المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : «مهندوف» عائد من سوريا يكشف دور "فيسبوك" و"تويتر" في "الجهاد الزائف"


سُلاَفْ القَصِيدْ
16 / 03 / 2014, 48 : 11 AM
عائد من سوريا يكشف دور "فيسبوك" و"تويتر" في "الجهاد الزائف"

http://www.burnews.com/sites/default/files/images/lyd_mn_swry.jpg




عاجل – (متابعات)
من شاب "طائش" يعيش شمال المملكة إلى "مجاهد" يحمل على عاتقه حلم "الشهادة" بسوريا.. هذا هو ملخص قصة "مهند" ابن الـ29 الذي رحل إلى أرض الشام بعد أن اطلع على مئات الصور المفجعة والإغراءات المحفزة فقرر الرحيل والقتال بين صفوف قوات المعارضة، قبل أن يقرر العودة إلى بلاده محاولا النجاة والهروب في ليلة ظلماء.

"مهندوف" كما لقبه رفاقه وجد على أرض سوريا أمورًا مختلفة عما اعتقد، فقرر العودة إلى وطنه، إلا أن أفراد الكتيبة التي تورط معها نصبوا له كمينا لتسليمه إلى النظام، بعد حجز كل ممتلكاته وجميع أوراقه الثبوتية، وفي أولها جواز السفر وبطاقة الهوية الوطنية.

وفي حواره مع "عكاظ"، رفض "مهندوف" الإفصاح عن هويته أو اسم قبيلته للجريدة، متحدثًا عن "الجهاد الزائف"، الذي دفعه للإسراع والعودة إلى المملكة قبل انتهاء مدة العفو عن المشاركين في الجماعات التسع التي صنفتها المملكة بـ"الإرهابية".

يقول "مهند" إن والده متوفى وإن شقيقه الأكبر تولى تربيتهم، واستكمل دراسته بعد المرحلة الثانوية في الجامعة الأردنية، إلا أنه عاد إلى السعودية مرة أخرى بسبب ارتفاع تكاليف الدراسة، مشيرًا إلى أنه مازال أعزب ودخل أسرته متوسط.

وواصل "الشاب العشريني" حديثه موضحًا أن بداية إطلاقه لحيته كانت قبل الذهاب للجهاد في سوريا، حيث لم يسبق له المشاركة في أعمال جهادية، لافتًا إلى أن قتل النساء والأطفال بسوريا، فضلا عن ظروف البطالة والفراغ بالمملكة، دفعته إلى التفكير في الجهاد.

"فكرت وحدي، واتخذت القرار وحدي، وعزمت على السفر وحدي، وذهبت وحدي".. هكذا يردد "مهند" عند سؤاله عن صاحب قرار سفره إلى سوريا، منوهًا إلى أنه قبل السفر انعزل عن الناس وانفصل وصار منكفئًا على المواقع الإلكترونية يتابع مقاطع الجهاد هناك ويرى ما ينكل بالمسلمين، فأثاره ذلك وقرر الرحيل.

وكشف "مهند" عن دور موقعي التواصل الاجتماعي "تويتر" و"فيسبوك" في التواصل مع المجاهدين بسوريا، قائلا: "تواصلت مع شخص سوري عبر فيسبوك برسائل، كنت أسأله غالبا عن الأوضاع وما يجري هناك".

وأضاف: "كلمت أحد أصحابي وحصلت منه على 2500 ريال.. كنت أتوقع أنها ستكفي.. رحلت إلى عمان برا ومنها إلى اسطنبول التركية ومنها إلى أنطاكية في أقصى الجنوب، حيث الحدود التركية السورية.. ولم يتبق معي حينها سوى 50 ريالا".

واختتم حديثه في الحلقة من الحوار قائلا: "وصلت موقف الحافلات في أنطاكية.. وهناك كان في استقبالي أربعة شباب، من بينهم هذا الشخص الذي كنت أتواصل معه عبر فيسبوك، وحتى هذه اللحظة لم يعلم أحد من أهلي شيئا عن سفري.. أغلقت شريحتي السعودية واكتفيت بالتركية.. لم أفكر في أمي.. كنت في حالة لا تجعلني أفكر بشيء غير (الجهاد في سبيل الله)".

سُلاَفْ القَصِيدْ
16 / 03 / 2014, 20 : 12 PM
الحلقة (1)
«مهندوف» يفضح حقيقة القتال في سوريا:
أدعياء الجهاد أنسوني أمي

http://www.okaz.com.sa/new/Issues/20140316/images/x00050.jpg
حوار: محمد الأحمدي







مهند.. أو كما أطلق عليه المقاتلون القوقاز في سوريا «مهندوف»، شاب سعودي لم يتجاوز التاسعة والعشرين من عمره، يصف نفسه بأنه «شاب طايش عايش متعايش»، لكنه تحوّل في ليلة واحدة فقط، ليلة ومئات الصور المفجعة والإغراءات المحفزة، إلى «مقاتل جهادي» في قاموس التطرف، خرج وحيدا إلا من حنقه على قتلة المسلمين والأفكار الجديدة عن الجهاد حسب مفهوم الذين غرروا به، خرج وحيدا من شمال المملكة، وتجاوز حدود أربع دول بحثا عن «الشهادة» بحسب ما كان يعتقد، لكنه وجد شيئا غيّر كل المفاهيم وصحح كل الاعتقادات، فقرر النجاة والهروب في ليلة ظلماء، نصب له أفراد الكتيبة التي تورط معها كمينا لتسليمه إلى النظام، بعد حجز كل ممتلكاته وجميع أوراقه الثبوتية، وفي أولها جواز السفر وبطاقة الهوية الوطنية.
مهندوف.. تردد كثيرا في كشف أوراقه وسرد قصة المأساة للإعلام، ولم يوافق على هذا الحوار إلا بعد شروط فرضها علينا صراحة، وقال «الضمان هو موافقتكم على شروطي»، التي تركزت في طمس ملامح وجهه من صوره في ساحات القتال، وعدم الإشارة إلى منطقته، ولا إلى اسم القبيلة.. مقابل الحديث بشفافية عن كل ما جرى له، من النشأة والتفكير في السفر للقتال، إلى ما دار داخل أروقة التحقيق.
وافقنا واتفقنا، وكان الموعد في أحد مقاهي شارع (التحلية) في الرياض، فلم أتردد وتخليت عن كل التزاماتي حتى الضروري منها، وغادرت من جدة إلى العاصمة، في أقصر رحلة عمل، لم تتجاوز الساعات، جزء منها ذهب في الطريق بين المطار والمقهى ذهابا وإيابا، وعندما التقينا كان المتبقي لإقامة صلاة العشاء عشر دقائق، فأمضيناها على فوح رائحة (الاسبريسو) في حديث مطلق ليتعرف أكثر ويطمئن لإجراء هذا الحوار، فننطلق في تفاصيله بعد الصلاة، ولا ننتهي إلا مع مطلع اليوم التالي.
مهندوف.. وهو يكشف كل هذا لا محفز له إلا توضيح الصورة الحقيقية الغائبة عن الكثيرين من الشباب ممن يتابعون وسائل الإعلام، وينجرفون وراء دعوات (الجهاد الزائف)، ويدعو من ورائها إلى انتهاز مهلة استقبال العائدين التي وجهت بها وزارة الداخلية لمراجعة النفس والعودة إلى حضن الوطن، إذ لم يتبق منها سوى سبعة أيام فقط، وقال «لو كنت طامعا للظهور إعلاميا لأبرزت اسمي وصورتي، لكنني لا أريد سوى توجيه رسالة صادقة».


