الــمـــنــــحــــوس [الأرشيف]

دائرة مستقيمه

29 / 04 / 2010, 23 : 07 AM

راشد مستلقي على السرير عند الطبيب النفسي و تلك الساعة تتدلى أمام عينيه ..
الدكتور : قولي إيه حكايتك بالضبط ،، إنتا باين عليك شايل حمل كتير على دماغك إتكلم وإفتح قلبك وقلي إيه حكايتك من طقطق لسلامو عليكو
راشد بتأوه : آآآه يا دكتور تصدق يا دكتور من زمان وانا انتظر هاللحظة إني اكب عشاي واقول اللي في خاطري بدون ما أحد يتشره علي ولا ينظر لي بنظرة إستهزاء أو عطف
الدكتور : قول يبني قول إنسى أني موجود في الأوظه
يسترسل راشد في الكلام قائلاً : من صغري يا دكتور وانا منحوس .
الدكتور : إزاي يعني ؟
راشد : يا دكتور كل ما سويت شي معه ينقلب ضدي
الدكتور : إزاي يعني ؟
راشد : يعني أول مره شفت واحد من دكاترة الجامعة اللي ادرس فيها برا الجامعه .. وأصريت عليه إننا نتعشى و كان رافض وكان يتعذر و نشبت له إلين وافق
الدكتور : كويس
راشد : لا والله يا دكتور لا كويس ولا قاله الله
الدكتور : الله ،، إيه اللي حصل ؟
راشد : رحت انا وياه لمطعم .. دخلنا المطعم وجلس الدكتور على الطاوله ورحت عند الكاشير عشان أطلب وأحاسب
الدكتور : حلو..
راشد : لا والله يا دكتور لا حلو ولا قاله الله
الدكتور بدا يعصب : مالك يبني ما تتكلم بسرعه ما تفقعليش مرارتي
راشد : رحت عند الكاشير و طلعت بوكي و لقيت ان الفلوس اللي معي ما تكفي طلباتي وطلباته فقلت في نفسي باطلب مشويات و عشى دسم له و انا بطلب لي صحن سلطه علشان الفلوس تكفي
الدكتور : أيوه
راشد : لا والله يا دكتور لا أيوه ولا قاله الله
الدكتور زادت عنده نوبة العصبية : اختصر يبني مش فاضي لك يعني ماعنديش حد في العياده غيرك ولا ايه ؟؟
راشد : طيب يا دكتور المهم .. طلبت له مشكل مشويات و شيش طاووق و من هالحركات يقالك اني اتميلح عنده وانا طلبت لي صحن سلطة
الدكتور : طيب ......... ربنا يخليك ما تقولش لا والله يا دكتور لا طيب ولا قاله ربنا مش عارف ايه
راشد : لا لا خلاص
الدكتور : ممتاز
راشد : لا والله يا دكتور لا ممتاز ولا قاله الله
الدكتور معصّب أكثر : أفتح دماغك ؟؟ ولا اعمل فيك إيه انا دلوقتي ؟؟. ما تتكلم بقى وتخلصني
راشد : المهم وحنا جالسين نتعشى انا والدكتور حق الجامعه إلا والبلديه كابسه على المطعم
الدكتور : ليه ؟
راشد : المطعم صار يسوي المشويات و الشيش طاووق من لحم الكلاب
الدكتور : طب والبلديه عملت ايه ؟؟
راشد : خل عنك البلديه يا دكتور .. البلا في دكتور الجامعه هذا
الدكتور : ايه عمل ايه ؟؟
راشد : من بعدها حرمني من دخول محاضراته
الدكتور ( بإستغراب) : و عشان إيه كل ده ؟؟
راشد : الدكتور حق الجامعه يقول اني كنت عارف ان المطعم هذا يبيع لحم كلاب واني اصريت عليه يتعشى هذيك الليله علشان ياكل لحم كلاب ويقول : والدليل انك طلبت لي مشويات وانت ما طلبت إلا صحن سلطه
الدكتور يضحك : يخرب بيتك ع الموقف ده ،، بس برضوا انا ما زلت عن رأيي ان الموقف ده مش دليل أنك منحوس لا سمح الله
راشد : طيب اسمع الموقف الثاني .. واحد من اصدقائي المقربين جداً أخته بتتزوج .. وجاب لي بطاقة دعوه وكان الزوج في بيتهم و طلبت من ابوي يخاويني فقال لي ابوي : صديقك ناصر ونعم والله ولازم احضر هذي المناسبه لكن الليله انا مرتبط لكن انت وصف لي بيتهم وانا اجيكم
الدكتور : طيب وبعدين ؟
راشد : وصفت لأبوي وأنا رحت احضر الزواج و كنت انتظر ابوي متى يجي لكن ابوي تأخر و الناس كلهم راحوا وابوي ما جا أدق عليه وجواله مقفل
الدكتور : يمكن انشغل ولا حاجه
راشد : ليته انشغل ولا راح ذيك الليله
الدكتور : أومال حصل ايه ؟؟
راشد : المهم اني طلعت من الزواج ورحت البيت اشوف الوالد واسأله ليش ما جا العرس .. اول ما فتحت باب البيت لقيت الوالد جالس على درج مدخل البيت و راسه ملفوف بشاش وعينه متفوخه وأمي جالسه جنبه تهديه .. اول ما شافني صرخ في وجهي : أطلع برا يالعاااق يالسربوووت لا عاد تدخل بيتي
