبة هي الحرية المسؤولة وليست الحرية المنطلقة، كذلك قضية أخرى هي قضية الجانب الاقتصادي والمشاركة العادلة في الثروة فعندما يكون الإنسان في وطنه لا يملك شيئاً من الطبيعي أنه لن يهتم بهذا الوطن بالشكل المطلوب.

وما أقصده بقضية المأسسة هو باختصار قدرة المواطن على أن يتوقع ما سيحدث غداً سواء في أموره المعيشية أو قضايا القانون والنظام وتطبيقها ووضوح القرارات. وعندما لا يكون الإنسان لديه القدرة على التوقع عندها ستكون قضية المأسسة قضية مختلة، والمأسسة لا شك أنها أحد الجوانب الأساسية في الدولة المعاصرة أو هي الدولة المعاصرة وشخصنة الدول لم تعد موجودة الآن وأثبتت فشلها.

- اللواء صالح الزهراني: التحديات كثيرة والتحدي الموجود حالياً في المملكة هو محاربة الإرهاب كتهديد أول والمحافظة على الجبهة الداخلية من الاختراق الفكري بنوعيه الغربي والعقدي الذي يؤدي إلى الإرهاب، بعد ذلك يأتي تحديث نظام التعليم لمجابهة التحديات المستقبلية ومتطلبات الحياة، وحتى نستطيع أن نتعامل مع المشاكل الاقتصادية والاجتماعية ونوفر الرفاه والازدهار الذي يستحقه المواطن في المملكة والذي يساهم في تعزيز الأمن والاستقرار إضافة إلى ذلك الاستمرار في بناء قوة عسكرية وأمنية تستطيع أن تدافع عن الأمة وعن المقدسات وعن الوطن وثرواته.

- د. علي الجحني: في قضية مصادر التهديد كما تفضل الزملاء هناك التهديد الداخلي وهناك التهديد الخارجي نتفق عليهما كلنا، لكن هناك تهديد مشترك بين الداخلي والخارجي مثل الإرهابيين الذين يغذون من الخارج من قبل جهات خارجية وبدأوا ينفذون مخططاتهم في الداخل وقس على ذلك الكثير من الأمور سواء كان في مجتمعات الأقليات أو مجتمعات لها توجهات طائفية أو غير ذلك من عرقية. أضف إلى ذلك دور الأسرة والمدرسة والمجتمع في استتباب الأمن الوطني وكل مؤسسات المجتمع المدني، ولا ينبغي أن نغفل مسألة الانحراف أو التطرف الفكري فهذه قضية القضايا وما لم نجتزها من جذورها فإنها ستصبح في يوم من الأيام مسألة صعبة جداً وعلينا أن نكافح هذه المشكلة ونقضي عليها.

- د. صدقة فاضل: كما تفضل الاخوة الأفاضل الأساتذة يمكن تحديد المخاطر والتهديدات الداخلية والخارجية وعندما نتحدث عن بلادنا بصفة خاصة فاعتقد انه ينطبق عليها تخصيصها ببعض الأخطار ويمكن أن ننزل ونقول ان هناك أخطاراً تأتينا من كذا وكذا ومن هذه المصادر أو من هذه الظواهر. فعلى المستوى الخارجي بالإضافة إلى ما ذكرته حول الاستعمار الجديد وأنه هو أهم ما تهدد دول العالم النامية.

إن المملكة العربية السعودية يحيط بها طوق من الاضطراب يمتد من المحيط الأطلسي إلى نهر السند ومن حدود تركيا شمالاً إلى البحر العربي جنوباً فأنت إذاً في بحر متلاطم من الاضطرابات وعدم الاستقرار السياسي والحروب والمنازعات فنحن تقريباً نكتوي بالنيران التي تحيط بنا ولا سمح الله لو ان اليمن ايضاً فانفرط عقده سنصبح في دائرة توترات واضطرابات وليس طوقاً. ونتطلع الى ان يسود الامن الوطني بسيادة العدل والمساواة والتوظيف والرفاة الاجتماعي. ومن آخر الأخبار التي تعتبر من مهددات الأمن هو تهريب بعض الجماعات الافريقية الى شواطئنا فأين خفر السواحل من ذلك. هناك قصور في التنمية في فروعها الأربعة مثل التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية. وهذه الأمور تحتاج إلى التوازن في التنمية.