● دعنا ننطلق في مكاشفاتنا هذه بوضعك الأسري والحالة الاجتماعية التي تعيشها..
- أنا يتيم الأب، ووالدي توفي وأنا طفل لم يتعد عمري الثانية، فأنا من مواليد سنة 1405هـ، ووالدي توفي سنة 1407هـ، وكالعادة في مثل هذه الظروف تولى أخي الأكبر تربيتنا أنا وإخواني وأخواتي، وهي أفضل تربية ولله الحمد، ولم يقصر في شيء أبدا.
● إذن لست الطفل الوحيد .. فما ترتيبك بين إخوتك؟
- أنا أصغر الأبناء.
● آخر العنقود يعني؟
- نعم، آخر العنقود، والحمد لله أكملت دراستي حتى أنهيت المرحلة الثانوية، في إحدى المناطق الشمالية، وبحكم قرب الأردن منا سجلت في الجامعة الأردنية على حسابي الخاص، أو بمعنى أصح على حساب أخي، وأمضيت في الدراسة عاما كاملا، إلا أنني توقفت بسبب تزايد مصروفات الدراسة والمعيشة هناك، فعدت ولازمت البيت، بعدها حاولت الالتحاق بأي دراسة أو وظيفة، ولكن لم أجد شيئا، لا علم ولا عمل.. فانتهى المطاف بي بالبيت.
● في أي سنة حصل هذا؟
- تخرجت من المرحلة الثانوية سنة 1427هـ، وجميع ما حصل كان من سنة 1428هـ وما بعد ذلك.
● دعني أقطع استرسالك وأتساءل.. هل أنت أعزب؟
- نعم، ما زلت أعزب.
● واسمح لي أيضا أن أسألك عن وضع الأسرة المادي إن لم تمانع.. كيف هو؟
- الحمد لله الحال معقولة، تستطيع أن تقول عنها متوسطة.
● ولم يسبق لك العمل في أي موقع؟
- أبدا، لم يسبق لي العمل نهائيا.
● من تخرجك سنة 1427هـ إلى الآن 1435هـ.. نحن نتحدث عن ثمانية أعوام.. طوال هذه المدة من كان «يصرف عليك»؟
- الوالدة حفظها الله هي التي تصرف علي، وتسد كل احتياجاتي.
● الوالدة تعمل؟
- لا والله، ولكن يجيء لها بعض المال من تقاعد الوالد -رحمه الله- ومن إخواني الآخرين، وباعتباري الابن الأصغر الذي لا يعمل لا تقصر في شيء تجاهي، حتى دخلها تقسمه مناصفة بيني وبينها.. والحمد لله على كل حال.
● دعنا نقف عند ظروف نشأتك، فأنت ذكرت أن أخاك الأكبر من تولى رعايتك.. هل يبدو لدى أخيك نزق المتشددين والاندفاع نحو القتال؟
- ليس له ميول نحو هذه الأمور أبدا، وهو إنسان طيب جدا ورحيم لأبعد حد، ولم يتخيل للحظة أن يراني أتبنى هذا التوجه وأذهب للقتال.
بعد أن لاحظت تأثره من تداعي الذكريات حاولت كسر هذا التوتر بسؤاله:
● ألاحظك «مخفف اللحية على درجة 2»؟
- أيوه.. (يضحك).
● إذن ليس كما نراها صبغة لدى المقاتلين؟
- لا والله.
● أم خففتها بعد عودتك؟
- تحصيل العلم الشرعي بالنسبة لي فهو ضئيل ومحدود.
● أقصد؛ هل عندما ذهبت إلى سوريا كنت ملتحيا؟
- منذ البداية وبمجرد تفكيري بالجهاد أطلقت اللحية.
● وهل كانت تجربتك الأولى مع القتال هي سورية؟ أم سبق لك القتال في مكان آخر؟
- لا، لم يسبق لي القتال في أي مكان، وهذه هي تجربتي الأولى.
● وما الدوافع التي جعلتك تقدم على دخول مثل هذه التجربة القاسية والخطيرة؟
- الذي يتابع بعض وسائل الإعلام، ويتنقّل من قناة إخبارية لأخرى، لا يرى إلا القتل، قتل الأطفال والنساء، فهناك ظروف ارتبطت ببعض، كالبطالة و(عطالتي) عن العمل، وجلستي أمام التلفزيون، فأنا دائما أستيقظ عند الساعة العاشرة صباحا، وأبدأ يومي بمشاهدة التلفزيون، وليس لدي شيء سوى (شاهي وقهوة وتلفزيون)، ومتابعة القنوات الإخبارية، فأنا أشاهد الأخبار بكثافة، وأجد هذا الطفل يقتل، وتلك الفتاة تغتصب، وذاك الرجل المسن يهان وتسلب كرامته، فقط لأنه (مسلم وسني).
● هل أفهم من هذا أنك ذهبت وحدك وبقرار من تلقاء نفسك؟ أم هناك من كان يدفعك لذلك؟
- الذهاب إلى سوريا كان قراري أنا وحدي، وكنت أحادث نفسي في هذا الأمر، وفي هذه المرحلة تحديدا انعزلت عن الناس وانفصلت من الدنيا، وصرت منكفئا على المواقع الإلكترونية، وأقضي وقتي في متابعة مقاطع الجهاد في سورية، وأرى ما ينكل بالمسلمين، وما يحصل لهم، فأثارني ذلك لحد أنني دخلت مرحلة التفكير بالجهاد بجدية.
● هذا ما يتعلق بالقرار.. وماذا عن الذهاب إلى سورية.. هل نفهم أنك ذهبت وحدك أيضا بلا صديق ولا زميل ولا قريب؟
- فكرت وحدي، واتخذت القرار وحدي، وعزمت على السفر وحدي، وذهبت وحدي.
● أنت اتخذت القرار، وعزمت على السفر.. ماذا صنعت لتنتقل للخطوة التالية؟
- كان لي معرف على مواقع التواصل الاجتماعي، في فيس بوك وتويتر، فتواصلت مع شخص عبر فيس بوك برسائل، كنت أسأله غالبا عن الأوضاع وما يجري في سورية.
● ما جنسية هذا الشخص؟
- سوري الجنسية.
● لماذا اخترته هو تحديدا بين عشرات الآلاف من السوريين المسجلين في فيس بوك؟
- لأنه موجود باستمرار على الموقع، ويضع صورا مستفزة ومثيرة للمشاعر.
● ولماذا لا يكون هذا الشخص من النظام وتقع أنت في فخه؟
- أنا حسبت كل هذه الأمور، ولكن لم أتعمق فيها كثيرا بسبب الصور التي أشاهدها، وتأكد لي أنه تابع للجيش الحر، فتواصلت معه وشرح لي الوضع، وكان يقول لي إنهم يمرون بحالات سيئة من الجوع والخوف والتنكيل ومن.. ومن.. وأنهم يحتاجون إلى الرجال والمال، فأخبرته أنني لا أملك أغلى من نفسي، وأبديت له رغبتي في الذهاب إليه، فرحب بالفكرة وقال «أهلا وسهلا.. الوقت الذي تسافر فيه كلمني وسوف أنسق معك ونلتقي»، في هذه الفترة لم يكن لدي مال كفيل بالحجز والسفر، فكلمت أحد أصحابي وطلبت منه مبلغا من المال.
● وهل بينت لصاحبك رغبتك بالسفر؟
- لم أبين له أي شيء أبدا.
● كم أخذت منه؟
- 2500 ريال.
● هل قدرت التكاليف قبل أن تطلب المبلغ وتدرك أن 2500 ريال توصلك إلى سورية؟
- هذا هو الموجود، وكنت أتوقع أنه يكفي، لأن ذاك الشخص السوري قال لي «أول ما توصل الحدود السورية التركية سنكون هناك، ونأخذك معنا، واعتبر أنك لن تحتاج إلى شيء أبدا».
● محفول مكفول يعني؟
- نعم، محفول مكفول.
● وصاحبك الذي أخذت منه المال ألم يستغرب من طلبك؟
- بلى، وسألني عن السبب، وقلت له إنني أحتاج إليه في بعض الأمور الخاصة، ولم يلاحظ علي شيئا، وفي الوقت ذاته لم يلح على استشفاف السبب.
● الآن العزيمة موجودة والمبلغ موجود.. ماذا حصل بعد ذلك؟
- هنا فكرت في السفر، وإلى أين أتجه، فقررت أن أسافر إلى الأردن.
● بالطائرة؟
- لا، بل برا، عبر سيارات الأجرة التابعة للمكاتب السياحية، فوصلت إلى العاصمة عمان ومكثت فيها خمسة أيام، وهناك شرعت في ترتيبات الحجز من عمان إلى تركيا.
● إلى أي مدينة في تركيا؟
- إلى اسطنبول.
● وأين أقمت طيلة الأيام الخمسة في عمان؟
- استأجرت في أحد الفنادق.
● كم سعر الليلة؟
- 15 دينارا أردنيا، أي ما يعادل 80 ريالا.. والفندق بدرجة نجمتين ومستواه بسيط.
● والآن حانت ساعة السفر؟
- نعم، حجزت عبر الخطوط التركية، من مطار الملكة علياء في عمان، إلى مطار أتاتورك في اسطنبول، بما يعادل 1200 ريال، وأقلعت الطائرة عند الواحدة ليلا، ووصلنا عند الساعة 4.30 صباحا بتوقيت اسطنبول، نزلت إلى المطار وأنا تائه ووحيد، لا أعرف أحدا، وهناك اشتريت شريحة اتصال تركية، فوقفت على باب المطار لدقائق، واتصلت على الشخص السوري الذي تواصلت معه سابقا، فسألته «وينك؟ أنا الآن موجود في مطار اسطنبول»، فقال لي «أنت الآن بعيد، نحن على الحدود السورية التركية، ناحية أنطاكية».
● أي يتوجب عليك السفر من أقصى شمال تركيا إلى أقصى الجنوب؟
- نعم.. فسألته «من وين أطلع؟ وإلى وين أطلع؟»، فقال لي اذهب إلى محطة رقم (6) من محطات الحافلات المركزية «الأوتو كار»، فذهبت من المطار إلى هذه المحطة، وهناك شاهدت مجموعة من الحافلات يتضح فعلا أنها نقطة انطلاق للرحلات، فوجدت عدة مكاتب، دخلت لأول مكتب، وقلت له إنني أرغب في السفر إلى أنطاكية، فقال رحلة أنطاكية الساعة 2.00 ظهرا، وكان الوقت حينها الساعة 7.00 صباحا، فأكدت الحجز بمبلغ 85 ليرا تركية (143 ريالا).
● إذن «خلصت» الـ2500 ريال؟
- تقريبا، وأتذكر أنه حينما وصلت لم يبق معي سوى 50 ريالا وبعض الريالات.
● أكمل..
- بعد تأكيد الحجز ذهبت إلى مطعم وأكلت فيه، ومن ثم تجولت في السوق إلى الساعة 11.00 صباحا، فعدت إلى المكتب، وهناك وجدت أشخاصا نائمين على المقاعد في انتظار الرحلة، فجلست وارتحت ونمت «نومة عدوك.. أنام وأصحى.. أنام وأصحى» إلى أن بلغت الساعة 2.00 ظهرا، وهناك صعدت إلى الحافلة، واتجهنا إلى أنطاكية، وأشرقت شمس اليوم التالي ونحن ما زلنا في الطريق، فاتصلت بذاك الشخص السوري، وسألته عن موقعه، فقال «أول ما توصل الكراجات (موقف الحافلات) في أنطاكية بتحصلني أنتظرك أنا هناك»، وعند الساعة 8.00 صباحا وصلنا موقف الحافلات، وهناك كان في استقبالي أربعة شباب، من بينهم هذا الشخص الذي كنت أتواصل معه عبر فيس بوك.
● كل هذا حصل ولم يعلم أحد من أهلك أين أنت؟
- نهائيا.
● ورقمك السعودي معك؟
- كان معي، ولكنني أغلقته، واكتفيت بالشريحة التركية.
● ولم تحسب حساب الوالدة التي صرفت لك الغالي والنفيس طيلة حياتك؟
- أنا كنت في حالة لا تجعلني أفكر بشيء غير (الجهاد في سبيل الله)، ولم يكن لدي هدف سام أسعى إلى تحقيقه سوى كسب الآخرة، لأنني فكرت بكل شيء قبل أن أغادر، فوصلت إلى قناعة بأنه لا يوجد لدي شيء أخسره أساسا، بعد أن حاولت كثيرا أن أعمل أو يكون لي أي دور في الحياة بأي مجال دون جدوى.

