مرعب النفوس
29 / 11 / 2006, 17 : 06 PM
http://www3.0zz0.com/2006/10/01/21/56774036.gif
في من أسبل البنطال والثياب
إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من
يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله
الحمد وهو على كل شيء قدير وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم تسليماً مزيدا
ومن سار على نهجه إلى يوم الدين وبعد .......
لقد انتشر في الآونة الأخيرة بين عموم المسلمين ظاهرة سيئة تدل دلالة واضحة على إتباع الغرب
الكافر وترك هدي الرسول الكريم صلوات ربي وسلامه عليه وإن كان هناك الكثير من هذه المظاهر
التي تشير إلى ضعف الإيمان ولقد أمرنا الله عز وجل بإتباع هدي النبي الكريم عليه أفضل الصلاة
والسلام فقال جل في علاه (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله
غفور رحيم ) وقال (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم ) قال
الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله الفتنة الشرك أو النفاق والعياذ بالله وهذه الظاهرة هي إسبال
البنطال والثياب ولقد وردت الأحاديث المتضافرة التي تدل على تحريم إسبال البنطال والثياب في
حالة عدم الخوف وذكرت حالة الخوف لأنها حالة مستثناه فلا حرج على المكلف أن يسبل ثوبه أو
بنطاله حينما يخاف على نفسه الضرر ولكن في حال الأمن فلا يجوز بأي حال من الأحوال الإسبال
فالحكم يدور مع علته فإذا وجدت العلة وجد الحكم فعلة تحريم الخمر الإسكار وكذلك الذي يسبل
ثوبه من أجل خوف الضرر وهو ما يسمى في الوقت الحاضر بالأمنيات فنجد الكثير منهم يتساهل
في ذلك فإذا زال الخوف كأن يكون في مكان آمن فتجده يصر على إسباله إما تكاسلا أو سهوا
والعجيب أن هؤلاء يحسبون من أهل الخير والصلاح والبعض منهم يحاج ويصر على أن فعله صحيح
وإليك أخي القارئ هذا البيان الذي أسأل الله عز وجل فيه التوفيق والسداد فقد بينت من خلاله أنه
متى زال الخوف فيحرم الإسبال .
أقول وبالله التوفيق والإسبال في اللغة: الإرخاء , أسبل إزاره: أي أرخاه، يقال: أسبلَ فلان ثيابه، إذا
طوّلها وأرسلها إلى الأرض.
وفي الاصطلاح: المسبل إزاره: المرخي له الجار طرفه، وهو أيضاً: إرخاء اللباس وإرساله بحيث
يتجاوز الحد المقرر في النصوص الشرعية ولا يتقيد بالخيلاء .
وهذا الإسبال محرم على الرجال و إليك الأدلة على ذلك :
أولا أحاديث في ذم الإسبال
1. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ" لَا يَنْظُرُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى مَنْ جَرَّ
إِزَارَهُ بَطَرًا " أخرجه البخاري (5788) ومسلم (2087) . قال ابن عبد البر رحمه الله في ((الاستذكار))
(26/187)" والخيلاء والاختيال وهو التكبّر والتَّبَخْتُر والزهو وكل ذلك أَشَرٌ وبَطَر " .
2. عن بن عمر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله اليه يوم
القيامة "فقالت أم سلمه فكيف تصنع النساء بذيولهن قال "يرخين شبرا " قالت إذا تنكشف أقدامهن
قال " فيرخينه ذراعاً و لا يزدن " صحيح : أخرجه أحمد والترمذي و أبو داود والنسائي.انظر صحيح
الجامع (6187) , صحيح أبى داود (3467) , غاية المرام (90)
3. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "مَا أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ مِنْ الْإِزَارِ فَفِي
النَّارِ " أخرجه البخاري(5787)
4. عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال" الإسبال في الإزار و القميص و العمامة من جر
شيئا خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة " حسن : أخرجه أبو داود و النسائي. انظر صحيح الجامع
(227) وصحيح أبى داود (2087)
5. َ عَنْ خَرَشَةَ بْنِ الْحُرِّ عَنْ أَبِي ذَرٍّ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ "ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ
القيامة وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ "قَالَ فَقَرَأَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
ثَلَاثَ مِرَارًا قَالَ أبو ذَرٍّ خابوا وَخَسِرُوا مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ "الْمُسْبِلُ وَالْمَنَّانُ وَالْمُنَفِّقُ سِلْعَتَهُ
بِالْحَلِفِ الْكَاذِبِ " أخرجه مسلم (106)
6. عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ رَأى رَجُلًا يَجُرُّ إِزَارَهُ فَقَالَ مِمَّنْ أَنْتَ فَانْتَسَبَ لَهُ فَإِذَا رَجُلٌ مِنْ بَنِي لَيْثٍ فَعَرَفَهُ ابْنُ
عُمَرَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِأُذُنَيَّ هَاتَيْنِ يَقُولُ "مَنْ جَرَّ إِزَارَهُ لَا يُرِيدُ بِذَلِكَ إِلَّا
