المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قصص الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام


ذيب النشاما
14 / 01 / 2008, 26 : 08 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
هذي بعض القصص للرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه الأبرار الكرام
---------------------------------------------
الاسراء والمعراج
أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيت القدس راكبا على البراق صحبة جبريل عليه السلام . فنزل هناك . وصلى بالأنبياء إماما . وربط البراق بحلقة باب المسجد . ثم عرج به إلى السماء الدنيا . فرأى فيها آدم . ورأى أرواح السعداء عن يمينه والأشقياء عن شماله . ثم إلى الثانية . فرأى فيها عيسى ويحيى . ثم إلى الثالثة . فرأى فيها يوسف . ثم إلى الرابعة . فرأى فيها إدريس . ثم إلى الخامسة . فرأى فيها هارون . ثم إلى السادسة . فرأى فيها موسى . فلما جاوزه بكى . فقيل له ما يبكيك ؟ قال أبكي أن غلاما بعث بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر مما يدخلها من أمتي . ثم عرج به إلى السماء السابعة . فلقي فيها إبراهيم . ثم إلى سدرة المنتهى . ثم رفع إلى البيت المعمور . فرأى هناك جبريل في صورته له ستمائة جناح وهو قوله تعالى ( 53 : 13 - 14 ) ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى وكلمه ربه وأعطاه ما أعطاه . وأعطاه الصلاة . فكانت قرة عين رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم في قومه وأخبرهم اشتد تكذيبهم له وسألوه أن يصف لهم بيت المقدس . فجلاه الله له حتى عاينه . وجعل يخبرهم به . ولا يستطيعون أن يردوا عليه شيئا . وأخبرهم عن عيرهم التي رآها في مسراه ومرجعه وعن وقت قدومها ، وعن البعير الذي يقدمها . فكان كما قال . فلم يزدهم ذلك إلا ثبورا . وأبى الظالمون إلا كفورا .
----------------------------------------------
بناء المسجد النبوى
إن المساجد في الإسلام لها شأن عظيم، ومكانة رفيعة، ففيها يعبد الله تعالى ويذكر فيها اسمه، { في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح لها فيها بالغدو والآصال رجال...) ولم يكن هديه صلى الله عليه وسلم في المسجد قاصرا على الصلاة فحسب، بل كما كان مكان للعبادة فهو مكان للحكم والقضاء، وإدارة الدولة وسياستها، وتجيش الجيوش وغير ذلك من المهام . ولما كان المسجد بهذه المكانة فأول أمر بدأ به النبي صلى الله عليه وسلم بعد وصوله المدينة بناء المسجد وهذا ما سنقف عليه في المقال التالي:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عند وصوله إلى المدينة المنورة يصلي حيث أدركته الصلاة ، ثم أمر ببناء المسجد في أرض كان فيها نخل لغلامين يتيمين ، من بني النجار ، وقد أشترها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقام المسلمون بتسويتها ، وقطع نخيلها ، وصفوا الحجارة في قبلة المسجد التي كانت تتجه نحو بيت المقدس آنذاك ، وما أعظم سرورهم وهم يعملون في بنائه ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل معهم ، وهم يرتجزون .
وكانت سواريه من جذوع النخل وأعلاه مظلل بجريد النخل ، ثم بناه باللبن بعد الهجرة بأربع سنين . ثم أعيد بناء المسجد سنة 7هـ حيث اشترك في بنائه أبو هريرة ، وطلق بن علي الحنفي ـ أسلما سنة 7هـ وقد جرت توسعة المسجد عند إعادة بنائه هذه.
