المستشــــار
08 / 10 / 2007, 33 : 06 PM
حول العالم
حروب الأبناء المقدسة
فهد عامر الأحمدي
في عام 1212ظهر في فرنسا طفل صغير يدعى (ستيفان) ادعى أنه مرسول الرب لتحرير القدس من أيدي المسلمين .. وكان - على صغر سنه - فصيحا جريئا ادعى أن الله يئس من نجاح الملوك والفرسان في تحرير القدس فأوكل هذه المهمة إلى أطفاله المخلصين .. وخلال أشهر قليلة انضم الى معسكره أكثر من 30ألف طفل فرنسي (سلمهم آباؤهم طواعية طمعا في رضا الرب) .. وحين وصلوا الى مرسيليا جنوبا - على شاطئ البحر المتوسط - رفض أصحاب المراكب نقلهم إلى فلسطين خوفا من الأسر أو المواجهة مع المسلمين .. ولكنهم سرعان ما أخذوا يتنافسون على نقلهم مجانا حين اكتشفوا فيهم مصدر رزق مضمون (حيث تم خداعهم وبيعهم كعبيد في شمال أفريقيا ) !!
... وفي نفس الوقت الذي بدأ فيه ستيفان دعوته في فرنسا ، ظهر في ألمانيا طفل آخر يدعى (نيكولاس) ادعى تكليفه من قبل الرب للقيام بنفس المهمة .. وبدافع من التنافس الديني لقيت دعوته ترحيبا كبيرا في المقاطعات الألمانية وتمكن من جمع 40ألف طفل حوله (كأضخم جيش للأطفال في التاريخ) . وكانت خطة نيكولاس تقضي بقطع جبال الألب ودخول إيطاليا من شمالها ثم زيارة الفاتيكان ونيل بركة البابا ثم التحرك بالسفن نحو فلسطين .. غير أن عدداً كبيراً من الأطفال ماتوا من الجوع والبرد أثناء قطعهم جبال الألب الشاهقة . وحين هبطوا في شمال إيطاليا فوجئ بهم السكان فرفضوا إيواءهم وإطعامهم فانخفض عدد الجيش الى النصف .. وزاد الطين بلة رفض البابا استقبالهم الأمر الذي فسره الإيطاليون كلعنة سماوية فرفضوا التعامل معهم وبدأوا بمطاردتهم في كل مكان . وحين وصلوا في النهاية الى الموانئ الايطالية في الجنوب لم يكن قد تبقى منهم غير المئات نقلوا بدورهم الى أسواق النخاسة في المشرق العربي حيث بيعوا كعبيد !!
... هذه الأحداث مجتمعة تشكل ما يعرف بإسم (حملة الأطفال الصليبية الخامسة) كونها أتت بعد أربع حملات صليبية قادها فرسان وملوك أوربا بدءا من عام 1096، ولأن أي من هذه الحملات الأربع لم تحقق النجاح المطلوب (خصوصا الحملة الرابعة التي نهبت الدولة البيزنطية المسيحية ودمرت كنائس القسطنطينية وأظهرت الفرسان الصليبيين كمرتزقة يستغلون الدين) ..
ونتيجة لخيبة أمل المؤمنين في أوربا ظهر وعاظ متجولون (هم أساس المشكلة) يروجون لفكرة أن الله أنتزع شرف تحرير القدس من الملوك والفرسان وكلف بها الفقراء والأطفال . ونتيجة لهذه الدعوات الشاذة ظهرت حملة ستيفان في فرنسا ، ونيكولاس في ألمانيا (في حين ظهرت إرهاصات حملات اقتصرت على الفقراء و المزارعين لم تتح لها فرصة الانتقال للشرق) !!!