الدكتور بإستغرااب : الله .. ايه الحكايه ؟؟
راشد : طلعت من البيت مدري وش السالفه ولا وين اروح له بهالليل
أتصلت على واحد من خوياي و قلت له عن اللي صار لي واستغرب مثلي و نمت ذيك الليله عنده
الدكتور : والوالد بتاعك ده ايه اللي بهدله كده ؟
راشد : بعد ما كلمت على امي ذيك الليله اسألها وش اللي صار قالت : اني موصف لأبوي بيت خويي غلط وأن ابوي شاف البيت اللي أنا موصف له عنده سيارات و ناس يدخلون ويطلعون وقال في نفسه هذا هو بيت ناصر خويي .. نزل ابوي كاااشخ و متعطر و راز نفسه واول ما دخل مع الباب قابل أول واحد سلم عليه وقال له : ألف ألف مبرووك والله اني فرحت بهالمناسبه .. و يمسكون ابوي و يدخلونه جوا البيت و يكفخووووونه اليييين عض الأرض
الدكتور : دي مناسبة قواز لازم يقول مبروووك اومال حيقول ايه يعني ؟؟
راشد : المشكله ان البيت هذا والناس اللي فيه كان عندهم حالة وفاة و كان هذا العزاء ،، و المشكله الاكبر ان الميت مقتول و أهل البيت ظنوا أن ابوي من طرف أهل القاتل وانه جاي يتشمت فيهم
الدكتور : يا خرااااااااااااااااااشي عالهباب ده .. بس تأكد يا راشد انتا لحد دلوقتي ما اقتنعتيش بانك منحوس زي ما بتقول
راشد : يا دكتور احس اني منحوس على الناس كلهم وعلى اقرب اقربائي
الدكتور : لا لا يا راجل استغفر الله العظيم ما تقولش كده
راشد : طيب خذ هالموقف .. بعد ما رضى ابوي علي بعد المصيبة اللي سويتها له .. قال ابوي انه بيزوجني .. وبصراحه انا طرت من الفرحه
الدكتور : حاجه في صالحك
راشد : رحنا وخطبنا البنت بشكل رسمي و تمت الموافقه المبدئية و ما بقى إلا الشوفه الشرعيه اني اشوف البنت وتشوفني واتفقنا أني اجي لهم يوم الإثنين بعد صلاة العشا علشان اشوف البنت .. يوم الإثنين العصر رحت الحلاق علشان احلق وانعم واكشخ و بعد ما خلصت من الحلاق قلت خلني امر على حارة خطيبتي واشطفها قبل ما اروح البيت والبس واتجهز
الدكتور ( يضحك ) : باين عليك مستعجل اوي
راشد : إلا طفاقه وانت الصادق .. ليتني ما رحت ذاك اليوم اشطف بيتهم
الدكتور : ليه ؟
راشد : وانا امشي في حارتهم طلع لي بزر قدام سيارتي وقعد يستهبل علي ويسوي حركات مالأمها داعي .. قمت نزلت من السياره و فرشت البزرررر فرررش الين قال ربي الله
الدكتور : وايه دخل العيل الصغير ده في الموضوع كله ؟
راشد : اصبر يا دكتور جايك في الكلام .. بعد ما فرشت البزر و كفخته و تركته في الشارع جثة هامده ركبت سيارتي ورحت البيت اتجهز واكشخ .. و بعد صلاة العشا رحت لبيت خطيبتي و استقبلني ابوها واخوها بكل ترحيب وحفاوه .. وقبل ما تدخل البنت علينا كنت اسولف انا وابوها و ما دريت إلا وأسمع صوت بزر يقول : هذا هو اللي طقني وكفخني
وألتفت على الولد و يصير هو نفس الولد اللي كفخته العصر والولد اول ما شافني انهار و راح في غيبوبه
الدكتور : يا نهار مش فايت طيب وعملت ايه
راشد : ما امداني اعمل حاقه يا دكتور .. ما دريت إلا اخوها وأبوها ماسكيني من تلابيبي و ينطلوني على الأرض و يجي ابوها ويحط ركبته على صدري وأخوها ماسك رجولي ويشوتني وابوها يقول : جابك الله يالموذي نعنبوا بليسك مالقيت إلا ولدنا تطقه ؟؟
ويلتفت على أخوها ويقول : اتصل على الشرطه وقل لهم ان اللي ضرب ولدنا اليوم وبلغنا عنه لقيناه وجابه الله برجليه
الدكتور ( يقهقه بضحكات عاليه ) : مع ان الموقف جامد اوي بس برضوا انا لسا ما اقتنعتش بإنك منحوس زي ما بتقول
راشد : نعنبوا بليسك يا دكتور عقب هذا كله تقول ما اقتنعت ؟؟
الدكتور : يبني يا راشد .. لو كنت فعلاً منحوس كان أي مكان تدخله تحصل فيه مصيبه ،، و بص زي مانتا شايف ادي احنا دلوقتي مع بعض فتره طويله ما حصلش حاجه بس انتا اللي بتحس بكده علشان .....

