تميراوي الرياض
01 / 06 / 2005, 57 : 10 PM
مترجم أمريكي يكشف تفاصيل ما حدث فيه من انتهاكات لحقوق الإنسان:
معتقل جوانتانامو يمثل فشلاً أخلاقياً واستراتيجياً للحرب ضد الإرهاب
* خالد حامد وأشرف البربري (الترجمة): الجزيره
وصف مترجم أمريكي عمل سابقاً في قاعدة جوانتانامو ما يحدث هناك ب(الكارثة) وغير إنساني و غير مجدي ولا فعّال في الحرب على الإرهاب منتقداً احتجاز أناس هناك دون معرفة ما هي علاقتهم بالإرهاب. وأشار اريك سار، مؤلف كتاب (وراء السياج) إلى أن عواقب الإساءة إلى الإسلام التي حدثت في جوانتانامو ستكون وخيمة وستساهم في إذكاء روح الانتقام من الولايات المتحدة لدى المتطرفين.
وقال المؤلف: إن حراس جوانتانامو هم ضحية للتضليل من جانب القيادة العسكرية الأمريكية التي صورت لهم مهمتهم بأنها خط الدفاع الأول عن الولايات المتحدة ضد الإرهابيين.
وأشار إلى أن حواراً أجراه مع معتقل سعودي ذهب إلى أفغانستان لأهداف ليس لها أي علاقة بالإرهاب، وأن تحالف الشمال سلّمه للقوات الأمريكية، جعله يشكك في قانونية وجود عدد كبير من المعتقلين في جوانتانامو.
تخرّج المؤلف إيريك سار من الجامعة عام 1998م وبدلاً من العمل في مجال دراسته تقدم بطلب للالتحاق بالجيش الأمريكي للعمل كمترجم. وخلال السنوات الأربع التالية تلقى تدريباً مكثفاً في اللغة العربية والعمل المخابراتي. وبعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر عام 2001م تطوع للعمل كمترجم في معتقل جوانتانامو. ويرى سار أن جرائم التعذيب وانتهاك حقوق الإنسان في جوانتانامو كان نتيجة حتمية لذلك المزيج من الفشل الإداري وأشخاص غير مدربين وغياب قواعد محددة لاستجواب المعتقلين ورفض الحكومة الأمريكية الالتزام بنصوص معاهدات جنيف الخاصة بحقوق الأسرى والسجناء والضغوط السياسية على أجهزة الأمن والمخابرات الأمريكية من أجل الحصول على المعلومات المخابراتية عن أنشطة المنظمات الإرهابية من المعتقلين في جوانتانامو.
مجلة (ماذر جونز) الأمريكية أجرت مع سار حواراً مطولاً تحدث فيه عن أهم ما تضمنه كتابه وعن تجربته في معتقل جوانتانامو وفيما يلي نص الحوار:
***
* اشرح لنا رد الفعل على كتابك سواء لدى الرأي العام، أو لدى هؤلاء الذين عملت معهم في جوانتانامو؟
- الحقيقة أنني تحدثت مع عدد قليل جداً من الأشخاص الذين عملوا في معسكر جوانتانامو. ولم ألتق بأي شخص تقريبا كان راضيا عما كان يحدث هناك. وأغلب من تكلمت معهم كانوا يشعرون أن ما يحدث في حق المعتقلين أمر خطير جداً. ولكن بالطبع لم يكن هناك إجماع بين هؤلاء العاملين على الانتقادات التي وجهتها لذلك المعتقل. وبشكل أساسي فأنا كنت أرى أن معتقل جوانتانامو ككل يمثل فشلا أخلاقياً واستراتيجياً للحرب ضد الإرهاب. وعلى المدى الطويل يمكن أن يكون ضرر هذا المعتقل أكبر من نفعه وبالتحديد يمكن أن يفرز المزيد من الإرهابيين.
