ابن العميد
04 / 09 / 2004, 52 : 07 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحســــــــــــــــــد ( الجزء الثاني )
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
احبتي الكرام ..
كما ترون ان هذا هو الجزء الثاني ..
ومجازا فقط سميته الجزء الثاني ،
والا فأن الحسد مع الأسف يحتاج اجزاء واجزاء .
وقد قال احد الصحابة ان الحسد
بدأ في السماء مع خلق آدم ..
وبدأ في الأرض مع قابيل وهابيل ..
مما ادى الى بداية الأجرام وقتل النفس !
****
ومن الحكايات التي رويت عن الحسد ..
ان احدالعلماء جالس المعتصم فاختصه المعتصم
بمجلسه حتى روي ان الرجل اصبح يدخل لمجلس
المعتصم دون استئذان .. وذلك من تقريب المعتصم له..
فلاحظ احد وزراء المعتصم ما صار اليه الرجل من مكانة..
فأصابه بنوع من الحسد والغل ..
فعمد الى حيلة .. ينفذ بها ما افرزه حسده..
فقال للمعتصم : مولاي ، ان هذا الرجل ( يقصد العالم ) ،
يتحدث عند الناس برفع الكلفة ويقول لهم انك ابخر !
( يعني ذو رائحة فم مزعجه )
وانه دائما ما يضع يده على فمه عندما تحدثه..
سكت المعتصم برهة .. ثم قال : سأرى ذلك ! ..
وعمد الوزير الى الرجل ودعاه الى طعام ..
واكثر فيه من الثوم ..
ثم قال بعد الأكل : ان مولاي المعتصم يطلبك ،
واعلم انه لا يليق ان يشم منك رائحة الثوم ..
ولكن اذا ما حدثته فضع يدك على فمك.
شكره الرجل وذهب للمعتصم ..
واثناء الحديث لاحظ المعتصم انه يفعل كما وصفه وزيره له .
فغضب المعتصم.. وكتم غضبه عن الرجل .. وكتب خطابا بيده ..
(مع انه قل ما يكتب بيده الا ما كان خطيرا ومهما..)
وكتب في الخطاب الى احد امراءه ان يقتل حامل الخطاب ..
واعطاه للعالم ليوصله له بنفسه..
فلما خرج ابصره الوزير ومعه الخطاب ، فقال له ماذا وراءك؟
فقال الرجل: لقد اعطاني الخليفه خطابا للأمير فلان ..
صعق الوزير ظنا منه انها صلة .. وانه سيحصل على المبلغ ..
فقال : اوما تعطيني الخطاب لأريحك واوصله بنفسي خدمة لك ؟
فقال الرجل : انت الوزير ، وامرك مطاع .. تفضل .
وما ان وصل الخطاب للأمير حتى قال ان فيه أمرا بان يقتل حامله ..
صعق الوزير فقال انني وزيره ! وانتظر لنراجع الخطاب مع الخليفه.
فقال الأمير : ان خطابا خطه بيده ، لا مجال فيه للمراجعة.
ثم نفذ ما في الخطاب وقتله .
بعد يوم او يومين افتقد المعتصم الوزير فسأل عنه .. فقيل لا اثر له .
فسأل عن الرجل ( العالم ) فقيل انه في السوق يحدث الناس .
فعجب المعتصم وأمر باحضاره وسأله عن امره وما الذي حدث ؟
فقال العالم ان الوزير طلب ان يوصل الخطاب فسلمته اياه ..
فأدرك المعتصم شيئا فسأله ..
لم كنت تضع يدك على فمك وانت تحدثني واحدثك؟
فأخبره العالم بالقصة ..
فقال المعتصم ..
قاتل الله الحسد ، بدأ بصاحبه .. فقتله!
******
وقيل في الشعر عن الحسد ابيات كثيرة لعلني اورد بعضا منها ..
الا قل لمن بات لي حاسدا = أتدري على من اسأت الأدب ؟!
اسأت على الله في حكمه = لأنك لم ترض لي ما وهب
فجازاك ربي بأن زادني = وسد عليك وجوه الطلب
****
دع الحسود وما يلقاه من كمده = يكفيك منه لهيب النار في كبده
ان انت عاتبته فرّجت كربته = وان سكتّ فقد .. عذبته بيده
****
كل المصائب قد تهون على الفتى = فتمر غير شماتة الحسـّاد
****
وقال الحكماء : ( ان الحسد .. ينبىء عن دناءة الهمــه)
******
وللشاعر ( ابو تمام )
لولا التخوف للعواقب لم تزل = للحاسد النعمى على المحسود
واذا اراد الله نشر فضيلة = طويت اتاح لها لسان حسود
لولا اشتعال النار في ما جاورت = ماكان يعلم طيب عرف العود******
وقيل ( الحسود لا يسود )
ولو تأملنا هذه المقولة اعلاه وفكرنا فيها
لوجدناها تستحق ان تكتب بماء الذهب ..