سُلاَفْ القَصِيدْ
17 / 03 / 2014, 27 : 12 PM
الحلقة (2)
إفلاسي حوّل ابتسامة قائد الكتيبة إلى «تكشيرة» .. مهندوف:
أرادوني هدفا لبراميل الأسد

http://www.okaz.com.sa/new/Issues/20140317/images/a10.jpg
حوار: محمد الأحمدي







المقاتل «مهندوف» يواصل في هذه الحلقة استكمال سرد رحلة تهريبه إلى الأراضي السورية عبر الحدود مع تركيا، بعد أن كشف في الحلقة الأولى أمس عن تجاوزه حدود أربع دول من أجل الوصول إلى ساحات القتال.
لاحظت على مهندوف أن سرد الذكريات بالنسبة له أمر مؤلم، فكلما استرسل في الحديث توقف برهة من الزمن، وسرح بعيدا وهو يردد «سبحان الله.. استغفر الله.. وين وصلنا؟»، خاصة عندما يكشف في هذه الحلقة قصة إسكانه داخل مقر الكتيبة، وتهيئته عسكريا وتسليمه «كلاشنكوف».
وقبل أن نخوض في تفاصيل الحوار، أشير إلى الجدل الواسع الذي احتدم أمس بين السوريين أنفسهم، خصوصا المقاتلين عبر صفحات فيس بوك وتويتر، كردة فعل أعقبت نشر الحلقة الأولى من الحوار، فضلا عن الرسائل التي تلقيتها عبر البريد الإلكتروني أو الهاتف المحمول، تؤكد التناقضات وإرتباك الأخلاقيات التي فضحها مهندوف في الحلقة الأولى من الحوار، وكان مقابل اتهامنا من قلة بـ«الادعاء»، توالت علينا أصداء إيجابية تؤكد على أهمية تنوير عقول شبابنا وتحصينهم من الانجراف وراء الدعوات الباطلة.

