المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خطـــــــــــــــــورة التكفيــــــــــــــــر ( مقال علمي هام )


ولدعنبر
16 / 08 / 2004, 17 : 05 PM
خطورة التكفير

خلف بن محمد بن عبدالله العرم*


في زماننا أصبح بعض الناس يطلق الأحكام كيفما يشاء من دون علم ولا بصيرة فمن وافق
هواه واتبع فكره أطلق عبارات المدح والثناء له ومن خالفه في بعض الأفكار والامور
اطلق عليه أبشع الألقاب والصفات وربما وصل ذلك إلى وصفه بالردة والخروج عن الملة
- والعياذ بالله - لمجرد فعله معصية أو ارتكاب كبيرة بحق الله سبحانه وتعالى، وإذا
سألته ما دليلك على هذا الحكم قال يقولون.. سمعت بهذا.. أعتقد.. وغيرها من عبارات
وتعليلات الجهلة الذين ليس همهم إلا إصدار الأحكام فهم تبوؤا مكاناً ليسوا أهلاً
له وإن من أخطر تلك الأحكام المتساهل بها هو (الحكم بالردة) فهذا الحكم خطير جدا
فإن من حكم عليه بالردة فإن حده القتل بعد أن يستتاب ومن عِظمِ ذلك فقد قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: (من قال لأخيه يا كافر قد باء بها أحدهما) أي المقذوف إن
طبقت الشروط عليه وإن عدمت فقد باء بها القاذف جزاء لصنيعه واتهامه من دون مسوغ شرعي
فالشرع نهى عن تكفير المسلمين جزافاً من دون أي مستند شرعي أما ما جاء به دليل على
كفره فهذا كافر من دون أي تأويل كمن ترك الصلاة عمداً وجاحداً لها اتفق أهل السنة
والجماعة بكفره لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة
فمن تركها فقد كفر) واختلفوا فيما إذا تركها ولكن لم يجحد بوجوبها والراجح ما اختاره
الإمام ابن باز - رحمه الله - بكفره وإن لم يجحد وجوبها لصراحة الدليل وعدم تقييد
واستثناء الجاحد من عدمه وكذلك من تعامل بالربا فليس لأحد أن يقول له يا كافر، نعم
هو اقترف ذنباً عظيما، ولعنه رسوله الله، وهو محارب لله ولرسوله، ولكن لا نقول له
يا كافر وكذلك من زنا لا نحكم عليه بالكفر بل نقيم عليه الحد - بعد إقامة البينة
- وهو إما الرجم للمحصن وغير المحصن الجلد فالرسول صلى الله عليه وسلم لم يكفر ماعز
والغامدية بعد اعترافهما بالزنا بل رجمهما وقال صلى الله عليه وسلم: (لقد تابا توبة
لو وزعت على سبعين من أهل المدينة لوسعتهم) وقال إنهما بالجنة فمذهب أهل السنة والجماعة
لا يكفر مرتكب الكبيرة وإن تكررت تلك المعصية فالواجب علينا مناصحة ذلك الفاسق أو
العاصي بدلاً من إصدار الأحكام العشوائية قال تعالى: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ
لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ}، فالله جل وعلا
جعلنا خير أمة وذلك بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا بالتكفير والتشهير. وكذلك من الأمور العظام تكفير الدول والرؤساء والمسؤولين والعلماء، والغريب
أن من جهل بعض السذج الذي يسيّر بحسب أهواء أقرانه أن يكفر دولاً ظاهرها الإسلام
تُرفع الأذان في أوقات الصلاة والمحاكم الشرعية في كل مدينة وقرية ورجال الحسبة يجولون
بالشوارع للصدع بالحق فهذا من الحمق والسخافة والتلاعب بالعقول والدين.