الْمَخِيلَةَ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إِلَيْهِ يَوْمَ القيامة" أخرجه مسلم (3890)
7. عَنْ مُحَمَّدٍ وَهُوَ ابْنُ زِيَادٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ وَرَأى رَجُلًا يَجُرُّ إِزَارَهُ فَجَعَلَ يَضْرِبُ الْأَرْضَ بِرِجْلِهِ وَهُوَ
أميرٌ عَلَى الْبَحْرَيْنِ وَهُوَ يَقُولُ جَاءَ الْأميرُ جَاءَ الْأميرُ قَالَ رَسُولُ صلى الله عليه وسلم " إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ
إِلَى مَنْ يَجُرُّ إِزَارَهُ بَطَرًا " مسلم (3893)
10. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ
خُيَلَاءَ لَمْ يَنْظُرْ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ إِنَّ أَحَدَ شِقَّيْ ثَوْبِي يَسْتَرْخِي إِلَّا أَنْ أَتَعَاهَدَ ذَلِكَ
مِنْهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "إِنَّكَ لَسْتَ تَصْنَعُ ذَلِكَ خُيَلَاءَ" أخرجه البخاري (3329)
والنسائي وأبو داود
ثانيا حد اللباس الواجب والمستحب
قال الحافظ : والحاصل أن للرجل حالين: حال استحباب وهو أن يقتصر بالإزار على نصف الساق،
وحال الجواز هو إلى الكعبين ( فتح الباري: 10/ 22) اهـ . والأدلة على ذلك ما يأتي:ــ
1. عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ مَرَرْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَفِي إِزَارِي اسْتِرْخَاءٌ فَقَالَ "يَا عَبْدَ
اللَّهِ ارْفَعْ إِزَارَكَ" فَرَفَعْتُهُ ثُمَّ قَالَ"زِدْ " فَزِدْتُ فَمَا زِلْتُ أَتَحَرَّاهَا بَعْدُ فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ إِلَى أَيْنَ ؟ فَقَالَ "
إلى أَنْصَافِ السَّاقَيْنِ " أخرجه مسلم (2086)
2. عن أبى هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار "
أخرجه البخاري(5787)
3. عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِعَضَلَةِ سَاقِي أَوْ سَاقِهِ فَقَالَ " هَذَا مَوْضِعُ
الْإِزَارِ فَإِنْ أَبَيْتَ فَأَسْفَلَ فَإِنْ أَبَيْتَ فَلَا حَقَّ لِلْإِزَارِ فِي الْكَعْبَيْنِ" قَالَ أبو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ
صَحِيحٌ أخرجه الثَّوْرِيُّ وَشُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ وقال الألباني في مختصر الشمائل " وكذا الطيالسي
(1798)" انظر السلسلة الصحيحة (2366) و صحيح الترمذي
4. عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (الْإِزَارُ إِلَى نِصْفِ السَّاقِ) فَلَمَّا رَأَى شِدَّةَ ذَلِكَ
عَلَى الْمُسْلِمِينَ قَالَ (إِلَى الْكَعْبَيْنِ لَا خَيْرَ فِيمَا أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ) رواه الإمام أحمد 3/ 140 إسناده
صحيح على شرط الشيخين انظر السلسلة الصحيحة - الصفحة أو الرقم1765
5. عن سلمة بن الأكوع قال كان عثمان بن عفان يأتزر إلى أنصاف ساقيه وقال (هكذا كانت إزرة
صاحبي ) . يعني النبي صلى الله عليه وسلم . صحيح و في إسناده موسى بن عبيدة و هو ضعيف
لكن المرفوع منه له شواهد كثيرة بعضها في المشكاة (4331). قاله اللباني في (مختصر الشمائل)
6. عن أبى سَعِيدٍ الْخُدْرِي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إِزْرَةُ الْمُؤْمِنِ إِلَى َنْصَفِ السَاق
و لَا حرج أو لا جُنَاحَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَعْبَيْنِ مَا كان أَسْفَلَ مِنْ الكعبين فَهو في النَّارِ ومَنْ جَرَّ إِزَارَهُ
بَطَرًا لَم يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيه " صحيح أخرجه أبو داود وأحمد . انظر صحيح أبى داود (3449)
9. عن الأشعث بن سليم قال : سمعت عمتي تحدث عن عمها قال بينا أنا أمشي بالمدينة إذا
إنسان خلفي يقول "ارفع إزارك فإنه أتقى" فإذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول
الله إنما هي بردة ملحاء قال "أما لك فيَّ أسوة ". فنظرت فإذا إزاره إلى نصف ساقيه. أخرجه أحمد
صحيح انظر مختصر الشمائل للألباني ص108 مختصرا من الوجه المذكور و عمة الأشعث لا تعرف
لكن للحديث شاهد يتقوى به من حديث الشريد بن سويد في السلسلة الصحيحة (1441)
ثالثا أقوال العلماء في حكم الإسبال
اعلم أخي الحبيب أنه لم ينقل عن أحد من الصحابة أنه كان يسبل ثوبه أسفل الكعبين، بل كانوا
ينهونَ عن ذلك أشد النهي ويعتبرونها من كبائر الذنوب ومن الخيلاء، لقوله صلى الله عليه
وسلم"إياك والإسبال فإنه من المخيلة" (صحيح أبي داود) فجعل عليه الصلاة والسلام الإسبال كله
من المخيلة لأنه من لم يسبل للخيلاء فعمله وسيلة لذلك.