وتوجد امور تهدد الأمن مثل كثرة الأموات في حوادث المرور نتيجة قصور النظام المروري من حيث العدد والعتاد وزيادة السرقات.

- د. صالح الخثلان: إن مصادر التهديد الخارجي تتغير بتغير الوقت فالمملكة مصادر تهديدها الخارجية كانت قبل 15 سنة تتمثل في الحرب الإيرانية العراقية وكذلك الثورة الايرانية، واليوم مصدر التهديد الخارجي الرئيس هو البيئة الدولية بمجملها بما ينتج عنها من ضغوط والمملكة في الآونة الأخيرة وخاصة بعد احداث 11 سبتمبر فقدت الكثير من اوراقها الاستراتيجية وقد كانت لها المكانة الاستراتيجية التاريخية وكانت بمثابة مظلة حمتها وحمت شأنها الداخلي، والآن الشأن الداخلي أصبح مكشوفاً ومفتوحاً. والى جانب النزعة المستمرة لدى الولايات المتحدة الامريكية الى تحجيم دور المملكة من خلال ابرام التحالفات مع دول اخرى او مع دول الخليج.

وهذه مسألة في غاية الأهمية لابد من مواجهتها لأنها تهدد الأمن الوطني.

- د. عبدالله العتيبي: بالنسبة للجانب الخارجي سأنطلق من الأطر أو النماذج العامة التي تطرق اليها الدكتور صدقة وان الدول مثل البشر لها رغبات ونوايا ومقاصد وما يمس هذه الرغبات والنوايا والمقاصد هو ما يمثل تهديداً لهذه الدولة.

إن هناك مصالح للمملكة مثلها مثل أي دولة سواء مصالح سياسية أو اقتصادية أو عسكرية، والسياسية تتمثل في ما اشار اليه الدكتور صالح الخثلان ان هناك محاولات مستمرة لتحجيم دور المملكة أو منزلة المملكة العالمية والتي كانت دائماً مصدر قوة بالنسبة للسياسة السعودية في المنطقة وتنفيذها. وللعودة الى منزلتنا تحتم علينا العودة إلى الاهتمام بداخلنا وتنميته، هذا هو الجانب السياسي وأما الجانب الاقتصادي هو النفط وهو جانب مهم لأنه المصدر الرئيس والوحيد في المملكة للدخل، وبالتالي يجب تأمين سياسة نفطية طويلة المدى. الجانب السياسي والأمني هو المهم لأنه لا وجود للتنمية ولا اقتصاد ولا رفاه ولا ثروة اذا كانت الدولة مهددة في وجودها وفي بقائها. والبيئة الدولية هي نفسها ولم تتغير في نظري ويحكمها دول لا يهمها إلا مصالحها سواء الثورة الايرانية في الوقت الماضي أو أحمدي نجاد الحالي، والتهديد العسكري الايراني هو الذي يهدد المملكة الآن.

فالتفوق العسكري الايراني يهدد ليس فقط منزلة المملكة ونفوذها وانما ايضاً حتى سلامتها واستقلال سياستها الخارجية وبالتالي يصبح امام المملكة خيارات ثلاثة هي إما أن تبني تقنيتها النووية الخاصة بها أو انها تعمل على إيجاد شرق أوسط خال من السلاح النووي أو تتحالف مع قوة نووية، بالنسبة للخيار الأول فيحتاج إلى بنية تحتية تقنية متقدمة وهذه لا تمتلكها المملكة واذا حاولت المملكة ان تعملها فانها تحتاج الى ثلاثين سنة، وبخصوص العمل على ايجاد شرق اوسط خال من السلاح هذا مستحيل لوجود اسرائيل في المنطقة، تبقى القضية الاخرى هي التي اشار اليها سعادة اللواء صالح وهي قضية الاحلاف والتي كانت دائماً وأبداً وسيلة ناجعة للمحافظة على بقاء الدول وأمنها.

توصيات

- د. صدقة فاضل: على المستوى الداخلي أرى ضرورة الاسراع في التنمية الشاملة والتي تتضمن التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية بكل جوانبها، وهذا خير ضمان للصمود بالنسبة للجبهة الداخلية ويدعم الأمن الوطني، أما على المستوى الخارجي فأتفق كثيراً مع ما قاله الدكتور عبدالله العتيبي وهو أنني أتمنى ان تشرع المملكة في التسلح بقوة رداعة وأعني بالقوة الرادعة في الوقت الحالي اسلحة الدمار الشامل بفروعها الثلاثة وهذا من حقها. ولاشك ان القوة العسكرية احد العناصر الاساسية في قوة الدولة على المستوى الدولي. أما التحالفات فأنا أنصح بتجنبها ما أمكن وفي حالة الضرورة القصوى تلجأ المملكة الى التحالف كأسلوب تكتيكي ويفضل مع الدول الإسلامية كباكستان وتركيا.