هذا والله داء خطير قد حل بنا فبسببه زعزع الأمن وقتلت أنفس بريئة بسبب ماذا؟ بسبب
أفكار خبيثة جلبت إلينا من الخارج فليس كل من تعامل مع الكفار كافر وليس كل من أبرم
معاهدات معهم كافر؟ فالرسول صلى الله عليه وسلم قد تعامل مع اليهود بإبرام عهود أمان
وهم يهود بني قريظة وكذلك جاره صلى الله عليه وسلم يهودي وكان يعوده وهو مريض ويعرض
عليه الإسلام حتى أسلم وكذلك مات رسول الله صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهون عند يهودي
فهذا دليل على جواز التعامل معهم ومع ذلك فنحن نكرههم ولا نحبهم بل نبغضهم أشد البغض
وهذا لا يمنع من التعامل معهم وإبرام المعاهدات والاتفاقيات خاصة إذا كان بالمسلمين
ضعف وهوان. ومن المحزن تكفير العلماء الذين هم ورثة الأنبياء بسبب أنهم لا يفتون
حسب أهواء هؤلاء الخبثاء فكما هو معروف عند العلماء الحكمة والصبر وعدم التسرع في
إصدار الأحكام إلا ببينة لكن هؤلاء لا يروق لهم هذا يريدون كل شيء حسب أهوائهم -
نسأل الله العافية - فالواجب علينا حماية أنفسنا وابنائنا ومجتمعنا من هذه الأفكار
الخبيثة وجعل هذه الأمور العظام - التكفير - للعلماء الكبار الذين هم أهل لتلك الفتاوى، وأعلم بالأسباب والموانع، لو جعل
الأمر لكل شخص أن يكفر أخاه لأصبح المجتمع شيعاً وأحزاباً متناحرة كل يكفر من يريد
- فلله الحمد والشكر على أن جعل للتكفير شروطاً وموانع لا يتم التكفير إلا بها - قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (إن التكفير له شروط وموانع قد تنتفي في حق المعين والتكفير المطلق لا يستلزم تكفير المعين إلا إذا وجدت الشروط وانتفت الموانع). ومن أشهر
الموانع التي تمنع من إطلاق الكفر على الشخص المعين هي:

1 - زوال العقل ومن في حكمه (كالطفل والمجنون والمغمى عليه ومن سكر سكراً غطى كامل
عقله).

2 - الجهل: وهو خلو النفس من العلم فليس كل من ادعى الجهل يعذر به فيشترط بالجهل
أن يكون في مسألة خفية يصعب على معظم الناس معرفتها وكذلك كأن يكون الجاهل حديث عهد
بالإسلام أو ناشىء بالبادية، قال شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب (إن الشخص المعين
إذا قال ما يوجب الكفر فإنه لا يحكم بكفره حتى تقوم عليه الحجة التي يكفر تاركها
وهذا في المسائل الخفية التي يخفى دليلها على بعض الناس).

3 - التأويل: والمقصود به هنا التلبس والوقوع به من غير قصد لذلك وسببه القصور في
فهم الأدلة الشرعية من دون تعمد للمخالفة، قال ابن حجر: (قال العلماء كل متأول معذور
بتأويله ليس آثما إذا كان تأويله سائغاً في لسان العرب وكان له وجه في العلم).

4 - الخطأ كما في الحديث الذي أخطأ عندما قال من شدة الفرح (اللهم أنت عبدي وأنا
ربك) أخطأ من شدة الفرح.

5 - النسيان: قال تعالى: {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا}
وفي الحديث أنه قال سبحانه وتعالى قد فعلت.

6 - الإكراه: وذلك بأن يفعل الأمر المكفر لداعي الإكراه لا اطمئنانا به فلا يكفر
قال تعالى: {إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ} الآية.

وللتكفير مخاطر وآثار تترتب على الشخص المكفر منها:

1 - لا يحل لزوجته البقاء معه ويجب أن يفرق بينهما.

2 - يجب أن يفرق بينه وبين أولاده فلا يجوز أن يبقوا تحت سلطته لأنه لا يؤتمن عيهم
فتسقط ولايته.

3 - يجب أن يحاكم لينفذ فيه حكم المرتد.

4 - أنه إذا مات لا تجري عليه أحكام المسلمين من الغسل والصلاة.

5 - لا يدعى له بالرحمة ولا يستغفر له.

