عبدالرحمن بن محمد
31 / 01 / 2006, 50 : 12 AM
حقائق كشفها الزور )
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله الذي أعز من شاء بطاعته وأذل من شاء بمعصيته , والصلاة والسلام على من لا خير إلا في اتباع هديه ولا فلاح إلا بسلوك طريقته , ولا كرامة بغير التأسي به وأن الإهانة بالبعد عن سبيله ( ومن يهن الله فماله من مكرم ) وعلى آله وصحبه ومن سلك طريقته إلى يوم يبعثون أما بعد
فقد جاءت هذه الأزمة بخلاف ما ظنه من افتعلها بل وعلى خلاف ما تصورناه جميعا فالحمدلله على كل حال وله الشكر فهو ذو الإنعام والإفضال وسبحانه وهو الصادق حيث قال ( وعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا )
وقديما قيل : قد ينعم الله بالبلوى وإن عظمت === ويبتلي الله بعض الخلق بالنعم
وقيل : وربما صحت الأبدان بالعلل.
أيها الفضلاء
إن تلك الحملات المسعورة المسمومة التي يطلقها الغرب الكافر لم تكن بدعا من الأمر ولن تقف إلى هذا الحد فهم يكيدون لنا منذ أن بزغ نور الرسالة وسطع شعاعها
ولن يزال كيدهم متواصلا حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا , فهم من قال الله عنهم ( ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم ) وقال عنهم سبحانه ( ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء ) وقال ( ودَّ الذين كفروا من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم ) ومن هنا يتضح أن عداوتهم متغلغلة ولا يمكن أن تزول وأنها مهما خبت أو اختفت لفترة من الفترات فإنما هي لتكتيك يمارسونه وليس لقناعة بأنهم على غير هدى.
وما عملته صحيفة النرويج أو الممثل الهولندي أو صحيفة الدينمارك لم يكن اجتهادا عفويا ولا نتاج حرية عابرة بل هو أمر مقصود انطلقوا لفعله من عقيدة يؤمنون بها ويتنادون بينهم على الثبات عليها ونشرها وتبشير الناس بها ـ زعموا ـ , وهذه الأفعال التي صدرت منهم جاءت لتكشف حقيقتهم لمن كان منخدعا بهم و ليعلم أنهم وإن تشدقوا بالحريات واحترام المعتقدات فإنما هم كَذَبة فجرة يكيلون بمكيالين غير متوازنين , كما أن هذه الأزمة ولله الحمد قد كشفت لنا أمورا هامة على الصعيد الداخلي والخارجي ولعلي أن أوجز بعضا منها في هذا البيان باختصار فأقول مستعينا بالله وهو خير معين :
أولا : لعلكم تذكرون ما مارسه الغرب الكافر بقيادة أم الكفر ورأسه ضد إخواننا في أفغانستان وغيرها من بلاد المسلمين وما يرفعونه من شعارات ويلوحون به من استنكارات من أننا نحن المسلمين لانحترم الأديان ولا نعرف حقها وما طالبوا به من وأد منهج الولاء والبراء وكل ماله علاقة به بل وتدخلوا بالضغط على جهات قيادية عليا لعزل كثير من الخطباء والدعاة لأنهم يدعون على النصارى واليهود , وما يمارسونه في العالم كله ضد من يحاول المساس باليهود أو يكذب محارقهم المزعومة . فأين حرية الرأي التي يحترمون ؟ وأين هي الديمقراطية التي يتشدقون بها؟أم هي ديمقراطية وحرية الكافر وحده
حرام على بلابلنا الدوح ==== حلال للطير من كل جنسِ
ثانيا : أن الشعوب المسلمة قادرة على التأثير والتغيير ولله الحمد والمنة وأنها إن اتحدت أنجزت ما قد تعجز عن إنجازه كثير من القنوات السياسية الأخرى وهذا ظاهر في مسألة المقاطعة التي تبنتها الشعوب المسلمة والتي حركت مسار القضية وأشعلت فتيل المواجهة المكشوفة الواضحة في حين كانت المسارات السياسية تقابل بالرفض وعدم الاكتراث إلا ما ندر.
ثالثا : أن الأمة المسلمة فيها خير كثير ولكنها تعيش فترة من التخدير والخمول ساعد في تفاقم هذا الوضع المزري مؤامرات الأعداء المستمرة ووجود آذان للعدو بين المسلمين تحاول جرهم إلى مالاينفعهم في دينهم ودنياهم من لهو ومجون .
وأن هذه الأمة إن وجدت من ينفض عنها غبار المهانة ويزيح ستار الغفلة ويبطل أثر ذلك التخدير فإنها تتحرك كالبركان وهذا ما رأيناه ولله الحمد من دموع المسلمين تحت أعواد المنابر وفي مجالس أهل العلم وما لاحظناه من تسابقهم في المساهمة وبذل المال وما أقدموا عليه من التنافس على معرفة منتج الكافر للتحذير منه وما نسمعه من أخبار تثلج الصدر من استنفار الأمة كلها الصغار والكبار, والرجال والنساء, العجزة وذوي القدرة .
