سُلاَفْ القَصِيدْ
28 / 03 / 2015, 03 : 03 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
سلام من اَلله عليكم ورحمةْ منه وبركاته
من أنت يا قلب ؟
في مملكة الفكر ألمح تاجك، وفي إشراقه الأمل أشم عطرك، وفي انسياب الأغنيات أسمع صوتك، وفي المآتم والنوائب والمآسي أحس بوجودك.
من أنت يا قلب ؟
كم من ليلٍ راقبت نجومه حتى غارت، وكم من فجر انتظرت طلائعه حتى بانت، وكنت معي تواسيني حين يقلقني الأرق، وتضاحكني حين يتسلَّل إلى روحي شعاع الفرح.
ما أوفاك أيّها القلب في الصحبة! وما أرقَّك في المواساة ! وما ألطفك إذ نثرت في عقلي خزائنَ الحكمة، وقبلتني وأنا أتمادى تحت ظلال الخطايا في أودية الجنون.
من أنت يا قلب ؟
أنت كلمةٌ لا تفارق ألسنة المتكلِّمين، وحروف لا تخلو منها سطور الكاتبين، وصورة تتزين بها لوحات الفنانين، ولحن يرقّ في حناجر المغنين.
وأنت طَيف يتوارد على ذاكرة العاشقين، ومعنى يتوسل به المظلوم عند أقدام الظالمين، وروضةٌ تسقى بدموع التائِبين، ولهيب يتلظَّى في صدور المجرمين.
من أنت يا قلب ؟
أأنت ذاك الجسم الذي يُقيم في الصدور، فيمد الإنسان بأسباب الحياة، ثم يتوقَّف فجأة حين تسافر الروح وحدها إلى ما وراء الحياة ؟
أأنت وميض من النور، يُضيء فنحظى بالسعادة، ويُظلم فنلقى في جحيم الأسى والمعاناة ؟
أأنت ملك هبطَ من الجنة واستقر في أعماقنا، لينقل أخبار خطايانا للسماء؟
أأنت حقا لغز، كما يقول الفلاسفة، وستبقى كذلك ؟
لقد عرفتك صغيرا وشابا وكهلا، وسأبقى أعرفك حين أصبح شيخا، وسأسمع آخر نبضة لك حين يناديني ملك الموت، فلا أملك إلاّ أن أُجيب النداء.
عرفتك صغيرا في وصايا أُمي التي غالبا ما تبلّلها الدموع، فتخيّلتك شيخا رحيما تحتاج إلى من يُوقِظُك من النوم، ويمشي معك ببطء، لتأخذه إلى مواطن الرحمة والرقة، وتسقيه من ينابيع الحب.
وعرفتك في مدرستي، فكنت ألمح صورتك في دفاتر التلاميذ، وأحيانا على الجدران. فرسمتك على عجل في دفاتري ولونت إحدى الصور ووضعتها على الطاولة بعد أن كتب لي أخي تحتها: أحبك يا معلمي . وكنت في ذاك اليوم أتخيلك قلادة من ياقوتٍ أو مرمرٍ، وأحيانا أحس بأن طعمك حلو حين كنت أشبهك بنوع من السكاكر.
وعرفتك في مواعظ أبي التي كانت تتزاحم في سمعي، فتخيلتك سيلا يتدفَّق، وينحدر مسرعا ليتخفَّى في الأغوار والمستنقعات، ويرتاح من ملاطمة الصخور ووخز القش والحطب.
وعرفتك في شبابي فتخيلتك قلعةً أواجه من أبراجها جيوش الزمن ولطمات الحياة. وأستريح في حدائقها لتردد الورود والأشجار كلماتٍ رقيقةً كنت أصوغها على مسمع فتاة.
وهاأنذا أعرفك في كهولتي، فأتخيلك بحرا يمتد بلا نهاية، وأجدني أقضي معك لحظات الخلوة والتأمل، باحثًا بين أمواجك عن السعادة، وبين غيومك عن النور، وفي أعماقك عن الراحة.
من أنت يا قلب ؟
سألت عنك الأطفال فابتسموا، والعشاق فبكوا، والعلماء فأطرقوا، والفلاسفة فارتبكوا.
وعدت لأسألك عن نفسك.
فإن لم تجبني فاعلم أني سأعرفك في شيخوختي، لأتخيلك حفرة ضيقة في قعرها كنز يجذبني إليه لأخرجه وأنثره أمام أبنائي وأحفادي، ثم أرقد في موضع الكنز رقدة أبدية لا بدَّ أن يرقدها كلُّ حيٍّ نبضَ بين ضلوعه قلب.
