تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : تأملات تربوية في قصة قارون


توليب2
31 / 05 / 2011, 42 : 11 PM
تأملات تربوية في قصة قارون

الدكتور عثمان قدري مكانسي

1- قارون من قوم موسى وقد كان فقيراً حين آمن بموسى
لكنه حين استغنى انتقل إلى صف الكفار المناهضين للدين الجديد ، المعادين له .

2- " إنّ الإنسان ليطغى أن رآه استغنى " وهكذا نجد قارون يظلم قومه حين كثرت الأموال بين يديه ،
وهذا دليل تفاهة من يغره المال ، فيصرفه عن وجوه الخير ، بل يشتط في الكبر والاستعلاء .

3- وظلم القريب قريبَه شديد ،مؤلم ، قاس لئيم .. أتدرون لماذا ؟
ا - يتوقع القريب من قريبه الوجيه الموسر القادر على المساعدة الرحمة َ، ويتوقع العون ،
وقد لا يتوقع من غيره أن يكون عطوفاً عليه رحيماً به ،
فإذا فوجئ منه بالظلم والنكران زاد ألمه ألماً ، وضيقه شدة .
ب - إن القريب أو الصديق أعلم بمواطن الضعف عند الآخرين ،
فإذا انقلب عدواً كان أذاه أشد لمعرفته بدخائله ،
وقد قال الشاعر مصوراً هذه الحالة ومنبهاً من الانكشاف للآخرين ولو كانوا أهلاً وأصدقاء ،
فالحفاظ على الخصوصيات لا بد منها حتى عن القريب والحبيب:
احذر عـدوّك مــــرة *** واحذر صديقك ألف مرة
فلربما انقلب الصديـق *** فكان أعلمَ بالمضرّة
ج - وقد يكون عند فقره حاسداً أهل الفضل من قومه يحمل الضغينة لهم ،
وهذا دأب كثير من الناس ، وعادة قد تكون متأصلة فيمن دينه ضعيف وقلبه ضيق وعقله قاصر
فإذا اغتنى بعد فقر أظهر الكشح وأعلن العداوة واالنقمة ، والتشفي .
وتراه في صفوف أعداء الله يضرب بسيفهم ويواليهم على قومه
د - ومن هذا دأبه يجعله الغنى متكبراً يرى الآخرين دونه ، ويسعى إلى إذلالهم .

4 - وهنا نجد الدعاة من قومه ينصحونه - والمؤمن يريد الخير للجميع ويخص قومه بخيره –
ويجتهد في النصح لهم ، فهذه مهمته في الحياة ، وكانت النصائح على التوالي :
أ - البعد عن البطر فهو من الآفات التي تقصم ظهر صاحبها ، وتهلكه ،
فالله تعالى أعلن ذلك حين قال في الحديث
" الكبرياء ردائي ، والعظمة إزاري ، فمن نازعني واحدا منهما ، قذفته في النار " ( الدرر السنية )
ومن ادعى ذلك غضب الله عليه ، وكرهه " إن الله لا يحب الفرحين "
البطرين الذين لا يشكرون الله على إنعامه ويتكبرون بأموالهم على عباد الله
فما ينبغي لأحد أن يستكبر أو يتعالى .
ب - أن يطلب الدار الآخرة فيما أعطاه الله من الأموال ،
" وابتغِ فيما آتاك الله الدار الآخرة "
فيتصدق وينفق على الطاعات ، فهذا من شكر الله تعالى ،
وسيجد في الآخرة – إن فعل ذلك – فضلاً من الله كبيرا .
جـ - كما أن للإنسان أن يتمتع بالخير الذي وهبه الله إياه في الدنيا
دون أن تكون الدنيا همه الأكبر أو الوحيد ،
وهذا تنبيه واضح إلى أن العاقل يجعل الآخرة الباقية نصب عينيه وهدفه الأول ،
وله أن يتمتع بدنياه " قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق؟ " .
د – أن يحسن إلى الناس ، فالإحسان من التحدث بنعمة الله ،" وأما بنعمة ربك فحدّثْ "
وليس الحديث بالتفاخر والتباهي بما أنعم الله علينا فقط ،
فهذا إيذاء لمشاعر الناس وإساءة إليهم .
ومن أحسن إلى الناس فقد استجلب رضا الله تعالى عليه وحبه له ،
ومن أحبه الله فاز وأفلح " الخلق عيال الله ، واحبهم إلى الله أنفعهم لعياله " .
وكما تدين تدان :
فمن أحسن إلى عباد الله أحسن الله إليه ، ومن أحسن الله إليه أحسن إلى عباد الله .
هـ - من الإساءة أن يكون الإنسان فاسداً ، وأشد منه أن يكون مفسداً .
والإفساد طرقه كثيرة ، منها : البغي في الأرض ، وكثرة المعاصي ، وصرف المال فيما يغضب الله تعالى
والبعد عن الإفساد والفساد من سمات العاقل اللبيب ، وعكس ذلك من سمات اللئيم الذميم .
والله تعالى يكره هذا الصنف الذي يفسد في الأرض ، ومن كرهه الله تعالى كان من الخاسرين .