وما رأيناه من مشاركات وأفكار وطروحات كان لها أثر كبير في كشف بعض المكانة التي يجب أن يعرفها عدونا لأمتنا.
رابعا : أن الأمة المسلمة تعيش أزمة حقيقية لاتقل عن أزمتها مع الكفار وهي الأزمة مع الإعلام الذي تسنم ظهره من ينتسب زورا لأمتنا في غالب الأحوال .
وإن أزمتنا التي نحن نتلظى بنارها كشفت أن إعلامنا لا يمثلنا بحال فهو إعلامُ كَذب ونفاق ومخادعة وتزوير للحقائق .
كنا نعتقد أن حدثا كهذا سيتسابق له رجال الصحافة والقنوات ليكشفوا من خلاله الخطر الذي يتهدد الأمة من أعدائها وإذا بنا نراهم الأعداء الحقيقيين للأمة حين انشغلوا بمتابعة الكرة وماقيل من النكات عن حماس وما يثار عن تبني بوش لولد غير شرعي وغير هذا من القضايا التي تظهر بمالايدع مجالا للشك أن الإعلام صوت للعدو أكثر منه للصديق .
من كان يظن أن قناة من القنوات تستضيف في وقت كهذا سفلة المجتمع ليتحدثوا عن قضية كقيادة السيارة أو حرية المرأة. ومن كان يظن أن صحيفة من صحفنا وهي تعيش في قلب الحدث تأتي لتعاكس التيار وتختلق للعدو الأعذار وكأنها تقول إن كل الأمة على باطل وزور وأن تلك الشركة أو الصحيفة على حق فاقبلوا به حتى ولو سخروا من دينكم وشتموا قدوتكم.
خامسا : أن دعوى محبة النبي صلى الله عليه وسلم وآل بيته وحدها لاتكفي فليس الإيمان بالتحلي ولا بالتمني ولكن ماوقر في القلب وصدقه العمل , وأن محبة النبي وآله لا تكون بإحياء الموالد وضرب الصدور والنياحة في حين أنه إذا انتقص شخصه واهين عرضه وأسيء إلى سنته دسسنا رؤوسنا في التراب .
إن الذين كانوا يشنعون علينا لإنكارنا بدعة المولد لأنها لم ترد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولاعن أحد من أصحابه , والذين كانوا يرموننا ببغض النبي صلى الله عليه وآله وسلم لمنعنا وإنكارنا ترديد البردة للبوصيري وغيرها مما حوى عبارات شركية لاتليق إلا بالله العظيم سبحانه لم نرهم اليوم يشنعون على الكفار ماعملوه من إساءة بالغة لجنابه عليه الصلاة والسلام ولم نرهم يتكلمون عن من يتهم عرضه الشريف بالفاحشة عياذا بالله , بل المؤسف جدا أنك تراهم بدؤا بالتقارب معهم ومد جسور التقارب فسبحان الله أين هي دعوى محبة النبي صلى الله عليه وسلم ؟ وأين هي الغيرة على سنته ؟ أم هي البدعة التي يرعاها إبليس ويزينها في قلوبهم فيجعلها من الدين والدين منها براء؟.
وأين أؤلئك الذين قطعوا أجسامهم بالسلاسل وأثاروا غبار الأرض بوقع حوافرهم بكاء على أبي عبدالله الحسين رضي الله عنه وأرضاه ونادوه واستغاثوا به من دون الله عياذا بالله ,أين هم من الثأر لجده بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم والحسين رضي الله عنه إنما لحقه الشرف من النبي صلى الله عليه وسلم , فهل الحسين عندهم أعظم من جده محمد صلى الله عليه وسلم والد الزهراء رضي الله عنها؟
مابالهم غضبوا ممن أساء إلى رموزهم المنحرفة الضالة وأهدروا دمه في حين أخرست ألسنتهم عن من أساء إلى خير البرية وأزكى البشرية صلى الله عليه وسلم.
إننا لانريد ضربا بالسلاسل ولا عويلا ولا بكاء ولا حسينيات ولا مآتم ولامظاهرات بل نريد منهم ماهو أقل من ذلك بكثير نريد منهم أن يكفوا ألسنتهم ليس غير.
نعم أقول لهؤلاء المدعين حب النبي صلى الله عليه وآله وسلم زورا وبهتانا : أرأيتم من هو المحب الصادق في محبته؟ أعرفتم الفرق بين الحقيقة والدعوى؟ وأقول لهم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لما أخبر عن سبب صيام اليهود ليوم عاشوراء ( نحن أحق بموسى منهم ) نعم فنحن أحق بمحمد صلى الله عليه وسلم وآله من غيرهم ممن حظه من محبته المدائح والأهازيج والموالد والحسينيات وحين تحتر الرمضاء يسكن إلى الظل والماء والنساء.