فهي تمر علينا مرارا وتكرارا ..
فهل وجدتم يوما ما ان حاسدا ساد قومه ؟!!!!
ابدا .. فهو ان لم يجد ما يحسده فسيحسد نفسه ..
كما ان الحسد مقترن دائما بدنو الهمة كما اسلفنا ..
يعني ان الحسود ليس لديه طموح ..
وببساطة لو وجد عنده طموح .. لأنشغل به عن الحسد .
وفي الحديث
( ان الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب )
*****
و عن انس رضي الله عنه قال: ( كنا جلوسا ذات يوم عند الرسول عليه افضل الصلاة واتم التسليم .. اذ قال :
يطلع عليكم الآن من هذا الفج رجل من اهل الجنة ..
فأنتظروا فطلع رجل من الأنصار يقطر ماء الوضوء من لحيته ، وقد علق رنعليه في يده الشمال ، فسلم .
فلما كان من الغد .. قال النبي مثل ذلك ، فطلع الرجل على مثل حاله . وتكرر ذلك في اليوم الثالث ..
فتبعه عبد الله بن عمرو بن العاص .. فقال له اني اغضبت ابي واريد المبيت عندك ..
فآواه ثلاث ليال
فلم يلحظ عليه شيء وكاد ان يحقر عمله ..
فأخبره بما قال عنه صلى الله عليه وسلم ..
وانه تبعه ليرى ما يفعل .. ليقتدي به ..
فقال الرجل هو مارأيت ..
غير انني لا اجد على احد من المسلمين في نفسي غشا ،
ولا حسدا على خير اعطاه الله اياه ..
قال عبد الله :
هذه التي بلغت بك ، وهي التي ما نطيق .
********
اشكر لكم احبتي الكرام ..
وارجو الا يكون طول الموضوع قد ازعجكم
و الى لقاء قريب في الجزء الثالث ان شاء الله
وفيه :
* الوقاية من الحسد
* عدم التعلق بموضوع الحسد كثيرا ( الوسوسه )
* الأدعية المأثورة .
دمتم سالمين غانمين
ووقاكم الله شر حاسد اذا حسد
تحياتي لكم
(6)
الحســــــــــــــــــد ( الجزء الثاني )
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
احبتي الكرام ..
كما ترون ان هذا هو الجزء الثاني ..
ومجازا فقط سميته الجزء الثاني ،
والا فأن الحسد مع الأسف يحتاج اجزاء واجزاء .
وقد قال احد الصحابة ان الحسد
بدأ في السماء مع خلق آدم ..
وبدأ في الأرض مع قابيل وهابيل ..
مما ادى الى بداية الأجرام وقتل النفس !
****
ومن الحكايات التي رويت عن الحسد ..
ان احدالعلماء جالس المعتصم فاختصه المعتصم
بمجلسه حتى روي ان الرجل اصبح يدخل لمجلس
المعتصم دون استئذان .. وذلك من تقريب المعتصم له..
فلاحظ احد وزراء المعتصم ما صار اليه الرجل من مكانة..
فأصابه بنوع من الحسد والغل ..
فعمد الى حيلة .. ينفذ بها ما افرزه حسده..
فقال للمعتصم : مولاي ، ان هذا الرجل ( يقصد العالم ) ،
يتحدث عند الناس برفع الكلفة ويقول لهم انك ابخر !
( يعني ذو رائحة فم مزعجه )
وانه دائما ما يضع يده على فمه عندما تحدثه..
سكت المعتصم برهة .. ثم قال : سأرى ذلك ! ..
وعمد الوزير الى الرجل ودعاه الى طعام ..
واكثر فيه من الثوم ..
ثم قال بعد الأكل : ان مولاي المعتصم يطلبك ،
واعلم انه لا يليق ان يشم منك رائحة الثوم ..
ولكن اذا ما حدثته فضع يدك على فمك.
شكره الرجل وذهب للمعتصم ..
واثناء الحديث لاحظ المعتصم انه يفعل كما وصفه وزيره له .
فغضب المعتصم.. وكتم غضبه عن الرجل .. وكتب خطابا بيده ..
(مع انه قل ما يكتب بيده الا ما كان خطيرا ومهما..)
وكتب في الخطاب الى احد امراءه ان يقتل حامل الخطاب ..
واعطاه للعالم ليوصله له بنفسه..
فلما خرج ابصره الوزير ومعه الخطاب ، فقال له ماذا وراءك؟
فقال الرجل: لقد اعطاني الخليفه خطابا للأمير فلان ..
