المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حفظك الله يا مبارك وردك سالما


سالم سالم
21 / 05 / 2011, 54 : 01 PM
القاضي/ بدر بن إبراهيم الراجحي




قابلت أحد قيادات العمل الإسلامي في دولة خليجية على هامش مؤتمر أقيم بعد خلع رئيس مصر وهرب رئيس تونس نتيجة حراك جماهير الناس في الدولتين مطالبين بحقوقهم وطرد الطغاة والظالمين ، كان غالب الحديث الخاص والعام في ذلك المؤتمر عن هذه الثورة المذهلة مع أن موضوع المؤتمر بعيد عنها تماما ،الذي قاله القيادي المذكور لي لفت انتباهي إلى تقييم أداء كثير ممن يدعو كثيرا للإصلاح أو نصرة المظلوم خاصة في الوسط الدعوي والإسلامي .


قال وبكل سكينة المقر بما يتألم من تذكره : إن هذه الأحداث تبين فساد كثير مما كنا نمتنع عنه من الواجب الشرعي في باب الإصلاح سواء كان أمرا أو نهيا وننتقد من تصدى لفعله محتجين بالحكمة وما كان والله المانع إلا خوفا ثم استشهد بمقطع سرده من حفظا نصا وبطلاقة، وحق النص أن يحفظ و أن يعيه كل من يعيش في أمة الإسلام والنص( اذهب إلى فرعون . إنه طغى . . ثم يعلمه الله كيف يخاطب الطاغية بأحب أسلوب وأشده جاذبية للقلوب , لعله ينتهي , ويتقي غضب الله هل لك أن أعرفك طريق ربك ? فإذا عرفته وقعت في قلبك خشيته . فما يطغى الإنسان ويعصى إلا حين يذهب عن ربه


إلى أن قال:


ثم انطلقت منه الكلمة الوقحة المتطاولة , المليئة بالغرور والجهالة: (أنا ربكم الأعلى). قالها الطاغية مخدوعا بغفلة جماهيره , وإذعانها وانقيادها . فما يخدع الطغاة شيء ما تخدعهم غفلة الجماهير وذلتها وطاعتها وانقيادها . وما الطاغية إلا فرد لا يملك في الحقيقة قوة ولا سلطانا . إنما هي الجماهير الغافلة الذلول , تمطي له ظهرها فيركب ! وتمد له أعناقها فيجر ! وتحني له رؤوسها فيستعلي ! وتتنازل له عن حقها في العزة والكرامة فيطغى !


والجماهير تفعل هذا مخدوعة من جهة وخائفة من جهة أخرى . وهذا الخوف لا ينبعث إلا من الوهم . فالطاغية - وهو فرد - لا يمكن أن يكون أقوى من الألوف والملايين , لو أنها شعرت بإنسانيتها وكرامتها وعزتها وحريتها . وكل فرد فيها هو كفء للطاغية من ناحية القوة ولكن الطاغية يخدعها فيوهمها أنه يملك لها شيئا ! وما يمكن أن يطغى فرد في أمة كريمة أبدا . وما يمكن أن يطغى فرد في أمة رشيدة أبدا . وما يمكن أن يطغى فرد في أمة تعرف ربها وتؤمن به وتأبى أن تتعبد لواحد من خلقه لا يملك لها ضرا ولا رشدا !


فأما فرعون فوجد في قومه من الغفلة ومن الذلة ومن خواء القلب من الإيمان , ما جرؤ به على قول هذه الكلمة الكافرة الفاجرة: (أنا ربكم الأعلى). . وما كان ليقولها أبدا لو وجد أمة واعية كريمة مؤمنة , تعرف أنه عبد ضعيف لا يقدر على شيء . وإن يسلبه الذباب شيئا لا يستنقذ من الذباب شيئا !


وأمام هذا التطاول الوقح , بعد الطغيان البشع , تحركت القوة الكبرى:


(فأخذه الله نكال الآخرة والأولى).ا هـ من كلام سيد قطب في ظلال سورة النازعات رحمه الله فقد وضع يده على الجرح وأثبتت الأحداث دقة توصيفه لمشكلة الطغاة عندنا.




تذكرت هذا الحديث وأنا أتحدث مع بعض الزملاء في كثير من العبث الذي يحصل من إدارة المباحث في شأن الموقوفين والتسلط على الناس بصلاحيات مطلقة لم تزد هذه الأحداث التي تمر بها البلد هذا الجهاز إلا تسلطا ،ومع كثرة الحديث عن انفراج بخصوص ملف المعتقلين أو التزام المباحث بأنظمة البلد وأكثرها اختصاصا بعمل المباحث وموضوع القبض والتحقيق نظام الإجراءات الجزائية ومع ذلك فلم ير عموم الناس إلا حالات إطلاق فردية لا تعد شيئا نسبة للعدد الكلي والذي يرفض الجهاز حتى التصريح بعددهم والتهم الموجهة لهم والإجراءات المتخذة في حقهم حتى لأهاليهم ، المهم هنا أن الحديث مع الزملاء انتهى إلى أن الحراك الوحيد المؤثر في هذا الموضوع هو قيام أهالي الموقوفين بالتجمع على غرار ماحصل قبل شهر أمام مبنى وزارة الداخلية وقاده أحد الأطباء -وقد أفرج عن ابنه بعد التجمع بأيام- واحد أساتذة الجامعة ( د مبارك الزعير)- وقد أوقف بعده بأيام ولا يزال موقوفا-وماسوى هذا الحراك لن يكون له نتيجة إيجابية مع ألامبالاة التي تبديها وزارة الداخلية تجاه مطالب تطبيق النظام ،احترمت هذا الرأي من الزملاء لكني طلبت حراكا خاصا منهم سواء كان بزيارة وزير الداخلية، أو مساعده للشؤون الأمنية، أو حتى مطالبة مجلس القضاء بالتحرك على الأقل للتعقيب على الزعم الذي أعلن قريبا من الناطق باسم الداخلية حول تطبيق لنظام الإجراءات الجزائية حرفيا في شأن الموقوفين وكان مع كل أسف بحضور وتأييد من ممثل وزارة العدل ، وأضعف الإيمان الكتابة لمن ذكر بهذا الخصوص وإن أمكن أن تكون هذه الكتابة لمنظمة حقوقية محلية أو إقليمية أو دولية لكان أكثر تأثيرا بإذن الله فكان منهم نقاش عن عدم الجدوى ولا التأثير ثم بعد النقاش جاءت الكلمة المنتظرة في الخوف من السجن أو فقد الوظيفة أو حتى الترقية بدون تحقق نتيجة مؤكدة، وكأن كل نصرة لمظلوم لا تكون إلا مع أمن كل مضرة وضمان كل مصلحة.


عندما عشت هذه اللحظة وتذكرت كلمة القيادي الأول قلت ليتنا نسمي كل شئ باسمه حتى يمكن مناقشته والتعامل معه أو على الأقل نعرف الفضل لأهله فمن قام بالواجب في هذا الموضوع يثنى على شجاعته ويطلب تأييده ولايتهم بتهور أو قلة حكمة ويقال على أقل تقدير:


(حفظك الله يا مبارك وردك إلى أهلك سالما)


http://www.ommahconf.com/Portals/Content/?info=YVdROU9EVTFKbk52ZFhKalpUMVRkV0p3WVdkbEpuUjVj R1U5TVNZPSt1.plx