وقد حدد النبي صلى الله عليه وسلم موقع المنبر : وبنى بيوت أزواجه بحيث تحد المسجد من جهة الشمال والشرق والجنوب ،وتحدد موقع مصلاه بدقة حيث اتخذ محرابا من بعده ، وكانت ثمة اسطوانة تحدد موقعه ، وصارت تمسى باسطوانة المخلفَّة والقرعة ، وهي الآن في ظهر المحراب القديم ، وقد وضع المصحف في صندوق عند هذه الاسطوانة في جيل الصحابة ، وعرف المكان ما بين بيت عائشة رضي الله عنها والمنبر باسم " الروضة ". و تحددت في زمنه صلى الله عليه وسلم اسطوانة التوبة داخل الروضة ، وهي الاسطوانة الرابعة شرق المنبر ، وكان مصلى العيد في زمنه صلى الله عليه وسلم في موقع مسجد الغمامة اليوم ، وكان ما بينه وبين المسجد النبوي مبلطا بالحجارة ويعرف بالبلاط حيث بنى كثير من المهاجرين بيوتهم في جهته. ولم يوقد في حياته صلى الله عليه وسلم في المسجد قنديل ، ولا بسط فيه حصير .
وللمسجد أهمية عظيمة في المجتمع الإسلامي ، فهم يجتمعون فيه للصلاة خمس أوقات كل يوم يتقربون إلى الله بالعبادة ، ويتعرفون على أحوال إخوانهم
ويتعاونون على البر والتقوى . ثم إن المسجد كان مركزا للقضاء بين الناس ومنطلقا لقوافل الجهاد حيث يعلن فيه النفير .
وقد احتل المسجد مكاناً هاماً في تعليم المسلمين وتثقيفهم ، وتلاوة ما ينزل من قرآن ، وقد جلس فيه معلمون لتعليم أبناء المسلمين القراءة والكتابة .
وهكذا تنوع النشاط الذي احتضنه المسجد النبوي ما بين عبادة وعلم وخدمة اجتماعية وثقافية وعسكرية ، كما صار المسجد النبوي بالمدينة مناراً ومرشدا ومعلما بارزا في الحياة الإسلامية ، وتابعته المساجد الأخرى التي بنيت في المدن والأمصار الإسلامية على مر العصور.
--------------------------------------
عام الحزن
وفاة أبي طالب :
مرض أبي طالب فلم يزل يشتد به حتى حضرته الوفاة ، ودخل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أي عم ‍ قل لا إله إلا الله ، كلمة أحاج لك بها عند الله ) فقالا : يا أبا طالب ‍ أترغب عن ملة عبد المطلب ؟ فلم يزالا يكلمانه حتى قال آخر ما قال : على ملة عبد المطلب .
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (لأستغفرن لك ما لم أنه عنك ) فنـزلت : ( ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم ) ونزلت : ( إنك لا تهدي من أحببت )
وكانت وفاته في شهر رجب أو رمضان سنة عشر من النبوة ، وذلك بعد الخروج من الشعب بستة أشهر ، وقد كان عضداً وحرزاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم وحصناً احتمت به الدعوة الإسلامية من هجمات الكبراء والسفهاء ، ولكنه بقي على ملة الأجداد فلم يفلح كل الفلاح .
قال العباس للنبي صلى الله عليه وسلم : ما أغنيت عن عمك ؟ فإنه كان يحوطك ويغضب لك . قال : ( هو في ضحضاح من النار ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار ) .
خديجة إلى رحمة الله :
ولم يندمل جرح رسول الله صلى الله عليه وسلم على وفاة أبي طالب حتى توفيت أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها وذلك في رمضان من نفس السنة العاشرة بعد وفاة أبي طالب بنحو شهرين أو بثلاثة أيام فقط ، وكانت وزير صدق لرسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام ، آزرته على إبلاغ الرسالة ، وآسته بنفسها ومالها ، وقاسمته الأذى والهموم . قال صلى الله عليه وسلم : ( آمنت بي حين كفر الناس ، وصدقتني حين كذبني الناس ، وأشركتني في مالها حين حرمني الناس ، ورزقني الله ولدها وحرم ولد غيرها ) .
وورد في فضائلها أن جبريل عليه السلام أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ‍‍! هذه خديجة قد أتت ، معها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب ، فإذا هي أتتك فاقرء عليها السلام من ربها ، وبشرها ببيت في الجنة من قصب ، لا صخب فيه ولا نصب .
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يذكرها دائماً ، ويترحم عليها ، وتأخذ به الرأفة والرقة لها كلما ذكرها ، وكان يذبح الشاة فيبعث في أصدقائها ، لها مناقب جمة وفضائل كثيرة .
