المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قربوا مربط النعامة مني


الأستاذ
25 / 01 / 2011, 19 : 07 PM
هو الحارث بن عباد بن ضبيعة , خيّـال النعامة من (قيس بن ثعلبة) أحد بطون بكر العريضة, وكان ابن عباد من حكام بكر وفرسانها المعدودين، وهو الذي عندما علم بمقتل كليب أستعظمه، واعتزل بأهله وولد إخوته وأقاربه الحرب ، وحل وتر قوسه ، ونزع سنان رمحه, وطوال سنين وهو معتزل الحرب , وكانت مشاركته بها عندما قتل المهلهل أبنه "بجير", فأعلن الحرب على المهلهل ومن معه , وأرسل هذه القصيدة وهي تشرح سببها :


قل لأم الأغر تبكي بجيراً
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,حيل بين الرجال والأموال
ولعمري لأبكين بجبراً
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,ما أتى الماء من رؤوس الجبال
لهف نفسي على بحير إذا ما
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,جالت الخيل يوم حرب عضال
وتساقى الكماة سما نقيعاً
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,وبدا البيض من قباب الحجال
وسعت كل حرة الوجه تدعو
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,يالبكر غراء كالتمثال
يابجير الخيرات لا صلح حتى
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,نملأ البيد من رؤوس الرجال
وتقر العيون بعد بكاها
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,حين تسقي الدما صدور العوالي
أصبحت وائل تعج من الحرب
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,بعجيج الجمال بالأثقال
لم أكن من جناتها علم الله
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,وإني بحرها اليوم صال
قد تجنبت وائلاً كي يفيقوا
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,فأبت تغلب علي اعتزالي
واشابوا ذؤابي ببحير
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,قتلوه ظلماً بغير قتال
قتلوه بشسع نعل كليب
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,إن قتل الكريم بالشسع غال
يابني تغلب خذوا الحذر إنا
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,قد شربنا بكأس موت زلال
يابني تغلب قتلهم قتيلاً
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,ما سمعنا بمثله في الخوالي
قربا مربط النعامة مني
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,لقحت حرب وائل عن حيال
قربا مربط النعامة مني
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,ليس قولي يراد لكن فعالي
قربا مربط النعامة مني
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,جد نوح النساء بالإعوال
قربا مربط النعامة مني
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,شاب رأسي وأنكرتني الفوالي
قربا مربط النعامة مني
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,للشرى والغدو والآصال
قربا مربط النعامة مني
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,طال ليلي على الليالي الطوال
قربا مربط النعامة مني
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,لاعتناق الأبطال بالأبطال
قربا مربط النعامة مني
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,واعدلا عن مقالة الجهال
قربا مربط النعامة مني
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,ليس قلبي عن القتال بسال
قربا مربط النعامة مني
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,كلما هب ريح ذيل الشمال
قربا مربط النعامة مني
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,لبجير مفكك الأغلال
قربا مربط النعامة مني
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,لكريم متوج بالجمال
قربا مربط النعامة مني
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,لا نبيع الرجال بيع النعال
قربا مربط النعامة مني
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,لبجير فداه عمي وخالي
قرباها لحي تغلب شوساً
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,لاعتناق الكماة يوم القتال
قرباها وقربا لأمتي در
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,عاً دلاصاً ترد حد النبال
قرباها بمزهفات حداد
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,لقراع الأبطال يوم النزال
رب جيش لقيته يمطر الموت
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,, على هيكل خفيف الجلال
سائلوا كندة الكرام وبكرا
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,واسألوا مذحجاً وحي هلال
إذ أتونا بعسكر ذي زهاء
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,مكفهر الأذى شديد المصال
فقريناه حين رام قرانا
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,كل ماضي الذباب عضب الصقال

وقد ختم الزير حياة ببيتن من الشعر :

بعد خسارته للمعركة, طلب الزير من قومه الرحيل فأرسلو معه رجلين ليساعداه

في الطريق , فملا الرجلان صحبته وأحس بذلك الزير

فقال لهما إني أرى موتي في عيونكما :