سادسا : أن المال قد يكون نعمة على صاحبه وقد يكون نقمة ولهذا أثنى النبي صلى الله عليه وسلم على المال في حال فقال ( نعم المال الصالح في يد الرجل الصالح ) وأن الموفق من التجار من سخر ماله لمرضاة ربه والانتصار لدينه ولهذا فقد حظي من بادر إلى النصرة بالأجر بإذن الله تعالى وبالذكر الحسن في حين خسر هذا الفضل من آثر الفانية على الباقية ولم يتحرك عنده شعور الغيرة بعدُ.
وهذه مناسبة عظيمة أستغلها بتذكير أرباب الأموال بأن يعرفوا أنهم مهما بذلوا فهو خير لهم عند ربهم وهم المنتفعون به قبل غيرهم , فالمال مال الله والله تعالى يقول ( وآتوهم من مال الله الذي آتاكم ) ومن تصدق بصدقة يبتغي بها وجه الله ربَّاها الله له وأخلفه خيرا منها وهو خير الرازقين سبحانه .
كما يجب أن نعلم أن المال باب من أبواب الجهاد العظيمة والجهاد فيه على ضربين :
1= جهاد بدفعه وذلك متقرر معلوم .
2= جهاد بمنعه وهذا يتمثل بالمقاطعة التي تمنع وصول المال والانتفاع به من عدو الدين وهذا داخل في قوله سبحانه ( ولا يطئون موطئا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلا إلا كتب لهم به عمل صالح إن الله لايضيع أجر المحسنين).
ناهيك أن الشعوب المسلمة اليوم ترى الظلم الواقع على إخوتنا في كل بلاد الدنيا فمن حقهم علينا أن نضعف اليد التي امتدت إليهم بالأذى بمقاطعة منتجاتها ما أمكن والصبر على ماقد نلقاه من الحرج في بعض الأمور فمن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه.
ومن هنا أيضا أشكر الله سبحانه أولا أن جعل في أمتنا من يبذل ماله أو بعضه لله ونصرة لدينه ومن ثم أشكر هؤلاء التجار وأدعوالله لهم أن يبارك في أموالهم وأولادهم وأنفسهم وأن يعوضهم خيرا .
سابعا : أن الله يزع بالسلطان مالايزع بالقرآن وأن السلطان إذا انتصر لدينه وغضب لحرمات الله فقد فتح على نفسه وأمته من أبواب الخير والفضيلة مالا يخطر له على بال . وما نشاهده من تظافر الجهود والبدء بخطط علمية وعملية لطباعة الكتب ونشر المطويات المترجمة وترجمة مايمكن ترجمته من الكتب التي تعرف بالدين الإسلامي وفتح المجالات أمام الفرص المثمرة للتأليف والكتابة عن سيرة قائدنا العظيم صلى الله عليه وسلم جاء متزامنا مع الموقف الرسمي الرافض لسياسة الاعتداء على الدين من قبل تلك الدول الكافرة المارقة, فهنيئا لمن أمر بذلك ولمن أشار فقد كان قرارا حكيما وموقفا شجاعا نتمنى أن يتبعه موقف لايقل عنه حكمة ولاشجاعة يتمثل بطرد سفيرهم من بلادنا ليعلموا أننا قد نقبل المساومة والابتزاز في المال والتكنلوجيا وغير ذلك من عرض الدنيا الزائل ولكننا لايمكن بحال أن نقبل الابتزاز في ثوابتنا ولافي رموزنا التي دونها المهج فداء .
كم هو مفرح للقلب ذلك الموقف وكم هو محفز لكثير من المسلمين حين يرى أنه يقف في الصف نصرة لله ولرسوله ومعه العالم والحاكم والصغير والكبير والذكر والأنثى.
ثامنا : أن زمن الخديعة لا يطول مهما كانت ولهذا فمن العيب أن يخدعنا بعض النكرات حين يساوم على بعض الأمور فإذا كان المحك والمعترك وجدته كالملح في الماء الحار .
ما أجمل أن يدافع الإنسان عن وطنه المسلم ويحبه لأن فيه الإسلام ولكنه قبيح جدا أن يجعل الوطن أغلى عليه من الإسلام والوطن إنما شرف بالدين ليس غير.
إن الوطنية حقا هي أن تنتصر للدين الذي انبثق من هذا الوطن وللنبي الذي بعث في هذا الوطن وللكتاب الذي أنزل في هذا الوطن أما أن تنتصر لتراب وحجارة وتقدسها وتجعل من نفسك الحامي لها والكفيل عليها والوكيل وتخون من شئت تحت مسمى عداء الوطن وتقرب من شئت تحت شعار الوطنية وأنت أبعد الناس وأقلهم دفاعا عن دين الوطن وكتابه وشريعته ورسوله فقد كذبت وخدعت وأنَّى لهذه الخديعة أن تطول.
لقد تحدثوا كثيرا أن ( الوطن أولا ) وهاهو دستور الوطن ونبيه وقدوته وهاهو منهاج الوطن يهان وهم يتباحثون في قضايا يهدمون بها ولا يبنون ويفسدون ولايصلحون ثم يخرجون من تحت أنقاض ماهدموه ليقولوا لمن أراد الإصلاح وترميم ما أفسدوه ( الوطن أولا ).