وظائف
* ما هي الوظائف التي شغلتها في جوانتانامو؟
- أول وظيفة شغلتها كانت مع مجموعة تسمى مجموعة عمليات المعتقلين المشتركة. وكنت ضمن فريق المترجمين الملحق بالمجموعة وكنا نقوم بالترجمة للمعتقلين بشكل يومي أثناء تعاملهم مع الحراس أو مع أفراد الخدمات الطبية أو فريق الصحة النفسية. وبعد حوالي شهرين ونصف الشهر تركت العمل في هذا الفريق وانتقلت للعمل في مجموعة المخابرات المشتركة. وهذا يعني أنني أصبحت أقوم بعمليات الترجمة أثناء عمليات الاستجواب. كما أنني قمت بالعديد من الأعمال التي لا أستطيع تقديم توصيف وظيفي لها بالتفصيل. ويمكن القول إنها كانت وظائف إشرافية في فريق مخابراتي.
* كتبت تقول:(إن منظمات حقوق الإنسان أدانت هذا المعتقل باعتباره غير إنساني وذلك قبل أن تتجه للعمل فيه.. ولكن أغلب العاملين في حقل المخابرات بمن فيهم أنا كنا ننظر للأمر من منظور مختلف). نرجو أن تشرح لنا معنى هذا الكلام؟
- كنت متفقاً مع ما يعتقده أغلب الرفاق في الجيش الأمريكي وكذلك بعض أفراد القيادة السياسية بأن معتقل جوانتانامو ضروري لحماية الولايات المتحدة بغض النظر عن موقف منظمات حقوق الإنسان. فقد كنت أرى أن حماية أمن البلاد يجب أن يكون مقدماً على أي شيء. وكنت أريد المشاركة في الحرب ضد الإرهاب بأي صورة من الصور لذلك تطوعت بالذهاب إلى معتقل جوانتانامو للعمل هناك. وقد قيل لي إن هذا المعتقل يضم أسوأ أعداء أمريكا. وكان هذا يعني بالنسبة لي أن هؤلاء الأشخاص المعتقلين إما أنهم ساعدوا في التخطيط لهجمات الحادي عشر من سبتمبر أو في التخطيط لهجمات مستقبلية ضد بلادنا. ولكن بمرور الوقت اكتشفت أن الموقف مختلف تماماً عن ذلك التصور.
* ما هي رؤيتك للمعتقل الآن؟
- أرى أن هذا المعتقل غير إنساني وأيضاً غير مجدٍ ولا فعّال. فنحن نحتجز أُناساً هناك دون أن نعرف ما هي علاقتهم بالإرهاب.
كما أننا لا نستطيع أن نقدم دليلاً على أنهم كانوا أعداء مقاتلين للولايات المتحدة في أرض المعركة في أفغانستان كما صرّح الجنرال الأمريكي ميللر لوسائل الإعلام. وبعض هؤلاء المعتقلين سُلِّموا للولايات المتحدة من جانب حكومات أجنبية ومن تحالف الشمال الموالي للولايات المتحدة في أفغانستان قبل الإطاحة بحكم طالبان والذي كان يحصل على أموال ضخمة مقابل تسليم أشخاص يقال إنهم إرهابيون للولايات المتحدة. ولم تكن هناك أي جهود كبيرة للتحقق من هوية هؤلاء المعتقلين. وإلا كيف نعتقل رجلاً يبلغ من العمر 88 عاماً في جوانتانامو باعتباره واحداً من أخطر الإرهابيين على الأمن القومي الأمريكي؟ كما أننا كنا نعمل بعيداً عن مبادئ معاهدات جنيف المنظمة للتعامل مع الأسرى. والحقيقة أنني رأيت الكثير من الممارسات التي أرى أنها ليست فقط غير أخلاقية وإنما أيضا غير فعالة. ونحن لم نحقق أي فوائد مقابل الثمن الباهظ الذي دفعناه من سمعة الولايات المتحدة في العالم. فأنا لم أعد أدري كيف يمكن لنا أن نقول بعد كل ما فعلناه بالمعتقلين في جوانتانامو إننا نروج الديموقراطية وحقوق الإنسان في العالم؟!
مبررات
* لو كنا قد حصلنا على معلومات مخابراتية ذات قيمة ولو كان هؤلاء المعتقلين هم الأسوأ بالفعل فهل تعتقد أن هذا كان يمكن أن يبرر الظروف غير الإنسانية في جوانتانامو؟
- حتى لو كنا قد حصلنا منهم على معلومات مخابراتية مهمة ساعدت في حماية الكثير من الأرواح فسوف أظل عند رأيي بأن النظام المتبع في جوانتانامو بهذه الصورة يظل غير مقبول.. لو أننا منحناهم صفة أسير الحرب واتبعنا قواعد معاهدات جنيف ووضعنا نظاماً عادلاً إلى حد ما لكان أصبح لدينا فرصة للدفاع عن أنفسنا وكنا استطعنا تحديد الأشخاص الموجودين هناك بطريق الخطأ.
