زمن
21 / 09 / 2007, 24 : 07 AM
موضة رفع الأسعار!
القوة الشرائية في السعودية هي الأعلى في كافة العالم العربي! ولكن هل ستستمر بهذه القوه؟ لقد أصبحت في الفترة الماضية عملية رفع الأسعار كالموضة فتجد التاجر الذي يبيع بضائع أوروبية يرفع أسعاره معللا بذلك ضعف الدولار مقابل اليورو وبالتالي ريالنا ضعيف ولكن الأغرب والأعجب أن يرفع أسعاره من يستورد من البلدان الآسيوية (كالصين وتايوان وكوريا وغيرها)!! ومن منتجاته محليا أيضا! ربما نتقبل السعر الأعلى للجودة العالية ولكن لم رفع الأسعار يا تجار والجودة هي نفسها؟ عندما تسأل البائع «لماذا رفعتوا الأسعار؟» يجيبك بأن المحلات كلها ترفع وليس نحن! منذ قرابة العام ومؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) تتابع نسب التضخم (ارتفاع الأسعار) بكثب، وفي خلال هذا الأسبوع طلب مجلس الشورى من المعنيين عمل ما يلزم لكبح ارتفاع الأسعار. وكان رد فعل «ساما» لقرار تخفيض الفائدة من قبل البنك الفيدرالي الاحتياطي الأميركي بترك سعر الفائدة على الريال قرارا صحيا بكل المعايير فتخفيض الفائدة من شأنه توفير السيولة بأسعار منخفضة وبالتالي المزيد من ارتفاع الأسعار. ان من أكبر مسببات التضخم في السعودية هو ارتفاع أسعار الأغذية (ارتفعت بقرابة 6% هذه السنة) وارتفاع أسعار العقار وخصوصا الإيجارات (ارتفعت بنسة 10% حسب احصائيات ساما). فالنمو السكاني والتكتل السكني في المدن الرئيسية (كالرياض وجدة والمدن الرئيسية في المنطقة الشرقية) وأيضا التمويل البنكي للقروض السكنية هو من مسببات ارتفاع العقار. أما ارتفاع أسعار الأغذية المستوردة فهو بلا شك بسبب ضعف الدولار. بالطبع هنالك ارتفاع عالمي بأسعار المواد الإنشائية (كالحديد والإسمنت والنحاس والألومونيوم) وذلك بسبب ازدياد الطلب العالمي (خصوصا من قبل الصين والتي لوحدها تستهلك 40% من إنتاج الاسمنت العالمي) مقابل نسبة أقل في اكتشاف منابع جديدة عالميا، بمعنى الطلب ازداد بنسب أعلى من المعروض. إذاً ارتفاع أسعار المواد الإنشائية خارج عن السيطرة في الفترة الحالية وهو مبرر بلا شك. لقد وازنت البلدان الناشئة (كالصين والهند وكوريا والبرازيل) على المحافظة على التضخم من الارتفاع عالميا وذلك بسبب انخفاض أجور العمالة ووفرتها وتدني هوامش الربحية. وهي خدمة بلا شك للعالم أجمع. فالصين على سبيل المثال متوقع أن تحتل المرتبة العالمية الأولى بنسب التصدير للخارج، ساحبة البساط من ألمانيا التي كانت أولى عالميا لسنوات عديدة. ان أسوأ خطر ممكن أن يتعرض له أية اقتصاد في العالم هو خطر التضخم. لكي أوضح لكم هذا الأمر تابعوا معي هذا المثال: إذا افترضنا أن معدل رواتب الطبقة الوسطى (وهي الأغلب في السعودية) هو خمسة آلاف ريال، وإذا اعتبرنا أن متوسط أجار الشقق السكنية في مدينة الرياض على سبيل المثال هو عشرين ألف ريال (5333 دولارا). إذا الموظف سيضطر لتوفير 1666 ريالا (444 دولارا) من راتبه فيتبقى له 3333 ريالا (888 دولارا) ولكم الآن أن تتخيلوا هل هذا المبلغ سيكون كافيا لشراء الغذاء الذي هو بارتفاع مستمر أو لسداد الفواتير الاستهلاكية (كالكهرباء والماء والهاتف) أو لملازم المدارس أو الملابس. ربما هذا الارتفاع في الأسعار سيحد الكثير من المستهلكين (الطبقة الوسطى) على حد الكفاف بمعنى الدخل الشهري بتدبير شديد ربما يوازي المصاريف. وإذا ما استمرت الأسعار في الارتفاع ربما سيِِؤدي الى العجز في الدخل والديون غير المستحبة. فمن أهم المؤشرات الاقتصادية هي التناسب بين الدخل (أو التوفير) مقابل الصرف فعندما يكون الدخل أعلى من الإنفاق تكون هنالك ثقة في الاقتصاد لأن عجلة المبيعات الاستهلاكية ستنمو وبالتالي يحدث نمو كلي للاقتصاد. وليس الحل لهذه الأزمة المتوقعة هو إعادة هيكلة الرواتب فقط بل بمحاربة التضخم بكل السبل والقوانين الصارمة.
الآن أجيب عن تساؤلي الذي بدأت به هذه المقالة: لا لن تستمر القوة الشرائية بهذا العنفوان إذا استمرت الأسعار بالارتفاع. وأنتم أيها التجار الخاسرون في النهاية لأن ربحكم الوقتي الحالي هو مؤقت ففي المستقبل لن تجدوا القوة الشرائية كما عهدتم وذلك لضعف قدرة المستهلك على مواكبة ارتفاع أسعاركم. فاتقوا الله في الناس واخشوا يوما لا ينفع مال ولا بنون.
