الوشاية بين الناس و آثارها..

الوشاية لغةً وشى ( فعل ) ويشي وشياً ووشاية والمفعول مُوشَى به ، ويقال : وشى فلان بفلان أي نقل عنه كذباً بخبث بغية الإضرار به . والوشاية عادة تكون نسبة شئ إلى شخص ما على غير الحقيقة ، لذا فهي تختلف عن إفشاء السر الذي عادة مايكون الكشف عن حقيقة مستترة . والواشي دائماً يتصف بالخبث وضعف الشخصية ، والحقد وظلام القلب ، تجاه الموشى به ، والعمل على الإنتقاص من قدره ولو كذباً لتنغيص حياته ، فالواشي عادة يعمل في الظلام لضآلة قدره ونقص في شخصيته ينغص عليه نبو الموشى به وذيوع صيته بين الجميع ، كما يتصف الواشون دائماً ببلادة الحس ورداءة الشيم وصفاقة الوجه ، حيث مع الوقت سوف ينكشف زيف كلامهم حتماً ، ولو كان عندهم بعضاً من حمرة الخجل لتحسبوا لهذا اليوم وخشوا على أنفسهم يوم ينكشف أمرهم وزيف ماقد وشوا به بهتانا وزوراً. والوشاية أيضاً درجات ومراتب تبدأ بالبسيطة وتنتهي بالكبرى ، وقد تصدر عن شخص عادي تجاه آخر ، غير أنها قد تطورت وصارت لعبة تجيدها الأجهزة الإستخباراتية لبعض الدول ، لدرجة أنها قد أطلق عليها إسم حروب الجيل الرابع والتي تقوم على تسريب أخبار كاذبة بين الطوائف من شعب دولة ما أو بين الشعب وحكامه ، فتتأجج الصراعات والتناحر وتسود العداوات لدرجة تفكك الدولة دون تدخل عسكري أو مادي من الدولة الواشية ، وقد تنتهي بثورة عارمة كما يحدث حولنا . وتعمل الوشاية أثرها حين يطلقها الواشي بين أناس غير عميقي الفكر والإنفعاليين دون روية والذين يأخذون موضوع الوشاية على أنه من المسلمات أو الحقائق دون مجرد التفكير بعقلانية أومنطقية حتى يتثبتوا من صدق الوشاية أم أنها مجرد وقيعة قصد بها التفريق . وللوشاية أثاراً مدمرة وأخطاراً محدقة بين الناس ، فقد تفرق بين المرء وزوجه ، أو الصديق وصديقه أو حتى بين الأهل بعضهم البعض ، فتعكر الصفو بين الناس وتنتشر الضغينة ، وكلما نجحت الوشاية في إتيان آثارها تنتفخ أوداج الواشي ببسمة الإنتصار ويشعر بسد نقيصة في نفسه فيزداد شططا ويسعى لوشاية جديدة بين الناس . وقد تناول بعض الشعراء الوشاية حيث قيل فيها : قول النابغة: لَئِنْ كُنْتَ قَدْ بُلِّغْتَ عَنِّي خِيَانَةً لَمُبْلِغُكَ الوَاشِي أَغَشُّ وَأَكْذَبُ. وقول يزيد بن سلمة: تَكَنَّفَنِي الوَاشُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ وَلَوْ كَانَ وَاشٍ وَاحِدٌ لَكَفَانِي ... إِذَا مَا جَلَسْنَا مَجْلِسًا نَسْتَلِذُّهُ تَوَاشَوْا بِنَا حَتَّى أَمَلَّ مَكَانِي ... كما قد ورد الكثير من الحِكَم العربية الدالة على الوشاية؛ ومنها: "مَن نقل إليك فقد نقل عنك" "مَن نمَّ لك نمَّ عليك" "النميمة لا تقرب مودة إلا أفسدتها، ولا عداوة إلا جددتها، ولا جماعة إلا بدَّدتها" فاللهم عليك بكل واشٍ واجعل كيده في نحره وجنبني والمسلمين شرهم آآآمين .. مما تصفحت

اختيار جميل
شكرا لك والله يوفقك يارب

حياك الله منور بتواجدك الكرريم