وأما احتجاج البعض بحديث أبي بكر رضي الله عنه في حمل الإسبال من غير الخيلاء على الكراهة،
فبعيدٌ جداً، لأن أبا بكر لم يتعمد الإسبال ، وكان حريصاً على إصلاحه إلا أن الإزار يسترخي بنفسه
وذلك لنحافة جسمه رضي الله عنه ، ولا شك أن هذا معذور، لأن أصل ثيابه قصيرٌ غير مسبل، أما
من يتعمد إرخاءها فهو داخل في الوعيد وليس معذوراً في إسباله.
كما أن النبي صلى الله عليه وسلم شهد لأبي بكر بالجنة وشهد له بأنه ممن لا يسبل إزاره خيلاء
فيا من تسبل إزارك وتطيل ثوبك هل شهد لك النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة ؟ هل زكاك النبي
صلى الله عليه وسلم وشهد لك بعدم الخيلاء ؟ هل تتعاهد ثوبك كلما نزل عن كعبك ؟ .. لا أظنك إلاّ
ستقول في قرارة نفسك لا ، وهذه هي الحقيقة
و إليك أقوال العلماء :
ساق الإمام البخاري في صحيحه باباً بعنوان: (من جر إزاره من غير الخيلاء) وباباً (من جر ثوبه من
الخيلاء) ثم ساق عنوناً آخر: (باب ما أسفل من الكعبين فهو في النار) وساق أحاديث الوعيد بالنار
وأقر تحريم ما كان أسفل الكعبين.
قال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله في ((شرح العمدة)) (ص367) "وأما الكعبان أنفسهما فقد
قال بعض أصحابنا يجوز إرخاؤه إلى أسفل الكعب، وأما المنهي عنه ما نزل عن الكعب". وقال أيضا
(ص366) " وبكل حال فالسنة تقصير الثياب ، وحَدّ ذلك : ما بين نصف الساق إلى الكعب ، فما كان
فوق الكعب فلا بأس به وما تحت الكعب في النار" اهـ .
وللأمير الصنعاني رحمه الله جزء في المسألة سماه ((استيفاء الأقوال في تحريم الإسبال على
الرجال)) وخلاصته قوله فيه (ص26) " وقد دلَّت الأحاديث على أن ما تحت الكعبين في النار ، وهو
يفيد التحريم . ودل على أن من جَرّ إزاره خيلاء لا يَنْظر الله إليه ، وهو دال على التحريم ، وعلى أن
عقوبة الخيلاء عقوبة خاصة هي عدم نظر الله إليه ، وهو مما يُبْطل القول بأنه لا يحرم إلا إذا كان
للخيلاء ." أ.هـ ولعل رسالة الصنعاني هذه هي الَمَعِْنيّة في قول الشوكاني رحمه الله في ((نيل
الأوطار)) (1/641)" وقد جمع بعض المتأخرين رسالة طويلة جزم فيها بتحريم الإسبال مطلقاً ".
قال الحافظ بن حجر في ((فتح الباري)) (10/275 ): "وأما الإسبال لغير الخيلاء فظاهر الأحاديث
تحريمه.. " ثم قال " ويَتَّجه المنع أيضاً في الإسبال من جهة أخرى وهي كونه مظنة الخيلاء . قال ابن
العربي : لا يجوز للرجل أن يجاوز بثوبه كعبه ، ويقول : لا أجُرُّه خيلاء ؛ لأن النهي قد تناوله لفظاً، ولا
يجوز لمن تناوله اللفظ حكماً أن يقول لا أمتثله لأن تلك العلة ليست فيّ ، فإنها دعوى غير مُسلَّمة
، بل إطالته ذيله دَالَّة على تكبُّره ا.هـ ملخصاً . وحاصلة أن الإسبال يستلزم جَرّ الثوب ، وجَرّ الثوب
يستلزم الخيلاء ولو لم يقصد اللابس الخيلاء . ويُؤَيِّده ما أخرجه أحمد بن منيع من وجه آخر عن ابن
عمر في أثناء حديث رفعه (( وإياك وجَرّ الإزار ، فإن جَر الإزار من المخيلة )) " انتهى المراد من كلام
الحافظ رحمه الله.
قال فضيلة الشيخ بن العثيمين رحمه الله في شرح رياض الصالحين (2/475) "و إسبال الثياب على
وجهين:
الوجه الأول أن يجر الثوب خيلاء , الوجه الثاني أن ينزل الثوب أسفل من الكعبين من غير خيلاء
أما الأول وهو الذي يجر ثوبه خيلاء فإن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر له أربع عقوبات و العياذ
بالله : لا يكلمه الله يوم القيامة , ولا ينظر اليه – يعنى نظر الرحمة- ولا يزكيه , وله عذاب أليم .
ولما سمع أبو بكر بهذا الحديث قال يا رسول الله إن أحد إزاري يسترخى إلا أن أتعاهده – يعنى فهل
يشملني هذا الوعيد ؟- فقال عليه الصلاة والسلام "إنك لست ممن يصنع هذا خيلاء" فزكاه النبي
صلى الله عليه وسلم بأنه لا يصنع هذا خيلاء و إنما العقوبة على من فعله خيلاء .
