المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كيف تغرب الشمس في عين حمئة؟


الضامي
15 / 08 / 2007, 50 : 09 PM
المجيب:د. محمد بن إبراهيم دودح
باحث علمي في هيئة الإعجاز العلمي في الكتاب والسنة
التصنيف :الفهرسة/ القرآن الكريم وعلومه/التفسير الموضوعي التاريخ 27/06/1428هـ
السؤال:في قوله تعالى "وَيَسْأَلُونَكَ عَن ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُم مِّنْهُ ذِكْراً إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً فَأَتْبَعَ سَبَباً حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْماً قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنا" [الكهف:83-86].
فقد ثبت علميًّا أن الشمس أكبر من الأرض بأكثر من مليون مرة، فكيف تغرب الشمس في عين حمئة داخل الأرض؟
الجواب :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فجوابا على السؤال حول معنى قوله تعالى: "حَتّىَ إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ" [الكهف:86], ومدى مطابقته للواقع؛ أقول مستعينا بالله سائله –تعالى- العون والتوفيق:
1- في أعماق البحار شقوق تدفع بحمم حامية ملتهبة: http://www.islamtoday.net/baner/earthmur1.jpg
اكتشف علماء الجيولوجيا حديثا أن القشرة الأرضية مقسمة بشبكة من الصدوع العميقة إلى قطع متجاورات يسمى كل منها لوحًا (Plate) بالإضافة إلى عدة ألواح صغيرة تسمى لويحات (Platelets) , وتطفو هذه الألواح على طبقة شبه منصهرة، وتصعد الصهارة (Magma) من بينها في قيعان المحيطات لتضيف مادة جديدة إلى كل لوحين متجاورين، وبالزيادة من طرف تنقص الألواح من الطرف الآخر دوما بالانثناء تحت طرف الألواح المجاورة, ولذا فالأرض الصلبة التي تحملنا فوق تلك الصهارة تنقص على الدوام من أطرافها, وهو نفس المعنى في قوله تعالى: "أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنّا نَأْتِي الأرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا" [الرعد:41]، وقوله تعالى: "أَفَلاَ يَرَوْنَ أَنّا نَأْتِي الأرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَآ" [الأنبياء:44]. ولا يستقيم صرف لفظ (الأرض) في السياق إلى معنى الكوكب لأن الشكل الكروي لا طرف له، وإنما يصدق على السطح الصخري، ويتضمن بيان تجزئته إلى قطع متجاورات تفصلها صدوع وتحركها دوامات صهير الباطن التي تمور على الدوام كما في قوله تعالى: "أَأَمِنتُمْ مّن فِي السّمَآءِ أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الأرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ" [الملك:16]، ولفظ (الأرض) هنا أيضا لا يعني الكوكب، وإنما يستقيم حمله على سطحها الصخري فيكشف لك التهاب الباطن وحركته الدوامية قبل أن يدركها بشر مؤيدا أن لفظ (البحر) كاسم جنس يعني أن كل البحار العظيمة ملتهبة القاع في قوله تعالى: "والبحر المسجور" [الطور:6]، وإن شئت فهم المراد في موضع فينصحك الأعلام باستيفاء كل المواضع لتتضح لك الدلالة في قولهم (القرآن يفسر بعضه بعضا), وإلا فمن لم يكن غرضه البحث النزيه عن الحقيقة، وبيت النية على مجرد الاعتراض أو التشويش غير آبه بأصول فهم الكتاب العزيز لن ينفع معه دليل, وهكذا تبين وجود صدوع عميقة في منتصف المحيطات Mid-Oceanic Rifts تمتد لتغطي القشرة الأرضية