توترات
* كتبت تتحدث عن التوترات الكبيرة الموجودة بين مترجمي المخابرات العسكرية وبين الشرطة العسكرية وحراس المعسكر، فهل يمكن أن تلقي المزيد من الضوء على هذه النقطة؟
- الحقيقة أن الحراس يؤدون عملاً فظيعاً. فهم يقفون لساعات طويلة في درجات الحرارة العالية، وقيادتهم تقول لهم عليهم أن يشعروا بالفخر لأنهم موجودون في هذا المكان ويحرسون الأشخاص المسؤولين عن هجمات الحادي عشر من سبتمبر. و هناك خلافات حادة بين المخابرات العسكرية والشرطة العسكرية في جوانتانامو. وأعتقد أن من بين أسباب هذه الخلافات أن الحراس كانوا يرون أن معاملة المعتقلين بأي شكل من أشكال المعاملة المتحضرة هو نوع من التعاطف المرفوض مع هؤلاء المعتقلين. في المقابل فإن مجموعات المخابرات كانت تحاول الحصول على المعلومات من المعتقلين بأي طريقة ممكنة بما في ذلك التعامل معهم في بعض الحالات بطريقة ودودة ومتحضرة. بصورة أكثر تحديدا يمكن القول إن أفراد الشرطة العسكرية لم يكونوا يتحدثون اللغة التي يتحدث بها المعتقلين كما هو الحال بالنسبة لمترجمي المخابرات العسكرية لذلك لم يكن هناك أي تواصل إنساني بين الحراس من الشرطة العسكرية والمعتقلين. في حين أن المعتقلين كانوا ينظرون إلى المترجمين باعتبارهم النافذة التي يطلون منها على العالم الخارجي. ولذلك فقد كان هؤلاء المعتقلون يتعاملون معنا بطريقة أكثر حميمية من الطريقة التي يتعاملون بها مع الحراس ربما لشعورهم بأنهم يحتاجون إلينا.
عدوانية
* كيف يمكن إذن أن نغيّر شكل العلاقة بين الحراس والمعتقلين بحيث تتراجع عدوانية هؤلاء الحراس تجاه المعتقلين؟
- أعتقد أنه يمكن البدء بالمزيد من التدريب لهؤلاء الحراس بحيث تكون رؤيتهم لمهمتهم رؤية واقعية. فهؤلاء الحراس ضحية للتضليل من جانب القيادة العسكرية الأمريكية التي صورت لهم مهمتهم بأنها خط الدفاع الأول عن الولايات المتحدة ضد الإرهابيين. وأنا أعتقد أن القيادة الأمريكية نفذت خطة مدبرة لتجريد المعتقلين من هويتهم الإنسانية بحيث يسهل بعد ذلك إقناع الحراس بممارسة كل أشكال الانتهاك والتعذيب ضدهم. فهم ليسوا بشراً وليست لهم أي حقوق إنسانية. وربما لا تكون لدي خبرة كبيرة بطريقة عمل الجيش أو المؤسسة العسكرية ولكنني بصفة شخصية أعتقد أن ما نقوم به في جوانتانامو ليس له ضرورة. وكان يجب علينا أن نقول لحراس المعتقل (نحن بالفعل نحاول الحصول من المعتقلين على أي معلومات لديهم يمكن أن تحمي أرواح الأمريكيين ولكن علينا في الوقت نفسه أن نكون مدركين لحقيقة أن أيا من هؤلاء المعتقلين لم يدان بأي جريمة حتى الآن. وأن بعض هؤلاء المعتقلين سوف يعودون إلى بلادهم لأننا سنكتشف أننا اعتقلناهم بطريق الخطأ لذلك يجب معاملتهم باحترام.