أما- الوجه الثاني - من لم يفعله خيلاء فعقوبته أهون ففي حديث أبى هريرة أن النبي صلى الله
عليه وسلم قال " ما أسفل من الكعبين ففي النار " و لم يذكر إلا عقوبة واحدة ثم هذه العقوبة أيضا
لا تعم البدن كله إنما تختص بما فيه المخالفة وهو ما نزل من الكعب فإذا نزل ثوب الإنسان أو
مشلحه أو سرواله إلى أسفل من الكعب فإنه يعاقب على هذا النازل بالنار و لا يشمل النار كل
الجسد إنما يكوى بالنار و العياذ بالله بقدر ما نزل ..." إلى أن قال " و بهذا نعرف ضعف قول النووي -
رحمه الله- بتحريم الإسبال خيلاء و كراهيته لغير الخيلاء والصحيح أنه حرام سواء أكان لخيلاء أم لغير
الخيلاء بل الصحيح أنه من كبائر الذنوب لأن كبائر الذنوب كل ذنب جعل الله عليه عقوبة خاصة به
وهذا عليه عقوبة خاصة ففيه الوعيد بالنار إذا كان لغير خيلاء وفيه وعيد بالعقوبات الأربع إذا كان
خيلاء . قال فضيلة الشيخ بن باز رحمه الله " لقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :
ما أسفل من الكعبين من الإزار فهو في النار رواه الإمام البخاري في صحيحه ، وقال عليه الصلاة
والسلام : ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم المسبل إزاره
والمنان في ما أعطى والمنفق سلعته بالحلف الكاذب أخرجه الإمام مسلم في صحيحه والأحاديث
في هذا المعنى كثيرة ، وهي تدل على تحريم الإسبال مطلقا ، ولو زعم صاحبه أنه لم يرد التكبر
والخيلاء؛ لأن ذلك وسيلة للتكبر ، ولما في ذلك من الإسراف وتعريض الملابس للنجاسات والأوساخ
، أما إن قصد بذلك التكبر فالأمر أشد والإثم أكبر لقول النبي صلى الله عليه وسلم : من جر ثوبه
خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة والحد في ذلك هو الكعبان فلا يجوز للمسلم الذكر أن تنزل
ملابسه عن الكعبين للأحاديث المذكورة
أخي المسلم أمرُ الإسبال جدُّ خطير يجب عدم التهاون به كما لم يتهاون به الصحابة رضي الله
تعالى عنهم، ولنا في قصة مقتل عمر رضي الله عنه درس عظيم، فالقصة كما رواها لنا البخاري
في صحيحه عن عمرو بن ميمون وهو حديث طويل والشاهد منه "جاء رجل شاب فقال: ... .. ، فلما
أدبر-يعنى الشاب- إذا إزاره يمسُّ الأرض، قال عمر: ردُّوا عليَّ الغلام، قال: يا ابن أخي، ارفع ثوبك،
فإنه أنقى لثوبك وأتقى لربك". الله أكبر.. وهو يغادر الدنيا لم يترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،
لو كان في زماننا لقالوا : الآن والأمة في خطر والأعداء متكالبة علينا!! فنقول أين فقه عمر من فقه
هؤلاء.. والله ما نرى هذه الاجتهادات إلا من مداخل الشيطان.. والله المستعان.
فتبين لك أخي الكريم أنه لا فرق بين الإسبال لخيلاء ولغير الخيلاء من حيث التحريم للأحاديث
المتقدمة، وإنما إثم الخيلاء يكون أكبر من الذي يجره دون قصد الخيلاء، فعقوبة القصد للخيلاء أن لا
ينظر الله إليه يوم القيامة ولا يكلمه ولا يزكيه وله عذابٌ أليم وأما إذا لم يقصد به الخيلاء فعقوبته أن
يعذب في ما نزل من الكعبين بالنار.
وأما إذا كان المؤمن خائف على نفسه من الفتنة من قبل الأعداء فلا حرج عليه في الإسبال لكن
ليس على سبيل الإطلاق بل هو مقيد بوجود علة الخوف فالحكم يدور مع علته فقد حرم الله عز
وجل الميتة لعلة وجود الضرر وحرم الخمر لعلة الإسكار .
فإذا دخل المؤمن في بيت أو غرفة أوغير ذلك من الأمكنة التي تزول بها علة الخوف فيحرم عليه
الإسبال تحريما مطلقاً وتشتد الحرمة في الصلاة .
فعليك أخي الكريم أن تراقب الله عز وجل وخاصة إذا كنت من أهل الفضل والصلاح والإصلاح وعلى
الإخوة بارك الله فيهم التناصح فيما بينهم وأن يذكر بعضهم بعضا وفق الله عز وجل الجميع لكل ما
يحبه الله ويرضاه .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الخلق والمرسلين نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين .
دمتم ودام عطاكم واستمرت جهودكم يا الغالين
http://www.asmilies.com/smiliespic/FAWASEL/000.gifhttp://www.asmilies.com/smiliespic/FAWASEL/000.gifhttp://www.asmilies.com/smiliespic/FAWASEL/000.gif
لكم ارق واعذب تحية من اخيكم في الله................مرعب النفوس
في من أسبل البنطال والثياب
إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من
يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله
الحمد وهو على كل شيء قدير وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم تسليماً مزيدا
ومن سار على نهجه إلى يوم الدين وبعد .......