صعق الوزير ظنا منه انها صلة .. وانه سيحصل على المبلغ ..
فقال : اوما تعطيني الخطاب لأريحك واوصله بنفسي خدمة لك ؟
فقال الرجل : انت الوزير ، وامرك مطاع .. تفضل .
وما ان وصل الخطاب للأمير حتى قال ان فيه أمرا بان يقتل حامله ..
صعق الوزير فقال انني وزيره ! وانتظر لنراجع الخطاب مع الخليفه.
فقال الأمير : ان خطابا خطه بيده ، لا مجال فيه للمراجعة.
ثم نفذ ما في الخطاب وقتله .
بعد يوم او يومين افتقد المعتصم الوزير فسأل عنه .. فقيل لا اثر له .
فسأل عن الرجل ( العالم ) فقيل انه في السوق يحدث الناس .
فعجب المعتصم وأمر باحضاره وسأله عن امره وما الذي حدث ؟
فقال العالم ان الوزير طلب ان يوصل الخطاب فسلمته اياه ..
فأدرك المعتصم شيئا فسأله ..
لم كنت تضع يدك على فمك وانت تحدثني واحدثك؟
فأخبره العالم بالقصة ..
فقال المعتصم ..
قاتل الله الحسد ، بدأ بصاحبه .. فقتله!
******
وقيل في الشعر عن الحسد ابيات كثيرة لعلني اورد بعضا منها ..
الا قل لمن بات لي حاسدا = أتدري على من اسأت الأدب ؟!
اسأت على الله في حكمه = لأنك لم ترض لي ما وهب
فجازاك ربي بأن زادني = وسد عليك وجوه الطلب
****
دع الحسود وما يلقاه من كمده = يكفيك منه لهيب النار في كبده
ان انت عاتبته فرّجت كربته = وان سكتّ فقد .. عذبته بيده
****
كل المصائب قد تهون على الفتى = فتمر غير شماتة الحسـّاد
****
وقال الحكماء : ( ان الحسد .. ينبىء عن دناءة الهمــه)
******
وللشاعر ( ابو تمام )
لولا التخوف للعواقب لم تزل = للحاسد النعمى على المحسود
واذا اراد الله نشر فضيلة = طويت اتاح لها لسان حسود
لولا اشتعال النار في ما جاورت = ماكان يعلم طيب عرف العود******
وقيل ( الحسود لا يسود )
ولو تأملنا هذه المقولة اعلاه وفكرنا فيها
لوجدناها تستحق ان تكتب بماء الذهب ..
فهي تمر علينا مرارا وتكرارا ..
فهل وجدتم يوما ما ان حاسدا ساد قومه ؟!!!!
ابدا .. فهو ان لم يجد ما يحسده فسيحسد نفسه ..
كما ان الحسد مقترن دائما بدنو الهمة كما اسلفنا ..
يعني ان الحسود ليس لديه طموح ..
وببساطة لو وجد عنده طموح .. لأنشغل به عن الحسد .
وفي الحديث
( ان الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب )
*****
و عن انس رضي الله عنه قال: ( كنا جلوسا ذات يوم عند الرسول عليه افضل الصلاة واتم التسليم .. اذ قال :
يطلع عليكم الآن من هذا الفج رجل من اهل الجنة ..
فأنتظروا فطلع رجل من الأنصار يقطر ماء الوضوء من لحيته ، وقد علق رنعليه في يده الشمال ، فسلم .
فلما كان من الغد .. قال النبي مثل ذلك ، فطلع الرجل على مثل حاله . وتكرر ذلك في اليوم الثالث ..
فتبعه عبد الله بن عمرو بن العاص .. فقال له اني اغضبت ابي واريد المبيت عندك ..
فآواه ثلاث ليال
فلم يلحظ عليه شيء وكاد ان يحقر عمله ..
فأخبره بما قال عنه صلى الله عليه وسلم ..
وانه تبعه ليرى ما يفعل .. ليقتدي به ..
فقال الرجل هو مارأيت ..
غير انني لا اجد على احد من المسلمين في نفسي غشا ،
ولا حسدا على خير اعطاه الله اياه ..
قال عبد الله :
هذه التي بلغت بك ، وهي التي ما نطيق .
********
اشكر لكم احبتي الكرام ..
وارجو الا يكون طول الموضوع قد ازعجكم
و الى لقاء قريب في الجزء الثالث ان شاء الله
وفيه :
* الوقاية من الحسد
* عدم التعلق بموضوع الحسد كثيرا ( الوسوسه )
* الأدعية المأثورة .
دمتم سالمين غانمين
ووقاكم الله شر حاسد اذا حسد
تحياتي لكم
(6)