لقد آن الأوان لتعرف الجموع من هم أعداء الوطن ودين الوطن ودستور الوطن وقيادة الوطن .
إن من لم تشغله هذه الأزمة ولم يرفع بها رأسا أو كان ينظر إلى غيره ليرى هل تحرك أم لازال على حاله فليعلم أنه خسارة على الوطن وليس ربحا , وأن وجوده فيه مهانة له وذلا .
على هؤلاء الذين لاكوا ألسن العلماء والدعاة والمفكرين ردحا من الزمن تحت مظلة الغيرة والحمية لهذا الدين وجناب العقيدة والتوحيد أنهم قد أفلسوا وخسروا وأن سعيهم كسعي من يلحق السراب في قيعة , وهيهات أن يجد في السراب ماء.
أين تلك المواقف الثائرة والأمواج الهادرة والخطب الرنانة والجمل الطنانة وأين عبارات التفسيق والتبديع والتضليل والتجهيل التي أزكمت الأنوف ؟ ما بالها اختفت عن العدو الكافر الذي لايحتاج قوله وفعله إلى تحوير وتأويل وتعليل وتدليل؟
أين هجومهم على الأموات والأحياء من العلماء والدعاة ؟ أتُرى أؤلئك العلماء والدعاة أشد خطرا ممن سب القرآن وسخر بالنبي صلى الله عليه وسلم؟ أم هو الهوى والزيغ عياذا بالله من الخذلان.
تاسعا : أن العلم لا يمكن أن ينفع صاحبه ولا أن يرفعه حتى يقوم بزكاته , وزكاة العلم هي ببذله ونشره بين الناس وأن يكون العالم رأسا للأمة في أزماتها وموجها لها وحالاًّ لإشكالياتها , فإذا تخلف العالم عن هذا الركب وسار الناس وتركوه فقد جنى على أمته وعلى نفسه , وهذا وربي من الكتمان الذي نهى الله عنه وحذر منه ( وإذْ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولاتكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فبئس مايشترون ) وما نشاهده اليوم من خذلان كثير من العلماء للأمة وتقاعسهم عن القيام بواجب إدارتها وتوجيهها إلا علامة حرمان وانتكاسة والعياذبالله.
إن العالِم إن لم يقل كلمة الحق ويصدع بها فسيتخلى الناس عنه وربما اتخذوا رؤوسا جهالا فسألوهم فأفتوهم بمالاعلم لهم به فأضلوهم وضلوا وكان للعلماء وزرهؤلاء وأؤلئك جميعا.
إن العلماء ورثة الأنبياء , والأنبياء لم يورثوا مالا ولا متاعا وهانحن نرى امتهان الأنبياء وتخاذل الورثة إلا مارحم الله فمن ياترى ينتفض لانتزاع الميراث إن تركه أهله؟
أين مواقف العلماء الناصرة للدين؟ أين تلك البيانات النارية والاستنكارات الشديدة لمواقف بعض المندفعين من شباب المسلمين؟
ياعلماء الإسلام
إنه الإسلام , نعم هو الإسلام ورسوله .
هو دين الله وهو الميراث الذي به رفعكم الله بين الناس وبوأكم هذه المكانة .
إنه رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي حملكم أمانة كنزه.
إن لم تغاروا على الدين ونبي الله فمتى ستغارون وعلى من ستغارون؟
وبارك الله فيمن سعى من العلماء ونافح وجاهد وصدق وصابر وصبر وأجرى دمعه وأسال حبر قلمه غيرة لله ونصرة لدينه ورسوله صلى الله عليه وسلم .
فصرخة في وجوه هؤلاء أقول : أتريدون أن تذادوا عن حوضه يوم يقال ( إنك لاتدري ما أحدثوا بعدك)؟
أم تريدون أن تتضاعف مهانة الأمة فلا يبقى فيها عرق نخوة ينبض ولا غيور لغبارها ينفض؟
وبارك الله فيمن جعل وقته لله وجهده وكل ماحباه الله وكأن لسان حاله يقول ( اللهم خذ مني حتى ترضى ) ويقول ( اللهم اشهد أننا لانرضى فاجعلها لنا عندك يوم نرد على حوضه فلانذاد )
عاشرا: أن التعاون والتكاتف سلاح أقوى في التأثير من كثير من الأسلحة الأخرى ولهذا فقد رأينا كيف كان وقع تلك الخطابات والمكاتبات والتحركات على كل المستويات ولكي يؤتي هذا العمل ثماره فعلينا أن نتحرى العدل فيما نقول ونفعل خشية أن نقع في ظلم أحد فيحبط ماصنعنا وتذهب بركته .
ولهذا فمن الواجب التثبت من المنتج أو الجهة قبل نشرها حتى لايتضرر مسلم بشيءلا ذنب له فيه , ومن شك في شيء وخفي عليه علمه فليدعه ولايقحم نفسه فيه .
