الأبرق
30 / 07 / 2006, 40 : 03 AM
ما حكم الاكتتاب في شركة إعمار المدينة الصناعية( مدينة الملك عبدالله )المطروحة الآن للاكتتاب ؟.
شركة " إعمار المدينة الصناعية "
نشأت قريبا بتحالف
تقوده شركة " إعمار العقارية " الإماراتية ، مع بعض التجار السعوديين .
وهدف الشركة إنشاء مدينة الملك عبدالله الصناعية على ساحل البحر الأحمر شمال مدينة جدة .
وتنقسم هذه المدينة إلى ست مناطق رئيسية :
" 1. الميناء البحري . 2. المنطقة الصناعية . 3. المرافق الشاطئية (فنادق ومتاجر ونوادي ) 4.الجزيرة المالية ( للمؤسسات والشركات المالية العالمية والمحلية) 5.الأحياء السكنية . 6.المنطقة التعليمية "
وقد كُون للشركة مجلس إدارة وعُين له رئيساً.
ويهدف الاكتتاب العام إلى تمويل إنشاء المدينة .
ويبلغ مجموع رأس مال الشركة ( 8.500.000.000) ثمان مليارات ونصف المليار من الريالات السعودية .
وقد نصت الشركة في نشرة الإصدار على أنها أودعت الأموال النقدية للمؤسسين في حساب الفوائد الربوية ومقدارها (4.250.000.000) أربع مليارات ومائتان وخمسون مليون ريال سعودي ،
وهذا المبلغ يساوي نصف مجموع رأس مال الشركة ، وقد تحصل لها فوائد ربوية مقدارها (86.000.000) ست وثمانون مليون ريال سعودي .
وقد وضعت الشركة مدققاً مالياً ، ومستشاراً قانونياً من شركات عالمية ،
لكنها لم تضع مستشاراً شرعياً .
ويظهر من هذا بجلاء أن الشركة قائمة على النظام الرأسمالي الربوي في معاملاتها المالية ،
وأنها لم تلتزم بشرع الله تعالى فيها ، وعليه فإنه لا يجوز الاكتتاب فيها .
ويظن بعض الناس أن الإشكال في الفوائد الربوية فقط ،
والصواب أن يقال : إن الشركة أقرضت نصف موجوداتها بالربا ،
والربا أعظم ذنب في الإسلام بعد الكفر بالله وقتل النفس التي حرم الله تعالى .
وتزيد الحرمة في المجاهرة والإعلان والتسجيل الرسمي في نشرة الإصدار التي يخشى أن يكون فيها معنى الاستحلال ،
ولو قيل للناس إن هذه الشركة تتاجر بنصف أموالها في بيع الخمر أو المخدارت أو دور البغاء أو الأفلام الإباحية أو أشرطة الغناء أو حتى بيع الدخان ،
وأنها لم تربح ريالاً واحداً ؛
لنفر الناس منها ولم يجرؤ أحد على الفتيا بالجواز ، وهذا كله يبين تساهل الناس بجريمة الربا .
قال الله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ} (البقرة 278، 279 ) . وعن جابر بن عبدالله رضي الله عنه قال : " لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا ومؤكله وكاتبه وشاهديه . وقال : هم سواء " أخرجه مسلم .
وعن عبد الله بن حنظلة غسيل الملائكة رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " درهم ربا يأكله الرجل وهو يعلم أشد من ستة وثلاثين زنية " أخرجه أحمد بسند صحيح.
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " الربا ثلاثة وسبعون باباً أيسرها مثل أن ينكح الرجل أمه .. " أخرجه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي . والحديث صحيح بمجموع شواهده .
وكم هو محزن ما يحصل للناس من اضطراب الرأي والاختلاف عند كل اكتتاب ،
أو يقال : ناصحناهم في ترك الربا وإنهم وعدونا ،
أو يقال : إن أموال المساهمين لا صلة لها بالقروض الربوية ، وغير ذلك مما يعين على بقاء الربا في الشركات بطريقة غير مقصوده .
والذي أعتقده أن أهم أسباب هذا الاضطراب ، وأهم أسباب بقاء الربا في الشركات القائمة ووجوده في الشركات القادمة هو الفتيا بالجواز ،
فهي أكبر مسوق تجاري لهم ، ولو لم يفتَ بالجواز لما أقدم الناس عليها ، ولخضعت الشركات لمطالب العلماء ،
ثم إن الجميع يعلم أن الأمور المالية في الشركات ـ مع سيطرت النظام الرأسمالي الربوي ـ تصعب سلامته بدون اللجنة الشرعية .
وعليه فيكون شرط الفتيا بالجواز وجود اللجنة الشرعية المستقلة من حين التأسيس كالمستشار المالي والقانوني .
ونظر المفتي للمآل في فتواه سياسةٌ شرعية معتبرة حتى لو كان له اجتهاد آخر في أعيان المسائل .
ملتمساً من إخوتي وأحبتي من طلبة العلم وأهله النظر والتأمل في هذا المطلب الملح في إصلاح الوضع المالي في الشركات المحلية .
وقد فصلت هذا الأمر في بحثين سابقين في حكم الاكتتاب في شركة ينساب . وبالله التوفيق .