شكوك
* متى بدأ يساورك الشك في حقيقة أن كل هؤلاء المعتقلين أشرار
-كتبت عن قصة حوار لي مع أحد المعتقلين قبل أن ألتحق بفريق المخابرات في المعتقل. فقد قال لي: إنه سعودي، وأنه ذهب إلى أفغانستان لأهداف ليس لها أي علاقة بالإرهاب، وأن تحالف الشمال سلمه للقوات الأمريكية. وكان هذا الحوار أول بذور الشك في نفسي، لأن الرجل كان يبدو صادقاً بالنسبة لي رغم اقتناعي بأنني لست في موقف يتيح لي معرفة الحقيقة كاملة. ولكنني بدأت أفكر ماذا لو كان هذا الرجل يقول الحقيقة؟ وكان هذا في ثاني شهر لي في المعتقل. وبعد أن انتقلت إلى مجموعة المخابرات المشتركة في المعسكر بدأت أطلع على المعلومات المخابراتية وبدأت أسأل نفسي ما إذا كان من المقبول الإبقاء على أشخاص لا يجب أن يكونوا هنا رهن الاعتقال.
صدمة
* ماذا كان أكثر شيء أصابك بالصدمة لدى وصولك إلى جوانتانامو؟
- أكثر شيء أصابني بالصدمة هو ذلك العدد الضخم من المعتقلين الذين كانوا يؤكدون للمترجمين أنهم أبرياء، وأنه لا يفترض أن يكونوا هنا. كما أن الظروف التي يعيش فيها المعتقلون أسوأ من تلك الظروف التي تعيش فيها الحيوانات في حديقة الحيوان. وحاولت إقناع نفسي بأن هذا الأمر ضروري حتى يمكن السيطرة عليهم. فقد كنت حريصاً على ألا يتأثر أدائي لواجبي بما أرى. ولكن الشك بدأ يتسرب إلى نفسي عندما وجدت نفسي أتساءل ماذا لو أن القصص التي نسمعها من المعتقلين عن براءتهم حقيقية. فكيف لنا أن نتحمل وزر معاملة أبرياء بهذه الطريقة التي لا تصلح أصلاً لمعاملة المجرمين؟ وإذا لم يكن لدى هؤلاء المعتقلين أي معلومات ذات قيمة لنا فما هو الغرض مما نفعله بهم؟
تجاوزات
معتقل جوانتانامو يمثل فشلاً أخلاقياً واستراتيجياً للحرب ضد الإرهاب
* خالد حامد وأشرف البربري (الترجمة): الجزيره
وصف مترجم أمريكي عمل سابقاً في قاعدة جوانتانامو ما يحدث هناك ب(الكارثة) وغير إنساني و غير مجدي ولا فعّال في الحرب على الإرهاب منتقداً احتجاز أناس هناك دون معرفة ما هي علاقتهم بالإرهاب. وأشار اريك سار، مؤلف كتاب (وراء السياج) إلى أن عواقب الإساءة إلى الإسلام التي حدثت في جوانتانامو ستكون وخيمة وستساهم في إذكاء روح الانتقام من الولايات المتحدة لدى المتطرفين.
وقال المؤلف: إن حراس جوانتانامو هم ضحية للتضليل من جانب القيادة العسكرية الأمريكية التي صورت لهم مهمتهم بأنها خط الدفاع الأول عن الولايات المتحدة ضد الإرهابيين.
وأشار إلى أن حواراً أجراه مع معتقل سعودي ذهب إلى أفغانستان لأهداف ليس لها أي علاقة بالإرهاب، وأن تحالف الشمال سلّمه للقوات الأمريكية، جعله يشكك في قانونية وجود عدد كبير من المعتقلين في جوانتانامو.
تخرّج المؤلف إيريك سار من الجامعة عام 1998م وبدلاً من العمل في مجال دراسته تقدم بطلب للالتحاق بالجيش الأمريكي للعمل كمترجم. وخلال السنوات الأربع التالية تلقى تدريباً مكثفاً في اللغة العربية والعمل المخابراتي. وبعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر عام 2001م تطوع للعمل كمترجم في معتقل جوانتانامو. ويرى سار أن جرائم التعذيب وانتهاك حقوق الإنسان في جوانتانامو كان نتيجة حتمية لذلك المزيج من الفشل الإداري وأشخاص غير مدربين وغياب قواعد محددة لاستجواب المعتقلين ورفض الحكومة الأمريكية الالتزام بنصوص معاهدات جنيف الخاصة بحقوق الأسرى والسجناء والضغوط السياسية على أجهزة الأمن والمخابرات الأمريكية من أجل الحصول على المعلومات المخابراتية عن أنشطة المنظمات الإرهابية من المعتقلين في جوانتانامو.