______________________________________
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله الذي أعز من شاء بطاعته وأذل من شاء بمعصيته , والصلاة والسلام على من لا خير إلا في اتباع هديه ولا فلاح إلا بسلوك طريقته , ولا كرامة بغير التأسي به وأن الإهانة بالبعد عن سبيله ( ومن يهن الله فماله من مكرم ) وعلى آله وصحبه ومن سلك طريقته إلى يوم يبعثون أما بعد
فقد جاءت هذه الأزمة بخلاف ما ظنه من افتعلها بل وعلى خلاف ما تصورناه جميعا فالحمدلله على كل حال وله الشكر فهو ذو الإنعام والإفضال وسبحانه وهو الصادق حيث قال ( وعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا )
وقديما قيل : قد ينعم الله بالبلوى وإن عظمت === ويبتلي الله بعض الخلق بالنعم
وقيل : وربما صحت الأبدان بالعلل.
أيها الفضلاء
إن تلك الحملات المسعورة المسمومة التي يطلقها الغرب الكافر لم تكن بدعا من الأمر ولن تقف إلى هذا الحد فهم يكيدون لنا منذ أن بزغ نور الرسالة وسطع شعاعها
ولن يزال كيدهم متواصلا حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا , فهم من قال الله عنهم ( ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم ) وقال عنهم سبحانه ( ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء ) وقال ( ودَّ الذين كفروا من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم ) ومن هنا يتضح أن عداوتهم متغلغلة ولا يمكن أن تزول وأنها مهما خبت أو اختفت لفترة من الفترات فإنما هي لتكتيك يمارسونه وليس لقناعة بأنهم على غير هدى.
وما عملته صحيفة النرويج أو الممثل الهولندي أو صحيفة الدينمارك لم يكن اجتهادا عفويا ولا نتاج حرية عابرة بل هو أمر مقصود انطلقوا لفعله من عقيدة يؤمنون بها ويتنادون بينهم على الثبات عليها ونشرها وتبشير الناس بها ـ زعموا ـ , وهذه الأفعال التي صدرت منهم جاءت لتكشف حقيقتهم لمن كان منخدعا بهم و ليعلم أنهم وإن تشدقوا بالحريات واحترام المعتقدات فإنما هم كَذَبة فجرة يكيلون بمكيالين غير متوازنين , كما أن هذه الأزمة ولله الحمد قد كشفت لنا أمورا هامة على الصعيد الداخلي والخارجي ولعلي أن أوجز بعضا منها في هذا البيان باختصار فأقول مستعينا بالله وهو خير معين :
أولا : لعلكم تذكرون ما مارسه الغرب الكافر بقيادة أم الكفر ورأسه ضد إخواننا في أفغانستان وغيرها من بلاد المسلمين وما يرفعونه من شعارات ويلوحون به من استنكارات من أننا نحن المسلمين لانحترم الأديان ولا نعرف حقها وما طالبوا به من وأد منهج الولاء والبراء وكل ماله علاقة به بل وتدخلوا بالضغط على جهات قيادية عليا لعزل كثير من الخطباء والدعاة لأنهم يدعون على النصارى واليهود , وما يمارسونه في العالم كله ضد من يحاول المساس باليهود أو يكذب محارقهم المزعومة . فأين حرية الرأي التي يحترمون ؟ وأين هي الديمقراطية التي يتشدقون بها؟أم هي ديمقراطية وحرية الكافر وحده
حرام على بلابلنا الدوح ==== حلال للطير من كل جنسِ
ثانيا : أن الشعوب المسلمة قادرة على التأثير والتغيير ولله الحمد والمنة وأنها إن اتحدت أنجزت ما قد تعجز عن إنجازه كثير من القنوات السياسية الأخرى وهذا ظاهر في مسألة المقاطعة التي تبنتها الشعوب المسلمة والتي حركت مسار القضية وأشعلت فتيل المواجهة المكشوفة الواضحة في حين كانت المسارات السياسية تقابل بالرفض وعدم الاكتراث إلا ما ندر.
ثالثا : أن الأمة المسلمة فيها خير كثير ولكنها تعيش فترة من التخدير والخمول ساعد في تفاقم هذا الوضع المزري مؤامرات الأعداء المستمرة ووجود آذان للعدو بين المسلمين تحاول جرهم إلى مالاينفعهم في دينهم ودنياهم من لهو ومجون .
وأن هذه الأمة إن وجدت من ينفض عنها غبار المهانة ويزيح ستار الغفلة ويبطل أثر ذلك التخدير فإنها تتحرك كالبركان وهذا ما رأيناه ولله الحمد من دموع المسلمين تحت أعواد المنابر وفي مجالس أهل العلم وما لاحظناه من تسابقهم في المساهمة وبذل المال وما أقدموا عليه من التنافس على معرفة منتج الكافر للتحذير منه وما نسمعه من أخبار تثلج الصدر من استنفار الأمة كلها الصغار والكبار, والرجال والنساء, العجزة وذوي القدرة .