تراكم الأحزان :
واشتد البلاء على رسول الله صلى الله عليه وسلم من قومه بعد موت عمه أبي طالب وزوجه خديجة رضي الله عنها فقد تجرءوا عليه ، وكاشفوه بالأذى ، وطفق النبي صلى الله عليه وسلم يتأثر بشدة بكل ما يحدث ، ولو كان أصغر وأهون مما سبق ، حتى إن سفيهاً من سفهاء قريش نثر التراب على رأسه ، فجعلت أحدى بناته تغسله وتبكي ، وهو يقول لها : لا تبكي يا بنية ! فإن الله مانع أباك ، ويقول بين ذلك : ما نالت قريش مني شيئاً أكرهه حتى مات أبو طالب .
زواجه صلى الله عليه وسلم بسودة ثم بعائشة رضي الله عنهما :
وفي شوال –بعد الشهر الذي توفيت فيه خديجة – تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم بسودة بنت زمعة رضي الله عنها وكانت تحت ابن عمها : السكران بن عمرو رضي الله عنه ، وكانا من السابقين الأولين إلى الإسلام ، وقد هاجرا إلى الحبشة ثم رجعا إلى مكة ، فتوفي بها السكران بن عمرو ، فلما حلت تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم وبعد أعوام وهبت نوبتها لعائشة . أما زواجه بعائشة رضي الله عنها فكان أيضاً في شهر شوال ولكن بعد سودة بسنة ، تزوجها بمكة وهي بنت ست سنين ، ودخل بها في المدينة في شهر شوال في السنة الأولى من الهجرة وهي بنت تسع سنين ، وكانت أحب أزواجه صلى الله عليه وسلم وأفقه نساء الأمة ، لها مناقب جمة وفضائل وافرة .
------------------------------------
ذي القرنين
قال الله تعالى: وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا فَأَتْبَعَ سَبَبًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا .
ذكر الله تعالى ذا القرنين هذا، وأثنى عليه بالعدل وأنه بلغ المشارق والمغارب وملك الأقاليم وقهر أهلها، وسار فيهم بالمعدلة التامة والسلطان المؤيد المظفر المنصور القاهر المقسط. والصحيح، أنه كان ملكا من الملوك العادلين، وقيل: كان نبيا. وقيل: كان رسولا. وأغرب من قال: ملكا من الملائكة. وقد حكى هذا عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب فإنه سمع رجلا يقول لآخر: يا ذا القرنين، فقال: مه، ما كفاكم أن تتسموا بأسماء الأنبياء حتى تسميتم بأسماء الملائكة. ذكره السهيلي.
وقد روى وكيع، عن إسرائيل عن جابر عن مجاهد، عن عبد الله بن عمرو قال: كان ذو القرنين نبيا. وروى الحافظ ابن عساكر من حديث أبي محمد بن أبي نصر، عن أبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن أحمد بن أبي ثابت، حدثنا محمد بن حماد، أنبأنا عبد الرزاق عن معمر عن ابن أبي ذئب عن المقبري، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا أدري أتبع كان لعينا أم لا، ولا أدري الحدود كفارات لأهلها أم لا، ولا أدري ذو القرنين كان نبيا أم لا وهذا غريب من هذا الوجه. وقال إسحاق بن بشر، عن عثمان بن الساج عن خصيف عن عكرمة، عن ابن عباس قال: كان ذو القرنين ملكا صالحا، رضي الله عمله، وأثنى عليه في كتابه، وكان منصورا، وكان الخضر وزيره. وذكر أن الخضر، عليه السلام، كان على مقدمة جيشه وكان عنده بمنزلة المشاور الذي هو من الملك بمنزلة الوزير في اصلاح الناس اليوم. وقد ذكر الأزرقي وغيره أن ذا القرنين أسلم على يدي إبراهيم الخليل، وطاف معه بالكعبة المكرمة هو وإسماعيل، عليه السلام. وروي عن عبيد بن عمير، وابنه عبد الله وغيرهما، أن ذا القرنين حج ماشيا، وأن إبراهيم لما سمع بقدومه تلقاه ودعا له ورضاه، وأن الله سخر لذي القرنين السحاب يحمله حيث أراد. والله أعلم.
