تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : مُرَادِ أَهْل ِ العِلمِ المتقدِّمِيْنَ بلفظِ الكرَاهَةِِ وغلطِ المتأخرين .


الحلقوم
06 / 07 / 2005, 34 : 11 PM
( 1 )


َالكرَاهَة ُ الاصْطِلاحِيَّة ُعِنْدَ الأُصُوْلِيِّيْنَ : لمْ يَسْتقِرَّ مَعْنَاهَا في تِلك َ الفتْرَةِ ، وَإنمَا اسْتقرَّتْ بَعْدَ ذلك . أَمّا عِنْدَ المحَدِّثِيْنَ في ذلِك َ العَصْرِ : فكانوْا يُطلِقوْنهَا بمَعْنَاهَا اللغوِيِّ العَامِّ ، الذِي يَدْخُلُ تَحْتَهُ كلُّ مَا كرِهَهُ الشّارِعُ فنهَى عَنْهُ ، مِنْ كفرٍ ، وَشِرْكٍ ، وَكبائِرَ ، وَصَغائِرَ ، وَمَا دُوْنَ ذلك .لهِذَا تجِدُ الأَئِمَّة َ يُطلِقوْنَ الكرَاهَة َ عَلى كبَائِرَ وَمَعَاص ٍ ، مُسْتقِرٌّ تَحْرِيْمُهَا عِنْدَهُمْ ،

كقوْل ِ الإمَامِ مَالِكٍ في«الموَطإِ»:«بَابُ مَا جَاءَ في كرَاهِيَةِ إصَابةِ الأُخْتَيْن ِ بمِلكِ اليَمِيْن ِ، وَالمرْأَةِ وَابْنتِهَا».

ثمَّ قالَ مَالِك ٌ بَعْدَهُ في«الموَطإِ» في الأَمَةِ تَكوْنُ عِنْدَ الرَّجُل ِ، فيُصِيْبُهَا ، ثمَّ يُرِيْدُ أَنْ يُصِيْبَ أُخْتَهَا :(إنهَا لا تَحِلُّ لهُ ، حَتَّى يُحَرِّمَ عَليْهِ فرْجَ أُخْتِهَا بنِكاحٍ ، أَوْ عِتَاقةٍ ، أَوْ كِتَابةٍ ، أَوْ مَا أَشْبَهَ ذلِك َ، يُزَوِّجُهَا عَبْدَهُ أَوْ غيرَ عَبْدِه).

وَقالَ مَالِك ٌ أَيْضًا :(لا بَأْسَ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا بمِلكِ اليَمِين ِ، فمَنْ وَطِئَ مِنْهُمَا الأُمَّ وُالابنة َ: فقدْ حَرُمَتْ عَليْهِ بذَلِك َ الأُخْرَى أَبدًا) نقلهُ عَنْهُ العَلامَة ُ أَبوْ الوَلِيْدِ الباجِيّفي شَرْحِهِ عَلى«الموَطإِ» ، وَوَجْهُ ذلِك َ: أَنهُ قدْ يَمْلِك ُ عَلى هَذَا الوَجْهِ ، مَنْ لا يَجُوْزُ لهُ وَطؤُهَا ، كالخالةِ وَالعَمَّة . فلِذَلِك َ جَازَ لهُ : أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا في مِلكِ اليَمِين ِ، وَإنْ لمْ يَجْمَعْ بَيْنَهُمَا باِلوَطْءِ ، فالجمْعُ بَيْنَهُمَا في ذلِك َ مُحَرَّمٌ ، كالجمْعِ بَيْنَهُمَا بعقدِ النِّكاح)اه كلامُه .

وَقوْل ِ البُخارِيِّ في«صَحِيْحِهِ»في«كِتَابِ الحدُوْدِ»:«بَابُ كرَاهِيَةِ الشفاعَةِ في الحدِّ إذا رُفِعَ إلىَ السُّلطان».

وَقوْل ِ أَبي دَاوُوْدَ في«سُننِهِ»:«بَابٌ في كرَاهِيَةِ الرّشْوَةِ».