الشرق الاوسط
القوة الشرائية في السعودية هي الأعلى في كافة العالم العربي! ولكن هل ستستمر بهذه القوه؟ لقد أصبحت في الفترة الماضية عملية رفع الأسعار كالموضة فتجد التاجر الذي يبيع بضائع أوروبية يرفع أسعاره معللا بذلك ضعف الدولار مقابل اليورو وبالتالي ريالنا ضعيف ولكن الأغرب والأعجب أن يرفع أسعاره من يستورد من البلدان الآسيوية (كالصين وتايوان وكوريا وغيرها)!! ومن منتجاته محليا أيضا! ربما نتقبل السعر الأعلى للجودة العالية ولكن لم رفع الأسعار يا تجار والجودة هي نفسها؟ عندما تسأل البائع «لماذا رفعتوا الأسعار؟» يجيبك بأن المحلات كلها ترفع وليس نحن! منذ قرابة العام ومؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) تتابع نسب التضخم (ارتفاع الأسعار) بكثب، وفي خلال هذا الأسبوع طلب مجلس الشورى من المعنيين عمل ما يلزم لكبح ارتفاع الأسعار. وكان رد فعل «ساما» لقرار تخفيض الفائدة من قبل البنك الفيدرالي الاحتياطي الأميركي بترك سعر الفائدة على الريال قرارا صحيا بكل المعايير فتخفيض الفائدة من شأنه توفير السيولة بأسعار منخفضة وبالتالي المزيد من ارتفاع الأسعار. ان من أكبر مسببات التضخم في السعودية هو ارتفاع أسعار الأغذية (ارتفعت بقرابة 6% هذه السنة) وارتفاع أسعار العقار وخصوصا الإيجارات (ارتفعت بنسة 10% حسب احصائيات ساما). فالنمو السكاني والتكتل السكني في المدن الرئيسية (كالرياض وجدة والمدن الرئيسية في المنطقة الشرقية) وأيضا التمويل البنكي للقروض السكنية هو من مسببات ارتفاع العقار. أما ارتفاع أسعار الأغذية المستوردة فهو بلا شك بسبب ضعف الدولار. بالطبع هنالك ارتفاع عالمي بأسعار المواد الإنشائية (كالحديد والإسمنت والنحاس والألومونيوم) وذلك بسبب ازدياد الطلب العالمي (خصوصا من قبل الصين والتي لوحدها تستهلك 40% من إنتاج الاسمنت العالمي) مقابل نسبة أقل في اكتشاف منابع جديدة عالميا، بمعنى الطلب ازداد بنسب أعلى من المعروض. إذاً ارتفاع أسعار المواد الإنشائية خارج عن السيطرة في الفترة الحالية وهو مبرر بلا شك. لقد وازنت البلدان الناشئة (كالصين والهند وكوريا والبرازيل) على المحافظة على التضخم من الارتفاع عالميا وذلك بسبب انخفاض أجور العمالة ووفرتها وتدني هوامش الربحية. وهي خدمة بلا شك للعالم أجمع. فالصين على سبيل المثال متوقع أن تحتل المرتبة العالمية الأولى بنسب التصدير للخارج، ساحبة البساط من ألمانيا التي كانت أولى عالميا لسنوات عديدة. ان أسوأ خطر ممكن أن يتعرض له أية اقتصاد في العالم هو خطر التضخم. لكي أوضح لكم هذا الأمر تابعوا معي هذا المثال: إذا افترضنا أن معدل رواتب الطبقة الوسطى (وهي الأغلب في السعودية) هو خمسة آلاف ريال، وإذا اعتبرنا أن متوسط أجار الشقق السكنية في مدينة الرياض على سبيل المثال هو عشرين ألف ريال (5333 دولارا). إذا الموظف سيضطر لتوفير 1666 ريالا (444 دولارا) من راتبه فيتبقى له 3333 ريالا (888 دولارا) ولكم الآن أن تتخيلوا هل هذا المبلغ سيكون كافيا لشراء الغذاء الذي هو بارتفاع مستمر أو لسداد الفواتير الاستهلاكية (كالكهرباء والماء والهاتف) أو لملازم المدارس أو الملابس. ربما هذا الارتفاع في الأسعار سيحد الكثير من المستهلكين (الطبقة الوسطى) على حد الكفاف بمعنى الدخل الشهري بتدبير شديد ربما يوازي المصاريف. وإذا ما استمرت الأسعار في الارتفاع ربما سيِِؤدي الى العجز في الدخل والديون غير المستحبة. فمن أهم المؤشرات الاقتصادية هي التناسب بين الدخل (أو التوفير) مقابل الصرف فعندما يكون الدخل أعلى من الإنفاق تكون هنالك ثقة في الاقتصاد لأن عجلة المبيعات الاستهلاكية ستنمو وبالتالي يحدث نمو كلي للاقتصاد. وليس الحل لهذه الأزمة المتوقعة هو إعادة هيكلة الرواتب فقط بل بمحاربة التضخم بكل السبل والقوانين الصارمة.
الآن أجيب عن تساؤلي الذي بدأت به هذه المقالة: لا لن تستمر القوة الشرائية بهذا العنفوان إذا استمرت الأسعار بالارتفاع. وأنتم أيها التجار الخاسرون في النهاية لأن ربحكم الوقتي الحالي هو مؤقت ففي المستقبل لن تجدوا القوة الشرائية كما عهدتم وذلك لضعف قدرة المستهلك على مواكبة ارتفاع أسعاركم. فاتقوا الله في الناس واخشوا يوما لا ينفع مال ولا بنون.
الشرق الاوسط