وما رأيناه من مشاركات وأفكار وطروحات كان لها أثر كبير في كشف بعض المكانة التي يجب أن يعرفها عدونا لأمتنا.
رابعا : أن الأمة المسلمة تعيش أزمة حقيقية لاتقل عن أزمتها مع الكفار وهي الأزمة مع الإعلام الذي تسنم ظهره من ينتسب زورا لأمتنا في غالب الأحوال .
وإن أزمتنا التي نحن نتلظى بنارها كشفت أن إعلامنا لا يمثلنا بحال فهو إعلامُ كَذب ونفاق ومخادعة وتزوير للحقائق .
كنا نعتقد أن حدثا كهذا سيتسابق له رجال الصحافة والقنوات ليكشفوا من خلاله الخطر الذي يتهدد الأمة من أعدائها وإذا بنا نراهم الأعداء الحقيقيين للأمة حين انشغلوا بمتابعة الكرة وماقيل من النكات عن حماس وما يثار عن تبني بوش لولد غير شرعي وغير هذا من القضايا التي تظهر بمالايدع مجالا للشك أن الإعلام صوت للعدو أكثر منه للصديق .
من كان يظن أن قناة من القنوات تستضيف في وقت كهذا سفلة المجتمع ليتحدثوا عن قضية كقيادة السيارة أو حرية المرأة. ومن كان يظن أن صحيفة من صحفنا وهي تعيش في قلب الحدث تأتي لتعاكس التيار وتختلق للعدو الأعذار وكأنها تقول إن كل الأمة على باطل وزور وأن تلك الشركة أو الصحيفة على حق فاقبلوا به حتى ولو سخروا من دينكم وشتموا قدوتكم.
خامسا : أن دعوى محبة النبي صلى الله عليه وسلم وآل بيته وحدها لاتكفي فليس الإيمان بالتحلي ولا بالتمني ولكن ماوقر في القلب وصدقه العمل , وأن محبة النبي وآله لا تكون بإحياء الموالد وضرب الصدور والنياحة في حين أنه إذا انتقص شخصه واهين عرضه وأسيء إلى سنته دسسنا رؤوسنا في التراب .
إن الذين كانوا يشنعون علينا لإنكارنا بدعة المولد لأنها لم ترد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولاعن أحد من أصحابه , والذين كانوا يرموننا ببغض النبي صلى الله عليه وآله وسلم لمنعنا وإنكارنا ترديد البردة للبوصيري وغيرها مما حوى عبارات شركية لاتليق إلا بالله العظيم سبحانه لم نرهم اليوم يشنعون على الكفار ماعملوه من إساءة بالغة لجنابه عليه الصلاة والسلام ولم نرهم يتكلمون عن من يتهم عرضه الشريف بالفاحشة عياذا بالله , بل المؤسف جدا أنك تراهم بدؤا بالتقارب معهم ومد جسور التقارب فسبحان الله أين هي دعوى محبة النبي صلى الله عليه وسلم ؟ وأين هي الغيرة على سنته ؟ أم هي البدعة التي يرعاها إبليس ويزينها في قلوبهم فيجعلها من الدين والدين منها براء؟.
وأين أؤلئك الذين قطعوا أجسامهم بالسلاسل وأثاروا غبار الأرض بوقع حوافرهم بكاء على أبي عبدالله الحسين رضي الله عنه وأرضاه ونادوه واستغاثوا به من دون الله عياذا بالله ,أين هم من الثأر لجده بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم والحسين رضي الله عنه إنما لحقه الشرف من النبي صلى الله عليه وسلم , فهل الحسين عندهم أعظم من جده محمد صلى الله عليه وسلم والد الزهراء رضي الله عنها؟
مابالهم غضبوا ممن أساء إلى رموزهم المنحرفة الضالة وأهدروا دمه في حين أخرست ألسنتهم عن من أساء إلى خير البرية وأزكى البشرية صلى الله عليه وسلم.
إننا لانريد ضربا بالسلاسل ولا عويلا ولا بكاء ولا حسينيات ولا مآتم ولامظاهرات بل نريد منهم ماهو أقل من ذلك بكثير نريد منهم أن يكفوا ألسنتهم ليس غير.
نعم أقول لهؤلاء المدعين حب النبي صلى الله عليه وآله وسلم زورا وبهتانا : أرأيتم من هو المحب الصادق في محبته؟ أعرفتم الفرق بين الحقيقة والدعوى؟ وأقول لهم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لما أخبر عن سبب صيام اليهود ليوم عاشوراء ( نحن أحق بموسى منهم ) نعم فنحن أحق بمحمد صلى الله عليه وسلم وآله من غيرهم ممن حظه من محبته المدائح والأهازيج والموالد والحسينيات وحين تحتر الرمضاء يسكن إلى الظل والماء والنساء.
