المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شـرح حديث ( يـؤذيني آبن آدم بسـب آلدهـر )


سُلاَفْ القَصِيدْ
02 / 12 / 2014, 55 : 10 PM
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
( قال الله عز وجل : يؤذيني ابن آدم يسب الدهر ، وأنا الدهر بيدي الأمر ، أقلب الليل والنهار )
رواه البخاري ومسلم ، وجاء الحديث بألفاظ مختلفة منها رواية مسلم :
( قال الله عز وجل : يؤذيني ابن آدم يقول : يا خيبة الدهر ، فلا يقولن أحدكم : يا خيبة الدهر ، فإني أنا الدهر أقلب ليله ونهاره فإذا شئت قبضتهما ) ،
ومنها رواية للإمام أحمد : ( لا تسبوا الدهر فإن الله عز وجل قال : أنا الدهر الأيام والليالي لي أجددها وأبليها وآتي بملوك بعد ملوك )
وصححه الألباني .
معاني المفردات
السب : الشتم أو التقبيح والذم .
الدهر : الوقت والزمان .
يؤذيني : أي ينسب إليَّ ما لا يليق بي .
وأنا الدَّهر : أنا ملك الدهر ومصرفه ومقلبه .
معنى الحديث
أقسم الله تعالى بالعصر والزمان لعظمته وأهميته ، فهو ظرف العمل ووعاؤه ، وهو سبب الربح والخسارة في الدنيا والآخرة ، وهو الحياة ، فما الحياة إلا هذه الدقائق والثواني التي نعيشها لحظة بلحظة ، ولهذا امتن الله به على عباده فقال :
{ وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا }
(الفرقان: 62)
فمن فاته عمل الليل قضاه بالنهار ، ومن فاته عمل النهار قضاه بالليل .
وكان أهل الجاهلية إذا أصابتهم مصيبة ، أو حُرِموا غرضاً معيناً أخذوا يسبون الدهر ويلعنون الزمان ، فيقول أحدهم : " قبح الله الدهر الذي شتت شملنا " ، و" لعن الله الزمان الذي جرى فيه كذا وكذا " ، وما أشبه ذلك من عبارات التقبيح والشتم ، فجاء هذا الحديث لرد ما يقوله أهل الجاهلية ومن شابههم وسلك مسلكهم ، فبيَّن أن ابن آدم حين يسب الدّهر والزمان ، فإنما يسب - في الحقيقة - الذي فعل هذه الأمور وقدَّرها ، حتى وإن أضاف الفعل إلى الدهر ، فإن الدَّهر لا فعل له ، وإنما الفاعل هو ربُّ الدهر المعطي المانع ، الخافض الرافع ، المعز المذل ، وأما الدهر فليس له من الأمر شيء ، فمسبتهم للدهر هي مسبة لله عز وجل ، ولهذا كانت مؤذية للرب جل جلاله .
ومَثَلُ من يفعل ذلك كرجل قضى عليه قاض بحق أو أفتاه مفت بحق ، فجعل يقول :
" لعن الله من قضى بهذا أو أفتى بهذا "
، ويكون ذلك من قضاء النبي - صلى الله عليه وسلم - وفتياه فيقع السبُّ عليه في الحقيقة ، وان كان السابُّ لجهله أضاف الأمر إلى المبلِّغ ، مع أن المبلِّغ هنا ناقل للحكم ، فكيف بالدهر والزمان الذي هو مجرد وعاء ، وطرف محايد لا له ولا عليه ، والله تعالى هو الذي يقلبه ويصرفه كيف يشاء .
إذاً فالإنسان بسبِّه للدهر يرتكب جملة من المفاسد ، منها أنه سبَّ من ليس أهلاً للسب ، فإن الدهر خلق مسخَّر من خلق الله ، منقاد لأمره متذلل لتسخيره ، فسابُّه أولى بالذم والسب منه .
ومنها أن سبه قد يتضمن الإشراك بالله جل وعلا ، إذا اعتقد أن الدّهر يضر وينفع ، وأنه ظالم حين ضر من لا يستحق الضر ، ورفع من لا يستحق الرفعة ، وحرم من ليس أهلاً للحرمان ، وكثيراً ما جرى هذا المعنى في كلام الشعراء القدماء والمعاصرين