مجلة (ماذر جونز) الأمريكية أجرت مع سار حواراً مطولاً تحدث فيه عن أهم ما تضمنه كتابه وعن تجربته في معتقل جوانتانامو وفيما يلي نص الحوار:
***
* اشرح لنا رد الفعل على كتابك سواء لدى الرأي العام، أو لدى هؤلاء الذين عملت معهم في جوانتانامو؟
- الحقيقة أنني تحدثت مع عدد قليل جداً من الأشخاص الذين عملوا في معسكر جوانتانامو. ولم ألتق بأي شخص تقريبا كان راضيا عما كان يحدث هناك. وأغلب من تكلمت معهم كانوا يشعرون أن ما يحدث في حق المعتقلين أمر خطير جداً. ولكن بالطبع لم يكن هناك إجماع بين هؤلاء العاملين على الانتقادات التي وجهتها لذلك المعتقل. وبشكل أساسي فأنا كنت أرى أن معتقل جوانتانامو ككل يمثل فشلا أخلاقياً واستراتيجياً للحرب ضد الإرهاب. وعلى المدى الطويل يمكن أن يكون ضرر هذا المعتقل أكبر من نفعه وبالتحديد يمكن أن يفرز المزيد من الإرهابيين.
وظائف
* ما هي الوظائف التي شغلتها في جوانتانامو؟
- أول وظيفة شغلتها كانت مع مجموعة تسمى مجموعة عمليات المعتقلين المشتركة. وكنت ضمن فريق المترجمين الملحق بالمجموعة وكنا نقوم بالترجمة للمعتقلين بشكل يومي أثناء تعاملهم مع الحراس أو مع أفراد الخدمات الطبية أو فريق الصحة النفسية. وبعد حوالي شهرين ونصف الشهر تركت العمل في هذا الفريق وانتقلت للعمل في مجموعة المخابرات المشتركة. وهذا يعني أنني أصبحت أقوم بعمليات الترجمة أثناء عمليات الاستجواب. كما أنني قمت بالعديد من الأعمال التي لا أستطيع تقديم توصيف وظيفي لها بالتفصيل. ويمكن القول إنها كانت وظائف إشرافية في فريق مخابراتي.
* كتبت تقول:(إن منظمات حقوق الإنسان أدانت هذا المعتقل باعتباره غير إنساني وذلك قبل أن تتجه للعمل فيه.. ولكن أغلب العاملين في حقل المخابرات بمن فيهم أنا كنا ننظر للأمر من منظور مختلف). نرجو أن تشرح لنا معنى هذا الكلام؟
- كنت متفقاً مع ما يعتقده أغلب الرفاق في الجيش الأمريكي وكذلك بعض أفراد القيادة السياسية بأن معتقل جوانتانامو ضروري لحماية الولايات المتحدة بغض النظر عن موقف منظمات حقوق الإنسان. فقد كنت أرى أن حماية أمن البلاد يجب أن يكون مقدماً على أي شيء. وكنت أريد المشاركة في الحرب ضد الإرهاب بأي صورة من الصور لذلك تطوعت بالذهاب إلى معتقل جوانتانامو للعمل هناك. وقد قيل لي إن هذا المعتقل يضم أسوأ أعداء أمريكا. وكان هذا يعني بالنسبة لي أن هؤلاء الأشخاص المعتقلين إما أنهم ساعدوا في التخطيط لهجمات الحادي عشر من سبتمبر أو في التخطيط لهجمات مستقبلية ضد بلادنا. ولكن بمرور الوقت اكتشفت أن الموقف مختلف تماماً عن ذلك التصور.
* ما هي رؤيتك للمعتقل الآن؟
- أرى أن هذا المعتقل غير إنساني وأيضاً غير مجدٍ ولا فعّال. فنحن نحتجز أُناساً هناك دون أن نعرف ما هي علاقتهم بالإرهاب.