وَقوْل ِ التِّرْمِذِيِّ في«جَامِعِهِ»:«بَابُ مَا جَاءَ في كرَاهِيَةِ إتيَان ِ الحائِض»، وَ«بَابُ مَا جَاءَ في كرَاهِيَةِ بيعِ الغرَر»،وَ«بَابُ مَا جَاءَ في كرَاهِيَةِ النَّجَش ِ في البيوْع»، و«بَابُ مَا جَاءَ في كرَاهِيَةِ الغِشِّ في البيوْع»،وَ«بَابُ مَا جَاءَ في كرَاهِيَةِ الحلِفِ بغيْرِ الله»،وَ«بَابُ مَا جَاءَ في كرَاهِيَةِ الحلِفِ بغيْرِ مِلةِ الإسْلام»،وَ«بَابُ مَا جَاءَ في كرَاهِيَةِ خَاتمِ الذَّهَب» أَي لِلرِّجَال ِ،وَ«بَابُ مَا جَاءَ في كرَاهِيَةِ الشُّرْبِ في آنيةِ الذَّهَبِ وَالفِضَّة».

وَقوْل ِالنَّسَائِيِّ في«سُننِهِ»:«كرَاهِيَة ُ الاسْتِمْطارِ باِلكوْكب»،وَ«كرَاهِيَة ُ تزْوِيْجِ الزُّناة».

وَقوْل ِابْن ِ مَاجَهْ في«سُننِهِ»:«بَابُ كرَاهِيَةِ لِبْس ِ الحرِيْر»، أي لِلرِّجَال .وَلا يُرِيْدُوْنَ باِلكرَاهَةِ في ذلِك َ كلهِ إلا َّ التَّحْرِيْمَ كمَا ترَى .وَقالَ ابنُ المنذِرِوَالذِي عَليْهِ الأَكثرُ مِنْ أَهْل ِ العِلمِ : كرَاهِيَة ُ الصَّلاةِ في المقبَرَةِ ، لحدِيْثِ أَبي سَعِيْدٍ ، وَكذَلِك َ نقوْل)اه.وَمُرَادُ ابْن ِ المنذِرِ رَحِمَهُ الله ُ باِلكرَاهَةِ هُنَا : كرَاهَة َ التَّحْرِيْمِ ، لِذَا قالَ قبْلَ ذلِك َعَلى حَدِيْثِ ابْن ِ عُمَرَ رَضِيَ الله ُ عَنْهُمَا «اِجْعَلوْا في بُيُوْتِكمْ مِنْ صَلاتِكمْ ، وَلا تتَّخِذُوْهَا قبوْرًا» قالَ: (ففِي قوْلِهِ:«وَلا تَتَّخِذُوْهَا قبوْرًا»: دَلِيْلٌ عَلى أَنَّ المقبَرَة َ ليْسَتْ بمَوْضِعِ صَلاةٍ ، لأَنَّ في قوْلِهِ «اِجْعَلوْا في بُيُوْتِكمْ مِنْ صَلاتِكمْ»: حَثا عَلى الصَّلوَاتِ في البيوْت .وَقوْلِهِ «وَلا تجْعَلوْهَا قبوْرًا»: يدُلُّ عَلى أَنَّ الصَّلاة َ غيْرُ جَائِزَةٍ في المقبَرَة).

وَقالَ ابْنُ المنْذِرِ في مَوْضِعٍ آخَرَ:(وَفي حَدِيْثِ ابْن ِ عُمَرَ عَن ِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنهُ قالَ:«اِجْعَلوْا في بُيوْتِكمْ مِنْ صَلاتِكمْ ، وَلا تتخِذُوْهَا قبوْرًا»: أَبيَنُ البيان ِ عَلى أَنَّ الصَّلاة َ في المقبرَةِ غيْرُ جَائِزَة)اه.