هل تحفظان الشعر فقالو قليلا ! فقال انقلوا عني هذا البيت ثم اقتلوني

من مبلغ الحيين أن مهلهلا ...لله دركما ودر أبيكما

وطلب منهم الزير أن يعيدا عليه البيت فقالوه له وحفظوه عن ظهر قلب

ثم عاد الرجلان الى بني تغلب واخبروهم بأن الزير لسعته أفعى ومات

فسالوهم ألم يقل شيئ قبل موته فقالو بلى :

من مبلغ الحيين أن مهلهلا ...لله دركما ودر أبيكما

وكانت أبنة كليب تجيد الشعر فقامت بتفسير البيت إلى

من مبلغ الحيين أن مهلهلا ..أضحى قتيلا في الفلاة مجندلا

لله دركما ودر أبيكما ...........لايبرح العبدان حتى يقتلا

فقتل القوم الرجلان !!

أمضى الزير 40 سنة من حياته في الثأر وأخذ بثأره من قاتليه قبل مماته !!

روح الورد
25 / 01 / 2011, 22 : 07 PM
شكرآ على آلقصيدة ...

عزوف
25 / 01 / 2011, 51 : 08 PM
آقفْ آحتراماً آمآم حرفك الششآمخْ سيدي http://www.aldam3h.com/vb/images/smilies2/376.gif . .

» اِلـَوَفْآءْ بـِنْـتْ
26 / 01 / 2011, 43 : 07 AM
-



لاتمل قصتهم , سلمت على النقل الرآئع
لآهنت



.
.





(http://www.smooal-7oob.com/vb/images/smilies/8bd4290.gif)

سُلاَفْ القَصِيدْ
26 / 01 / 2011, 09 : 09 AM
قصه وأبيآت روعه
تسلم على الأختيآر

الطيري
02 / 02 / 2011, 16 : 10 AM
الحارث بن عباد البكري الوائلي




هو الحارث بن عُبَاد بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة البكري, المكنى أبا المنذر, والملقب بفارس النعامة, أحد سادات العرب وحكمائها وشُجعانها.
اشترك مع أبناء عمومته من وائل في حروبهم وأيامهم, منها يوم خزاز أشهر يوم وقع بين قبائل العرب.
آلت للحارث رئاسة قومه وهو صغير بعد مقتل أبيه في حرب نشبت بين سدوس وبين بكر وتغلب, وكان سببها أن الحارث بن عباد اختلف في شبابه مع مَعْمَر بن سَوّار غلام الفُضيل بن عمران السدوسي على سُقيا الإبل فقتل مَعْمَراً والفُضيل, فثارت بذلك الحرب بينهم ثم اتّسعت واشتدّت.
ويعد الحارث بن عباد من أخطب العرب, ومن خطبه التي حفظتها النصوص, خطبته في حضرة كسرى, وكان في الوفد الذي بعثه النعمان بن المنذر إليه. وكان أن قام الحارث بن عباد إثر انتهاء حاجب بن زرارة من خطابه, فخطب القوم موجهاً الكلام إلى كسرى, فقال:
دامت لك المملكة باستكمال جزيل حظها وعلوّ سنائها. من طال رشاؤه كثر متحه, ومن ذهب ماله قلّ منحه. تناقل الأقاويل يعرف اللّب. هذا مقام سيوجف بما ينطق به الرّكب, وتعرف به كنه حالنا العجم والعرب, ونحن جيرانك الأدنون, وأعوانك المعينون. خيولنا جمّة, وجيوشنا فخمة. إن استنجدتنا فغير رُبُض وإن استطرقتنا فغير جُهُض, وإن طلبتنا فغير غُمُض. لا ننثني لذعر, ولا نتنكر لدهر. رماحنا طوال, وأعمارنا قصار.
قال كسرى:
أنفس عزيزة وأمة ضعيفة.
قال الحارث: أيها الملك وأنى يكون لضعيف عزّة أو لصغير مرّة.
قال كسرى: لو قصر عمرك لم تستول على لسانك نفسك.
قال الحارث: أيها الملك, إن الفارس إذا حمل نفسه على الكتيبة مغررا بنفسه على الموت فهى منيّة استقبلها, وجنان استدبرها.
والعرب تعلم أنى أبعث الحرب قدماً, وأحبسها, وهى تصرف بها حتى إذا جاشت نارها, وسعرت لظاها, وكشفت عن ساقها, جعلت مقادها رمحى, وبرقها سيفى, ورعدها زئيرى, ولم أقصر عن خوص خضخاضها حتى أنغمس فى غمرات لججها. وأكون فلكا لفرسانى إلى بحبوحة كبشها فأستمطرها دما وأترك حماتها جزر السباع وكل نسر قشعم.
ثم قال كسرى لمن حضره من العرب: أكذلك هو؟
قالوا: فعاله أنطق من لسانه.
قال كسرى: ما رأيت كاليوم وفداً أحشد, ولا شهوداً أوفد.