● دعنا نستعيد الحكاية.. أنت الآن وصلت أنطاكية للقاء الشخص السوري الذي نسقت معه سلفا.. فماذا حصل هناك؟
- عند نزولي من مواقف سيارات الأجرة في أنطاكية استقبلني أربعة شباب، جميعهم سوريون، بما فيهم الشخص الذي كنت أنسق معه، إلا أن السائق تركي الجنسية ومن سكان أنطاكية، ويتكلم باللغة العربية، التقينا للمرة الأولى وتبادلنا السلام، وصار ذاك المنسق يعرفني على الشباب الذين معه قائلا «هذا نسيبي، وهذا جاري ساكن في نفس المنطقة اللي حنا فيها بسورية»، فرحبوا بي، وأول شيء صنعه ذاك المنسق أن طلب مني جواز السفر الخاص بي وأوراقي الثبوتية، فسلمتها إياه بحسن نية، بعدها اصطحبوني معهم إلى قرية على الحدود، ودخلنا في بيت ريفي، وقدموا وجبة الإفطار، وبعد الإفطار أفسحوا لي المجال للاستحمام وتغيير ملابسي، وأبلغوني بقدوم شخص آخر بعد ساعة، مهمته تهريبي إلى الأراضي السورية، وأعلن المنسق «ساعة ويجينا المهرب وندخل سوريا».
● ماذا كان في حقيبتك تحديدا.. مثلا كم كمية الملابس التي حملتها معك؟
- حملت بعض أغراضي وجميع أوراقي، على اعتبار أنني ذاهب بلا عودة.
● بلا عودة؟
- نعم بلا عودة، بمعنى أنني ذاهب ذاهب، وأنا اتخذت القرار على أنني «رايح ما عادني راجع نهائيا».
● عندما تقول بلا عودة.. هل تعني بذلك أن تنتهي حياتك في القتال وتعتبر نفسك «شهيدا»؟
- كان هذا هو الهدف بعينه، لكسب آخرتي، وكنت أؤمن بأن الدنيا لا فائدة منها، كنت في حالة يأس مطلق، فالدنيا لم أستفد منها شيئا نهائيا.
● أكمل.. هل بدلت ملابسك في ذاك البيت الريفي؟
- نعم، أفطرنا وغيرت ملابسي، ومكثنا في ذلك البيت ساعتين، وليس ساعة واحدة كما قال في السابق، وبعدها جاء المنسق وقال «يلا.. حنا رايحين للحدود مع سوريا»، فركبنا مع المهرب، الذي وصل بدون عذر متأخرا عن موعده ساعة كاملة، وسلكنا طريقا سريعا بجوار نهر، إلى أن دخلنا في غابة كبيرة، فتوقف السائق وقال «أكثر من كذا ما أقدر أمشي، والآن أنتم كملوا المشوار مشي».
● وأين موقعكم بالتحديد.. داخل الأراضي التركية أم السورية؟
- على نهاية الحدود التركية، ولم ندخل بعد الأراضي السورية، وكنا في منطقة وعرة جدا، حيث سلكنا مع المهرب في البداية طريقا معبدا، إلا أننا أمضينا مسافة على طريق ترابي تحفه الأشجار من كل مكان، فقال الشخص المنسق «يلا بنكمل مشي»، فنزلت ومعي شنطتي وأغراضي، وصرنا نمشي مسافة تقارب الكليو ونصف الكيلو متر، وبدأت ألاحظ وجود حياة في الموقع، فصرت أشاهد أطفالا وعجائز وشبابا ومسنين «ناس رايحين جايين»، وبعد أن كنا نمشي بين الأشجار، قطعنا طريقا صغيرا «مسفلت»، وبعد دقائق توقف المنسق، وصافحني وقال لي «مبروك.. أنت الآن داخل سوريا».
● هل لا يزال معكما الشباب السوريون المرافقون.. أم أنت وهو فقط؟
- نعم، ما زالوا معنا، وغادر المهرب التركي، وصرنا نسير داخل الأراضي السورية، فواجهنا قناة تخرج من نهر العاصي فقطعناها، وهناك يوجد مخيم للاجئين، فشاهدت الأسر والأطفال والنساء حول المخيم، وكلما خطونا قليلا توقف الشباب الذين يصطحبوني للسلام على زملاء آخرين لهم في الموقع، تبدو هناك معرفة سابقة بينهم، وهناك بعض مخيمات أعدت لأغراض تجارية، حيث يبيع داخلها السوريون القهوة والشاي ووجبات أيضا، فتوقفنا وطلبوا قهوة، وفيما كنا جالسين عند بائع القهوة قال المنسق «أنا باتصل على شخص يجي ياخذنا»، فاتصل، وبعد ساعة إلا ربع (45 دقيقة) وقفت عندنا سيارة، ونزل منها شخص يرتدي زيا عسكريا، ويحمل سلاحا رشاشا.
● قد نقول أن الوقت الآن أصبح ظهرا.. أليس كذلك؟
- بلى، الظهر تقريبا.. فسلم علي ذاك الشخص وعلى الشباب، وركبنا معه في السيارة، وطوال الطريق يعرفونني على المواقع والمناطق التي نمر بها، إلى أن وصلنا بلدة اسمها «الغسانية» بمدينة جسر الشغور، تابعة لمحافظة إدلب، وبعد السير لمدة 10 دقائق، بدأت أشاهد حواجز عليها مسلحون وسيارات مجهزة بأسلحة وذخائر، قالوا لي إن هذه حواجز الجيش الحر، والمناطق كلها محررة، وصرت أقرأ على الحواجز والبنايات أسماء الكتائب، فأيقنت أنني الآن داخل ساحات قتال.
● وحتى الآن أنت لا تعرف إلى أين ذاهب؟ ولا إلى أي كتيبة سوف تنضم؟
- لا أعلم أبدا، حتى أن المنسق قال لي سوف أضمك إلى الكتيبة التي أتبع لها.
● ولم يفصح لك عن اسمها؟
- لم يقل لي شيئا، ولكن لم أمانع أنا لأن الاسم ليس مهما بالنسبة لي.
● وهل يعقل أن تذهب دون معرفة اسم الكتيبة ولو على الأقل من خلال مشاركات المنسق على فيس بوك؟
- أنا اندفعت بمجرد أنني تأكدت من انتمائه للجيش الحر، بعد وصولي عرفت كل شيء.. فالمهم صرنا نعبر من خلال الحواجز فبعد كل 200 متر إلى 300 متر نواجه حاجزا، والمسلحون الواقفون على الحواجز يسألون المارة لمعرفة حقيقتهم، وهذا ما حصل معنا.
● وما الحوار الذي يدور بينكم عند كل حاجز؟
- أنا لم يدر بيني وبين أولئك المسلحين عند الحواجز أي حوار، بل كان يحدثهم الشباب الذين يقلوني معهم «يتكلمون وأنا ساكت».
● وهل عرفوا أنك سعودي؟
- نعم، أبلغوهم بذلك.
● هل تتذكر عدد الحواجز التي عبرتم من خلالها؟
- نعم، أربعة حواجز، وواصلنا المسير حتى بلغنا منطقة مرتفعة على رأس جبل، وهناك توقفنا عند بناية من ثلاثة طوابق، فقالوا «وصلنا الآن.. هذا مقر الكتيبة.. الله محييك»، وصاروا يسلمون علي ويقولون «الحمد لله على السلامة»، وأنا بادلتهم السلام والعبارة ذاتها.. دخلنا البناية ووجدت أن قادة الكتيبة وأفرادها موزعون على شقق الطابق الأول والثاني فقط، وفيما كنت في الطابق الأول (الأرضي)، وجدت غرفة بها أدوات نظافة وبجانبها مجلس، فدخلت المجلس ووجدت فيه حوالي عشرة أشخاص، جميعهم سوريون، فاستقبلوني بحفاوة، وسلموا علي، وبدأوا يشرحون لي أوضاعهم، وماذا يجري لهم، وقالوا «كل شيء ينقصنا، فينقصنا الرجال والمال والغذاء، ونمر بحالة تنكيل من النظام»، فسمعت من الكلام ما أثار مشاعري كثيرا.
● وطوال هذه الجلسة .. لم تواجه أي سؤال من أحد هؤلاء العشرة؟
- بلى، يتردد كثيرا سؤالهم عن الأوضاع المالية التي تخصني «وكل شوي يسألونني عن الأوضاع المالية، كيف وضعك المالي؟» فشرحت لهم الوضع وقلت لهم «يا عيال الحلال، أنا لا أملك شيئا نهائيا، والله يعلم أنا كيف وصلت هنا، لكنني والله لا أملك شيئا أغلى من نفسي، أما المال فلا أملكه»، فطلب مني أحدهم إجراء اتصالات بمعارفي لتحويل المال، فأجبتهم وأنا صادق معهم لأبعد حد «والله ماني خابر شي الحين».
● وما شعرت أن الموضوع يبدو فيه شيء من الاستغلال؟
- الوضع بالنسبة لي حينها كان طبيعيا، فأنا توجست قليلا، ولكن قدرت ذلك بأن هؤلاء يعانون من ظروف تضغط على حياتهم واستقرارهم، فهم فهموا الآن أنني لا أملك شيئا بالفعل.
● وما ردة الفعل التي لاحظتها حينئذ على وجوه عناصر الكتيبة؟
- أول ردة فعل كانت من قائد الكتيبة، فكان في البداية يتبسم في وجهي كثيرا، وبعد أن أوضحت عدم قدرتي على دفع المال تغيّر تماما، وصارت نظراته نحوي غريبة.
● ما عاد هنالك ابتسامة؟
- أبدا، فأحسست فعلا أن الشخص تغير علي، فقال قائد الكتيبة لأفراد «خذوه، وأعطوه الدور الأخير»، فحملوا الشنط، وأصعدوني إلى الطابق الثالث الأخير.
● كم شقة في الطابق الواحد؟
- شقتان.
● وكم غرفة في الشقة؟
- غرفتان وصالة، والشقة التي أنزلوني فيها كان الزجاج يغلب على حيطانها، فصرت أتأمل المشهد من الشقة، وأراقب الغابات والبنايات، وهناك جلست أقرأ القرآن الكريم، وصليت، ومن ثم نزلت إلى الأسفل، حيث يوجد الشخص المنسق الذي تواصلت معه سابقا، وليس لأفراد الكتيبة علاقة بشؤوني غيره هو، حيث يتكفل بالتواصل معي، وإيصال الأكل إلى شقتي في الأعلى، ويسأل عن ما يلزمني من أمور.
● هل أحضر لك الغداء أم لا؟
- نعم، أحضر الغداء وتغدى معي.
● ماذا كان الغداء؟
- كان شربة عدس مع فتة خبز، وجلست بعد الغداء في خلوة مع النفس، أقرأ القرآن وأحدث نفسي، وبعد ساعتين جاء المنسق وقال «يلا نطلع برا نغيّر جو»، فخرجنا وسرنا في أرجاء الغسانية، وهناك أطلعني على آثار القصف على المباني، وكان كل شيء واضحا أمامي، فالطابق الأخير من كل المباني منهار أو آيل للسقوط، بسبب البراميل التي يلقيها النظام على المنازل.
● هل أدركت الآن لماذا أنزلوك في الطابق الأخير؟
- يا سلام عليك (يضحك).. أنا الآن حللت الموقف، وبدأ الشك يساورني بشكل جدي، وبدأت أشعر بأن هناك شيئا قادما، ومع ذلك هونت على نفسي، وأحجمتها عن التسرع لحين فهم الوضع أكثر.
● أين وصلتم في الجولة؟
- كانت جولتنا في المنطقة المحيطة بمقر الكتيبة فقط، وقبل عودتنا إلى المقر ألح على الاندماج مع عناصر الكتيبة وقال «لازم تحكي وتضحك»، لأنه لاحظ علي أنني منطوٍ داخل الغرفة، وعندما عدنا أسدل النهار ستاره، وصرت وحدي في الشقة، بينما هو في شقته في الطابق الأول، فخلدت للنوم لتنتهي أول ليلة «جهادية» لي.
● نمت الساعة كم؟
- نمت مبكرا في حدود الساعة السابعة مساء، لأنني كنت متعبا للغاية، فأنا أحمل عناء السفر والطريق، ولم أنم كثيرا في الحافلة التي أقلتني من اسطنبول إلى أنطاكية، فالمهم «حطيت راسي ونمت»، واستيقظت عند صلاة الفجر، وصليت وحدي، إذ لم أسمع حركة توحي بأن هناك أحدا مستيقظا في البناية، وعند الساعة الثامنة جاءني المنسق.
● بالمناسبة.. كم يبلغ هذا المنسق من العمر؟
- أنا أقدر أنه في الخامسة والثلاثين من عمره.
● أكمل.. ماذا بعد أن جاءك؟
- قال لي الآن سنذهب إلى السوق كي نجهزك عسكريا، ونشتري لك أحذية.
● تقصد (بسطار)؟
- نعم، البسطار العسكري.
● ورداؤك كان عسكريا أم ماذا؟
- ما زلت أرتدي الزي المدني الذي كان معي واشتريته من المملكة.
● هل أفهم من كلامك أن البلدة مأهولة وبها أسواق ومتاجر؟
- في البداية لم أشاهد سوى كتائب للجيش الحر، فالوضع أقرب للاحتلال، فكل كتيبة تجد بناية مهجورة بلا سكان تستحلها وتتخذها مقرا لها، وجميع البنايات في تلك البلدة ليس فيها أحد من سكانها المالكين، خصوصا أن هذه المنطقة أغلبها مسيحيون، هربوا بسبب الحرب وتركوا الكنائس والبنايات خاوية وراءهم.. سبحان الله.. سبحان الله.. استغفر الله.. سبحان الله يا أخي «وين وصلنا؟».
● يبدو أنك سرحت بعيدا؟
- لولا هذا الحوار لما استعدت كل هذه الذكريات..
● تلك مرحلة وانتهت.. كنت تتحدث عن ذهابك للسوق.
- نعم، قال لي نشتري لك أحذية، ونزلنا إلى الطابق الأول، فدخل شقته، حيث يسكن هو وزوجته وأطفاله، وخرج محملا بسلاح، وقال لي «تفضل، هذا سلاحك».
● ما نوع السلاح؟
- رشاش من نوع «كلاشنكوف».
● وصل الحال إلى أنكم تتأهبون للتسوق بسلاح؟
- نعم، فأردفني معه في «دباب» يملكه هو، وكان الوضع نفسه نمشي والبنايات مدججة بالكتائب، وعندما بلغنا وسط البلدة وجدنا رجالا ونساء في السوق، ولكن الحركة غير طبيعية، فالكل في حالة ترقب وهلع، حتى أن الباعة يقفون عند أبواب المحلات، فهناك الكل يمشي بسلاحه، وفجأة تمر سيارات منصوب عليها أسلحة ذات عيارات ثقيلة، فالمنطقة منطقة حرب.. فدخلنا واشترينا الحذاء.
● مَن دفع قيمته؟
- هو المنسق.
● كم كان سعره؟
- كان بسعر 150 ليرا سورية.
● أي عشرة ريالات؟
- تقريبا..
● لاحظت على مهندوف يستغرق كثيرا في التفكير، وبين فترة وأخرى يكرر علي جملة «وين وصلنا»، إذ يبدو متأسفا على تلك التجربة ولا يريد استحضارها، فحاولت إخراجه من هذه الأجواء وطلبت أن نغير المكان لطاولة أخرى.. وهناك سألته:
تبدو الأحذية رخيصة إذا فعلا هي بعشرة ريالات.. فالأسعار ليست أسعار حرب؟
- (يضحك) أي والله رخيصة.. أرخص حذاء. بعدها ذهبنا إلى محل آخر لتفصيل البدل العسكرية، ودخلنا وهناك اختار لي الزي العسكري المناسب لي، فتبين أنه أوسع من جسمي، فقال «مو مشكلة، بنروح الخياط يقيفه ويضبطه»، وبالفعل ذهبنا وأنجزنا ما يتعلق بالزي.
● وكم سعر البدلة؟
- والله لا أذكر.
● بماذا شعرت وأنت ترتدي البدلة العسكرية في ذلك الظرف؟
- كانت أول بدلة عسكرية في حياتي، فالشعور كان أقرب إلى الحلم «وأنا تارك الأمور تمشي مثل ما تمشي»، لبست البدلة مع الحذاء والسلاح فاكتمل كل شيء، وأنا الآن «مجاهد رسمي»، فعدنا.. وعند وصولنا إلى المقر حصل لي موقف مع قائد الكتيبة.