لقد انتشر في الآونة الأخيرة بين عموم المسلمين ظاهرة سيئة تدل دلالة واضحة على إتباع الغرب
الكافر وترك هدي الرسول الكريم صلوات ربي وسلامه عليه وإن كان هناك الكثير من هذه المظاهر
التي تشير إلى ضعف الإيمان ولقد أمرنا الله عز وجل بإتباع هدي النبي الكريم عليه أفضل الصلاة
والسلام فقال جل في علاه (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله
غفور رحيم ) وقال (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم ) قال
الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله الفتنة الشرك أو النفاق والعياذ بالله وهذه الظاهرة هي إسبال
البنطال والثياب ولقد وردت الأحاديث المتضافرة التي تدل على تحريم إسبال البنطال والثياب في
حالة عدم الخوف وذكرت حالة الخوف لأنها حالة مستثناه فلا حرج على المكلف أن يسبل ثوبه أو
بنطاله حينما يخاف على نفسه الضرر ولكن في حال الأمن فلا يجوز بأي حال من الأحوال الإسبال
فالحكم يدور مع علته فإذا وجدت العلة وجد الحكم فعلة تحريم الخمر الإسكار وكذلك الذي يسبل
ثوبه من أجل خوف الضرر وهو ما يسمى في الوقت الحاضر بالأمنيات فنجد الكثير منهم يتساهل
في ذلك فإذا زال الخوف كأن يكون في مكان آمن فتجده يصر على إسباله إما تكاسلا أو سهوا
والعجيب أن هؤلاء يحسبون من أهل الخير والصلاح والبعض منهم يحاج ويصر على أن فعله صحيح
وإليك أخي القارئ هذا البيان الذي أسأل الله عز وجل فيه التوفيق والسداد فقد بينت من خلاله أنه
متى زال الخوف فيحرم الإسبال .
أقول وبالله التوفيق والإسبال في اللغة: الإرخاء , أسبل إزاره: أي أرخاه، يقال: أسبلَ فلان ثيابه، إذا
طوّلها وأرسلها إلى الأرض.
وفي الاصطلاح: المسبل إزاره: المرخي له الجار طرفه، وهو أيضاً: إرخاء اللباس وإرساله بحيث
يتجاوز الحد المقرر في النصوص الشرعية ولا يتقيد بالخيلاء .
وهذا الإسبال محرم على الرجال و إليك الأدلة على ذلك :
أولا أحاديث في ذم الإسبال
1. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ" لَا يَنْظُرُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى مَنْ جَرَّ
إِزَارَهُ بَطَرًا " أخرجه البخاري (5788) ومسلم (2087) . قال ابن عبد البر رحمه الله في ((الاستذكار))
(26/187)" والخيلاء والاختيال وهو التكبّر والتَّبَخْتُر والزهو وكل ذلك أَشَرٌ وبَطَر " .
2. عن بن عمر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله اليه يوم
القيامة "فقالت أم سلمه فكيف تصنع النساء بذيولهن قال "يرخين شبرا " قالت إذا تنكشف أقدامهن
قال " فيرخينه ذراعاً و لا يزدن " صحيح : أخرجه أحمد والترمذي و أبو داود والنسائي.انظر صحيح
الجامع (6187) , صحيح أبى داود (3467) , غاية المرام (90)
3. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "مَا أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ مِنْ الْإِزَارِ فَفِي
النَّارِ " أخرجه البخاري(5787)
4. عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال" الإسبال في الإزار و القميص و العمامة من جر
شيئا خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة " حسن : أخرجه أبو داود و النسائي. انظر صحيح الجامع
(227) وصحيح أبى داود (2087)
5. َ عَنْ خَرَشَةَ بْنِ الْحُرِّ عَنْ أَبِي ذَرٍّ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ "ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ
القيامة وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ "قَالَ فَقَرَأَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
ثَلَاثَ مِرَارًا قَالَ أبو ذَرٍّ خابوا وَخَسِرُوا مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ "الْمُسْبِلُ وَالْمَنَّانُ وَالْمُنَفِّقُ سِلْعَتَهُ
بِالْحَلِفِ الْكَاذِبِ " أخرجه مسلم (106)
6. عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ رَأى رَجُلًا يَجُرُّ إِزَارَهُ فَقَالَ مِمَّنْ أَنْتَ فَانْتَسَبَ لَهُ فَإِذَا رَجُلٌ مِنْ بَنِي لَيْثٍ فَعَرَفَهُ ابْنُ
عُمَرَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِأُذُنَيَّ هَاتَيْنِ يَقُولُ "مَنْ جَرَّ إِزَارَهُ لَا يُرِيدُ بِذَلِكَ إِلَّا
الْمَخِيلَةَ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إِلَيْهِ يَوْمَ القيامة" أخرجه مسلم (3890)