صمت ساد غرفة العياده

وقف الدكتور من كرسيه وهو مقطب جبينه ويقول : فيه ريحه غريبه هنا

نزل راشد من السرير يستطلع الأمر

عندها إلتفت الدكتور على راشد بعصبية وصرااخ وقال له :
العياده بتتحرق .. خربت بيتي وقطعت رزقي وعيشي يا منحوووووس إطلع براا عني ما ترميش بلاويك عندي يلا برااااااااااااااا
راشد : هااه عساك اقتنعت يا دكتور !!

خرج راشد من العيادة وهي تحترق و مر بجانب سيارات الإطفاء وهي تستعد للوقوف أمام البناية التي فيها عيادة الدكتور النفسي للإستعداد لإخماد النيران و تفاجأ رجال المطافيء بأن درج العماره قد إنهار بعد نزول راشد و بإن المصعد معطل بسبب الحريق

بدأت سيارات الأطفاء في إنزال خراطيم المياة لإطفاء الحريق .. إلا أن رجال الإطفاء تفاجئوا بعدم وجود ( مياه ) في سيارات الإطفاء
وإحترقت العمارة والعيادة و إحترق الدكتور النفسي داخل عيادته ..

قرر راشد أن يهاجر خارج البلد وأن يبتعد عن أحباءه واقربائه فقرر ان يبيع سيارته و بثمنها يسافر إلى أي بلد آخر هرباً من هذا النحس الذي يلازمه و يؤذي كل من حوله ...

اخذ سيارته و ذهب بها إلى معارض السيارات و باعها على أول شخص قابله و استلم قيمة السياره و خرج من المعارض وهو في قمة يأسه و ألمه و حزنه على مفارقته لأهله و وطنه وذهب إلى المنزل كي يجهز اغراضه و ملابسه بعد أن حجز على أول رحله متجهة إلى ( السودان )