واختلفوا في السبب الذي سمى به ذا القرنين؛ فقيل: لأنه كان له في رأسه شبه القرنين. وقال وهب بن منبه كان له قرنان من نحاس في رأسه. وهذا ضعيف. وقال بعض أهل الكتاب: لأنه ملك فارس والروم. وقيل: لأنه بلغ قرني الشمس غربا وشرقا، وملك ما بينهما من الأرض. وهذا أشبه من غيره، وهو قول الزهري. وقال الحسن البصري كانت له غديرتان من شعر يطأ فيهما؛ فسمي ذا القرنين. وقال إسحاق بن بشر، عن عبد الله بن زياد بن سمعان، عن عمر بن شعيب عن أبيه عن جده أنه قال: دعا ملكا جبارا إلى الله فضربه على قرنه فكسره ورضه، ثم دعاه فدق قرنه الثاني، فكسره، فسمي ذا القرنين. وروى الثوري عن حبيب بن أبي ثابت، عن أبي الطفيل، عن علي بن أبي طالب أنه سئل عن ذي القرنين فقال: كان عبدا ناصح الله فناصحه، دعا قومه إلى الله فضربوه على قرنه فمات، فأحياه الله فدعا قومه إلى الله فضربوه على قرنه الآخر فمات، فسمي ذا القرنين. وهكذا رواه شعبة، عن القاسم بن أبي بزة، عن أبي الطفيل، عن علي به. وفي بعض الروايات، عن أبي الطفيل عن علي قال: لم يكن نبيا ولا رسولا ولا ملكا، ولكن كان عبدا صالحا.
وقد اختلف في اسمه؛ فروى الزبير بن بكار عن ابن عباس: كان اسمه عبد الله بن الضحاك بن معد. وقيل: مصعب بن عبد الله بن قنان بن منصور بن عبد الله بن الأزد بن غوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ بن قحطان.
وقد جاء في حديث أنه كان من حمير، وأمه رومية، وأنه كان يقال له: ابن الفيلسوف؛ لعقله. وقد أنشد بعض الحميريين في ذلك شعرا يفخر بكونه أحد أجداده فقال:
قد كان ذو القـرنين جـدي مسلما ملكا تـدين لـه الملوك وتحشـد
بلـغ المشـارق والمغارب يبتغي أسباب أمـر مـن حـكيم مرشـد
فرأى مغيـب الشمس عند غروبها في عيـن ذي خـلب وثأط حرمد
من بعـده بلقيس كـانت عمتـي ملكتهم حــتى أتاهــا الهدهـد
قال السهيلي: وقيل: كان اسمه مرزبى بن مرزبة، ذكره ابن هشام وذكر في موضع آخر أن اسمه الصعب بن ذي مراثد. وهو أول التبابعة، وهو الذي حكم لإبراهيم في بئرالسبع. وقيل: إنه أفريدون بن أسفيان، الذي قتل الضحاك. وفي خطبة قس: يا معشر إياد، أين الصعب ذو القرنين ملك الخافقين، وأذل الثقلين، وعمر ألفين، ثم كان كلحظة عين، ثم أنشد ابن هشام للأعشى:
والصعب ذو القـرنين أصبح ثاويا بالحنو فـي جـدث أميـم مقيـم
وذكر الدارقطني وابن ماكولا أن اسمه هرمس. ويقال: هرويس بن فيطون بن رومي بن لنطي بن كسلوجين بن يونان بن يافث بن نوح. فالله أعلم. وقال إسحاق بن بشر عن سعيد بن بشير، عن قتادة قال: إسكندر هو ذو القرنين، وأبوه أول القياصرة، وكان من ولد سام بن نوح، عليه السلام. فأما ذو القرنين الثاني فهو إسكندر بن فيليبس بن مضريم بن هرمس بن هردس بن ميطون بن رومي بن لنطي بن يونان بن يافث بن نونة بن سرحون بن رومة بن ثرنط بن توفيل بن رومي بن الأصفر بن اليفز بن العيص بن إسحاق بن إبراهيم الخليل. كذا نسبه الحافظ ابن عساكر في "تاريخه"، المقدوني اليوناني المصري، باني إسكندرية، الذي يؤرخ بأيامه الروم، وكان متأخرا عن الأول بدهر طويل، كان هذا قبل المسيح بنحو من ثلاثمائة سنة، وكان أرسطاطاليس الفيلسوف وزيره، وهو الذي قتل دارا بن دارا، وأذل ملوك الفرس وأوطأ أرضهم. وإنما نبهنا عليه؛ لأن كثيرا من الناس يعتقد أنهما واحد، وأن المذكور في القرآن هو الذي كان أرسطاطاليس وزيره، فيقع بسبب ذلك خطأ كبير وفساد عريض طويل كثير، فإن الأول كان عبدا مؤمنا صالحا وملكا عادلا، وكان وزيره الخضر، وقد كان نبيا على ما قررناه قبل هذا. وأما الثاني، فكان مشركا، وكان وزيره فيلسوفا، وقد كان بين زمانيهما أزيد من ألفي سنة. فأين هذا من هذا، لا يستويان ولا يشتبهان، إلا على غبي لا يعرف حقائق الأمور.