7. عَنْ مُحَمَّدٍ وَهُوَ ابْنُ زِيَادٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ وَرَأى رَجُلًا يَجُرُّ إِزَارَهُ فَجَعَلَ يَضْرِبُ الْأَرْضَ بِرِجْلِهِ وَهُوَ
أميرٌ عَلَى الْبَحْرَيْنِ وَهُوَ يَقُولُ جَاءَ الْأميرُ جَاءَ الْأميرُ قَالَ رَسُولُ صلى الله عليه وسلم " إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ
إِلَى مَنْ يَجُرُّ إِزَارَهُ بَطَرًا " مسلم (3893)
10. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ
خُيَلَاءَ لَمْ يَنْظُرْ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ إِنَّ أَحَدَ شِقَّيْ ثَوْبِي يَسْتَرْخِي إِلَّا أَنْ أَتَعَاهَدَ ذَلِكَ
مِنْهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "إِنَّكَ لَسْتَ تَصْنَعُ ذَلِكَ خُيَلَاءَ" أخرجه البخاري (3329)
والنسائي وأبو داود
ثانيا حد اللباس الواجب والمستحب
قال الحافظ : والحاصل أن للرجل حالين: حال استحباب وهو أن يقتصر بالإزار على نصف الساق،
وحال الجواز هو إلى الكعبين ( فتح الباري: 10/ 22) اهـ . والأدلة على ذلك ما يأتي:ــ
1. عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ مَرَرْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَفِي إِزَارِي اسْتِرْخَاءٌ فَقَالَ "يَا عَبْدَ
اللَّهِ ارْفَعْ إِزَارَكَ" فَرَفَعْتُهُ ثُمَّ قَالَ"زِدْ " فَزِدْتُ فَمَا زِلْتُ أَتَحَرَّاهَا بَعْدُ فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ إِلَى أَيْنَ ؟ فَقَالَ "
إلى أَنْصَافِ السَّاقَيْنِ " أخرجه مسلم (2086)
2. عن أبى هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار "
أخرجه البخاري(5787)
3. عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِعَضَلَةِ سَاقِي أَوْ سَاقِهِ فَقَالَ " هَذَا مَوْضِعُ
الْإِزَارِ فَإِنْ أَبَيْتَ فَأَسْفَلَ فَإِنْ أَبَيْتَ فَلَا حَقَّ لِلْإِزَارِ فِي الْكَعْبَيْنِ" قَالَ أبو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ
صَحِيحٌ أخرجه الثَّوْرِيُّ وَشُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ وقال الألباني في مختصر الشمائل " وكذا الطيالسي
(1798)" انظر السلسلة الصحيحة (2366) و صحيح الترمذي
4. عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (الْإِزَارُ إِلَى نِصْفِ السَّاقِ) فَلَمَّا رَأَى شِدَّةَ ذَلِكَ
عَلَى الْمُسْلِمِينَ قَالَ (إِلَى الْكَعْبَيْنِ لَا خَيْرَ فِيمَا أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ) رواه الإمام أحمد 3/ 140 إسناده
صحيح على شرط الشيخين انظر السلسلة الصحيحة - الصفحة أو الرقم1765
5. عن سلمة بن الأكوع قال كان عثمان بن عفان يأتزر إلى أنصاف ساقيه وقال (هكذا كانت إزرة
صاحبي ) . يعني النبي صلى الله عليه وسلم . صحيح و في إسناده موسى بن عبيدة و هو ضعيف
لكن المرفوع منه له شواهد كثيرة بعضها في المشكاة (4331). قاله اللباني في (مختصر الشمائل)
6. عن أبى سَعِيدٍ الْخُدْرِي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إِزْرَةُ الْمُؤْمِنِ إِلَى َنْصَفِ السَاق
و لَا حرج أو لا جُنَاحَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَعْبَيْنِ مَا كان أَسْفَلَ مِنْ الكعبين فَهو في النَّارِ ومَنْ جَرَّ إِزَارَهُ
بَطَرًا لَم يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيه " صحيح أخرجه أبو داود وأحمد . انظر صحيح أبى داود (3449)
9. عن الأشعث بن سليم قال : سمعت عمتي تحدث عن عمها قال بينا أنا أمشي بالمدينة إذا
إنسان خلفي يقول "ارفع إزارك فإنه أتقى" فإذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول
الله إنما هي بردة ملحاء قال "أما لك فيَّ أسوة ". فنظرت فإذا إزاره إلى نصف ساقيه. أخرجه أحمد
صحيح انظر مختصر الشمائل للألباني ص108 مختصرا من الوجه المذكور و عمة الأشعث لا تعرف
لكن للحديث شاهد يتقوى به من حديث الشريد بن سويد في السلسلة الصحيحة (1441)
ثالثا أقوال العلماء في حكم الإسبال
اعلم أخي الحبيب أنه لم ينقل عن أحد من الصحابة أنه كان يسبل ثوبه أسفل الكعبين، بل كانوا
ينهونَ عن ذلك أشد النهي ويعتبرونها من كبائر الذنوب ومن الخيلاء، لقوله صلى الله عليه
وسلم"إياك والإسبال فإنه من المخيلة" (صحيح أبي داود) فجعل عليه الصلاة والسلام الإسبال كله
من المخيلة لأنه من لم يسبل للخيلاء فعمله وسيلة لذلك.