سادسا : أن المال قد يكون نعمة على صاحبه وقد يكون نقمة ولهذا أثنى النبي صلى الله عليه وسلم على المال في حال فقال ( نعم المال الصالح في يد الرجل الصالح ) وأن الموفق من التجار من سخر ماله لمرضاة ربه والانتصار لدينه ولهذا فقد حظي من بادر إلى النصرة بالأجر بإذن الله تعالى وبالذكر الحسن في حين خسر هذا الفضل من آثر الفانية على الباقية ولم يتحرك عنده شعور الغيرة بعدُ.
وهذه مناسبة عظيمة أستغلها بتذكير أرباب الأموال بأن يعرفوا أنهم مهما بذلوا فهو خير لهم عند ربهم وهم المنتفعون به قبل غيرهم , فالمال مال الله والله تعالى يقول ( وآتوهم من مال الله الذي آتاكم ) ومن تصدق بصدقة يبتغي بها وجه الله ربَّاها الله له وأخلفه خيرا منها وهو خير الرازقين سبحانه .
كما يجب أن نعلم أن المال باب من أبواب الجهاد العظيمة والجهاد فيه على ضربين :
1= جهاد بدفعه وذلك متقرر معلوم .
2= جهاد بمنعه وهذا يتمثل بالمقاطعة التي تمنع وصول المال والانتفاع به من عدو الدين وهذا داخل في قوله سبحانه ( ولا يطئون موطئا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلا إلا كتب لهم به عمل صالح إن الله لايضيع أجر المحسنين).
ناهيك أن الشعوب المسلمة اليوم ترى الظلم الواقع على إخوتنا في كل بلاد الدنيا فمن حقهم علينا أن نضعف اليد التي امتدت إليهم بالأذى بمقاطعة منتجاتها ما أمكن والصبر على ماقد نلقاه من الحرج في بعض الأمور فمن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه.
ومن هنا أيضا أشكر الله سبحانه أولا أن جعل في أمتنا من يبذل ماله أو بعضه لله ونصرة لدينه ومن ثم أشكر هؤلاء التجار وأدعوالله لهم أن يبارك في أموالهم وأولادهم وأنفسهم وأن يعوضهم خيرا .
سابعا : أن الله يزع بالسلطان مالايزع بالقرآن وأن السلطان إذا انتصر لدينه وغضب لحرمات الله فقد فتح على نفسه وأمته من أبواب الخير والفضيلة مالا يخطر له على بال . وما نشاهده من تظافر الجهود والبدء بخطط علمية وعملية لطباعة الكتب ونشر المطويات المترجمة وترجمة مايمكن ترجمته من الكتب التي تعرف بالدين الإسلامي وفتح المجالات أمام الفرص المثمرة للتأليف والكتابة عن سيرة قائدنا العظيم صلى الله عليه وسلم جاء متزامنا مع الموقف الرسمي الرافض لسياسة الاعتداء على الدين من قبل تلك الدول الكافرة المارقة, فهنيئا لمن أمر بذلك ولمن أشار فقد كان قرارا حكيما وموقفا شجاعا نتمنى أن يتبعه موقف لايقل عنه حكمة ولاشجاعة يتمثل بطرد سفيرهم من بلادنا ليعلموا أننا قد نقبل المساومة والابتزاز في المال والتكنلوجيا وغير ذلك من عرض الدنيا الزائل ولكننا لايمكن بحال أن نقبل الابتزاز في ثوابتنا ولافي رموزنا التي دونها المهج فداء .
كم هو مفرح للقلب ذلك الموقف وكم هو محفز لكثير من المسلمين حين يرى أنه يقف في الصف نصرة لله ولرسوله ومعه العالم والحاكم والصغير والكبير والذكر والأنثى.
ثامنا : أن زمن الخديعة لا يطول مهما كانت ولهذا فمن العيب أن يخدعنا بعض النكرات حين يساوم على بعض الأمور فإذا كان المحك والمعترك وجدته كالملح في الماء الحار .
ما أجمل أن يدافع الإنسان عن وطنه المسلم ويحبه لأن فيه الإسلام ولكنه قبيح جدا أن يجعل الوطن أغلى عليه من الإسلام والوطن إنما شرف بالدين ليس غير.
إن الوطنية حقا هي أن تنتصر للدين الذي انبثق من هذا الوطن وللنبي الذي بعث في هذا الوطن وللكتاب الذي أنزل في هذا الوطن أما أن تنتصر لتراب وحجارة وتقدسها وتجعل من نفسك الحامي لها والكفيل عليها والوكيل وتخون من شئت تحت مسمى عداء الوطن وتقرب من شئت تحت شعار الوطنية وأنت أبعد الناس وأقلهم دفاعا عن دين الوطن وكتابه وشريعته ورسوله فقد كذبت وخدعت وأنَّى لهذه الخديعة أن تطول.
لقد تحدثوا كثيرا أن ( الوطن أولا ) وهاهو دستور الوطن ونبيه وقدوته وهاهو منهاج الوطن يهان وهم يتباحثون في قضايا يهدمون بها ولا يبنون ويفسدون ولايصلحون ثم يخرجون من تحت أنقاض ماهدموه ليقولوا لمن أراد الإصلاح وترميم ما أفسدوه ( الوطن أولا ).