يتبع بحث طويل وممتع في بابه

هادي
07 / 07 / 2005, 53 : 08 AM
جزاك الله خير

ومشكوووور على هذي المعلومات

سلام

ولدعنبر
07 / 07 / 2005, 58 : 12 PM
جزيت خيراً

وبارك الله فيك

وجعلها الله في موازين حسناتك

الحلقوم
07 / 07 / 2005, 38 : 01 PM
جزاكم الله خير

تتمت المقال


( 2 ) الأخير

و قالَ العَلامَة ُ ابْنُ قيِّمِ (وَقدْ غلِط َ كثِيْرٌ مِنَ المتأَخِّرِيْنَ ، مِنْ أَتباعِ الأَئِمَّةِ عَلى أَئِمَّتِهمْ بسَبَبِ ذلِك َ، حَيْثُ توَرَّعَالأَئِمَّة ُ عَنْ إطلاق ِ لفظِ «التَّحْرِيْم»ِ ، وَأَطلقوْا لفظ َ «الكرَاهَة».فنفى المتأَخِّرُوْنَ «التَّحْرِيْمَ» ، عَمّا أَطلقَ عَليْهِ الأَئِمَّة ُ «الكرَاهَة». ثمَّ سَهُلَ عَليْهمْ لفظ ُ«الكرَاهَةِ» ، وَخفتْ مُؤْنتهُ عَليْهمْ : فحملهُ بَعْضُهُمْ عَلى التَّنْزِيه. وَتجَاوَزَ بهِ آخَرُوْنَ إلىَ كرَاهَةِ تَرْكِ الأَوْلىَ ، وَهَذَا كثِيْرٌ جِدًّا في تصَرُّفاتِهمْ : فحَصَلَ بسَببهِ غلط ٌ عَظِيْمٌ عَلى الشرِيعَةِ وَعَلى الأَئِمَّة)


.ثمَّ شَرَعَ ابنُ القيِّمِ في بيان ِ طرَفٍ مِنْ أَمْثِلةِ ذلِك َ في المذَاهِبِ الأَرْبَعَةِ المشْهُوْرَةِ :


بدَأَ بمَذْهَبِ الإمَامِ أَحْمَدَ رَضِيَ الله ُ عَنْهُ فقالَ (1/40-43): (1- وَقدْ قالَ الإمَامُ أَحْمَدُ في الجمْعِ بَيْنَ الأُخْتَيْن ِ بمِلكِ اليَمِيْن ِ: «أَكرَهُهُ ، وَلا أَقوْلُ هُوَ حَرَام». وَمَذْهَبُهُ تَحْرِيْمُهُ ، وَإنمَا تَوَرَّعَ عَنْ إطلاق ِ لفظِ «التَّحْرِيْمِ» ، لأَجْل ِ قوْل ِ عُثْمَانَ رَضِيَ الله ُ عَنْه



.2- وَقالَ أَبوْ القاسِمِ الخِرَقِيُّ ، فِيْمَا نقلهُ عَنْ أَبي عَبْدِ اللهِ : «وَيُكرَهُ أَنْ يَتَوَضّأَ في آنيَةِ الذَّهَبِ وَالفِضَّة».وَمَذْهَبُهُ : أَنهُ لا يَجُوْز



.3- وَقالَ في رِوَايةِ أَبي دَاوُوْدَ:«وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لا يَدْخُلَ الحمّامَ إلا َّ بمِئْزَرٍ له». وَهَذَا اسْتِحْبَابُ وُجُوْب


4- وَقالَ في رِوَايةِ إسْحَاق ِ ابْن ِمَنْصُوْرٍ:«إذا كانَ أَكثرُ مَال ِ الرَّجُل ِ حَرَامًا ، فلا يُعْجِبُني أَنْ يُؤْكلَ مَاله».وَهَذَا عَلى سَبيْل ِ التَّحْرِيْم .



5- وَقالَ في رِوَايةِ ابنِهِ عَبْدِ اللهِ:«لا يُعْجِبُني أَكلُ مَا ذبحَ لِلزُّهَرَةِ وَلا الكوَاكِبِ وَلا الكنِيْسَةِ ، وَكلِّ شَيْءٍ ذبحَ لِغيْرِ اللهِ ، قالَ الله ُ عَزَّ وَجَلَّ { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ }.فتأَمَّلْ ! كيْفَ قالَ «لا يُعْجِبُني» فِيْمَا نصَّ الله ُ سُبْحَانهُ عَلى تَحْرِيْمِهِ ، وَاحْتَجَّ هُوَ أَيضًا بتَحْرِيْمِ اللهِ لهُ في كِتَابه



6- وَقالَ في رِوَايةِ الأَثرَمِ:«أَكرَهُ لحوْمَ الجلاّلةِ وَأَلبَانهَا».وَقدْ صَرَّحَ باِلتَّحْرِيْمِ في رِوَايةِ حَنْبَل ٍ وَغيْرِه .



7- وَقالَ في رِوَايةِ ابنِهِ عَبْدِ اللهِ:«أَكرَهُ أَكلَ لحْمِ الحيَّةِ وَالعَقرَبِ ، لأَنَّ الحية َ لها نابٌ ، وَالعَقرَبُ لها حُمَة».وَلا يَخْتَلِفُ مَذْهَبُهُ في تَحْرِيْمِه

.8- وَقالَ في رِوَايةِ حَرْبٍ:(إذا صَادَ الكلبُ مِنْ غيْرِ أَنْ يُرْسَلَ ، فلا يُعْجِبُني ، لأَنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ:«إذا أَرْسَلتَ كلبَك َ وَسَمَّيْت».فقدْ أَطلقَ لفظة َ«لا يُعْجِبُني» عَلى مَا هُوَ حَرَامٌ عِنْدَه .