من أنت يا قلب ؟
سلام من اَلله عليكم ورحمةْ منه وبركاته
من أنت يا قلب ؟
في مملكة الفكر ألمح تاجك، وفي إشراقه الأمل أشم عطرك، وفي انسياب الأغنيات أسمع صوتك، وفي المآتم والنوائب والمآسي أحس بوجودك.
من أنت يا قلب ؟
كم من ليلٍ راقبت نجومه حتى غارت، وكم من فجر انتظرت طلائعه حتى بانت، وكنت معي تواسيني حين يقلقني الأرق، وتضاحكني حين يتسلَّل إلى روحي شعاع الفرح.
ما أوفاك أيّها القلب في الصحبة! وما أرقَّك في المواساة ! وما ألطفك إذ نثرت في عقلي خزائنَ الحكمة، وقبلتني وأنا أتمادى تحت ظلال الخطايا في أودية الجنون.
من أنت يا قلب ؟
أنت كلمةٌ لا تفارق ألسنة المتكلِّمين، وحروف لا تخلو منها سطور الكاتبين، وصورة تتزين بها لوحات الفنانين، ولحن يرقّ في حناجر المغنين.
وأنت طَيف يتوارد على ذاكرة العاشقين، ومعنى يتوسل به المظلوم عند أقدام الظالمين، وروضةٌ تسقى بدموع التائِبين، ولهيب يتلظَّى في صدور المجرمين.
من أنت يا قلب ؟
أأنت ذاك الجسم الذي يُقيم في الصدور، فيمد الإنسان بأسباب الحياة، ثم يتوقَّف فجأة حين تسافر الروح وحدها إلى ما وراء الحياة ؟
أأنت وميض من النور، يُضيء فنحظى بالسعادة، ويُظلم فنلقى في جحيم الأسى والمعاناة ؟
أأنت ملك هبطَ من الجنة واستقر في أعماقنا، لينقل أخبار خطايانا للسماء؟
أأنت حقا لغز، كما يقول الفلاسفة، وستبقى كذلك ؟
لقد عرفتك صغيرا وشابا وكهلا، وسأبقى أعرفك حين أصبح شيخا، وسأسمع آخر نبضة لك حين يناديني ملك الموت، فلا أملك إلاّ أن أُجيب النداء.
عرفتك صغيرا في وصايا أُمي التي غالبا ما تبلّلها الدموع، فتخيّلتك شيخا رحيما تحتاج إلى من يُوقِظُك من النوم، ويمشي معك ببطء، لتأخذه إلى مواطن الرحمة والرقة، وتسقيه من ينابيع الحب.
وعرفتك في مدرستي، فكنت ألمح صورتك في دفاتر التلاميذ، وأحيانا على الجدران. فرسمتك على عجل في دفاتري ولونت إحدى الصور ووضعتها على الطاولة بعد أن كتب لي أخي تحتها: أحبك يا معلمي . وكنت في ذاك اليوم أتخيلك قلادة من ياقوتٍ أو مرمرٍ، وأحيانا أحس بأن طعمك حلو حين كنت أشبهك بنوع من السكاكر.
وعرفتك في مواعظ أبي التي كانت تتزاحم في سمعي، فتخيلتك سيلا يتدفَّق، وينحدر مسرعا ليتخفَّى في الأغوار والمستنقعات، ويرتاح من ملاطمة الصخور ووخز القش والحطب.
وعرفتك في شبابي فتخيلتك قلعةً أواجه من أبراجها جيوش الزمن ولطمات الحياة. وأستريح في حدائقها لتردد الورود والأشجار كلماتٍ رقيقةً كنت أصوغها على مسمع فتاة.
وهاأنذا أعرفك في كهولتي، فأتخيلك بحرا يمتد بلا نهاية، وأجدني أقضي معك لحظات الخلوة والتأمل، باحثًا بين أمواجك عن السعادة، وبين غيومك عن النور، وفي أعماقك عن الراحة.
من أنت يا قلب ؟
سألت عنك الأطفال فابتسموا، والعشاق فبكوا، والعلماء فأطرقوا، والفلاسفة فارتبكوا.
وعدت لأسألك عن نفسك.
فإن لم تجبني فاعلم أني سأعرفك في شيخوختي، لأتخيلك حفرة ضيقة في قعرها كنز يجذبني إليه لأخرجه وأنثره أمام أبنائي وأحفادي، ثم أرقد في موضع الكنز رقدة أبدية لا بدَّ أن يرقدها كلُّ حيٍّ نبضَ بين ضلوعه قلب.
من أنت يا قلب ؟