قوله تعالى: وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ كان سببه أن قريشا سألوا اليهود عن شيء يمتحنون به علم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا لهم: سلوه عن رجل طواف في الأرض، وعن فتية خرجوا لا يدري ما فعلوا. فأنزل الله تعالى قصة أصحاب الكهف وقصة ذي القرنين. ولهذا قال: قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا أي؛ من خبره وشأنه ذكرا أي؛ خبرا نافعا كافيا في تعريف أمره وشرح حاله فقال: إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا أي؛ وسعنا مملكته في البلاد وأعطيناه من آلات المملكة ما يستعين به على تحصيل ما يحاوله من المهمات العظيمة والمقاصد الجسيمة.
قال قتيبة، عن أبي عوانة عن سماك عن حبيب بن حماز قال: كنت عند علي بن أبي طالب وسأله رجل عن ذي القرنين، كيف بلغ المشرق والمغرب؟ فقال: سخر له السحاب ومدت له الأسباب وبسط له في النور. وقال: أزيدك؟ فسكت الرجل، وسكت علي، رضي الله عنه.
وعن أبي إسحاق السبيعي، عن عمرو بن عبد الله الوادعي، سمعت معاوية يقول: ملك الأرض أربعة؛ سليمان بن داود النبي، عليهما السلام، وذو القرنين، ورجل من أهل حلوان ورجل آخر. فقيل له: الخضر؟ قال: لا.
وقال الزبير بن بكار حدثني إبراهيم بن المنذر عن محمد بن الضحاك، عن أبيه عن سفيان الثوري قال: بلغني أنه ملك الأرض كلها أربعة: مؤمنان وكافران؛ سليمان النبي، وذو القرنين، ونمرود، وبخت نصر. وهكذا قال سعيد بن بشير، سواء.
وقال إسحاق بن بشر عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة عن الحسن قال: كان ذو القرنين ملك بعد النمرود، وكان من قصته أنه كان رجلا مسلما صالحا أتى المشرق والمغرب، مد الله له في الأجل ونصره حتى قهر البلاد واحتوى على الأموال، وفتح المدائن وقتل الرجال وجال في البلاد والقلاع، فسار حتى أتى المشرق والمغرب، فذلك قول الله: وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا أي؛ خبرا إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا أي؛ علما بطلب أسباب المنازل.
قال إسحاق: وزعم مقاتل أنه كان يفتح المدائن ويجمع الكنوز، فمن اتبعه على دينه وتابعه عليه، وإلا قتله. وقال ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير، وعكرمة وعبيد بن يعلى والسدي، وقتادة والضحاك وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا يعني علما. وقال قتادة ومطر الوراق: معالم الأرض ومنازلها وأعلامها وآثارها. وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: يعني تعليم الألسنة، كان لا يغزو قوما إلا حدثهم بلغتهم.
والصحيح أنه يعم كل سبب يتوصل به إلى نيل مقصوده في المملكة وغيرها؛ فإنه كان يأخذ من كل إقليم من الأمتعة والمطاعم والزاد ما يكفيه، ويعينه على أهل الإقليم الآخر.
وذكر بعض أهل الكتاب أنه مكث ألفا وستمائة سنة يجوب الأرض، ويدعو أهلها إلى عبادة الله وحده لا شريك له، وفي كل هذه المدة نظر. والله أعلم. وقد روى البيهقي وابن عساكر حديثا متعلقا بقوله: وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا مطولا جدا، وهو منكر جدا. وفي إسناده محمد بن يونس الكديمي وهو متهم، فلهذا لم نكتبه لسقوطه عندنا. والله أعلم.
