ملك روما
23 / 07 / 2007, 56 : 08 PM
بعد التحية للجميع ..
بينما كنت أتصفح الجريدة شد أنتباهي مقال رائع للكاتب عبدالرحمن بن صالح العشماوي ..مقال رائع بكل ما تحملة الكلمة من معنى ..أبدع فيه الكاتب كعادته بأسلوبه الشيق والممتع .
لهذا رغبت إن تشاركوني القراءة والأستفادة ..وحتى تحظى ساحتنا (( النقد))
بمثل هذه المقالات القيمه والمفيدة ...وكلي أمل إن يتفضل أحد المراقبين بتثبيته للفائدة .
تحياتي وتقديري للجميع ..
============ ( النقد ) ============
http://www.al-jazirah.com.sa/writers/photos/886.jpg
عبد الرحمن بن صالح العشماوي
النقد والعمل متلازمان، فلا يمكن أن يعمل العامل ويسلم من النقد، لأن من طبيعة الإنسان النقص في قوله وفي عمله، والناقد بصير - كما يقولون - وقد يقع العامل أو المتحدث أو الكاتب في أخطاء لا يشعر بها فينبهه إليها الناقد المتابع، وبهذا تتكامل المواقف، وتصحح ا لأخطاء، ويستقيم ا لمعوجّ، وهنا نرى القيمة الحقيقية للنقد الهادف البناء، ونشعر أنه رفيق أقوالنا وأعمالنا الذي يسدِّد آراءها ويسدُّ ثغراتها، ويصحح أخطاءها، وما دام أمر النقد كذلك، وما دامت العلاقة بينه وبين أعمال البشر متينة بهذه الصورة فإن الأولى بنا أن نتقبَّله بصدورٍ رَحْبة، ونعرف قيمته، ونفرح به، وألا نغلق دونه نفوسنا، وألا نحوِّله إلى مواقف شخصيّة تجعله شيئاً ثقيلاً مكروهاً في حياتنا.
وللنقد آداب لابدَّ من مراعاتها عند المنصفين، من أهمها الإخلاص والصدق وعدم الإثارة التي لا تحقِّق المراد، وأن يكون أسلوب طرحه ملائماً بعيداً عن التجريح، أو نيَّة الإساءة إلى من ننتقده، وأن يكون صادراً ممن يملك المعلومة الصحيحة التي تضيف شيئاً إلى صاحب العمل أو القول الذي ننتقده، وأن يختار الناقد العبارة المناسبة والوقت المناسب الذي يطرح فيه رؤيته حتى يتمكن من الوصول إلى هدفه من النقد بأجمل الصورة وأقواها.
وللاستفادة من النقد آداب - أيضاً - لابد من مراعاتها عند الذين يريدون أن يقوِّموا أخطاءهم، ويطوِّروا أعمالهم وأقوالهم إلى الأفضل، من أهمها الشعور بأهمية النقد وقيمته وضرورة وجوده، وألا نفهمه فهماً خاطئاً يجعلنا نحوِّله إلى أمر شخصي متعلِّق بذواتنا، وألا نتعامل مع النقد على أنه إهانة لنا وتجريح لشخصياتنا، وأن نفتح له صدورنا ونتفاعل معه ونقوِّم أعمالنا على ضوئه، وأن نتحلى بسعة الصدر حينما نستمع إلى من يوجِّه إلينا النقد، حتى وإن شطح في نقده، فنحن نتعامل مع بشر قد يكون بعضهم قاسياً في نقده، وقد يكون بعضهم مستهدفاً لنا فيما يطرح من النقد، فإذا لم تكن لدينا القدرة على استيعاب هذا الصنف من النقاد عرَّضنا أنفسنا لخلافاتٍ وصراعاتٍ جانبية تضر ولا تنفع.
حينما قال عمر بن الخطاب- رضي الله عنه-: (رحم الله امرأ أهدى إليَّ عيوبي)، وضع لنا قاعدةً ذهبية في تقبُّل النقد والاستبشار به، والدعوة لمن وجَّهه إلينا بالرحمة، وهذه القاعدة هي التي تُدَّرس ويعتمدها المدربون في مجالات التدريب على تقبل النقد والاستماع إلى الرأي الآخر في أنحاء العالم اليوم.
وأقول - من خلال التجربة - إن الإنسان الايجابي الفاعل في الحياة يستفيد من النقد حتى لو كان نقداً غير منصف، لأن الناقد غير المنصف يبحث عن الثغرات الموجودة لدى مَنْ يريد أن ينقده وهو بذلك يقدِّم خدمةً كبيرةً له إذ إنه يدلُّه على مكامن الضعف عنده وإن كان قاصداً لإساءته.
شكا أحمد شوقي إلى صديق له في قصر ملك مصر (الخديوي) ما يلقى من قسوة النقاد المتحاملين عليه، وأنهم بدأوا يضايقونه جداً حتى أصبح لا يحتمل ما يقولون، فقال له صديقه هل تحتفظ بالمجلات والصحف التي ينالون منك فيها؟ قال: نعم، قال: اجمعها حتى آتيك في وقت كذا، ثم ذهب إلى شوقي ورأى مجموعة كبيرة من الصحف قد جُمعت، فقال له: أولاً أنا على يقين أنك لن تعدم أنْ تجد فيها ما ينفعك، وثانياً أرجو أن تقف وتضع قدمك عليها، ففعل شوقي ذلك فقال: أرى أنها قد رفعتك عن الأرض قَدْراً لابأس به، فانشرح صدر شوقي وذهب ما به، هذا عن النقد المتحامل فكيف بالنقد المنصف؟ إنَّ فائدته لنا جميعاً متحقِّقة بلاشك.