9- وَقالَ في رِوَايةِ جَعْفرِ بْن ِ مُحَمَّدٍ النَّسَائِيِّ:«لا يُعْجِبُني المكحَلة ُ وَالمِرْوَد» ، يَعْني مِنَ الفِضَّة . وَقدْ صَرَّحَ باِلتَّحْرِيْمِ في عِدَّةِ مَوَاضِعَ ، وَهُوَ مَذْهَبُهُ بلا خِلاف


10- وَقالَ جَعْفرُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَيضًا:(سَمِعْتُ أَبا عَبْدِ اللهِ سُئِلَ عَنْ رَجُل ٍ قالَ لامْرَأَتِهِ:«كلُّ امْرَأَةٍ أَتزَوَّجُهَا ، أَوْ جَارِيةٍ أَشْتَرِيْهَا لِلوَطْءِ وَأَنتِ حَيَّة ٌ : فالجارِية ُ حُرَّة ٌ ، وَالمرْأَة ُ طالِقٌ».قالَ:«إنْ تزَوَّجَ لمْ آمُرْهُ أَنْ يُفارِقهَا ، وَالعِتْقُ أَخْشَى أَنْ يَلزَمَهُ ، لأَنهُ مُخالِفٌ لِلطلاق». قِيْلَ لهُ : يَهَبُ لهُ رَجُلٌ جَارِيَة؟ قالَ :«هَذَا طرِيْقُ الحِيْلةِ» ، وَكرِهَه).مَعَ أَنَّ مَذْهَبَهُ تَحْرِيْمُ الحِيَل ِ، وَأَنهَا لا تخلصُ مِنَ الأَيْمَان


.11- وَنصَّ عَلى كرَاهَةِ البطةِ مِنْ جُلوْدِ الحمُرِ ، وَقالَ : «تكوْنُ ذكِيَّة ً».وَلا يَخْتَلِفُ مَذْهَبُهُ في التَّحْرِيْم .


12- وَسُئِلَ عَنْ شَعْرِ الخِنْزِيرِ فقالَ:«لا يُعْجِبُني». وَهَذَا عَلى التَّحْرِيْم .


13- وَقالَ:«يُكرَهُ القدُّ مِنْ جُلوْدِ الحمِيْرِ ذكِيًّا ، وَغيْرَ ذكِيٍّ ، لأَنهُ لا يَكوْنُ ذكِيًّا ، وَأَكرَهُهُ لِمَنْ يَعْمَلُ وَلِلمُسْتَعْمِل».



14- وَسُئِلَ عَنْ رَجُل ٍ حَلفَ لا يَنْتَفِعُ بكذَا : فباعَهُ وَاشْتَرَى بهِ غيْرَهُ : فكرِهَ ذلِك». وَهَذَا عِنْدَهُ لا يَجُوْز .


15- وَسُئِلَ عَنْ أَلبان ِ الأُتن ِ: فكرِهَه. وَهُوَ حَرَامٌ عِنْدَه .


16- وَسُئِلَ عَن ِ الخمْرِ يتَّخذُ خلا ًّ: فقالَ:«لا يُعْجِبُني».وَهَذَا عَلى التَّحْرِيْمِ عِنْدَه .



17- وَسُئِلَ عَنْ بيْعِ الماءِ : فكرِهَه . وَهَذَا في أَجْوِبتِهِ أَكثرُ مِنْ أَنْ يُسْتقصَى ، وَكذَلِك َ غيْرُهُ مِنَ الأَئِمَّة .[عند الحنفية]



18- وَقدْ نصَّ مُحَمَّدُ بْنُ الحسَن ِ: أَنَّ كلَّ مَكرُوْهٍ فهُوَ حَرَامٌ ، إلا َّ أَنهُ لما لمْ يَجِدْ فِيْهِ نصًّا قاطِعًا لمْ يُطلِقْ عَليْهِ لفظ َ «الحرَام».



19- وَرَوَى مُحَمَّدٌ أَيضًا عَنْ أَبي حَنِيْفة َ وَأَبي يُوْسُفَ إلىَ أَنهُ إلىَ الحرَامِ أَقرَب


.20- وَقدْ قالَ في«الجامِعِ الكبيْرِ»:«يُكرَهُ الشُّرْبُ في آنيَةِ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ لِلرِّجَال ِ وَالنِّسَاءِ» ، وَمُرَادُهُ التَّحْرِيْم .