بأكملها، وقد يصل عمقها إلى حوالي (150كم) بعمق القشرة ذاتها في أسمك منطقة, وتبين كذلك أن جميع القارات وما يميزها من جبال تتحرك بحركة الألواح التي تحملها متقاربة أو متباعدة عن بعضها البعض حركة بطيئة، لتحقق مسافة لا تتجاوز عدداً قليلاً من السنتيمترات كل سنة، ولكنها حركة مستمرة, فمثلاً يتسع شق البحر الأحمر بنسبة (3 سم) في السنة، وشق خليج كاليفورنيا بنسبة (6سم) في السنة، ويعتقد حاليا بأن القارات الشابة كانت متكتلة مع بعضها البعض منذ حوالي (200) مليون سنة، لتكون قارة وحيدة ضخمة وسط محيط واحد, ومع انقسامها سمي الصدع الأصلي.
http://www.islamtoday.net/baner/earthmur2.jpg
بصدع المنتصف الأطلنطي (Mid-Atlantic Ridge) ومازال إلى اليوم يمثل منطقة نشطة بركانياً, وفي مناطق الوديان العميقة في منتصف المحيطات (Mid-Ocean Rifts) حيث تلتقي الألواح القارية تتوقد الأعماق بنيران لا يقدر ماء المحيطات كله على إطفائها, وتبلغ درجة الحرارة في تلك المناطق البركانية النشطة الألف درجة مئوية, وفي قوله تعالى: "وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ.إِنّ عَذَابَ رَبّكَ لَوَاقِعٌ" [الطور:6-7]. ترجع عظمة القسم على المقسوم به كدليل على الوحي, ولفظ (البحر) اسم جنس يعني البحار العظيمة في سياق نظرة شمولية للعالم حاليا تنذر بخرابه مستقبلا في جواب القسم "إِنّ عَذَابَ رَبّكَ لَوَاقِعٌ", ووصف البحر بلفظ (المسجور) يعني أن قاعه ملتهب يتقد بالنيران، كما في قوله تعالى: "ثُمّ فِي النّارِ يُسْجَرُونَ" [غافر:72] أي توقد تحتهم، لأن (السجر) هو الإيقاد في التنور. وأما قوله تعالى: "وَإِذَا الْبِحَارُ سُجّرَتْ" [التكوير:6] فيعني أن نيران القاع محجوزة وينذر باندفاعها لتصبح منظورة لاحقاً بياناً لدمار العالم مستقبلاً, ولم تعرف صدوع منتصف المحيط (Mid-OceanRifts) إلا بعد الحرب العالمية الثانية خلال نظرية الألواح التكتونية (Tectonic Plates) التي صيغت في أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات من القرن الماضي فقط .
ومن الناحية العلمية تمثل تلك الصدوع الملتهبة المتصلة والممتدة عميقا أبرز معلم لقشرة الأرض, ولذا في قوله تعالى: "وَالأرْضِ ذَاتِ الصّدْعِ" [الطارق:12] وقوله تعالى: "وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ" يعتبر سبق القرآن بالإشارة إلى هذه الحقائق المخبوءة عميقا تحت سطح المحيطات دليلاً جازماً على أنه كلام الله العليم الحكيم.
2- مشهد غروب الشمس في البحر مبني على رأي العين:
الواقع أن جرم الشمس أكبر كتلة وحجما من كواكبها وأقمارها مجتمعة، حيث يحوي وحده ما يقدر فلكيا بنسبة (99.86%) من كتلة النظام الشمسي, وتبلغ كتلتها (1.99) × (10 أس 30) كجم [وللاختصار يصطلح رياضيا بالأس لتضاعيف الأعداد, والقيمة (10 أس 3) تعني 1 أمامه 3 أصفار (1000) وكذلك القيمة (10 أس 30) تعني 1 أمامه 30 صفراً].