وعندما وقع الشر بين بكر وتغلب أعظم الحارث بن عباد مقتل كليب, واعتزل بأهله وولد إخوته وأقاربه, وحل وتر قوسه, ونزع سنان رمحه, فقال سعد بن مالك وهو من ضبيعة يعّرض به:


يا بُؤسَ للحـرب التـيوَضعتْ أَراهط فاسْتراحوا
والحربُ لا يبقـى لـجـاحمها التَّخَيُّـل والمِـراحُ
إلا الفتى الصبّار في النّــجَدات والفرسُ الوَقَـاحُ
والكَرُّ بعـد الفَـرِّ إذْ كُــرِهَ التَّقـدمُ والنِّـطـاحُ
كَشَفَت لهم عـن ساقِهـاوبَدا من الشَّرِّ الصُّـراحُ
بئـس الخَلَائـف بعدنـاأولاد يَشْكُـرَ واللِّقَـاحُ!
من صـدَّ عـن نيرانهـافأنا ابنُ قيـسٍ لا بَـراحُ
هيهاتَ حالَ المـوتُ دونَالفَوْتِ وانْتُضيَ السِّـلاحُ
كيف الحيـاةُ إِذا خَلَـتْمِنَّا الظَّواهـرُ والبطـاحُ
المـوت غايَتُنَـا فــلاقَصر ولا عنـه جِمَـاحُ
وكأنمـا وِرْدُ المـنـيّــة عندنـا مـاءٌ وَرَاحُ
أيـن الأعـزَّة والأسنَّـةعنـد ذلـك والشَّمـاخُ؟


فدامت الحرب فترة طويلة حتى أن بني بكر اجتمعوا إلى الحارث بن عباد الذي أعتزل هذه الحرب وقال كلمة الشهيرة التي ذهبت مثلا ( لا ناقةً لي في هذا ولا جمل ), وقالوا له: قد فُنِي قومُك! فأرسل بُجيراً ابنه " أو ابن أخيه عمرو " إلى المهلهل وقال له: قلْ له: إني قد اعتزلتُ قومي لأنهم ظلموك, وخليتك وإياهم, وقد أدركت ثأرك وقتلتَ قومك. فأتاه بجير فهمّ المهلهل بقتله, فقال له امرؤ القيس بن أبان – وكان من أشراف بني تغلب وكان على مقدمتهم زمناً: لا تفعلْ, فوالله لئن قتلته ليقتلنَّ به منكم كبش, لا يُسأل عن خاله من هو؟ وإياك أن تحقر البغي, فإنَّ عاقبته وخيمة, وقد اعتزلنا عمُّه وأبوه وأهل بيته. فأبى مهلهل إلا قتله, فطعنه بالرمح وقتله وقال له: ( بُؤْ بِشِسْعِ نَعْلِ كليب )!
فلمّا بلغ قتله الحارث – وكان من أحلم أهل زمانه وأشدهم بأساً – قال: نعم القتيل قتيلٌ أصلح بين حيي وائل! فقيل له: إنما قتله بشِسْعِ نَعْلِ كُليب, فلم يقبل ذلك.
وأرسل إلى المهلهل: إن كنت قد قتلت بجيراً بكليب, وانقطعت الحرب بينكم وبين إخوانكم فقد طابت نفسي بذلك. فأرسل إليه مهلهل: إنما قتلته بشِسْعِ نعل كليب! فغضب الحارث فقال: ( الأُمُورُ مَخْلُوجَةٌ وليستْ بِسُلْكَى ) وهو أول من قالها.
ثم أتى الحارث بالنعامة " وكانت من أشهر خيول الجزيرة العربية " فجز ناصيتها وقطع ذنبها وكان أول من صنع ذلك من العرب, فاتخذته العرب سنة إذا قتل لأحد عزيز أراد أن يأخذ بثاره, ثم قال:


كـلُّ شـيء مصيـره للـزَّوالِغيرَ ربـي وصالِـح الأعمـالِ
وترى الناس ينظـرون جميعـاًليس فيهم لذاك بعـضُ احْتيـالِ
قـلْ لأم الأغـرِّ تبكـي بُجَيـراًما أتى الماءُ من رؤوس الجبـالِ
لَهْفُ نفسي على بُجَيـر إذا مـاجالت الخيلُ يوم حَرْبٍ عُضَـالِ
وتَساقـى الكُمَـاة سُمّـاً نَقِيعـاًوبَدَا البِيض من قِبَـاب الحجَـالِ
وسَعَتْ كلُّ حُرَّةِ الوَجْـهِ تدعـويـا لَبَكْـر! غَـرَّاء كالتمـثـالِ
يا بجير الخيرات لَا صُلْح حتَّـىنَمْلأَ الْبيد مـن رُؤوس الرجـالِ
وتقـرَّ العيـون بَعْـدَ بُكـاهـاحين تَسْقِي الدِّما صدورَ العوالـي
أصْبَحت وائلٌ تعجّ مـن الـحــربِ عَجيج الجمـال بالأَثْقَـالِ
لا بجير أغنـى قتيـلاً ولا رهــط كليب تزاجروا عن ضـلالِ
لم أكـن مـن جُنَاتهـا علـم اللهوإنـي بحرِّهـا اليـوم صَـالِ
قد تجنَّبـت وائـلاً كـي يُفيقـوافأبَـتْ تَغلـبٌ علـيَّ اعتزالـي
وأَشَـابُـوا ذؤابـتـي ببُجـيـرقَتَلُـوهُ ظُلْمـاً بغـيـر قـتـالِ
قتلـوه بشِسْـعِ نَعْـلِ كُلَـيْـبٍإنّ قتْلَ الكريـم بالشِّسْـعِ غَـالِ
يا بني تغلب خـذوا الحـذر إنّـاقد شربنـا بكـأسِ مَـوْتٍ زْلَالِ
يـا بنـي تغلـب قتلتُـم قتيـلاًما سمعنا بمثلـه فـي الخوالـي
قرِّبـا مَرْبـط النَّعامـة مـنـيلقحَت حرب وائـل عـن حِيَـالِ
قرِّبـا مَرْبـط النَّعامـة مـنـيليس قولـي يـرادُ لكـنْ فِعَالِـي
قرِّبـا مَرْبـط النَّعامـة مـنـيجَـدَّ نَـوْحُ النِّسـاء بالإِعـوالِ
قرِّبـا مَرْبـط النَّعامـة مـنـيشابَ رأسي وأنكرتنـي الْعوالـي
قرِّبـا مَرْبـط النَّعامـة مـنـيلِلسُّـرى والغُـدُوِّ والآصــالِ
قرِّبـا مَرْبـط النَّعامـة مـنـيطال ليلي عن الليالـي الطـوالِ
قرِّبـا مَرْبـط النَّعامـة مـنـيلِاعْتِنـاق الأبطـال بالأبـطـالِ
قرِّبـا مَرْبـط النَّعامـة مـنـيواعـدلا عـن مَقَالـةِ الجُهَّـالِ
قرِّبـا مَرْبـط النَّعامـة مـنـيليس قلبـي عـن القِتـال بسـالِ
قرِّبـا مَرْبـط النَّعامـة مـنـيكلما هـبَّ ريـح ذَيْـل الشَّمـالِ
قرِّبـا مَرْبـط النَّعامـة مـنـيلبُجـيـرٍ مُفَـكِّـكِ الأغــلالِ
قرِّبـا مَرْبـط النَّعامـة مـنـيلكـريـم مُـتَـوَّج بالجـمـالِ
قرِّبـا مَرْبـط النَّعامـة مـنـيلا نبيـعُ الرجـال بَيْـعَ النِّعـالِ
قرِّبـا مَرْبـط النَّعامـة مـنـيلبُجَيْـر فِـداه عَمِّـي وخـالـي
قرِّباهـا لحـيِّ تغلـب شُوسـاًلِاعْتِنَـاقِ الكُمـاة يـومَ القِتـالِ
قرِّباهـا وقرِّبـا لأْمَتِـي درْعــاً دِلَاصـاً تـردُّ حَـدَّ النِّبـالِ
قرِّبَـاهـا بمُرْهـفَـاتِ حــدادٍلِقـرَاع الأبطـال يـوم النِّـزَالِ
سائلـوا كنـدة الكـرام وبَكْـراًواسألوا مَذْحِجـاً وحـيَّ هـلالِ
إذ أتونـا بعسكـر ذي زُهَــاءمكفهـرّ الأذى شديـد المَصـالِ
فقَرَيْنَـاه حـيـن رام قِـرانَـاكل ماضي الذّباب عضب الصِّقالِ