وغير هذه من المخاطر والآثار التي تترتب على التكفير - نسأل الله العافية - فرفقاً بالأئمة يا عباد الله وكونوا يداً واحدة مع ولاة
اموركم وعلمائكم واحذروا من أهل الفكر الضال الذين تفتنوا بالقتل والاغتيال والتكفير للعامة والخاصة.

أسأل الله العلي القدير أن يجمع أمتنا على كلمة التوحيد وأن تكون يداً واحدة وأن
يزيل عنها الغمة وان يوفق ولاة أمورنا على ما هو كل خير وصلاح وان يحميهم من شر كل
حاسد.



القصيم - محافظة الشماسية -جامعة القصيم - كلية الشريعة



مصدر المقال :


جريدة الجزيرة السعودية ،، العدد 11641

سـعـود
17 / 08 / 2004, 57 : 12 AM
في الحقيقه موضوع مهم وحساس خصوصا في هذه الفتره التي كثر من شباب المسلين هداهم الله في الخوض في أعراض العلماء والحكام وهذا يدل على عدم تبصيرهم بأمور دينهم ودنياهم ...

أدعو المشرف على هذه الساحه أن يقوم بتثبيت الموضوع وأرجو أن ينفذ هذا الطلب لما في هذا الموضوع من أهميه وفائده كبيرة للشباب المسلمين وشاباتهم....

بارك الله فيك أخي ولد عنبر وأكثر الله من أمثالك ..




ودمتم في حفظ الله سالما.

هادي
17 / 08 / 2004, 19 : 10 AM
حنا بأخر الزمان

ومعروف ان فيه تكثر الفتن

والله يستر علينا من هذي الفتن التي اصبحت تكفر العلماء والمشايخ

مشكووووور على هذا الموضوع

وجزاك الله خير

سلام

ولدعنبر
17 / 08 / 2004, 20 : 02 PM
سعود

جزيت خيراً اخي الفاضل على مرورك

على الموضوع والرد عليه

وسوف نقوم بتثبيت الموضوع تلبية لرغبتك اخي الكريم .

ولدعنبر
17 / 08 / 2004, 21 : 02 PM
هادي

الشكر موصول لك اخي الكريم

واثابك الله على تكرمك بالاطلاع على الموضوع والرد عليه

غلا
06 / 09 / 2004, 53 : 11 AM
السلام عليكم مشرفنا المتألق ولد عنبر..

أسأل الله العلي القدير أن يجمع أمتنا على كلمة التوحيد وأن تكون يداً واحدة..
وأن يزيل عنها الغمة وان يوفق ولاة أمورنا على ما هو كل خير وصلاح وان يحميهم من شر كل حاسد..

جزاك الله خير اخوي..

وبارك الله فيك..

وجعلها في موازين حسناتك..

ولدعنبر
06 / 09 / 2004, 22 : 07 PM
غلا

وفقك الله ورعاك

وكتب لنا ولك قبول صالح العمل

واشكر لك كريم تواجدك

بطيب الرد..

الشيماء
09 / 10 / 2004, 34 : 03 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اشكرك اخي الفاضل على الموضوع .. وربما تكون قد كتبته منذ فتره ..

ولكنه جديد بالنسبه لي لكوني جديدة في منتداكم

اخي الكريم .. الجميع يفكر في خطورة التكفير .. وخطورة نتائجه

ويدرس موانع التكفير وينقلها ويتناقلها

ولكن ما موقفنا فيمن انتفت في حقه هذه الموانع ؟؟

اي انه لم يقع تحت اي عذر من الاعذار التي ذكرت في مقالتك ؟؟

انني اراهنك واراهن الاخرين على انك لو اطلقت الحكم بالكفر على من قام بعمل كفري او قال قولا مكفرا

و انتفت بحقه هذه الموانع .. بانهم سيلحقونك بـ " التكفيريين "

ولا نجد احد يذكر خطورة هذا الموقف مع انه يتساوى مع خطورة التكفير

ولكي نطبق احكام الشرع يجب ان نضع الاشخاص في ميزان الشرع فلا ندعي عصمة احد

مهما كانت درجته من العلم - عدا الانبياء - فهناك من الصحابة من ارتد عن الاسلام

والله اعلم

اللهم ارنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وارنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه

وتقبلوا تحياتي