http://www.islamtoday.net/baner/earthmur3.jpgأي (333.1325) ألف مرة قدر كتلة الأرض التي تبلغ (5.9736) × (10 أس 24) كجم, ويبلغ متوسط نصف قطر الشمس حوالي (696) ألف كم، بينما يبلغ نصف قطر الأرض (6371.3) كم, ونظراً لضخامة الشمس يمكن أن تستوعب حوالي (1.3) مرة قدر حجم كوكب الأرض, ومع أن قرص الشمس يبدو كالقمر حجما قطع القرآن بأنه حقيقة أكبر على لسان نبي الله إبراهيم (عليه السلام) محاججا قومه في قوله تعالى: "فَلَماّ رَأَى الشّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هََذَا رَبّي هََذَآ أَكْبَرُ فَلَمّآ أَفَلَتْ قَالَ يَقَوْمِ إِنّي بَرِيَءٌ مّمّا تُشْرِكُونَ" [الأنعام:78]، ولا يتوهم إذن أن القرآن يقرر أن جرم الشمس صغير حتى تهبط حقيقة في بحر من بحار الأرض؛ لأن التعبير (وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ) قائم على النسبة لسكان الأرض كما ترى العين، نحو قوله تعالى: "قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنّ اللّهَ يَأْتِي بِالشّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ" [البقرة:258]، وعلى هذا اتفق الجمع الغفير من المفسرين سلفا وخلفا.
قال ابن الجوزي: "ربما توهم متوهم أن هذه الشمس على عظم قدرها تغوص بذاتها في عين ماء وليس كذلك.. وإنما وجدها تغرب.. كما يرى راكب البحر الذي لا يرى طرفه أن الشمس تغيب في الماء، وذلك لأن ذا القرنين انتهى إلى آخر البنيان" [زاد المسير لعبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي المتوفى سنة (597 هـ), المكتب الإسلامي بيروت (1404 ط3), (5/186).
[(وقال البيضاوي: "بلغ ساحل المحيط فرآها كذلك إذ لم يكن.. (أمام) بصره غير الماء، ولذلك قال (وجدها تغرب)، ولم يقل (كانت تغرب)" [أنوار التنزيل وأسرار التأويل لأبي سعيد عبد اللّه بن عمر الشيرازي البيضاوي المتوفى (سنة 791 هـ), دار الفكر بيروت (1416), (3/520).
وقال الرازي: "الشمس أكبر من الأرض بمرات كثيرة، فكيف يعقل دخولها في عين من عيون الأرض.. (و) أول الليل عند أهل المغرب هو أول النهار الثاني عند أهل المشرق, بل ذلك الوقت الذي هو أول الليل عندنا فهو وقت العصر في بلد، ووقت الظهر في بلد آخر، ووقت الضحى في بلد ثالث، ووقت طلوع الشمس في بلد رابع، ونصف الليل في بلد خامس، وإذا كانت هذه الأحوال معلومة بعد الاستقراء والاعتبار، وعلمنا أن الشمس طالعة ظاهرة في كل هذه الأوقات كان الذي يقال أنها تغيب (حقيقة) في الطين والحمئة كلاما على خلاف اليقين, وكلام الله –تعالى- مبرأ عن هذه التهمة فلم يبق إلا أن يصار إلى التأويل"[التفسير الكبير أو مفاتيح الغيب لابن خطيب الري فخر الدين محمد بن عمر الرازي المتوفى (سنة 606 هـ), دار الكتب العلمية بيروت (1421), (ج21ص142).
وقال البغوي: "معنى قوله: (وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ).. في رأي العين".
معالم التنزيل للحسن بن سعيد الفراء البغوي المتوفى (سنة 516 هـ), دار المعرفة بيروت (1407 ط), (ج3ص179).
وقال أبو حيان: "أي فيما ترى العين" البحر المحيط لأبي حيان في تفسير الآية. وقال القرطبي: "ليس المراد أنه انتهى إلى الشمس مغربا ومشرقا حتى وصل إلى جرمها ومسها؛ لأنها مع السماء حول الأرض من غير أن تلتصق بالأرض وهي أعظم من أن تدخل في عين من عيون الأرض، بل هي أكبر من الأرض أضعافا مضاعفة، بل المراد أنه انتهى إلى آخر العمارة من جهة المغرب ومن جهة المشرق فوجدها في رأي العين تغرب في عين حمئة، كما أنا نشاهدها في الأرض الملساء كأنها تدخل في الأرض، ولهذا قال: "حَتّىَ إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَىَ قَوْمٍ لّمْ نَجْعَل لّهُمْ مّن دُونِهَا سِتْراً" [الكهف:90]، ولم يُرد أنها تطلع عليهم بأن تماسهم وتلاصقهم، بل أراد أنهم أول من تطلع عليهم" [الجامع لأحكام القرآن لأبي عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي المتوفى (سنة 671 هـ), دار الشعب القاهرة (1372ط2), (ج11ص49).