يقال أن قصيدة الحارث هذه قد بلغت المائة بيت كرر فيها قول: قربا مربط النعامة مني في خمسين بيتاً.
فأجابه المهلهل:


قرِّبا مَرْبط المُشهّـر منـيطارَ نومي وحانَ منّي قِتالي


والقصيدة طويلة.
فارتحل الحارث مع قومه" بني ضُبيعة, وكانوا أيامها في العراق ", حتى نزل مع جماعة بكر بن وائل, وعليهم يومئذٍ الحارث بن همَّام, فقال الحارث بن عباد له: إنَّ القوم مستقلّون قومك, وذلك زادهم جُرأةً عليكم, فقاتلهم بالنساء, فقال له الحارث بن همام: وكيف قتال النساء؟ فقال: قلّد كلَّ امرأة إداوة من ماء, وأعطها هراوة, واجعل جمعهن من ورائكم, فإن ذلكم يزيدكم اجتهاداً, وعلّموا قومكم بعلامات يعرفنها, فإذا مرَّت امرأةٌ على صريع منكم عرفته فسقته من الماء ونعشته, وإذا مرَّت على رجل من غيركم ضربته بالهراوة فقتلته وأتت عليه.
فأطاعوه, وحلقت بنو بكر يومئذٍ رؤوسها, استبسالاً للموت, وجعلوا ذلك علامة بينهم وبين نسائهم.
فاجتمعت قبائل بكر على الحارث بن عباد. وفي هذا يقول صاحب المحبر في باب من اجتمعت له رئاسة قومه من قبائل العرب:
واجتمعت ( بكر بن وائل ) في الجاهلية على ( جهبل ) بن ثعلبة اليشكري, وعلى ( عمرو ) بن شيبان بن ذهل, وعلى ( عمرو ) ابن قيس الأصم يوم الزويرين, وعلى ( الكلح ) يوم قتل بذات الرمرم, وعلى ( بشر ) بن عمرو بن مسعود يوم الشِّيطين, وعلى ( همام ) بن مرة في حرب البسوس, وعلى ( الحارث ) بن عباد في يوم قَضّة.
وفي هذا اليوم اقتتل الفرسان قتالاً شديداً, وانهزمت بنو تغلب, ولحقت بالظّعن بقيةَ يومها وليلتها, واتبعهم سرعان بكر بن وائل, وتخلَّف الحارث بن عباد, وقال لسعد بن مالك: أتراني ممَّن وضعته الحرب؟ فقال: لا, ولكن لا مخبأ لعطرٍ بعد عروس. ومعناه: إن لم تنصر قومك الآن فلمن تدّخر نصرك؟!
وأسر الحارثُ مهلهلاً بعد انهزام الناس وهو لا يعرفه, فقال له: دُلَّني على المهلهل. فقال: ولي دمي؟ فقال: ولك دمك, قال: ولي ذمَّتُك وذمَّة أبيك؟ قال: نعم, ذلك لك.
قال المهلهل – وكان ذا رأي ومكيدة - : فأنا مهلهل! خدعتك عن نفسي, والحربُ خدعة. فقال: كافئني بما صنعت لك بعد جرمك, ودُلَّني على كفء لبجير. فقال: لا أعلمه إلا امرأ القيس بن أبان, هذاك علمه. فجزّ ناصيته وأطلقه, وقصد امرئ القيس فشدَّ عليه فقتله, فقال الحارث في ذلك:


لهفَ نفسي على عديِّ ولـم أَعْــرف عديّاً إِذ أَمْكَنتنـي اليَـدانِ
طُلَّ من طُلّ في الحروب ولم أُوتِــرْ بُجَيْـراً أَبَأْتُـه ابـنَ أَبــانِ
فارس يضرب الكتيبـة بالسَّـيْــف وتَسْمُـو أمامَـه العَيْـنَـانِ



ويروى عند الميداني في كتابه مجمع الأمثال عن قصة أسر المهلهل وأسمه عدي بن ربيعة في رواية قصة المثل ( أوفى من الحارث بن عباد ):
يُقال‏:‏ إنه كان أسر عدي بن ربيعة في يوم قِضَّةَ، ولم يعرفه، فقال له‏:‏ دُلَّنِي على عَدِيِّ بن ربيعة، فقال له‏:‏ إن أنا دَلَلْتُكَ على عديٍّ أتؤمنني‏؟‏ قال‏:‏ نعم، قال‏:‏ فليضمن ذلك عليك عوف بن مُحلِّم " وهو أحد مشاهير شيبان "، فأمره الحارث بن عباد فضمن له عوف أن يؤمنه الحارث إذا دله على عدي، فقال عدي‏:‏ أنا عدي، فخلَّاه، وقال الحارث في ذلك‏:‏


‏لَهْفَ نَفْسِي عَلَى عَدِيٍّ وقَدْ أشْــعَبَ للموتِ وَاحْتَوْتْهُ اليَـدَانِ


وبسبب قصته مع المهلهل ضرب مثل الوفاء بالحارث بن عباد كما ذكر ذلك صاحب مجمع الأمثال, ويعد الحارث بن عباد وعوْف بن محلِّم الشيباني والسموءل من أوفى العرب. ولا علاقة لقصة أسر المهلهل وعوف بن محلِّم بالمثل الذي ضرب فيه, حيث أن لعوف قصة أخرى ليست موضوعنا ولكن أردت الإشارة لذلك.
وذكر صاحب المحبر:
الوافون من العرب
( الحارث ) بن عباد, وكان من وفائه أنه أسر يوم قضة عدي ابن ربيعة....
وذكر من بعده السموءل وعوف.
وفيهم قول الكميت:


وما كان السموءل في وفاءوقد بلغت حفيظته الخطوب
غداة ابتاع مكرمة بثكـلٍوقد يوفي بذمتـه الكئيـب
ولا أبن محلم وأبو بجيـروعجب من وفائهما عجيب



كانت وفاة الحارث بن عُباد نحو عام 72 ق.هـ. ( 550 م ). وقيل بعد هذا بعشرين سنة.