قاله وكتبه : د. يوسف بن عبدالله الأحمد أستاذ الفقه المساعد بجامعة الإمام بالرياض .
شركة " إعمار المدينة الصناعية "
نشأت قريبا بتحالف
تقوده شركة " إعمار العقارية " الإماراتية ، مع بعض التجار السعوديين .
وهدف الشركة إنشاء مدينة الملك عبدالله الصناعية على ساحل البحر الأحمر شمال مدينة جدة .
وتنقسم هذه المدينة إلى ست مناطق رئيسية :
" 1. الميناء البحري . 2. المنطقة الصناعية . 3. المرافق الشاطئية (فنادق ومتاجر ونوادي ) 4.الجزيرة المالية ( للمؤسسات والشركات المالية العالمية والمحلية) 5.الأحياء السكنية . 6.المنطقة التعليمية "
وقد كُون للشركة مجلس إدارة وعُين له رئيساً.
ويهدف الاكتتاب العام إلى تمويل إنشاء المدينة .
ويبلغ مجموع رأس مال الشركة ( 8.500.000.000) ثمان مليارات ونصف المليار من الريالات السعودية .
وقد نصت الشركة في نشرة الإصدار على أنها أودعت الأموال النقدية للمؤسسين في حساب الفوائد الربوية ومقدارها (4.250.000.000) أربع مليارات ومائتان وخمسون مليون ريال سعودي ،
وهذا المبلغ يساوي نصف مجموع رأس مال الشركة ، وقد تحصل لها فوائد ربوية مقدارها (86.000.000) ست وثمانون مليون ريال سعودي .
وقد وضعت الشركة مدققاً مالياً ، ومستشاراً قانونياً من شركات عالمية ،
لكنها لم تضع مستشاراً شرعياً .
ويظهر من هذا بجلاء أن الشركة قائمة على النظام الرأسمالي الربوي في معاملاتها المالية ،
وأنها لم تلتزم بشرع الله تعالى فيها ، وعليه فإنه لا يجوز الاكتتاب فيها .
ويظن بعض الناس أن الإشكال في الفوائد الربوية فقط ،
والصواب أن يقال : إن الشركة أقرضت نصف موجوداتها بالربا ،
والربا أعظم ذنب في الإسلام بعد الكفر بالله وقتل النفس التي حرم الله تعالى .
وتزيد الحرمة في المجاهرة والإعلان والتسجيل الرسمي في نشرة الإصدار التي يخشى أن يكون فيها معنى الاستحلال ،
ولو قيل للناس إن هذه الشركة تتاجر بنصف أموالها في بيع الخمر أو المخدارت أو دور البغاء أو الأفلام الإباحية أو أشرطة الغناء أو حتى بيع الدخان ،
وأنها لم تربح ريالاً واحداً ؛
لنفر الناس منها ولم يجرؤ أحد على الفتيا بالجواز ، وهذا كله يبين تساهل الناس بجريمة الربا .
قال الله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ} (البقرة 278، 279 ) . وعن جابر بن عبدالله رضي الله عنه قال : " لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا ومؤكله وكاتبه وشاهديه . وقال : هم سواء " أخرجه مسلم .
وعن عبد الله بن حنظلة غسيل الملائكة رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " درهم ربا يأكله الرجل وهو يعلم أشد من ستة وثلاثين زنية " أخرجه أحمد بسند صحيح.
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " الربا ثلاثة وسبعون باباً أيسرها مثل أن ينكح الرجل أمه .. " أخرجه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي . والحديث صحيح بمجموع شواهده .
وكم هو محزن ما يحصل للناس من اضطراب الرأي والاختلاف عند كل اكتتاب ،
أو يقال : ناصحناهم في ترك الربا وإنهم وعدونا ،
أو يقال : إن أموال المساهمين لا صلة لها بالقروض الربوية ، وغير ذلك مما يعين على بقاء الربا في الشركات بطريقة غير مقصوده .
والذي أعتقده أن أهم أسباب هذا الاضطراب ، وأهم أسباب بقاء الربا في الشركات القائمة ووجوده في الشركات القادمة هو الفتيا بالجواز ،
فهي أكبر مسوق تجاري لهم ، ولو لم يفتَ بالجواز لما أقدم الناس عليها ، ولخضعت الشركات لمطالب العلماء ،
ثم إن الجميع يعلم أن الأمور المالية في الشركات ـ مع سيطرت النظام الرأسمالي الربوي ـ تصعب سلامته بدون اللجنة الشرعية .
وعليه فيكون شرط الفتيا بالجواز وجود اللجنة الشرعية المستقلة من حين التأسيس كالمستشار المالي والقانوني .
ونظر المفتي للمآل في فتواه سياسةٌ شرعية معتبرة حتى لو كان له اجتهاد آخر في أعيان المسائل .
ملتمساً من إخوتي وأحبتي من طلبة العلم وأهله النظر والتأمل في هذا المطلب الملح في إصلاح الوضع المالي في الشركات المحلية .
وقد فصلت هذا الأمر في بحثين سابقين في حكم الاكتتاب في شركة ينساب . وبالله التوفيق .
قاله وكتبه : د. يوسف بن عبدالله الأحمد أستاذ الفقه المساعد بجامعة الإمام بالرياض .