غدا..

ماذا حصل في لقاء مهندوف وقائد الكتيبة

جروح الوفا*
17 / 03 / 2014, 01 : 06 PM
عوافي على الخبر

سُلاَفْ القَصِيدْ
17 / 03 / 2014, 56 : 08 PM
الله يعافيك وياهلا فيك جروحه

سُلاَفْ القَصِيدْ
18 / 03 / 2014, 18 : 10 AM
الحلقة (3)
مهندوف في قبضة الجيش التركي .. ويتحول إلى «لاجئ سوري».. ويكشف مؤامرة المقاتلين:
خططوا لتسليمي للنظام مقابل 2500 ريال

http://www.okaz.com.sa/new/Issues/20140318/images/x20.jpg
حوار: محمد الأحمدي







يكشف المقاتل «مهندوف» في هذه الحلقة عن تفاصيل المؤامرة التي حاكها عناصر الكتيبة التي انضم إليها في محافظة إدلب السورية، حيث خططوا لتسليمه إلى النظام السوري مقابل 100 ألف ليرة (2500 ريال)، ويروي قصة إفلاته ليلا من الكمين الذي نصبوه للإطاحة به، لكنه صدم بعناصر الجيش التركي، الذين تعاملوا معه على أنه «لاجئ سوري»، فألزموه بالتوقيع على تعهد، وأعادوه مجددا إلى الأراضي السورية بعد أن أقلوه في مؤخرة شاحنة عسكرية.
مهندوف.. الذي حرم من وجبة الإفطار داخل الكتيبة، وصار غذاؤه زيتونا وطماطم فقط، ولم يعد يسمع لغة للتخاطب معه سوى «وين المصاري؟ وين الفلوس؟» اضطر بعد فراره من جحيم المقاتلين لقطع أوراق الشجر وسط الغابات وجمعها، والاحتماء تحتها من قسوة البرد ليلا، وعند الصباح رفع سلاحه «الكلاشنكوف» بيديه الاثنتين عند الشريط الحدودي مع تركيا، وألقى به في النهر، ليختم بذلك رحلة «القتال».. ولكن هل ستنتهي رحلته عند هذا الحد؟ طبعا لا.