كما أننا لا نستطيع أن نقدم دليلاً على أنهم كانوا أعداء مقاتلين للولايات المتحدة في أرض المعركة في أفغانستان كما صرّح الجنرال الأمريكي ميللر لوسائل الإعلام. وبعض هؤلاء المعتقلين سُلِّموا للولايات المتحدة من جانب حكومات أجنبية ومن تحالف الشمال الموالي للولايات المتحدة في أفغانستان قبل الإطاحة بحكم طالبان والذي كان يحصل على أموال ضخمة مقابل تسليم أشخاص يقال إنهم إرهابيون للولايات المتحدة. ولم تكن هناك أي جهود كبيرة للتحقق من هوية هؤلاء المعتقلين. وإلا كيف نعتقل رجلاً يبلغ من العمر 88 عاماً في جوانتانامو باعتباره واحداً من أخطر الإرهابيين على الأمن القومي الأمريكي؟ كما أننا كنا نعمل بعيداً عن مبادئ معاهدات جنيف المنظمة للتعامل مع الأسرى. والحقيقة أنني رأيت الكثير من الممارسات التي أرى أنها ليست فقط غير أخلاقية وإنما أيضا غير فعالة. ونحن لم نحقق أي فوائد مقابل الثمن الباهظ الذي دفعناه من سمعة الولايات المتحدة في العالم. فأنا لم أعد أدري كيف يمكن لنا أن نقول بعد كل ما فعلناه بالمعتقلين في جوانتانامو إننا نروج الديموقراطية وحقوق الإنسان في العالم؟!
مبررات
* لو كنا قد حصلنا على معلومات مخابراتية ذات قيمة ولو كان هؤلاء المعتقلين هم الأسوأ بالفعل فهل تعتقد أن هذا كان يمكن أن يبرر الظروف غير الإنسانية في جوانتانامو؟
- حتى لو كنا قد حصلنا منهم على معلومات مخابراتية مهمة ساعدت في حماية الكثير من الأرواح فسوف أظل عند رأيي بأن النظام المتبع في جوانتانامو بهذه الصورة يظل غير مقبول.. لو أننا منحناهم صفة أسير الحرب واتبعنا قواعد معاهدات جنيف ووضعنا نظاماً عادلاً إلى حد ما لكان أصبح لدينا فرصة للدفاع عن أنفسنا وكنا استطعنا تحديد الأشخاص الموجودين هناك بطريق الخطأ.
توترات
* كتبت تتحدث عن التوترات الكبيرة الموجودة بين مترجمي المخابرات العسكرية وبين الشرطة العسكرية وحراس المعسكر، فهل يمكن أن تلقي المزيد من الضوء على هذه النقطة؟
- الحقيقة أن الحراس يؤدون عملاً فظيعاً. فهم يقفون لساعات طويلة في درجات الحرارة العالية، وقيادتهم تقول لهم عليهم أن يشعروا بالفخر لأنهم موجودون في هذا المكان ويحرسون الأشخاص المسؤولين عن هجمات الحادي عشر من سبتمبر. و هناك خلافات حادة بين المخابرات العسكرية والشرطة العسكرية في جوانتانامو. وأعتقد أن من بين أسباب هذه الخلافات أن الحراس كانوا يرون أن معاملة المعتقلين بأي شكل من أشكال المعاملة المتحضرة هو نوع من التعاطف المرفوض مع هؤلاء المعتقلين. في المقابل فإن مجموعات المخابرات كانت تحاول الحصول على المعلومات من المعتقلين بأي طريقة ممكنة بما في ذلك التعامل معهم في بعض الحالات بطريقة ودودة ومتحضرة. بصورة أكثر تحديدا يمكن القول إن أفراد الشرطة العسكرية لم يكونوا يتحدثون اللغة التي يتحدث بها المعتقلين كما هو الحال بالنسبة لمترجمي المخابرات العسكرية لذلك لم يكن هناك أي تواصل إنساني بين الحراس من الشرطة العسكرية والمعتقلين. في حين أن المعتقلين كانوا ينظرون إلى المترجمين باعتبارهم النافذة التي يطلون منها على العالم الخارجي. ولذلك فقد كان هؤلاء المعتقلون يتعاملون معنا بطريقة أكثر حميمية من الطريقة التي يتعاملون بها مع الحراس ربما لشعورهم بأنهم يحتاجون إلينا.