إشارة: إنما يسلم من النقد مَنْ لا يقدِّم شيئاً للحياة
بينما كنت أتصفح الجريدة شد أنتباهي مقال رائع للكاتب عبدالرحمن بن صالح العشماوي ..مقال رائع بكل ما تحملة الكلمة من معنى ..أبدع فيه الكاتب كعادته بأسلوبه الشيق والممتع .
لهذا رغبت إن تشاركوني القراءة والأستفادة ..وحتى تحظى ساحتنا (( النقد))
بمثل هذه المقالات القيمه والمفيدة ...وكلي أمل إن يتفضل أحد المراقبين بتثبيته للفائدة .
تحياتي وتقديري للجميع ..
============ ( النقد ) ============
http://www.al-jazirah.com.sa/writers/photos/886.jpg
عبد الرحمن بن صالح العشماوي
النقد والعمل متلازمان، فلا يمكن أن يعمل العامل ويسلم من النقد، لأن من طبيعة الإنسان النقص في قوله وفي عمله، والناقد بصير - كما يقولون - وقد يقع العامل أو المتحدث أو الكاتب في أخطاء لا يشعر بها فينبهه إليها الناقد المتابع، وبهذا تتكامل المواقف، وتصحح ا لأخطاء، ويستقيم ا لمعوجّ، وهنا نرى القيمة الحقيقية للنقد الهادف البناء، ونشعر أنه رفيق أقوالنا وأعمالنا الذي يسدِّد آراءها ويسدُّ ثغراتها، ويصحح أخطاءها، وما دام أمر النقد كذلك، وما دامت العلاقة بينه وبين أعمال البشر متينة بهذه الصورة فإن الأولى بنا أن نتقبَّله بصدورٍ رَحْبة، ونعرف قيمته، ونفرح به، وألا نغلق دونه نفوسنا، وألا نحوِّله إلى مواقف شخصيّة تجعله شيئاً ثقيلاً مكروهاً في حياتنا.
وللنقد آداب لابدَّ من مراعاتها عند المنصفين، من أهمها الإخلاص والصدق وعدم الإثارة التي لا تحقِّق المراد، وأن يكون أسلوب طرحه ملائماً بعيداً عن التجريح، أو نيَّة الإساءة إلى من ننتقده، وأن يكون صادراً ممن يملك المعلومة الصحيحة التي تضيف شيئاً إلى صاحب العمل أو القول الذي ننتقده، وأن يختار الناقد العبارة المناسبة والوقت المناسب الذي يطرح فيه رؤيته حتى يتمكن من الوصول إلى هدفه من النقد بأجمل الصورة وأقواها.
وللاستفادة من النقد آداب - أيضاً - لابد من مراعاتها عند الذين يريدون أن يقوِّموا أخطاءهم، ويطوِّروا أعمالهم وأقوالهم إلى الأفضل، من أهمها الشعور بأهمية النقد وقيمته وضرورة وجوده، وألا نفهمه فهماً خاطئاً يجعلنا نحوِّله إلى أمر شخصي متعلِّق بذواتنا، وألا نتعامل مع النقد على أنه إهانة لنا وتجريح لشخصياتنا، وأن نفتح له صدورنا ونتفاعل معه ونقوِّم أعمالنا على ضوئه، وأن نتحلى بسعة الصدر حينما نستمع إلى من يوجِّه إلينا النقد، حتى وإن شطح في نقده، فنحن نتعامل مع بشر قد يكون بعضهم قاسياً في نقده، وقد يكون بعضهم مستهدفاً لنا فيما يطرح من النقد، فإذا لم تكن لدينا القدرة على استيعاب هذا الصنف من النقاد عرَّضنا أنفسنا لخلافاتٍ وصراعاتٍ جانبية تضر ولا تنفع.
حينما قال عمر بن الخطاب- رضي الله عنه-: (رحم الله امرأ أهدى إليَّ عيوبي)، وضع لنا قاعدةً ذهبية في تقبُّل النقد والاستبشار به، والدعوة لمن وجَّهه إلينا بالرحمة، وهذه القاعدة هي التي تُدَّرس ويعتمدها المدربون في مجالات التدريب على تقبل النقد والاستماع إلى الرأي الآخر في أنحاء العالم اليوم.
وأقول - من خلال التجربة - إن الإنسان الايجابي الفاعل في الحياة يستفيد من النقد حتى لو كان نقداً غير منصف، لأن الناقد غير المنصف يبحث عن الثغرات الموجودة لدى مَنْ يريد أن ينقده وهو بذلك يقدِّم خدمةً كبيرةً له إذ إنه يدلُّه على مكامن الضعف عنده وإن كان قاصداً لإساءته.
شكا أحمد شوقي إلى صديق له في قصر ملك مصر (الخديوي) ما يلقى من قسوة النقاد المتحاملين عليه، وأنهم بدأوا يضايقونه جداً حتى أصبح لا يحتمل ما يقولون، فقال له صديقه هل تحتفظ بالمجلات والصحف التي ينالون منك فيها؟ قال: نعم، قال: اجمعها حتى آتيك في وقت كذا، ثم ذهب إلى شوقي ورأى مجموعة كبيرة من الصحف قد جُمعت، فقال له: أولاً أنا على يقين أنك لن تعدم أنْ تجد فيها ما ينفعك، وثانياً أرجو أن تقف وتضع قدمك عليها، ففعل شوقي ذلك فقال: أرى أنها قد رفعتك عن الأرض قَدْراً لابأس به، فانشرح صدر شوقي وذهب ما به، هذا عن النقد المتحامل فكيف بالنقد المنصف؟ إنَّ فائدته لنا جميعاً متحقِّقة بلاشك.
إشارة: إنما يسلم من النقد مَنْ لا يقدِّم شيئاً للحياة