المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : روح منحتنا ربيع ايامها ..


سُلاَفْ القَصِيدْ
19 / 04 / 2016, 40 : 12 AM
[ الأُم
رُوحْ مَنحَتْنا رَبِيع أيَّامها
لنَكون زَهْر شِتَاءاتها القَادِمَة]

هُدُوء يَلُف المَكَان سِوى مِن صَوت ضَرب أصَابع فَتاة عَلى جِهازِها الخَاص وصَوت بَعض
ضَحكَاتِها بَين الحِينِ والحِين
وبالقُرْب منْها تَجْلِس أُمَهَا المُتعَبة بِصَمت تَتأمَّل المَكَان
جَالت بنظرِها نَحْو ابنَتِها المُنكَبة علَى جَهازها والتِي لا تَكَاد تَعْلم أنَّ أمَها بِجوارِها
أطلَقت الأمُ نَفسَاً عَمِيقاً مُثْقل بالكَثِيروأخَذَت تُحَدث نَفْسَها:
يالله أصَابَنِي الوَهْن لَكن ما يُوهِنني فعْلاً هو أنتِ ابنَتِي !
أنظًر أليكِ وأنتِ لا تكَادِين تَشعُرين بوِجُودي
فحِين أشْتاق لحَدِيثك أُناديك لَكِن أرَاك تَسِيرين بِتثاقلٍ نَحوِي!!
فأشْعر أنّ كُل خطْوَة تَخطينهَا كَأنَّها تَحط على قَلْبِي
أتَعلمين كَم يُؤلمني هَذا؟!! وكأنكِ تَرَيني كعِبء ثَقِيل
لا أزَال أذكُر في صِغَرِك عِندَما تدَخُلين مِن هَذا الباب أسعَد بكِ وأخْطُو إليكِ مُسرِعة لأرَى وجْه
حَبِيبتِي الغَالِية
التي سُرعَان مَا تَبدأ بِسَردِ أحْداث يَومها بِكُلِ تَفاصِيلة فأسْتمِع إليكِ رُغْم انشِغَالي
لأن هَذه اللّحظَات الغَالية التِي أقْضِيها مَع بُنَيتِي الصَغِيرة يَسْتحق لأجلِها أن أُؤجِل الكَثِير
الآن أنظُرُ إليكِ كَـ وجْه غَريب غَابَت عَني تِلك المَلامِح
المَلامِحُ التِي كَثيراً مَاكَانت تُجَالسني وتُحَدثني بِشغَفٍ
أَبحَثُ ولَو عن بَقايَا لَها فَلا أَجدها
ظَلتِ الأُم تَتأمَّل ابنتَها وعَيناها تنَطِق بِالكَثير ، تكادُ تُنادِيها:أنظُري بُنَيتي إلى أُمكِ وإلى عَينَيها
فسَيُخبرك مَداهَا عَن حَكايَا الفَرح والبُكاء التِي كَانت لِي مَعكِ
حِين ولدُّتكِ ، حِين تخَرجك ،حِين مَرضك ،حَتى حُزنك كَم أثْقل عَينَاي
أَمعِني النَظر وسَترين صُورك التِي لَطَالَما احْتضنتُها بِحُبٍ دَاخِلِي
تَأمَّلينِي وتَفقَدِي حَالِي ألَم تَرَي أنّ الإنْحنَاءات بَدأت تَغزُو ظَهرَ أمك
وأنّ الخَرِيف القَادم يَجلب الذُبُول إلى عُرُوقِي
بُنيَتي كُونِي لي مُتَكأ قَإني أخْشى السُقُوط وحْدي ، ومِن ثَمَّ الرَّحِيل وَحْدِي
بُنَيتٍي ارْحَمي ضَعْفِي وكُوِني لِي المُتّكأ إلى ذَلِك الحِين
يا وجْه الرَّبِيع لا تَدعِيني اسْتجْدِي منْكِ بِراً
واغْزلِي لي مِن البِرِّ رِداءاً أكتَسِيه ووشَاحاً يُدْفِئَنِي
فَالشَّتاء الزَاحف بِبياضِه إلى رأسِي باتَ يُخِيفُنِي
هُنا أغْمَضت الأُم عَينَيها لتَدعُوا:
يارب أُفَوض إليكَ أمْرِي فتَولانِي واجْمع لِي شَتاتَ قلْبِي
وأُسَامحكِ يا ابنتِي وإن كَان بِداخِلي صَوت عِتاب لازال صَدَاه يَترَدَد

[ الأُمُ
طَيفُها يُسْعِدنا فَكَيف بِوجُودها بالقُرْب
تَنَبهِي وأدْرِكي بِرَّهَا فلِما تَعِيشِين كَالمَحرُومَة وبَين يَديكِ باب لِلجِنان؟!!
ويا للغَبِينَة ياللغَبِينة حِين تُدرِكين ذَلِك مُتأخِراً]