... وحملة الأطفال الخامسة توضح قدرة الخطاب الديني المنحرف على التلاعب بمشاعر الناس (بل وإقناعهم بتسليم أطفالهم للموت والعبودية) ... فحين يحشر "الأمر الإلهي" في الدعاوى المنحرفة يصبح كل شيء مباحا ومقبولا ولا يبقى للعقل والمنطق أي سلطة .. وأكاد أجزم أن أوربا الحديثة لا تخجل من شيء في تاريخها مثل خجلها من تنظيم حملات الأطفال الصليبية التي باركها الآباء والقديسون أنفسهم ... وفي حين تعلمت أوربا من تجاربها القديمة؛ أتساءل إن كانت مجتمعاتنا العربية تعلمت من تجربة تصدير فلذات أكبادها نحو الشرق والغرب تحت مسمى الجهاد والغزوات المقدسة !!؟؟
منقووول من جريدة الرياض
حروب الأبناء المقدسة
فهد عامر الأحمدي
في عام 1212ظهر في فرنسا طفل صغير يدعى (ستيفان) ادعى أنه مرسول الرب لتحرير القدس من أيدي المسلمين .. وكان - على صغر سنه - فصيحا جريئا ادعى أن الله يئس من نجاح الملوك والفرسان في تحرير القدس فأوكل هذه المهمة إلى أطفاله المخلصين .. وخلال أشهر قليلة انضم الى معسكره أكثر من 30ألف طفل فرنسي (سلمهم آباؤهم طواعية طمعا في رضا الرب) .. وحين وصلوا الى مرسيليا جنوبا - على شاطئ البحر المتوسط - رفض أصحاب المراكب نقلهم إلى فلسطين خوفا من الأسر أو المواجهة مع المسلمين .. ولكنهم سرعان ما أخذوا يتنافسون على نقلهم مجانا حين اكتشفوا فيهم مصدر رزق مضمون (حيث تم خداعهم وبيعهم كعبيد في شمال أفريقيا ) !!
... وفي نفس الوقت الذي بدأ فيه ستيفان دعوته في فرنسا ، ظهر في ألمانيا طفل آخر يدعى (نيكولاس) ادعى تكليفه من قبل الرب للقيام بنفس المهمة .. وبدافع من التنافس الديني لقيت دعوته ترحيبا كبيرا في المقاطعات الألمانية وتمكن من جمع 40ألف طفل حوله (كأضخم جيش للأطفال في التاريخ) . وكانت خطة نيكولاس تقضي بقطع جبال الألب ودخول إيطاليا من شمالها ثم زيارة الفاتيكان ونيل بركة البابا ثم التحرك بالسفن نحو فلسطين .. غير أن عدداً كبيراً من الأطفال ماتوا من الجوع والبرد أثناء قطعهم جبال الألب الشاهقة . وحين هبطوا في شمال إيطاليا فوجئ بهم السكان فرفضوا إيواءهم وإطعامهم فانخفض عدد الجيش الى النصف .. وزاد الطين بلة رفض البابا استقبالهم الأمر الذي فسره الإيطاليون كلعنة سماوية فرفضوا التعامل معهم وبدأوا بمطاردتهم في كل مكان . وحين وصلوا في النهاية الى الموانئ الايطالية في الجنوب لم يكن قد تبقى منهم غير المئات نقلوا بدورهم الى أسواق النخاسة في المشرق العربي حيث بيعوا كعبيد !!
... هذه الأحداث مجتمعة تشكل ما يعرف بإسم (حملة الأطفال الصليبية الخامسة) كونها أتت بعد أربع حملات صليبية قادها فرسان وملوك أوربا بدءا من عام 1096، ولأن أي من هذه الحملات الأربع لم تحقق النجاح المطلوب (خصوصا الحملة الرابعة التي نهبت الدولة البيزنطية المسيحية ودمرت كنائس القسطنطينية وأظهرت الفرسان الصليبيين كمرتزقة يستغلون الدين) ..
ونتيجة لخيبة أمل المؤمنين في أوربا ظهر وعاظ متجولون (هم أساس المشكلة) يروجون لفكرة أن الله أنتزع شرف تحرير القدس من الملوك والفرسان وكلف بها الفقراء والأطفال . ونتيجة لهذه الدعوات الشاذة ظهرت حملة ستيفان في فرنسا ، ونيكولاس في ألمانيا (في حين ظهرت إرهاصات حملات اقتصرت على الفقراء و المزارعين لم تتح لها فرصة الانتقال للشرق) !!!
... وحملة الأطفال الخامسة توضح قدرة الخطاب الديني المنحرف على التلاعب بمشاعر الناس (بل وإقناعهم بتسليم أطفالهم للموت والعبودية) ... فحين يحشر "الأمر الإلهي" في الدعاوى المنحرفة يصبح كل شيء مباحا ومقبولا ولا يبقى للعقل والمنطق أي سلطة .. وأكاد أجزم أن أوربا الحديثة لا تخجل من شيء في تاريخها مثل خجلها من تنظيم حملات الأطفال الصليبية التي باركها الآباء والقديسون أنفسهم ... وفي حين تعلمت أوربا من تجاربها القديمة؛ أتساءل إن كانت مجتمعاتنا العربية تعلمت من تجربة تصدير فلذات أكبادها نحو الشرق والغرب تحت مسمى الجهاد والغزوات المقدسة !!؟؟
منقووول من جريدة الرياض