- د. علي الجحني: لابد من رؤية في استراتيجية جديدة لما ينبغي ان نكون عليه وماهو مطلوب بحيث انها تصبح: برنامج كل مواطن يعرف ماله وما عليه، تنمية الحس الوطني والأمني في جميع شرائح المجتمع مع الاهتمام الشديد بدور الأسرة مع التحذير من الغزو الفكري.

- اللواء صالح الزهراني: مسألة الاعتماد على التحالفات تجعلنا دولة تابعة تدور في فلك دولة أخرى. والافضل جعل المنطقة خالية من الاسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل اذا أمكن. وأن نسعى إلى تكامل الأمن الوطني العربي وفق صيغة جديدة واذا تمكنا من الوصول إلى هذا المستوى من التكامل والتعاون فاننا سنكون في منأى من الاضطرابات. وضرورة التعامل المناسب مع الانحراف الفكري حتى نصل إلى تقليصها ومعالجتها.

- د. صالح الخثلان: هناك توصيتان، الأول للمجلس الوطني للمبادرة الى التعريف بمفهوم الأمن الوطني بالنسبة للمواطن لأن المفهوم غير واضح. ثانياً ان يبادر مجلس الأمن الوطني الى صياغة استراتيجية امن وطني يأخذ بعين الاعتبار رؤى المختصين وحتى الرأي العام. ان تعالج قضية المواطنة لأنها مهمة جداً للأمن والاستقرار وكل ما له علاقة بالمواطنة وتعزيزها فيما يتعلق بالحقوق وتكافؤ الفرص والمشاركة والتنوع والتعددية.

- د. عبدالله العتيبي: التوصية هي فيما يتعلق بمجلس الأمن الوطني وهي ان يبتعد عن شخصنة السياسة بالاضافة الى قضية التعريف وان ينشئ من مراكز الابحاث والدراسات ما يعينه على اتخاذ القرارات الصائبة إضافة إلى أنه يساهم في دعم وإقامة دورات ودروس في الجامعات، وذلك في التعريف بمفهوم الأمن الوطني. وبالنسبة للأمن الوطني الداخلي يجب العمل على تعزيز مفهوم «المواطن»، بمعنى ان يشعر المواطن السعودي بأنه سعودي وبحق وأن في هذا البلد وهذه الأرض ما يستاهل ان يضحي من أجله بنفسه. المبادرة الى تعزيز القدرات الدفاعية السعودية بأسرع وقت ممكن، لأن التاريخ الدولي منذ خمسة آلاف سنة يثبت انه اذا لم تكن ذئباً اكلتك الذئاب واذا لم تكن ثعلباً خدعتك الثعالب كما يقول ميكافيللي.

- اللواء صالح الزهراني: بالنسبة لمجلس الأمن الوطني أقترح ان من أهم عوامل النجاح اختيار الكفاءات المتخصصة من الشباب بعيداً عن المجاملات والمحسوبية، وهذا شرط اساسي، النقطة الأخرى هي التأكيد على مراكز الأبحاث التي تفضل بها الدكتور عبدالله العتيبي، لأن مراكز الابحاث هذه توفر المعلومات لهذه المؤسسة.


 

رد مع اقتباس
قديم 01 / 05 / 2007, 44 : 04 PM   #20
VIP


الصورة الرمزية هادي
هادي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 5
 تاريخ التسجيل :  21 / 10 / 2003
 العمر : 53
الوظيفة :
الهويات :
عدد الالبومات :
 أخر زيارة : 16 / 09 / 2010 (02 : 07 PM)
 المشاركات : 9,017 [ + ]
 التقييم :  9967
افتراضي



هذا اللي عندي لك الان والباقي في الليل انا رايح الان المجمعة عندي اجتماع

اعذرني ما اقدر اكمل لك

مشكووووووووووووور





سلام


 

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

« الموضوع السابق | الموضوع التالي »

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 36 : 07 PM.


تصميم وتطوير سفن ستارز لخدمات الاستضافة والتصميم