● نواصل حوارنا .. ماذا حصل لك بعد عودتك إلى الكتيبة؟
- عدنا إلى الكتيبة، وهناك لاحظت على قائد الكتيبة وكأنه يقول للمنسق «إيش عند السعودي هذا؟» وكأن المنسق يطلب مهلة للتحري عني.

● وكيف أدركت هذا السيناريو؟
- أدركت هذا وفهمت الواقع من نظرة قائد الكتيبة تجاهي، وفور دخولنا البناية أدخلني المنسق إلى شقته في الطابق الأول، وجلست بين أطفاله ووضعوا لنا وجبة الغداء، وكانت زيت زيتون وزعتر وخضروات، فدخل علينا قائد الكتيبة أثناء الأكل، فرمى نظرة إلى المنسق وكأنه يقول «إيش عند الرجال هذا إلي أنت جايبه؟»، عندها استأذنت من المنسق، وقلت له «أنا بأطلع شقتي ارتاح»، فخرجت متأثرا من الموقف وصعدت إلى شقتي في الطابق الأعلى، ومكثت ساعات من التيه والشتات الذهني، فأكثر من قراءة القرآن والدعاء لله إلى وقت المغرب، فجاءني المنسق ثانية، وجلس عندي وقال لي «الآن ما تقدر تشوف أحد يتبرع لنا بالمال من السعودية، فأنتم ما شاء الله عندكم خير، والله رازقكم بالمصاري (النقود)، فكلم لنا ناس يا أخي، وشوف لنا أحد يقدم لنا مال، فحنا بحاجة المال، وأكثر ما نحتاج إليه المال».

● إذن انتهت عبارة «ينقصنا الرجال»؟
- اختفى هذا الكلام تماما، وبمجرد دخولي هذه المرحلة لم أسمع نهائيا عن حاجتهم إلى الرجال، حتى أنهم برروا حاجتهم للمال بأنه يجلب لهم الغذاء والسلاح ويؤمن لهم كل شي، فعندما رأيت إلحاحهم الشديد على المسائل المالية، تظاهرت بأنني أجري اتصالا بشخص في المملكة، وقلت للمنسق في وقت لا حق «بعد ما طلعت من عندي كلمت واحد ووعدني خير إن شاء الله، وأنا في انتظار رده»، فقال لي «خير إن شاء الله»، بينما أنا لم اتصل في الأساس، لأنني لا أعرف أحدا استلف منه مبلغا في هذا الظرف، بل أنني أجهل كيفية وصول المال إلى موقعنا حتى وإن توفر الداعم.. وفي اليوم التالي كان البرنامج مثل يوم أمس، نخرج ونجول في أرجاء الغسانية، بينما أنا أعيش في حالة ترقب تساورني بأن هناك شيء قادم وسوف يحصل، فعدنا ونمت في شقتي، إلا أن تلك الليلة كانت مفزعة جدا، لم أسمع فيها غير أزيز الطائرات وأصوات القاذفات، وكنت أسمعها قريبة جدا، وهنا دخلت فعليا أجواء الحرب، فأوكلت أمري لله، وأمضيت ثلاث ساعات في فزع لم أستطع النوم أبدا، حتى داهمني النوم إلى صلاة الفجر، فاستيقظت على يوم مختلف تماما عن ما سبق، حتى أن الشخص المنسق الذي تواصلت معه منذ البداية شعرت بأنه تغير في تعامله معي.

● من أي جانب لاحظت هذا التغير؟
- كان يصعد إلى شقتي صباحا ويقدم لي الطعام لكنه لم يأت في ذلك اليوم، وبعد انتظار طويل دون مجيئه قررت النزول إلى أسفل البناية، وهناك سألت عنه أحد عناصر الكتيبة، فقال لي «نائم»، فعدت إلى شقتي، وإذ بهذا المنسق يدق باب الشقة عند الساعة 12 ظهرا، ففتحت له الباب، ووجدته شخصا آخر غير الذي كنت معه طيلة الأيام الفائتة، فسألني «أكلت شي؟» فأجبته بأنني لم آكل أي شيء منذ أن استيقظت فجرا، لا فطور ولا غداء، فنزل إلى شقته، وبعد ساعة جاءني ابنه الصغير يدعوني للنزول إلى والده في شقته، فنزلت وقدم لي زيتون وطماطم وزيت زيتون.

● بمعنى أنها وجبة لا تشبع؟
- أبدا، لا تشبع، ولا الأكل ذاته جيد.. في تلك الجلسة كان معنا شاب من اللاذقية، وهو طالب جامعي، وشعرت أن المنسق فارض شخصيته على هذا الشخص، فأخرج الشاب هاتفه المحمول وعرض لي صورة للبحر وتبدو فيها الشمس وقت المغيب، فسألته عن موقع الصورة، فأجابني بأنها اللاذقية، فقلت له «إن شاء الله تتحرر سوريا بكرة على خير وسلامة ونزور اللاذقية»، فأخذ المنسق الهاتف المحمول وشاهد الصورة، فقال لي «شايف الصورة هذه؟» فقلت له «أيوة»، فقال «شايف الشمس هذه؟» فقلت له «أيوه»، فقال «والله إذا غابت ما أظن بتطلع مرة ثانية»، وكان ينظر بحدة نحو الشخص صاحب الهاتف، حتى أن هذا الشخص كان يأكل وعندما قال له هذه الجملة أنزل اللقمة من فمه.. فأنا هنا تأكدت تمام أن مشكلة سوف تحصل.

● بمعنى أنك بدأت تشم رائحة الخيانة؟
- نعم، شعرت بأن الخيانة سوف تحكم المصير مستقبلا، لكنني استفدت من هذا الموقف بأنه أوعاني وأيقظني من ما كنت فيه «وكأن شخصا جاء يخبط علي ويقول لي اصحى»، في هذه الحالة أنا تظاهرت بأنني لم أسمع شيئا، فصعدت إلى شقتي، وأنا صرت ميالا للجلوس مع ذاك الشاب، لأنني ارتحت له، وصرت أفكر كيف التقيه وأجلس معه، فنزلت ومن حسن الحظ وجدته واقفا عند الدرج (السلم)، فسلمت عليه، وقلت له «يا أخي أنا جيت هناك وتركت أهلي وأحبتي ووطني وتركت كل شيء، وتنازلت عن أعز ما أملك، فأنا جاي على أساس الدفاع عن المسلمين»، فقال لي «أنا بأقول لك شي، لكن متردد وخايف، وأنا بأقول لك إلي عندي ولا كأنك شفتني ولا شفتك، لأنه مبين عليك شخص طيب»، عندها وجهت كل ذهني وفكري إليه، ليكشف لي الحقيقة بقوله «نظام الأسد وعد بمنح مكافآت لهؤلاء وأمثالهم عند الإبلاغ عن أية معلومة تتعلق بالمقاتلين العرب، وخاصة الخليجيين، أو تسريب أماكن إقامتهم، أو تسليمهم لأقرب حاجز للنظام، إذ لهم مكافآت تبلغ 100 ألف ليرة سورية».

● وأنت على السلم ألم تتنبه لأحد قد يسمع حديثكما بما في ذلك المنسق؟
- المنسق كان في شقته، ولم يوجد أحد في السلم أبدا.

● ولم تفكر في هذا الشاب بأنه مجرد أداة للإيقاع بك، وأن نصيحته تجرك للهلاك؟
- فكرت، ولكن هذا الشاب قال ما عنده وأكد لي بأن هذا ما لديه وترك التصرف لي، وقال لي «ترى أنا سمعت البارح حوار صار بين قائد الكتيبة والمنسق وبعض العناصر، بأن هذا الشخص عالة علينا ولن نستفيد منه شيئا، فحنا نؤكله ونشربه وما منه فائدة، فليش ما نسلمه لأقرب حاجز للنظام ونستفيد 100 ألف ليرة».. فصعدت إلى شقتي وصرت في حالة لا أفكر إلا في طريقة للهروب من المقر ومن سوريا كلها، فأدركت أنني في خطر، وأن تلك ليلة نصب لي فيها كمين، فصعد المنسق الذي كنت على تواصل معه إلى شقتي، وطلب مني أن نتجول ونلتقط صورا في البلدة، فأبديت موافقتي، وكان الوقت عندنا قبل المغيب.

