وينتظرون بفارغ الصبر ولادة طفلهم .. وبمجرد ولادته
تصلهم التبريكات والتهاني بقدوم هذا المولود .. ويكونوا قد جمعوا عدد من
الأسماء المقترحه لهذا الطفل .. بعد تسميته .. يشعر الوالدين بالفخر به ..
ويفضلون مناداتهم بـ " ابو فلان/هـ " "ام فلان/هـ " وتذبح له العقيقه
ويحتفل به وتكون طلباته في الغالب " اوامر " والوالدين يتنافسون في اظهار
الحب لهذا الطفل.. واحتوائه .. وتربيته افضل تربيه .. وعندما يبلغ السابعه ..
يتوجه والده لاقرب مدرسه لتسجيله .. ويكون في اليوم الاول اذا لم يكن
الاسبوع الاول معه في المدرسه .. ويهون عليه الامر .. ويحببه في المكان ..
هذا الطفل بمجرد ان يحس بوعكه صحيه تحدث حالة ارتباك في المنزل .. والكل ينشغل ..
الأم تسهر على راحته .. والاب يحضر الطبيب .. والاقارب يزورون ويتصلون ..
للإطمئنان عليه .. و تسير الامور الطبيعيه التي نعرفها .. حتى يصبح هذا الطفل مراهق ..
فيجد حينها من يحتويه .. ويوجهه .. ويساعده بحل مشاكله ..
واذا اصبح شاب .. يجد من ينصحه ويزوجه .. ويتمنى ان يرى ذريته ..
ويعيش هذا الشاب حياه طبيعيه .. هو واولاده مع هذا الاب والام ..
لكن !
الطفل الذي سأتكلم عنه .. له روايه مختلفه تماما ..عكس طفلنا السابق ~
طفل وجد على هذه الدنيا .. بلا مأوى .. بلا أم .. بلا أب .. بلا حضن .. بلا حنان .. بلا حب ..
ربما يجد " شفقه " فقط .. ليس من والده او والدته .. من الاغراب ..
نعم الاغراب .. لا استطيع تحديدهم .. لانهم لايظهرون الا بالمصادفه ..
وكل لقيط يختلفون الاغراب المنقذون له عن غيرهم .. فأحدهم انقذته امرأه كبيرة في السن ..
والآخر خادمه كانت ترمي القمامه –اعزكم الله – والثالث امام المسجد ..
والرابع مراجع في المستشفى .. ثم ماذا ؟؟ يجدون هذا الطفل .. اما ميت قبل ساعات ..
او قد نهشت في وجهه القطط .. او ضعيف البنيه ويبدوا ان والدته
حاولت التخلص منه مرارا وتكرارا قبل ان يظهر على هذه الدنيا .. او معاق .. او سليم .. يلتقطه الاغراب .. ثم الــى دار الأيتام ..
دخلت هذه الدار .. فلم اتمالك نفسي وخالقي .. اطفال بمختلف الاعمار ..
تجمعهم نظرات البرائه .. وكلهم لقطاء .. في هذا المكان فقط .
يشعرون انهم سواء .. ولا احد متميز عنهم .. ويمجرد ماتأتيهم زائره او موظفه ..
وتلاعبهم او تمسح على رؤسهم .. الا وينادونها " ماما " هذه الكلمه تقال
عندهم لاي احد .. فقط .. عندما يشعرون بالارتياح لا بحب وحنان الامومه ..
يقولون هذه الكلمه للجميع " ماعدا امهاتهم " حُرِمُوها ..
في اليوم الاول من تواجدي .. ودخولي لاول غرفة في دارهم وجدت طفل رضيع ..
نعم رضيع .. رمته امه بــكل قسوه .. وتركته في مستشفى ..
حتى وجوده الغرباء واودعوه الدار بعد ان قضى شهور في المستشفى نظرا
لان حالته الصحيه كانت جدا سيئه ..
اول مره رايته لم اتمالك نفسي وخالقي .. والمؤلم .. انني كنت ابكي عليه
وعلى مستقبله وعلى نظرة المجتمع الظالم وعلى .... برائته .. وهو يبتسم ..
يبتسم وهو يجهــل كل ماسيلاقيه مستقبلا .. كل ماكنت افكر فيه .. هذا اللقيط ..
لو ضرب .. لو ترك بلا طعام .. او ماء .. كل مابيده هو البكاء فقط ..
تعود هذا الطفل على لبقاء لوحده في سريره وعلى تقبل أي احد ..
فليس كبقية الاطفال الذين نعرفهم .. اذا فقد امه يبكي ..
فهذا سيكبر ويكن كغيره من " اخوانه " كما يسمون انفسهم ..
وينادي الجميع بـ " ماما "
اما بقيه الاطفال فكانت اعمارهم من 2-10 سنوات .. لن اذكر تفاصيل كثيره ..
لكني اكتفي بقول قصة احدهم .. تعرض للضرب في المدرسه .. من احد الاطفال ..
وكان يعود الدار فيبكي لوحده - لو كان له اب هل سيبكي ويكتم امره ؟؟
ام يحضر والده اليوم التالي ويحل مشكلته ؟؟ -
هذا الطفل تعرفون من حل مشكلته بعد ان وصل امره لمديره الدار ؟؟