بعد ان دخل المنزل قابله والده وقال له : عطني مفتاح سيارتك بأخذ منها اوراقي
راشد ( بكل إحباط ) : السياره بعتها
ابوه ( مصدوم ) : نعم
راشد : السياره بعتها خلاص وانا بسافر يا يبه خلاص كافي العذاب اللي عشتوه بسببي من اليوم وطالع بترتاحون من نحاستي
ابوه بصوت عالي : منتب صاحي .. السياره متى بعتها ومن اللي اشتراها منك ؟
راشد ( بإستغراب ) : بعتها العصر في المعارض .. ليه ؟؟ وليش مهتم فيها
ابوه : الله ياخذك من ولد .. نعنبوا بليسك سياره فيها شنطه بـ ( 650 ) ألف ريال تبيعها ؟؟
راشد ( بذهول ) : وش دراني ان فيها اكثر من نص مليون لو اني ادري كان اخذت هالنص مليون وسافرت فيها بدال ما ابيع السياره وبعدين وش جاب الفلوس في سيارتي ؟؟
ابوه : نعنبوا بليسك تبيع السيارة بدون ما تنظفها ولا تشيل اغراضك منها ؟؟
راشد : قسماً بالله اني منظف السياره وشايل كل اغراضي منها ماخليت فيها ولا شي
ابوه : والشنطه اللي في المرتبه اللي ورا ؟
راشد : ايه هذي شنطة العده خليتها للي بيشتريها
ابوه ( ارتفع ضغطه : ( شنطة عده ؟؟ الله ياااخذك هذي الشنطه اللي فيها الفلوس حطيتها في سيارتك بعد ما رجعت من البنك على اني اخذ الشنطه بعد ما ادخل البيت واغير ملابسي ويوم طلعت لقيتك رايح بالسياره وادق على جوالك مقفل
راشد ( بتلعثم ) : انا خلاص ما عاد ابي جوالات ولا سيارات انا ابي اسااافر وبس
ابوه : سافر وطس عن وجهي بس قبل ما تنقلع امش معي للمعارض خلنا نشوف اللي شرا منك السياره يمكن نلقى الفلوس

رجع راشد وأبوه للمعارض يبحثان عن السياره فلم يجدا لها أي اثر

اصيب راشد تلك الليله بأشد صدمة صدم بها طول حياته لم يكن يعلم بان نحاسته هذه ستجعل والده على الحديده حيث أن والده قد بااع كل ما وراه وقدامه علشان يدخل في الأسهم و في لحظة نحاسه ضيعها عليه راشد

اراد راشد أن يتعذر من ابيه تلك الليله فذهب إليه في غرفته وكان الأب مستلقي على السرير وقد اصيب بالشلل التام من جراء ما حصل
جلس راشد بجانب سرير والده يبكي وقد وضع رأسه على صدر والده وهو يرجوه : يبه سامحني والله ما كنت ادري يا يبه ،، وأخذ راشد يبكي على صدر أبيه بكاءاً مريرا .. حتى أحس راشد بيد تمسك كتفه وتهزه و يفتح ناصر عينيه فيجد أمه تقول له : وش هالنوم عندك وأنا أمك ؟؟ يالله قم توضا وصل الظهر بسرعه
جلس راشد على سريره وهو يتأمل كل نواحي الغرفه غير مصدق أن كل ما حدث كان حلماً
صرخ راشد بصوت عاالي : كاااااااااااااان حلم كاااااااااااااااااان حلم يا هووووووووووووه
وبعد أن استعاد راشد وعيه و تأكد أن كل ما حصل كان مجرد حلم إبتسم و تنفس الصعداء

نهض راشد من سريره و توضأ و ادى صلاة الظهر وجلس بعد صلاة الظهر مع امه وابيه وهو يضحك وهو يتذكر كل تفاصيل الحلم وما حصل فيه من مواقف نحسه و كان في قمة سعادته لأن كل ما حصل كان حلما
وكان والداه مستغربان من ضحك راشد أمامهما

الأب : خير يا رويشد ليش تضحك ؟؟
راشد ( زاد ضحكه) : ابد سلامتك يا ابوي
الأم : خير وش فيك يا رويشد تضحك كذا قدام ابوك ؟؟
راشد ( يقهقه بقوه ) : والله مافيني شي بس تذكرت شي
يقف أبو راشد وهو في قمة غضبه : مالي قدر عندك قاعد تكركر في وجهي ؟؟
راشد ( يحاول تهدئة والده وهو يضحك ) : لا والله يا بوي محشووم
أبو راشد : قم انقلع من بيتي يالعااق انت ما تربيت يالكلب

وينطرد راشد من بيتهم لأول مره في حياته و هذا الموقف كان بداية مواقف راشد الأليمة مع النحس و كأن هذا الحلم هو الشرارة الأولى لإنطلاقة نحاسة راشد التي قلبت حياته رأساً على عقب و جعلته من نزلاء مستشفى الصحة النفسيه