● وافقت وأنت على خلفية بالمؤامرات، وأن هذه الجولة قد تكون غادرة وتهوي في الكمين؟
- نعم، ولكن كنت حذرا للغاية، وليس بيدي قرار غير الموافقة، فأخذني معه وصار يلتقط لي صورا في أكثر من موقع، فمرة عند باب الكنيسة، ومرة عند مقر الكتيبة، وأخرى التقط معي صورا بالاستعانة بأحد المارة.

● وهل زودك بهذه الصور؟
- لا، بل احتفظ بها لنفسه.

● أكمل.. وماذا حصل بعد الجولة؟
- عدنا قبل مغيب الشمس بقليل، وأدركت أن هلاكي أو تسليمي لأقرب حاجز للنظام سيكون بعد الغروب، خاصة أن بعض حواجز النظام قريبة من المدينة بمسافة لا تزيد عن 25 كم، وبعد ساعة شاهدت من النافذة ذاك الشاب الذي من اللاذقية، فنزلت إليه وسألته «يا ابن الحلال.. أنا كيف أرجع؟ أنا لازم أرجع» فأخذ بيدي وصعدنا إلى سطح البناية التي نقيم فيها، وأشار بأصبعه إلى منطقة مقابلة، وسألني «تشوف ذاك الضوء البعيد»، فقلت له نعم، فقال «هذا مركز حدودي تابع للجيش التركي، روح وسلم نفسك لهم، وأكثر من كذا ما أقدر أسوي لك شي، واعتبر إني ما شفتك ولا قلت لك شي».

● كم يبعد عنكم ذلك المركز تقريبا؟
- حوالي 15 كم والمشكلة أن المنطقة وعرة جدا، وكلها جبال وغابات وقنوات وأنهار، لكنني شعرت فعلا بصدق ذاك الشاب، وأنه يخشى التورط مع قائد الكتيبة، فاتخذت قرارا بالخروج من المقر والذهاب لذاك المركز، خصوصا وأنني توجست دخول مسلحين إلى شقتي في أية لحظة للقبض علي، وصرت ادعو الله أن لا أكون سببا في قتل أي مسلم، لأن الأمور أصبحت أمامي مشوشة، ولم أعد أعرف صديقي من عدوي.

● وهل استعديت للفرار الآن؟
- نعم، حيث نزلت إلى الأسفل وخرجت من بوابة الكتيبة، ومعي الرشاش، وصرت أمشي بهدوء أمام المقر وأنا أقرأ القرآن، وتظاهرت أنني بحاجة للتجول في الأسفل في محيط المقر فقط.

● أفهم من ذلك أنك لم تحمل أية حقيبة معك؟
- تركت حقيبتي، وجميع أغراضي، ولم أحمل شيئا غير السلاح وشريحة رقمي السعودي بجانب مصحف صغير، بينما جواز السفر وبطاقة الهوية الوطنية الخاصة بي فتم التحفظ عليه من قبل المنسق بمجرد لقائي به في أنطاكية، كما أخذ مني حقيبة أوراق كانت تحتوي على كل شهاداتي الدراسية.

● وهل يتطلب الجهاد حمل شهادات دراسية؟
- قصدت من ذلك حمل كل شيء يخصني أنا، فكل ما يتعلق بي حملته في شنطة واحدة، سواء أوراقي أو وأغراضي الشخصية أو ملابسي، فلم أترك سوى «فراشي».

● نكمل..
- فعندما ابتعدت قليلا اتخذت طريقا لا يتوقعون أنني أسير فيه، بحيث اتجهت إلى ناحية اليسار وسلكت طريقا بين أشجار كثيفة، إذ لم أسلك الطريق مباشرة من أمام الكتيبة، وصرت أمشي ولساني يلهج بالدعاء أن ينجيني الله من ما أنا فيه، فلم أعد أفكر إلا في الخلاص بجلدي، فسرت لأكثر من نصف ساعة، وهنا اطمأننت فعلا أنني غبت عن أنظارهم، لكنني فوجئت بدخولي قرية تشهد حركة أكثر من البلدة التي كنا فيها، فبدأت أسمع أصوات دراجات نارية وإطلاق نار، وصرت أشاهد حركة من الناس، هنا اضطررت إلى الالتزام في مكاني بين الأشجار، والبقاء إلى أن تهدأ هذه الحركة، فبقيت في ذلك الضيق ساعتين، لأن جميع سكان البيوت يبدأون بتشغيل المولدات الكهربائية بعد المغرب لمدة نصف ساعة، وتستمر الحركة بين ساعة إلى ساعتين في الظلام إلى أن يلتزموا جميعهم البيوت.. أنا في هذا الوقت توكلت على الله وتحركت لمواصلة السير، وصرت أمشي بين غابات وأشجار وكأنني في مشهد لأحد الأفلام الخيالية، فواجهني نهر وقطعته، إلى أن وصلت عند الجبل الذي في أعلاه المركز التركي عند الساعة الرابعة فجرا، وشاهدت العلم في أعلى المركز، لكن بسبب الضباب الكثير الذي يغطي المكان لم استطع التدقيق في العلم، حيث ساورني شك أهو علم تركي بالفعل أم سوري تابع للنظام «فهل يعقل أن أسلم نفسي للنظام وأروح لهم برجولي؟».

● إذن اضطررت للبقاء إلى أن تتضح حقيقة العلم؟
- نعم، والله لدرجة أنني صرت أقطع أوراق الشجر وأتغطى بها من شدة البرد، وكنت اسأل نفسي وأنا أقطع أوراق الشجر وأتعذب من البرد «ليش سويت بنفسي كذا؟»، ومع التعب الشديد الذي أعيشه قررت أن أغفو وأنام إلى أن تشرق الشمس فأشاهد العلم، فنمت ساعة ونصف الساعة، فاستيقظت وأول ما وجهت عيني إليه هو المركز، وإذ بي أشاهد العلم التركي فعلا.. فارتحت، وأول ما فعلته في تلك اللحظة أن وقفت على ضفة النهر، وحملت السلاح بيدي الاثنتين، وقذفته وسط مياه النهر، كوني أيقنت أنني في أمان، ومقبل على تسليم نفسي للسلطات التركية، فبدأت أسير نحو المركز في رأس الجبل، وكانت غابات وعرة للغاية، إذ أرهقني وأتعبني الصعود إليه، وأنهك كل قواي.. وأول ما اقتربت من المركز فوجئت برجلين يشهران سلاحهما نحو، فرفعت يدي، إذ يبدو أقلقهما مجيء وأنا مرتد بدلة عسكرية، فاقتربا مني ووضعا السلاح علي مباشرة، وجاء رجل ثالث وعمد على تفتيش ملابسي وجسدي شخصيا، فصاروا يتكلمون إلي باللغة التركية، وأنا لا أفهم شيئا، وقلت لهم «عربي .. عربي»، فأخذوني وأقلوني في شاحنة تابعة للجيش، وذهبوا بي إلى مركز آخر للجيش، وهناك أجلسوني في «الحوش»، وقدموا لي قطعة خبز وحليب، وصاروا يرددون علي «ترجماني.. ترجماني» ففهمت أنهم استدعوا مترجما للموقع.. فجاء المترجم وقال «إيش في»، فأوضحت له أنني سعودي الجنسية، وأنا هربت من سوريا، والآن أريدكم أن تتصلوا بالسفارة السعودية لترتيب عودتي إلى المملكة، فطلب مني تقديم ما يثبت أنني سعودي، فقلت له لا أملك أي شيء «يا الله نفذت بجلدي»، فأبدى صعوبة الاتصال بالسفارة دون التثبت من هويتي، وحاولت إفهامه لكنه رفض التجاوب أكثر من هذا الحد، فجلست في مكاني وإذ بأربعة عساكر مسلحين يأخذوني ويقلوني في مؤخرة شاحنة أخرى للجيش، يغطيها شراع أخضر وبها كرسي من الحديد جلست عليه، فسرنا بين الأشجار وتوقف قليلا، وفجأة نزل من الشاحنة اثنين من العساكر، وأدخلوا في الشاحنة بجانبي أطفال ونساء ورجال وشباب، وجاء عسكري يحمل ورقة يطلب من الجميع التوقيع عليها، ومعه ذلك المترجم، في تلك اللحظة لم اهتم بمضمون الأوراق التي أوقع عليها، فسألني عن اسمي فأجبته، فكتبه في الورقة وطلب مني التوقيع، أمضيت دون الخوض في أي تفاصيل، إلا أنني رصدت الورقة أثناء ما كان رجل بجانبي يمضي عليها، حيث مكتوب عليها باللغة العربية «أنني أرغب بمحض إرادتي العودة إلى الأراضي السورية»، فأنا في نظرهم الآن لاجئ سوري، ولست مقاتلا سعوديا.. حاولت حينها التفاهم مع المترجم، لكنه لم يعرني أي اهتمام، فأنزلونا إلى بوابة على الحدود وقال «فوتوا» أي أدخلوا، وعدت من جديد إلى سوريا.