5- العاقل من اتعظ ، والجاهل من تنكب الطريق السويّ ، فأورده موارد الهلاك .
وكان قارون من الصنف الثاني الذي أرداه جبروته ، فادّعى ما ليس له ....
ادّعى أن ذكاءه وعبقريته كانا السبب في نجاحه هذا النجاح الكبير ،
وأن المال جمعه بجده ونشاطه ليس غير !!
وهذا مقتل المتكبرين ، وهلاك المتجبرين .
هؤلاء الذين لا يتعلمون ممن غبر ، ولا يتعظون من مصائر أمثالهم .

6- وقد يتساءل أحدهم : كيف " ولا يُسأل عن ذنوبهم المجرمون " ؟
ألم يقل الله تعالى " فوربك لنسألنّهم أجمعين عما كانوا يعملون " ؟
والأمر ليس فيه تعارض البتة ، إنما هو تصوير لمصيرهم السيء ،
والله تعالى لعلمه بما فرّطوا وتجاوزوا لا يسألهم عن كيفية ذنوبهم وكميتها تحقيراً لهم ، وغضباً عليهم .
وانظر معي إلى هذا التصوير المخيف في طريقة دخول هؤلاء المجرمين النار – والعياذ بالله –
" يُعرف المجرمون بسيماهم ، فيُؤخذ بالنواصي والأقدام "
ما أهونهم على الله حين يأمر بهم إلى النار ، فتمسك الزبانية برؤوسهم وأرجلهم ،
ويُقذفون بهذه الطريقة المهينة في سواء جهنم !!

7- قارون وأمثاله – هؤلاء الذين طُمست بصائرهم ، فما عادوا يرون إلا ذواتهم –
يستعلون على عباد الله فيخرجون متعاظمين كما فعل قارون حين " خرج على قومه في زينته "
متباهياً مفتخراً بأكمل زينته ذات يوم ، يليه أتباعه الكثيرون متحلين بملابس الذهب والحرير ،
على خيول موشحة بالذهب والعقيان ، ومعه الجواري والغلمان في موكب حافل باهر
فيسبي قلوب أهل الدنيا ، فيتمنون أن يكونوا مثله ، أو يكون لهم ما له ،
ويعتقدون مخطئين أنه ذو حظ عظيم .

8- أهل الإيمان الذين ينظرون بنور ربهم يعلمون زيف الدنيا وصغارها ،
إن الحياة الحقة هي الحياة الباقية ، أما الفانية الزائلة فلا تستهويهم .
إنهم قالوا حين سمعوا أهل الدنيا يتمنون هذا الزائل ناسين الآخرة وخلودها :
" ثواب الله خير لمن آمن ، وعمل صالحاً ،.......ولا يُلقّاها إلا الصابرون "
فالإيمان بالله أولاً ، يليه العمل الصالح ثانياً ، يليه الصبر والرضا بما قسم الله تعالى
ثالثاًثوابُ الله الجزيل الذي يغمر العباد الصالحين .

9- العقوبة العاجلة للمتكبرين في الدنيا ،
فقد خسف الله تعالى بقارون الأرض فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة ،
تضيق عليه ويحترق بنيرانها جزاء وفاقاً هو ومن يسير في ركابه ،
فماذا يقول هؤلاء الذين باعوا آجلاً بعاجل ،
ورضوا أن يكونوا في صفوف أعداء الله ، يحاربون أولياء الله ؟؟؟!!!
والمرء مع من أحب ،، أليس كذلك ؟!!

صيد الفوائد منقووول

سُلاَفْ القَصِيدْ
01 / 06 / 2011, 36 : 03 AM
جزآك الله خير وبآرك الله فيك

ام منى
01 / 06 / 2011, 32 : 11 AM
جزآك الله خير ولآحرمك الآجر والثوآب ..

» اِلـَوَفْآءْ بـِنْـتْ
01 / 06 / 2011, 59 : 09 PM
✿ ,








جزَآكِ اللهَ خيراً , وغفرَ لك ِ , ولـآحرمكِ الـآجرَ ,
لـآهنتي






http://www.smooal-7oob.com/vb/images/smilies/8bd4290.gif

قوت القلوب
02 / 06 / 2011, 18 : 12 AM
جزاك ربي الجنة ولآحرمك الأجر والثواب

توليب2
14 / 06 / 2011, 39 : 07 PM
اشكركم على هذا المرور الرائع
تقبــلو مني اعذب التحية واجملها ..
دام وصالكم ........
لاعدمناكم

روح انسانه
20 / 06 / 2011, 42 : 10 AM
جزَآكِ اللهَ خيراً , وغفرَ لك ِ , ولـآحرمكِ الـآجرَ ,

توليب2
21 / 06 / 2011, 21 : 07 PM
اشكركم على هذا المرور الرائع
تقبــلو مني اعذب التحية واجملها ..
دام وصالكم ........
لاعدمناكم