المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ابليس ينتصر


سُلاَفْ القَصِيدْ
10 / 12 / 2015, 37 : 12 AM
من قصص توفيق الحكيم:

اتخذ قوم شجرة صاروا يعبدونها ، فسمع بذلك ناسك مؤمن بالله ، فحمل فأساً وذهب إلى الشجرة ليقطعها ، فلم يكد يقترب منها حتى ظهر له إبليس حائلا بينه وبين الشجرة وهو يصيح به :
- مكانك أيها الرجل! لماذا تريد قطعها ؟
= لأنها تضل الناس .
- وما شأنك بهم ؟ دعهم في ضلالهم !
= كيف أدعهم ؟ من واجبي أن أهديهم .
- من واجبك أن تترك الناس أحراراً يفعلون ما يحبّون .
= إنهم ليسوا أحرارا إنهم يصغون إلى وسوسة الشيطان .
- أوتريد أن يصغوا إلى صوتك أنت؟
= أريد أن يصغوا إلى صوت الله .
- لن أدعك تقطع هذه الشجرة .
= لابد لي من أن أقطعها .

فأمسك إبليس بخنّاق الناسك ، وقبض الناسك على قرن إبليس ، وتصارعا طويلاً ، إلى أن انجلت المعركة بانتصار الناسك ، فقد طرح الشيطان على الأرض وجلس على صدره وقال له :
= هل رأيت قوتي ؟
فقال إبليس بصوت مخنوق :
- ما كنت أحسبك بهذه القوة ، دعني وافعل ما شئت .

فأخلى الناسك سبيل إبليس وكان الجهد الذي بذله في المعركة قد نال منه فرجع إلى صومعته واستراح ليلته . فلما كان اليوم التالي ، حمل فأسه وذهب يريد قطع الشجرة ، وإذ بإبليس يخرج له صائحا:
- أعدت اليوم أيضا لقطعها؟
= قلت لك لا بُدَّ لي من أن أقطعها .
- أوتظنك قادراً على أن تغلبني اليوم أيضا؟
= سأظل أقاتلك حتى أعلي كلمة الحق .
- أرني إذا قدرتك!!.

وأمسك بخناقه ، فأمسك الناسك بقرنه وتقاتلا وتصارعا إلى أن أسفرت الموقعة عن سقوط الشيطان تحت قدمي الناسك فجلس على صدره وقال له :
= ما قولك الآن في قوتي؟
- حقاً إنّ قوتك لعجيبة دعني وافعل ما تريد .
لفظها الشيطان بصوته المخنوق .

فأطلق الناسك سراحه ، وذهب إلى صومعته واستلقى من التعب والإعياء حتى مضى الليل وطلع الصبح فحمل الفأس وذهب إلى الشجرة فبرز له إبليس صائحا فيه:
- ألن ترجع عن عزمك أيها الرجل؟
= أبدا لا بُدَّ لي من قطع دابر هذا الشر.
- أتحسب أني أتركك تفعل ؟
= إن نازلتني فإني سأغلبك.

فتفكّر إبليس لحظة ورأى أن النزال والقتال والمصارعة مع هذا الرجل لن يتيح له النصر عليه ، فليس أقوى من رجل يقاتل من أجل فكرة أو عقيدة. ما من باب يستطيع إبليس أن ينفذ منه إلى حصن هذا الرجل غير باب واحد ! إنه الحيلة ، فتلطف إبليس ، وقال له بلهجة الناصح المشفق :
- أتعرف لماذا أعارضك في قطع هذه الشجرة ؟ إني لا أعارض إلا خشية عليك ورحمة بك فإنك بقطعها ستعرض نفسك لغضب الناس من عبّادها ، ما لك وهذه المتاعب تجلبها على نفسك ؟ أترك قطعها وأنا أجعل لك في كل يوم دينارين تستعين بهما على نفقتك .
= دينارين!؟
- نعم في كل يوم تجدهما تحت وسادتك .
= ومن يضمن لي قيامك بالشرط؟
- أعاهدك على ذلك وستعرف صدق عهدي .
= اتفقنا .
ووضع إبليس يده بيد الناسك وتعاهدا ، وانصرف الناسك إلى صومعته وصار يستيقظ كل صباح ويدس يده تحت وسادته فتخرج بدينارين حتى انصرم الشهر .

وذات صباح دسّ يده تحت الوسادة فخرجت فارغة … لقد قُطع عنه فيض الذهب ، فغضب الناسك ونهض فأخذ فأسه وذهب ليقطع الشجرة فاعترضه إبليس في الطريق وصاح به :
- مكانك ! إلى أين؟
= إلى الشجرة أقطعها .
فقهقه الشيطان ساخراً :
- تقطعها لأني قطعت عنك الثمن !؟
= بل لأزيل الغواية وأضيء مشعل الهداية.
- أنت !؟
= أتهزأ بي أيها اللعين ؟
-لا تؤاخذني . منظرك يثير الضحك .
= أنت الذي يقول هذا أيها الكاذب ؟

وانقضّ الناسك على إبليس وقبض على قرنه وتصارعا لحظة وإذ بالمعركة تنجلي عن سقوط الناسك تحت حافر إبليس فقد انتصر وجلس على صدر الناسك مزهواً يقول له :
- أين قوتك الآن أيها الرجل؟
فخرج من صدر الناسك المقهور صوت كالحشرجة يقول :
= أخبرني كيف تغلبت علي أيها الشيطان.

- عندما غضبت لله غلبتني ، ولما غضبت لنفسك غلبتُك ، عندما قاتلت من أجل عقيدتك صرعتني ، ولما قاتلت لمنفعتك صرعتك

جروح الوفا*
10 / 12 / 2015, 44 : 06 AM
جزاك الله خير وبارك الله فييك

أبـوحـمـد
10 / 12 / 2015, 55 : 06 AM
جزاك الله خير وماقصرتي يالراقيه

غريب ديرة
10 / 12 / 2015, 12 : 07 AM
جزاك الله خير والله يسعدك

كلاش تمير
12 / 12 / 2015, 00 : 07 AM
جزاك الله خير وبارك الله فيك

أريًجْ آلأزْهًآرْ
14 / 12 / 2015, 44 : 08 AM
جزاك الله خير