وأما احتجاج البعض بحديث أبي بكر رضي الله عنه في حمل الإسبال من غير الخيلاء على الكراهة،
فبعيدٌ جداً، لأن أبا بكر لم يتعمد الإسبال ، وكان حريصاً على إصلاحه إلا أن الإزار يسترخي بنفسه
وذلك لنحافة جسمه رضي الله عنه ، ولا شك أن هذا معذور، لأن أصل ثيابه قصيرٌ غير مسبل، أما
من يتعمد إرخاءها فهو داخل في الوعيد وليس معذوراً في إسباله.
كما أن النبي صلى الله عليه وسلم شهد لأبي بكر بالجنة وشهد له بأنه ممن لا يسبل إزاره خيلاء
فيا من تسبل إزارك وتطيل ثوبك هل شهد لك النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة ؟ هل زكاك النبي
صلى الله عليه وسلم وشهد لك بعدم الخيلاء ؟ هل تتعاهد ثوبك كلما نزل عن كعبك ؟ .. لا أظنك إلاّ
ستقول في قرارة نفسك لا ، وهذه هي الحقيقة
و إليك أقوال العلماء :
ساق الإمام البخاري في صحيحه باباً بعنوان: (من جر إزاره من غير الخيلاء) وباباً (من جر ثوبه من
الخيلاء) ثم ساق عنوناً آخر: (باب ما أسفل من الكعبين فهو في النار) وساق أحاديث الوعيد بالنار
وأقر تحريم ما كان أسفل الكعبين.
قال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله في ((شرح العمدة)) (ص367) "وأما الكعبان أنفسهما فقد
قال بعض أصحابنا يجوز إرخاؤه إلى أسفل الكعب، وأما المنهي عنه ما نزل عن الكعب". وقال أيضا
(ص366) " وبكل حال فالسنة تقصير الثياب ، وحَدّ ذلك : ما بين نصف الساق إلى الكعب ، فما كان
فوق الكعب فلا بأس به وما تحت الكعب في النار" اهـ .
وللأمير الصنعاني رحمه الله جزء في المسألة سماه ((استيفاء الأقوال في تحريم الإسبال على
الرجال)) وخلاصته قوله فيه (ص26) " وقد دلَّت الأحاديث على أن ما تحت الكعبين في النار ، وهو
يفيد التحريم . ودل على أن من جَرّ إزاره خيلاء لا يَنْظر الله إليه ، وهو دال على التحريم ، وعلى أن
عقوبة الخيلاء عقوبة خاصة هي عدم نظر الله إليه ، وهو مما يُبْطل القول بأنه لا يحرم إلا إذا كان
للخيلاء ." أ.هـ ولعل رسالة الصنعاني هذه هي الَمَعِْنيّة في قول الشوكاني رحمه الله في ((نيل
الأوطار)) (1/641)" وقد جمع بعض المتأخرين رسالة طويلة جزم فيها بتحريم الإسبال مطلقاً ".
قال الحافظ بن حجر في ((فتح الباري)) (10/275 ): "وأما الإسبال لغير الخيلاء فظاهر الأحاديث
تحريمه.. " ثم قال " ويَتَّجه المنع أيضاً في الإسبال من جهة أخرى وهي كونه مظنة الخيلاء . قال ابن
العربي : لا يجوز للرجل أن يجاوز بثوبه كعبه ، ويقول : لا أجُرُّه خيلاء ؛ لأن النهي قد تناوله لفظاً، ولا
يجوز لمن تناوله اللفظ حكماً أن يقول لا أمتثله لأن تلك العلة ليست فيّ ، فإنها دعوى غير مُسلَّمة
، بل إطالته ذيله دَالَّة على تكبُّره ا.هـ ملخصاً . وحاصلة أن الإسبال يستلزم جَرّ الثوب ، وجَرّ الثوب
يستلزم الخيلاء ولو لم يقصد اللابس الخيلاء . ويُؤَيِّده ما أخرجه أحمد بن منيع من وجه آخر عن ابن
عمر في أثناء حديث رفعه (( وإياك وجَرّ الإزار ، فإن جَر الإزار من المخيلة )) " انتهى المراد من كلام
الحافظ رحمه الله.
قال فضيلة الشيخ بن العثيمين رحمه الله في شرح رياض الصالحين (2/475) "و إسبال الثياب على
وجهين:
الوجه الأول أن يجر الثوب خيلاء , الوجه الثاني أن ينزل الثوب أسفل من الكعبين من غير خيلاء
أما الأول وهو الذي يجر ثوبه خيلاء فإن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر له أربع عقوبات و العياذ
بالله : لا يكلمه الله يوم القيامة , ولا ينظر اليه – يعنى نظر الرحمة- ولا يزكيه , وله عذاب أليم .
ولما سمع أبو بكر بهذا الحديث قال يا رسول الله إن أحد إزاري يسترخى إلا أن أتعاهده – يعنى فهل
يشملني هذا الوعيد ؟- فقال عليه الصلاة والسلام "إنك لست ممن يصنع هذا خيلاء" فزكاه النبي
صلى الله عليه وسلم بأنه لا يصنع هذا خيلاء و إنما العقوبة على من فعله خيلاء .