كقول بعضهم :
يا دهر ويحك ما أبقيت لي أحدا**وأنت والد سوء تأكل الولــــــدا
وقول المتنبي :
قبحا لوجـهك يـا زمان كـــــأنه**وجـه لــه من كـل قـبح بــــرقع
وقال آخر :
إن تبتلى بلـئام الـنـاس يـرفـعـهـم**عليك دهر لأهل الفضل قد خانا
فسابُّ الدهر دائر بين أمرين لا بد له من أحدهما : إما مسبة الله ، أو الشرك به ، فإن اعتقد أن الدَّهر فاعل مع الله فهو مشرك ، وإن اعتقد أن الله وحده هو الذي فعل ذلك ، فهو يسب الله تعالى
ثم إن في النهي عن سب الدهر دعوة إلى اشتغال الإنسان بما يفيد ويجدي ، والاهتمام بالأمور العملية ، فما الذي سيستفيده الإنسان ويجنيه إذا ظل يلعن الدهر ويسبه صباح مساء ، هل سيغير ذلك من حاله هل سيرفع الألم والمعاناة التي يجدها ؟ هل سيحصل ما كان يطمح إليه ؟ ، إن ذلك لن يغير من الواقع شيئاً ، ولا بد أن يبدأ التغيير من النفس وأن نشتغل بالعمل المثمر بدل أن نلقي التبعة واللوم على الدهر والزمان الذي لا يملك من أمره شيئاً .
نعيب زماننا والعـيـــــب فينا**ومـا لـزماننا عـيـب سـوانا
وقد نهجوا الزمان بغير جرم**ولو نطق الزمان بنا هجانا
هل الدهر من أسماء الله ؟
والدَّهر ليس من أسماء الله ، وذلك لأن أسماءه سبحانه كلها حسنى ، أي بالغة في الحسن أكمله ، فلابد أن تشتمل على وصف ومعنى هو أحسن ما يكون من الأوصاف والمعاني في دلالة هذه الكلمة ، ولهذا لا يوجد في أسماء الله تعالى اسمٌ جامدٌ لا يدل على معنى ، والدَّهرُ اسم جامد لا يحمل معنى سوى أنه اسم للوقت والزمن .
ثم إن سياق الحديث أيضاً يأبى أن يكون الدَّهر من أسماء الله لأنه قال : ( وأنا الدهر بيدي الأمر أقلب الليل والنهار)
، والليل والنهار هما الدهر ، فكيف يمكن أن يكون المقلَّب بفتح اللام هو المقلِّب بكسر اللام ولذلك يمتنع أن يكون الدَّهر اسماً لله جل وعلا .
الأذى والضرر
وقد ذكر الحديث
أن في سب الدهر أذية لله جل وعلا ، ولا يلزم من الأذية الضرر ، فقد يتأذى الإنسان بسماع القبيح أو مشاهدته أو الرائحة الكريهة مثلاً ، ولكنه لا يتضرر بذلك ، ولله المثل الأعلى ، ولهذا أثبت الله الأذية في القرآن فقال تعالى :
{ إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا }
(الأحزاب: 57)، ونفى عن نفسه أن يضره شيء ، فقال تعالى :
{ إنهم لن يضروا الله شيئا }
(آل عمران: 176) ،
وقال في الحديث القدسي :
( يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني )
رواه مسلم.

عزوف
03 / 12 / 2014, 49 : 05 AM
جزيت الخير ولاحرمك الاجر

كلاش تمير
03 / 12 / 2014, 28 : 06 AM
جزاك الله خير وبارك الله فيك

جروح الوفا*
03 / 12 / 2014, 31 : 06 AM
جزاك الله خير وبارك الله فيك

» اِلـَوَفْآءْ بـِنْـتْ
03 / 12 / 2014, 46 : 07 AM
جزآك الله خير ، ولآحرمك الآجر ،

سُلاَفْ القَصِيدْ
03 / 12 / 2014, 34 : 10 AM
واياكم يارب
شاكره تواجدكم وتواصلكم لآحرمنا الله من هذآ التواصل ..

دروب الامل
03 / 12 / 2014, 52 : 10 AM
جزاك الله خير وبارك الله فيك

سُلاَفْ القَصِيدْ
03 / 12 / 2014, 22 : 06 PM
وايك يارب
بآرك الله فيك وبتواجدك