وقوله: فَأَتْبَعَ سَبَبًا أي؛ طريقا حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ يعني من الأرض، انتهى إلى حيث لا يمكن أحدا أن يجاوزه، ووقف على حافة البحر المحيط الغربي الذي يقال له: أوقيانوس الذي فيه الجزائر المسماة بالخالدات، التي هي مبدأ الأطوال، على أحد قولي أرباب الهيئة، والثاني من ساحل هذا البحر كما قدمنا. وعنده شاهد مغيب الشمس -فيما رآه بالنسبة إلى مشاهدته- تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ والمراد بها البحر في نظره، فإن من كان في البحر أو على ساحله يرى الشمس كأنها تطلع من البحر وتغرب فيه، ولهذا قال: وجدها أي؛ في نظره، ولم يقل: فإذا هي. تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ أي؛ ذات حمأة. قال كعب الأحبار وهو الطين الأسود. وقرأه بعضهم (حامية). فقيل: يرجع إلى الأول. وقيل: من الحرارة. وذلك من شدة المقابلة لوهج ضوء الشمس وشعاعها.
وقد روى الإمام أحمد عن يزيد بن هارون عن العوام بن حوشب، حدثني مولى لعبد الله بن عمرو، عن عبد الله قال: نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الشمس حين غابت فقال: في نار الله الحامية، لولا ما يزعها من أمر الله لأحرقت ما على الأرض فيه غرابة، وفيه رجل مبهم لم يسم، ورفعه فيه نظر، وقد يكون موقوفا من كلام عبد الله بن عمرو، فإنه أصاب يوم اليرموك زاملتين من كتب المتقدمين، فكان يحدث منها، والله أعلم.
ومن زعم من القصاص، أن ذا القرنين جاوز مغرب الشمس، وصار يمشي بجيوشه في ظلمات مددا طويلة، فقد أخطأ، وأبعد النجعة، وقال ما يخالف العقل والنقل.
وقد ذكر ابن عساكر من طريق وكيع عن أبيه، عن معتمر بن سليمان عن أبي جعفر الباقر، عن أبيه زين العابدين خبرا مطولا جدا فيه أن ذا القرنين كان له صاحب من الملائكة يقال له: رناقيل. فسأله ذو القرنين: هل تعلم في الأرض عينا يقال لها: عين الحياة؟ فذكر له صفة مكانها، فذهب ذو القرنين في طلبها وجعل الخضر على مقدمته، فانتهى الخضر إليها في واد في أرض الظلمات، فشرب منها ولم يهتد ذو القرنين إليها. وذكر اجتماع ذي القرنين ببعض الملائكة في قصر هناك، وأنه أعطاه حجرا، فلما رجع إلى جيشه سأل العلماء عنه، فوضعوه في كفة ميزان، وجعلوا في مقابلته ألف حجر مثله فوزنها، حتى سأل الخضر فوضع قباله حجرا، وجعل عليه حفنة من تراب فرجح به، وقال: هذا مثل ابن آدم لا يشبع حتى يوارى بالتراب. فسجد له العلماء تكريما له وإعظاما. والله أعلم.
ثم ذكر تعالى أنه حكمه في أهل تلك الناحية قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا أي؛ فيجتمع عليه عذاب الدنيا والآخرة، وبدأ بعذاب الدنيا؛ لأنه أزجر عند الكافر وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا فبدأ بالأهم وهو ثواب الآخرة، وعطف عليه الإحسان منه إليه، وهذا هو العدل.
------------------------------------------
موسى والخضر عليهما الصلاة و السلام
قال الله تعالى: وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا قَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا .
قال بعض أهل الكتاب: إن موسى هذا الذي رحل إلى الخضر هو موسى بن ميشا بن يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل. وتابعهم على ذلك بعض من يأخذ من صحفهم. وينقل عن كتبهم منهم نوف بن فضالة الحميري الشامي البكالي، ويقال: إنه دمشقي. وكانت أمه زوجة كعب الأحبار والصحيح الذي دل عليه ظاهر سياق القرآن، ونص الحديث الصحيح الصريح المتفق عليه، أنه موسى بن عمران صاحب بني إسرائيل.
قال البخاري: حدثنا الحميدي حدثنا سفيان حدثنا عمر بن دينار، أخبرني سعيد بن جبير قال: قلت لابن عباس: إن نوفا البكالي يزعم أن موسى صاحب الخضر ليس هو موسى صاحب بني إسرائيل. قال ابن عباس: كذب عدو الله؛ حدثنا أبي بن كعب أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن موسى قام خطيبا في بني إسرائيل، فسئل: أي الناس أعلم؟ فقال: أنا. فعتب الله عليه؛ إذ لم يرد العلم إليه، فأوحى الله إليه: إن لي عبدا بمجمع البحرين هو أعلم منك. قال موسى: يا رب، وكيف لي به؟ قال: تأخذ معك حوتا فتجعله في مكتل فحيثما فقدت الحوت فهو ثم. فأخذ حوتا فجعله بمكتل، ثم انطلق وانطلق معه فتاه يوشع بن نون، حتى إذا أتيا الصخرة وضعا رءوسهما فناما، واضطرب الحوت في المكتل، فخرج منه فسقط في البحر، واتخذ سبيله في البحر سربا، وأمسك الله عن الحوت جرية الماء، فصار عليه مثل الطاق، فلما استيقظ نسي صاحبه أن يخبره بالحوت، فانطلقا بقية يومهما وليلتهما، حتى إذا كان من الغد "قال" موسى لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا ولم يجد موسى النصب حتى جاوز المكان الذي أمره الله به "قال" له فتاه: أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا قال: فكان للحوت سربا ولموسى ولفتاه عجبا قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا قال: فرجعا يقصان أثرهما حتى انتهيا إلى الصخرة، فإذا رجل مسجى بثوب فسلم عليه موسى فقال الخضر: وأنى بأرضك السلام. قال: أنا موسى. قال: موسى بني إسرائيل؟ قال: نعم، أتيتك لتعلمني مما علمت رشدا. "قال إنك لن تستطيع معي صبرا" يا موسى إني على علم من علم الله علمنيه الله لا تعلمه أنت، وأنت على علم من علم الله علمكه الله لا أعلمه فقال موسى "ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا". قال له الخضر: "فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا" فانطلقا يمشيان على ساحل البحر فمرت سفينة، فكلمهم أن يحملوهم، فعرفوا الخضر فحملوهم بغير نول، فلما ركبا في السفينة لم يفجأ إلا والخضر قد قلع لوحا من ألواح السفينة بالقدوم، فقال له موسى: قوم حملونا بغير نول، عمدت إلى سفينتهم فخرقتها "لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا قال ألم أقل إنك لن تستيطع معي صبرا قال لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسرا" قال: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وكانت الأولى من موسى نسيانا. قال: وجاء عصفور فوقع على حرف السفينة فنقر في البحر نقرة، فقال له الخضر: ما علمي وعلمك في علم الله إلا مثل ما نقص هذا العصفور من هذا البحر. ثم خرجا من السفينة، فبينما هما يمشيان على الساحل، إذ أبصر الخضر غلاما يلعب مع الغلمان، فأخذ الخضر رأسه بيده فاقتلعه بيده فقتله، فقال له موسى: "أقتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا قال ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا" قال: وهذه أشد من الأولى، "قال إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض" قال: مائل. فقال الخضر بيده "فأقامه" فقال موسى: قوم أتيناهم فلم يطعمونا ولم يضيفونا "لو شئت لاتخذت عليه أجرا قال هذا فراق بيني وبينك سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وددنا أن موسى كان صبر، حتى يقص الله علينا من خبرهما قال سعيد بن جبير فكان ابن عباس يقرأوكان أمامهم ملك يأخذ كل سفينة صالحة غصبا). وكان يقرأ: (وأما الغلام فكان كافرا وكان أبواه مؤمنين).
ثم رواه البخاري أيضا عن قتيبة، عن سفيان بن عيينة بإسناده نحوه. وفيه: فخرج موسى ومعه فتاه يوشع بن نون ومعهما الحوت حتى انتهيا إلى الصخرة فنزلا عندها. قال: فوضع موسى رأسه فنام قال سفيان: وفي حديث غير عمرو قال: وفي أصل الصخرة عين يقال لها: الحياة. لا يصيب من مائها شيء إلا حي فأصاب الحوت من ماء تلك العين، قال: فتحرك وانسل من المكتل ودخل البحر، فلما استيقظ قال موسى لفتاه: آتنا غداءنا كذا قال .وساق الحديث وقال: ووقع عصفور على حرف السفينة فغمس منقاره في البحر فقال الخضر لموسى: ما علمي وعلمك وعلم الخلائق في علم الله إلا مقدار ما غمس هذا العصفور منقاره وذكر تمام الحديث.
--------------------------------