ولم يمت ذكره بموته بل ظلَّ متوارداً على ألسنة الرواة والشعراء كدليلٍ على علو هامة هذا الفارس البطل.
وهاهو أبو تمام يضرب مثل الشجاعة بالحارث بن عباد في قوله:


لا تنكرنَ أنَ يشتكي ثقلَ الهوىبدني فما أنا مـنْ بقيـة ِ عـادِ
كَمْ وَقعَة ٍ لي في الهوى مشْهُورَةما كنتُ فيها الحارِثَ بنَ عُبـادِ



وفي إِشارة للحرب البسوس وبطلها الذي انتهت على يده بنصره لأبناء عمومته يقول البحتري:


ما حديثي إلا حديث كليبوبجير والحارث بن عبادِ



وفي استعداد الحارث بن عباد ليوم قضّة يضرب أبو نواس مثل التشبيه:


وقد تناهتْ وصارتْكمثلِ قَبْسٍ الزّنـادِ
فجاءهَـا مُسْتَعِـدّاًكالحارث بن عبـادِ



وفي إحدى القصائد المشهورة لأبو فراس الحمداني يقول مشيراً لقتل الحارث بن عباد أبن أبان:


وَبَنُو عُبَادٍ حِينَ أُحْرِجَ حارِثٌجَرّوا التّخَالفَ في بَني شَيْبَانِ
خَلّوا عَدِيّاً وَهْوَ صَاحِبُ ثأرِهمكَرَماً وَنَالوا الثّأرَ بابنِ أبَـانِ



وفي إحدى قصائد الفرزدق قالها لامرأته النوار عندما تزوج عليها امرأة من اليرابيع يقال إنها من ولد الحارث بن عباد, أنشد هذه القصيدة عندما قالت له النوار تزوجتها أعرابية دقيقة الساقين! فقال:


أرَاهَا نجُوم اللّيْل وَالشّمسُ حَيّةٌزِحَامُ بَنَاتِ الحَارِثِ بنِ عُبَـادِ
نِسَاءٌ أبُوهُنّ الأغَرُّ وَلـمْ تَكُـنْمِنَ الحُتّ في أجبالِهَـا وَهَـدَادِ
وَلمْ يكُنِ الجَوْفُ الغَمُوضُ مَحلَّهَاوَلا في الهِجارِيّينَ رَهْطِ زِيَـادِ
وَلَيْسَتْ وَإنْ نَبّأتُ أنـي أُحْبّهَـاإلى دارِمِيّـاتِ النِّجَـارِ جِيَـادِ
أبُوهَا الذي أدْنَى النَّعَامَةَ بَعْدَمَـاأبَتْ وَائِلٌ في الحَرْبِ غَيرَ تَمَادِ
عَدَلْتُ بها مَيْلَ النَّوَارِ فأصْبَحَتْوَقَدْ رَضِيَتْ بالنِّصْفِ بَعد بِعَادِ



فسمع بهذه القصيدة جرير فرد عليه:


صرَا القين ما صاهرتَ عَمْرَو بنْ مَرْثَدولا نِلْـتَ آل الحـارثِ بـن عُـبـادِ
ولكنمـا صاهـرتَ عوفـاً ورهطـهوكـان لكـم عـوف عَيـارَ مِــدادِ


عوف المقصود هنا من بني ذهل بن شيبان. وجرير بذلك ينكر على الفرزدق مصاهرة آل عباد لما فيها من شرف وعزة.





مراجع:
تاريخ الأدب العربي
ديوان الشعر العربي
خزانة الأدب
المحبر
تاريخنا بأسلوب قصصي
أروع ما قيل في الخطابة
جمهرة خطب العرب
أيام العرب في الجاهلية
نهاية الأرب في فنون الأدب
فصل المقال في شرح كتاب الأمثال
مجمع الأمثال
ديوان جرير