أما- الوجه الثاني - من لم يفعله خيلاء فعقوبته أهون ففي حديث أبى هريرة أن النبي صلى الله
عليه وسلم قال " ما أسفل من الكعبين ففي النار " و لم يذكر إلا عقوبة واحدة ثم هذه العقوبة أيضا
لا تعم البدن كله إنما تختص بما فيه المخالفة وهو ما نزل من الكعب فإذا نزل ثوب الإنسان أو
مشلحه أو سرواله إلى أسفل من الكعب فإنه يعاقب على هذا النازل بالنار و لا يشمل النار كل
الجسد إنما يكوى بالنار و العياذ بالله بقدر ما نزل ..." إلى أن قال " و بهذا نعرف ضعف قول النووي -
رحمه الله- بتحريم الإسبال خيلاء و كراهيته لغير الخيلاء والصحيح أنه حرام سواء أكان لخيلاء أم لغير
الخيلاء بل الصحيح أنه من كبائر الذنوب لأن كبائر الذنوب كل ذنب جعل الله عليه عقوبة خاصة به
وهذا عليه عقوبة خاصة ففيه الوعيد بالنار إذا كان لغير خيلاء وفيه وعيد بالعقوبات الأربع إذا كان
خيلاء . قال فضيلة الشيخ بن باز رحمه الله " لقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :
ما أسفل من الكعبين من الإزار فهو في النار رواه الإمام البخاري في صحيحه ، وقال عليه الصلاة
والسلام : ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم المسبل إزاره
والمنان في ما أعطى والمنفق سلعته بالحلف الكاذب أخرجه الإمام مسلم في صحيحه والأحاديث
في هذا المعنى كثيرة ، وهي تدل على تحريم الإسبال مطلقا ، ولو زعم صاحبه أنه لم يرد التكبر
والخيلاء؛ لأن ذلك وسيلة للتكبر ، ولما في ذلك من الإسراف وتعريض الملابس للنجاسات والأوساخ
، أما إن قصد بذلك التكبر فالأمر أشد والإثم أكبر لقول النبي صلى الله عليه وسلم : من جر ثوبه
خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة والحد في ذلك هو الكعبان فلا يجوز للمسلم الذكر أن تنزل
ملابسه عن الكعبين للأحاديث المذكورة
أخي المسلم أمرُ الإسبال جدُّ خطير يجب عدم التهاون به كما لم يتهاون به الصحابة رضي الله
تعالى عنهم، ولنا في قصة مقتل عمر رضي الله عنه درس عظيم، فالقصة كما رواها لنا البخاري
في صحيحه عن عمرو بن ميمون وهو حديث طويل والشاهد منه "جاء رجل شاب فقال: ... .. ، فلما
أدبر-يعنى الشاب- إذا إزاره يمسُّ الأرض، قال عمر: ردُّوا عليَّ الغلام، قال: يا ابن أخي، ارفع ثوبك،
فإنه أنقى لثوبك وأتقى لربك". الله أكبر.. وهو يغادر الدنيا لم يترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،
لو كان في زماننا لقالوا : الآن والأمة في خطر والأعداء متكالبة علينا!! فنقول أين فقه عمر من فقه
هؤلاء.. والله ما نرى هذه الاجتهادات إلا من مداخل الشيطان.. والله المستعان.
فتبين لك أخي الكريم أنه لا فرق بين الإسبال لخيلاء ولغير الخيلاء من حيث التحريم للأحاديث
المتقدمة، وإنما إثم الخيلاء يكون أكبر من الذي يجره دون قصد الخيلاء، فعقوبة القصد للخيلاء أن لا
ينظر الله إليه يوم القيامة ولا يكلمه ولا يزكيه وله عذابٌ أليم وأما إذا لم يقصد به الخيلاء فعقوبته أن
يعذب في ما نزل من الكعبين بالنار.
وأما إذا كان المؤمن خائف على نفسه من الفتنة من قبل الأعداء فلا حرج عليه في الإسبال لكن
ليس على سبيل الإطلاق بل هو مقيد بوجود علة الخوف فالحكم يدور مع علته فقد حرم الله عز
وجل الميتة لعلة وجود الضرر وحرم الخمر لعلة الإسكار .
فإذا دخل المؤمن في بيت أو غرفة أوغير ذلك من الأمكنة التي تزول بها علة الخوف فيحرم عليه
الإسبال تحريما مطلقاً وتشتد الحرمة في الصلاة .
فعليك أخي الكريم أن تراقب الله عز وجل وخاصة إذا كنت من أهل الفضل والصلاح والإصلاح وعلى
الإخوة بارك الله فيهم التناصح فيما بينهم وأن يذكر بعضهم بعضا وفق الله عز وجل الجميع لكل ما
يحبه الله ويرضاه .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الخلق والمرسلين نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين .
دمتم ودام عطاكم واستمرت جهودكم يا الغالين
http://www.asmilies.com/smiliespic/FAWASEL/000.gifhttp://www.asmilies.com/smiliespic/FAWASEL/000.gifhttp://www.asmilies.com/smiliespic/FAWASEL/000.gif
لكم ارق واعذب تحية من اخيكم في الله................مرعب النفوس