وقال السعدي: "أعطاه الله ما بلغ به مغرب الشمس، حتى رأى الشمس في مرأى العين كأنها تغرب في عين حمئة أي سوداء، وهذا هو المعتاد لمن كان بينه وبين أفق الشمس الغربي ماء رآها تغرب في نفس الماء وإن كانت في غاية الارتفاع" [تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان لعبد الرحمن بن ناصر السعدي المتوفى (سنة 1376 هـ), مؤسسة الرسالة (بيروت1421), (ص:485).
وقال الألوسي: (حَتّىَ إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشّمْسِ) أي منتهى الأرض من جهة المغرب، بحيث لا يتمكن أحد من مجاوزته، ووقف كما هو الظاهر على حافة البحر المحيط الغربي الذي يقال له أوقيانوس.. (و) جرم الشمس أكبر من جسم الأرض بأضعاف مضاعفة، فكيف يمكن دخولها في عين ماء في الأرض؟ وهو مدفوع بأن المراد: وجدها في نظر العين كذلك إذ لم ير هناك إلا الماء، لا أنها كذلك حقيقة، وهذا كما أن راكب البحر يراها إذا لم ير الشط كأنها تطلع من البحر وتغيب فيه إذالم ير هناك إلا الماء لا أنها كذلك حقيقة، والذي في أرض ملساء واسعة يراها أيضا كأنها تطلع من الأرض وتغيب فيها.. فالشمس على ما هو الحق لم تزل سائرة طالعة على قوم غاربة على آخرين بحسب آفاقهم.
ويدل على ما ذكر ما أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره وأبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس –رضي الله عنهما- قال: الشمس بمنزلة الساقية تجري بالنهار في السماء في فلكها، فإذا غربت جرت بالليل في فلكها تحت الأرض حتى تطلع من شرقها وكذلك القمر". روح المعاني لشهاب الدين الألوسي المتوفى (سنة 1270 هـ), دار إحياء التراث العربي بيروت (16/31) وأوجز سيد قطب فهم المفسرين -رحمهم الله تعالى أجمعين- بقوله: "ومغرب الشمس هو المكان الذي يرى الرائي أن الشمس تغرب عنده وراء الأفق، وهو يختلف بالنسبة للمواضع، فبعض المواضع يرى الرائي فيها أن الشمس تغرب خلف جبل، وفي بعض المواضع يرى أنها تغرب في الماء كما في المحيطات الواسعة والبحار، وفي بعض المواضع يرى أنها تغرب في الرمال إذا كان في صحراء مكشوفة على مد البصر, والظاهر من النص أن ذا القرنين غَرَّبَ حتى وصل إلى نقطة على شاطئ المحيط الأطلسي، وكان يسمى بحر الظلمات، ويظن أن اليابسة تنتهي عنده، فرأى الشمس تغرب فيه" [في ظلال القرآن لسيد قطب المتوفى (سنة 1386 هـ), طبعة دار الشروق].

أبوســعدون
16 / 08 / 2007, 05 : 01 AM
مشكوررررررررررررررررررررررررررررررررررررر اخوي الضامي
على المعلومات ويعطيك العافية

مرعب النفوس
17 / 08 / 2007, 49 : 03 AM
http://www.21za.com/pic/salam_kalam007_files/67.gif


http://www.wksa.net/u/uploads/4a1660df20.gif

و

http://i191.photobucket.com/albums/z150/mostafaelghandour/dd639aa279.gif


يـــا الـــضـــــــــامي


وفقك الله لما يحب ويرضى ولما فيه الخير والصلاح على هذه المشاركة.
عظم الله لك الأجر على هذه التوضيح والشر الوافي بحق معلومات قيمة ومفيدة.

اسأل الله أن يجعلها في ميزان أعمالك



http://www.lail-alsahara.com/smileys/da3awya/94.gif