21- وَكذَلِك َ قالَ أَبوْ يُوْسُفَ وَمُحَمَّدٌ:«يُكرَهُ النَّوْمُ عَلى فرُش ِ الحرِيرِ ، وَالتَّوَسُّدُ عَلى وَسَائِدِهِ» ، وَمُرَادُهُمَا التَّحْرِيْم .



22- وَقالَ أَبوْ حَنِيْفة َ وَصَاحِبَاهُ:«يُكرَهُ أَنْ يَلبسَ الذُّكوْرُ مِنَ الصِّبيَان ِ الذَّهَبَ وَالحرِيرَ، وَقدْ صَرَّحَ الأَصْحَابُ أَنهُ حَرَامٌ ، وَقالوْا : إنَّ التَّحْرِيْمَ لمّا ثبتَ في حَقِّ الذُّكوْرِ ، وَتحْرِيْمُ اللبس ِ يُحَرِّمُ الإلباسَ ، كالخمْرِ لمّا حُرِّمَ شُرْبُهَا : حَرُمَ سَقيهَا


.23- وَكذَلِك َ قالوْا :«يُكرَهُ مَنْدِيْلُ الحرِيْرِ الذِي يُتَمَخط ُ فِيْهِ وَيتمَسَّحُ مِنَ الوُضُوْءِ» ، وَمُرَادُهُمُ التَّحْرِيْم



.24- وَقالوْا:«يُكرَهُ بيْعُ العَذِرَةِ» ، وَمُرَادُهُمُ التَّحْرِيْم .




25- وَقالوْا:«يُكرَهُ الاحْتِكارُ في أَقوَاتِ الآدَمِيِّيْنَ وَالبهَائِمِ إذا أَضَرَّ بهمْ ، وَضَيَّقَ عَليْهمْ» ، وَمُرَادُهُمُ التَّحْرِيْم .



26- وَقالوْا:«يُكرَهُ بيْعُ السِّلاحِ في أَيامِ الفِتنةِ» ، وَمُرَادُهُمُ التَّحْرِيْم


.27- وَقالَ أَبوْ حَنِيْفة َ:«يُكرَهُ بيْعُ أَرْض ِ مَكة» ، وَمُرَادُهُمُ التَّحْرِيْمُ عِنْدَهُمْ .


28قالوْا:«وَيكرَهُ اللعِبُ باِلشِّطرَنجِ» ، وَهُوَ حَرَامٌ عِنْدَهُمْ


.29- قالوْا:«وَيُكرَهُ أَنْ يَجْعَلَ الرَّجُلُ في عُنُق ِ عَبْدِهِ أَوْ غيْرِهِ طوْقَ الحدِيدِ الذِي يَمْنَعُهُ مِنَ التَّحَرُّكِ» ، وَهُوَ الغلُّ ، وَهُوَ حَرَامٌ ، وَهَذَا كثِيْرٌ في كلامِهمْ جِدًّا .[عند المالكية]



30- وَأَمّا أَصْحَابُ مَالِكٍ : فالمكرُوْهُ عِنْدَهُمْ مَرْتبة ٌ بيْنَ الحرَامِ وَالمباحِ ، وَلا يُطلِقوْنَ عَليْهِ اسْمَ «الجوَازِ» ، وَيقوْلوْنَ:«إنَّ أَكلَ كلِّ ذِي نابٍ مِنَ السِّبَاعِ مَكرُوْهٌ غيْرُ مُبَاح .


31- وَقدْ قالَ مَالِك ٌ في كثيْرٍ مِنْ أَجْوِبتهِ:«أَكرَهُ كذَا»، وَهُوَ حَرَام .