لقد آن الأوان لتعرف الجموع من هم أعداء الوطن ودين الوطن ودستور الوطن وقيادة الوطن .
إن من لم تشغله هذه الأزمة ولم يرفع بها رأسا أو كان ينظر إلى غيره ليرى هل تحرك أم لازال على حاله فليعلم أنه خسارة على الوطن وليس ربحا , وأن وجوده فيه مهانة له وذلا .
على هؤلاء الذين لاكوا ألسن العلماء والدعاة والمفكرين ردحا من الزمن تحت مظلة الغيرة والحمية لهذا الدين وجناب العقيدة والتوحيد أنهم قد أفلسوا وخسروا وأن سعيهم كسعي من يلحق السراب في قيعة , وهيهات أن يجد في السراب ماء.
أين تلك المواقف الثائرة والأمواج الهادرة والخطب الرنانة والجمل الطنانة وأين عبارات التفسيق والتبديع والتضليل والتجهيل التي أزكمت الأنوف ؟ ما بالها اختفت عن العدو الكافر الذي لايحتاج قوله وفعله إلى تحوير وتأويل وتعليل وتدليل؟
أين هجومهم على الأموات والأحياء من العلماء والدعاة ؟ أتُرى أؤلئك العلماء والدعاة أشد خطرا ممن سب القرآن وسخر بالنبي صلى الله عليه وسلم؟ أم هو الهوى والزيغ عياذا بالله من الخذلان.
تاسعا : أن العلم لا يمكن أن ينفع صاحبه ولا أن يرفعه حتى يقوم بزكاته , وزكاة العلم هي ببذله ونشره بين الناس وأن يكون العالم رأسا للأمة في أزماتها وموجها لها وحالاًّ لإشكالياتها , فإذا تخلف العالم عن هذا الركب وسار الناس وتركوه فقد جنى على أمته وعلى نفسه , وهذا وربي من الكتمان الذي نهى الله عنه وحذر منه ( وإذْ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولاتكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فبئس مايشترون ) وما نشاهده اليوم من خذلان كثير من العلماء للأمة وتقاعسهم عن القيام بواجب إدارتها وتوجيهها إلا علامة حرمان وانتكاسة والعياذبالله.
إن العالِم إن لم يقل كلمة الحق ويصدع بها فسيتخلى الناس عنه وربما اتخذوا رؤوسا جهالا فسألوهم فأفتوهم بمالاعلم لهم به فأضلوهم وضلوا وكان للعلماء وزرهؤلاء وأؤلئك جميعا.
إن العلماء ورثة الأنبياء , والأنبياء لم يورثوا مالا ولا متاعا وهانحن نرى امتهان الأنبياء وتخاذل الورثة إلا مارحم الله فمن ياترى ينتفض لانتزاع الميراث إن تركه أهله؟
أين مواقف العلماء الناصرة للدين؟ أين تلك البيانات النارية والاستنكارات الشديدة لمواقف بعض المندفعين من شباب المسلمين؟
ياعلماء الإسلام
إنه الإسلام , نعم هو الإسلام ورسوله .
هو دين الله وهو الميراث الذي به رفعكم الله بين الناس وبوأكم هذه المكانة .
إنه رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي حملكم أمانة كنزه.
إن لم تغاروا على الدين ونبي الله فمتى ستغارون وعلى من ستغارون؟
وبارك الله فيمن سعى من العلماء ونافح وجاهد وصدق وصابر وصبر وأجرى دمعه وأسال حبر قلمه غيرة لله ونصرة لدينه ورسوله صلى الله عليه وسلم .
فصرخة في وجوه هؤلاء أقول : أتريدون أن تذادوا عن حوضه يوم يقال ( إنك لاتدري ما أحدثوا بعدك)؟
أم تريدون أن تتضاعف مهانة الأمة فلا يبقى فيها عرق نخوة ينبض ولا غيور لغبارها ينفض؟
وبارك الله فيمن جعل وقته لله وجهده وكل ماحباه الله وكأن لسان حاله يقول ( اللهم خذ مني حتى ترضى ) ويقول ( اللهم اشهد أننا لانرضى فاجعلها لنا عندك يوم نرد على حوضه فلانذاد )
عاشرا: أن التعاون والتكاتف سلاح أقوى في التأثير من كثير من الأسلحة الأخرى ولهذا فقد رأينا كيف كان وقع تلك الخطابات والمكاتبات والتحركات على كل المستويات ولكي يؤتي هذا العمل ثماره فعلينا أن نتحرى العدل فيما نقول ونفعل خشية أن نقع في ظلم أحد فيحبط ماصنعنا وتذهب بركته .
ولهذا فمن الواجب التثبت من المنتج أو الجهة قبل نشرها حتى لايتضرر مسلم بشيءلا ذنب له فيه , ومن شك في شيء وخفي عليه علمه فليدعه ولايقحم نفسه فيه .
______________________________________