عدوانية
* كيف يمكن إذن أن نغيّر شكل العلاقة بين الحراس والمعتقلين بحيث تتراجع عدوانية هؤلاء الحراس تجاه المعتقلين؟
- أعتقد أنه يمكن البدء بالمزيد من التدريب لهؤلاء الحراس بحيث تكون رؤيتهم لمهمتهم رؤية واقعية. فهؤلاء الحراس ضحية للتضليل من جانب القيادة العسكرية الأمريكية التي صورت لهم مهمتهم بأنها خط الدفاع الأول عن الولايات المتحدة ضد الإرهابيين. وأنا أعتقد أن القيادة الأمريكية نفذت خطة مدبرة لتجريد المعتقلين من هويتهم الإنسانية بحيث يسهل بعد ذلك إقناع الحراس بممارسة كل أشكال الانتهاك والتعذيب ضدهم. فهم ليسوا بشراً وليست لهم أي حقوق إنسانية. وربما لا تكون لدي خبرة كبيرة بطريقة عمل الجيش أو المؤسسة العسكرية ولكنني بصفة شخصية أعتقد أن ما نقوم به في جوانتانامو ليس له ضرورة. وكان يجب علينا أن نقول لحراس المعتقل (نحن بالفعل نحاول الحصول من المعتقلين على أي معلومات لديهم يمكن أن تحمي أرواح الأمريكيين ولكن علينا في الوقت نفسه أن نكون مدركين لحقيقة أن أيا من هؤلاء المعتقلين لم يدان بأي جريمة حتى الآن. وأن بعض هؤلاء المعتقلين سوف يعودون إلى بلادهم لأننا سنكتشف أننا اعتقلناهم بطريق الخطأ لذلك يجب معاملتهم باحترام.
شكوك
* متى بدأ يساورك الشك في حقيقة أن كل هؤلاء المعتقلين أشرار
-كتبت عن قصة حوار لي مع أحد المعتقلين قبل أن ألتحق بفريق المخابرات في المعتقل. فقد قال لي: إنه سعودي، وأنه ذهب إلى أفغانستان لأهداف ليس لها أي علاقة بالإرهاب، وأن تحالف الشمال سلمه للقوات الأمريكية. وكان هذا الحوار أول بذور الشك في نفسي، لأن الرجل كان يبدو صادقاً بالنسبة لي رغم اقتناعي بأنني لست في موقف يتيح لي معرفة الحقيقة كاملة. ولكنني بدأت أفكر ماذا لو كان هذا الرجل يقول الحقيقة؟ وكان هذا في ثاني شهر لي في المعتقل. وبعد أن انتقلت إلى مجموعة المخابرات المشتركة في المعسكر بدأت أطلع على المعلومات المخابراتية وبدأت أسأل نفسي ما إذا كان من المقبول الإبقاء على أشخاص لا يجب أن يكونوا هنا رهن الاعتقال.
صدمة
* ماذا كان أكثر شيء أصابك بالصدمة لدى وصولك إلى جوانتانامو؟
- أكثر شيء أصابني بالصدمة هو ذلك العدد الضخم من المعتقلين الذين كانوا يؤكدون للمترجمين أنهم أبرياء، وأنه لا يفترض أن يكونوا هنا. كما أن الظروف التي يعيش فيها المعتقلون أسوأ من تلك الظروف التي تعيش فيها الحيوانات في حديقة الحيوان. وحاولت إقناع نفسي بأن هذا الأمر ضروري حتى يمكن السيطرة عليهم. فقد كنت حريصاً على ألا يتأثر أدائي لواجبي بما أرى. ولكن الشك بدأ يتسرب إلى نفسي عندما وجدت نفسي أتساءل ماذا لو أن القصص التي نسمعها من المعتقلين عن براءتهم حقيقية. فكيف لنا أن نتحمل وزر معاملة أبرياء بهذه الطريقة التي لا تصلح أصلاً لمعاملة المجرمين؟ وإذا لم يكن لدى هؤلاء المعتقلين أي معلومات ذات قيمة لنا فما هو الغرض مما نفعله بهم؟
تجاوزات