32- فمِنْهَا : أَنَّ مَالِكا نصَّ عَلى كرَاهَةِ الشِّطرَنجِ ، وَهَذَا عِنْدَ أَكثرِ أَصْحَابهِ عَلى التَّحْرِيْمِ ، وَحَمَلهُ بَعْضُهُمْ عَلى الكرَاهَةِ التي هِيَ دُوْنَ التَّحْرِيْم . [عند الشافعية]


33- وَقالَ الشّافِعِيُّ في اللعِبِ باِلشِّطرَنجِ : إنهُ لهوٌ شِبْهُ البَاطِل ِ، أَكرَهُهُ وَلا يتبيَّنُ لِي تَحْرِيْمُه . فقدْ نصَّ عَلى كرَاهتِهِ ، وَتوَقفَ في تَحْرِيْمِهِ ، فلا يَجُوْزُ أَنْ يُنْسَبَ إليْهِ ، وَإلىَ مَذْهَبهِ أَنَّ اللعِبَ بهَا جَائِزٌ ، وَأَنهُ مُبَاحٌ ، فإنهُ لمْ يَقلْ هَذَا ، وَلا مَا يدُلُّ عَليْه . وَالحقُّ أَنْ يُقالَ:«إنهُ كرِهَهَا ، وَتوَقفَ في تَحْرِيْمِهَا». فأَينَ هَذَا مِنْ أَنْ يقالَ:«إنَّ مَذْهَبَهُ جَوَازُ اللعِبِ بهَا ، وَإباحَته ؟!



34- وَمِنْ هَذَا أَيضًا : أَنهُ نصَّ عَلى كرَاهَةِ تزَوِّجِ الرَّجُل ِ بنتهُ مِنْ مَاءِ الزِّنا ، وَلمْ يقلْ قط:«إنهُ مُبَاحٌ ، وَلا جَائِز». وَالذِي يَلِيْقُ بجلالتِهِ ، وَإمامَتِهِ ، وَمَنْصِبهِ الذِي أَحَلهُ الله ُ بهِ مِنَ الدِّين ِ: أَنَّ هَذِهِ الكرَاهَة َ مِنْهُ عَلى وَجْهِ التَّحْرِيْم . وَأَطلقَ لفظ َ«الكرَاهَةِ» : لأَنَّ الحرَامَ يَكرَهُهُ الله ُ وَرُسُوْلهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَقدْ قالَ تعَالىَ ، عَقِيْبَ ذِكرِ مَا حَرَّمَهُ مِنَ المحَرَّمَاتِ ، مِنْ عِنْدِ قوْلِهِ { وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ }.ثمَّ قالَ { كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً } .وَفي «الصَّحِيْحِ»:«إنَّ الله َ عَزَّ وَجَلَّ كرِهَ لكمْ قِيْلَ وَقالَ ، وَكثرَة َ السُّؤَال ِ، وَإضَاعة َ المال».فالسَّلفُ كانوْا يَسْتعْمِلوْنَ «الكرَاهَةَ في مَعْنَاهَا الذِي اسْتُعْمِلتْ فِيْهِ في كلامِ اللهِ وَرَسُوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . أَمّا المتأَخِّرُوْنَ : فقدِ اصْطلحُوْا عَلى تَخْصِيْص ِ«الكرَاهَةِ» بمَا ليْسَ بمُحَرَّمٍ ، وَترْكهُ أَرْجَحُ مِنْ فِعْلِه .ثمَّ حَمَلَ مَنْ حَمَلَ مِنْهُمْ كلامَ الأَئِمَّةِ عَلى الاصْطِلاحِ الحادِثِ : فغلِط َ في ذلِك . وَأَقبحُ غلطا مِنْهُ : مَنْ حَمَلَ لفظ َ«الكرَاهَةِ» ، أَوْ لفظ َ «لا يَنْبغِي»، في كلامِ اللهِ وَرَسُوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : عَلى المعْنَى الاصْطِلاحِي الحادِث. وَقدِ اطرَدَ في كلامِ اللهِ وَرَسُوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اسْتِعْمَالُ «لا يَنْبغِي» في المحْظوْرِ شَرْعًا أَوْ قدَرًا : في المسْتحِيْل ِ الممْتنِعِ ، كقوْل ِ اللهِ تعَالىَ { وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً }.وَقوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :«إنَّ الله َ لا ينامُ ، وَلا ينْبغِي لهُ أَنْ ينامَ»وَقوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في لِبَاس ِ الحرِيرِ:«لا يَنْبَغِي هَذَا لِلمُتقِيْنَ»وَأَمْثالُ ذلك)اه كلامُهُ رَحِمَهُ الله ..كمَا أَطلقوْهَا عَلى أُمُوْرٍ أُخْرَى كثِيْرَةٍ ، لا يُرِيْدُوْنَ بهَا التَّحْرِيْمَ ، بَلْ مَا دُوْنَ ذلِك َ مِنَ التَّنْزِيْهِ ، مُوَافِقِيْنَ فِيْهَا للأُصُوْلِيِّيْنَ مِنْ غيْرِ قصْدِ مُوَافقة .


أنتهى