أبـوحـمـد
14 / 01 / 2008, 29 : 10 AM
جزاك الله خير

ياالصاحــــــــــــــــب

ويعطيك العافيه على القصص
الرائعه عن الرسول[ ص ]

والله يبارك فيك

ذيب النشاما
14 / 01 / 2008, 31 : 12 PM
يعطيك العافيه
ياابوحمــــــــد2011
َ
َ
والله يجزاك خير
على المروووووورو الرااااااائع

الجنوبي 2000
14 / 01 / 2008, 50 : 12 PM
اللهم صلى وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
قصص مفيدة

يعطيك العافيه على الموضوع

ذيب النشاما
14 / 01 / 2008, 58 : 12 PM
يعطيك العافيه
َ
َ
َ
مرورك أكثر من رائع
ياعبد الله بن عبد العزيز
َ
َ
َ
والله يجزاك خير

زمن
16 / 01 / 2008, 08 : 04 PM
اللهم صلى وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

والف شكر على مثل هذا المواضيع

وجزاكم الله خير

وتقبل مروري

زمن

ذيب النشاما
18 / 01 / 2008, 55 : 11 AM
تـــوجدكـ يا زمـــن هــــو الأروعـ
*
*
*
يعطيكـ العافيه
وماقصرت على المرور

مرعب النفوس
16 / 02 / 2008, 52 : 04 PM
أخي الغالي

الــصـــــــــاحــــب




بارك الله فيك وعليك على هذه المشاركة القيمة والمفيدة وعلى حرصك على ماينفع أخوانك في المنتدى..........
أخي وفقنا الله وإياك لما يحب ويرضى ولما فيه الخير والصلاح على هذا الجهد والعطاء المتواصل http://www.hawahome.info/uploaded/4624/1158152616.gif






كما أسأل الله أن يجزاك عنا خير الجزاااااء










.............