غدا..

ماذا حصل لمهندوف بعد إرغامه على العودة لسوريا؟

لميس
19 / 03 / 2014, 45 : 06 AM
حسبي الله ونعم الووكيل علييهم
ويسسلمو ع الخبر بانتظار الجزء الجديد

سُلاَفْ القَصِيدْ
19 / 03 / 2014, 11 : 10 AM
حياك لميس منوره بتواجدك

سُلاَفْ القَصِيدْ
19 / 03 / 2014, 11 : 10 AM
الحلقة الأخيرة
يروي لحظة لقائه بأمه .. ويفضح حقيقة أدعياء الجهاد:
عزلوني عن سهراتهم المشبوهة

http://www.okaz.com.sa/new/Issues/20140319/images/x40.jpg
حوار: محمد الأحمدي







المقاتل «مهندوف».. وأثناء حوارنا معه، التزم الصمت فجأة، ووقف عن الكلام دقائق، ذلك لأنه استذكر لحظة عودته ودخوله إلى البيت، ومشاهدة أمه بعد هذا الغياب المر، الغياب الذي منحه أطول فترة يعيشها داخل أحضان أمه، وليس في ذاك العناق صوت غير النحيب، ولا ماء غير الدموع.
في هذه الحلقة الأخيرة.. يفضح مهندوف حقائق مخجلة عن المقاتلين، فهو طوال تلك الأيام كان يصلي وحده، في كتيبة لم ير فيها صلاة ولا عبادة، وإذا جن الليل انعزل بعض عناصر الكتيبة في شقة بالطابق الأرضي للمقر، بزعامة قائدها، لا صوت يصدر غير الأغاني، ولا روائح تنبعث غير الدخان.. ومع كل هذا فإنه لا يرى غير اللحى، ولا يقرأ في المداخل غير الآيات القرآنية والعبارات الجهادية.
يروي مهندوف تفاصيل دقيقة لمحاولة إقناعه الجيش التركي الذي عامله كأنه «لاجئ سوري»، ليسمح له بالدخول، كما يكشف قصة تواصله بسفارة المملكة في أنقرة، بينما كان أول مشروع نفذه بعد بلوغه مرحلة الأمان هو «حلق اللحية».

• نستأنف الحكاية.. بعد أن تعامل معك الجيش التركي كأنك «لاجئ سوري».. وصرت الآن داخل الأراضي السورية في مخيم للاجئين.. ماذا فعلت؟
- بعد أن أنزلنا الجيش التركي على الشريط الحدودي، ووقعنا على ورقة بأن دخولنا الأراضي السورية جاء بمحض إرادتنا، وألزمنا بالدخول إلى الأراضي السورية، صرت أمشي مع السوريين في طريقهم إلى المخيم، وهناك سألت الشباب والمسنين «ايش اللي صاير؟ كيف نرجع»، فطمأنني أحدهم في إجابته «إن شاء الله نرجع، ولكن الجيش التركي أحيانا يحكم الحدود بشدة وأحيانا يتغاضى ويسمح بدخولنا»، فتساءلت عن الحل للخلاص مما أنا فيه، فقال «ما لك إلا تصبر شوي، ساعة أو ساعتين، بس يروحوا العساكر»، إذ كانت عناصر الجيش التركي منتشرة بكثافة على الحدود، وكنت أعيش تلك اللحظة بحالة من الخوف والهلع، باعتبار أنني سأكون في يد النظام بأي وقت لطالما أنني داخل الأراضي السورية، فرصدت سيارة للإغاثة خلف الشبك (السياح الحدودي)، أي داخل الأراضي التركية، وهو سياج ليس ممتدا على طول الحدود، إنما أشبه ببوابة بين شجرة وأخرى، فذهبت إلى السياج وتحدثت من خلفه لأحد أفراد الجيش التركي، لكنه لم يتجاوب معي نهائيا، فقال لي أحد السوريين اللاجئين إن هؤلاء لا يفهمون كونهم لا يتحدثون اللغة العربية، فأشار إلي بالذهاب إلى مسؤول الإغاثة فهو يتحدث العربية، فذهبت إليه وكان شابا، وشرحت له وضعي، وقلت له «أنا سعودي، ووضعي واحد اثنين ثلاثة...».
• ماذا في «واحد اثنين ثلاثة».. هل صارحته بأنك ذهبت للقتال مثلا؟
- نعم، شرحت له حالتي تماما، وصارحته بأنني جئت للقتال، وأن الصورة اتضحت لي، وأنا بحاجة للعودة، فقال لي «اصبر شوي أنا بأكلم العسكر، يمكن يتغاضون عنك»، فذهبت وشاهدته يتحدث معهم باللغة التركية، فعاد إلي، وأنا في حالة أعد في خطواته، لا أدري ماذا يحمل من توجيه، فجاء إلي، ومد لي يده من خلف السياج، وناولني خبزا وحليبا وماء، وقال لي «اشلح الجاكيت» كونه غطاء عسكريا، فأنزلت الغطاء، فقال «امش مع الطريق هذا لحد ما تشوف أفران (تنور) فهناك سيارات توصلك أي مكان»، فمشيت في الطريق، وكان ضيقا بين الأشجار، وهو أشبه بالجادة، وتبدو عليه آثار مشي، حتى وصلت إلى قرية اسمها «ييلداغ»، وبالفعل وجدت منطقة مليئة بالأفران والمخابز، وهناك وجدت سيارات مدنية تركية.
• وكيف تنقلك وليس معك أي مبلغ؟
- ليس معي ريال واحد، فتوجهت إلى تلك السيارات، وكانت خمس سيارات ويبدو أنها تعمل في توصيل الركاب، فأول سائق فاجأني بطلاقته في اللغة العربية وبادر بسؤالي «وين رايح؟»، فقلت له أرغب في الذهاب إلى أنطاكية، وإلى هذه اللحظة ما زلت أتوجس خيفة، ولم أشعر بالأمان والاطمئنان، بل أشعر أنني مراقب من كل الاتجاهات، وأنه من المحتمل أن يصل إلي أفراد الكتيبة في ذلك الموقع.. فطلبت من السائق هاتفه المحمول.
• وأين هاتفك أنت؟
- أخذه المنسق السوري في الكتيبة، مع جواز السفر الخاص بي وبطاقة الهوية الوطنية وغيرها من أغراضي.
• ما نوع هاتفك؟
- بلاك بيري.
• أكمل.. ماذا حصل بعد أن طلبت من السائق الهاتف المحمول؟
- ناولني السائق هاتفه، فاتصلت بأخي الثاني وليس أخي الأكبر، فكلمت وشرحت له الوضع كاملا وأوجزت له قصتي.
• كم مدة المكالمة التي دارت بينك وبين أخيك؟
- خمس دقائق تقريبا، وأصيب بالذهول والفاجعة بمجرد سماع صوتي، وزاد من فزعه أن علم بأنني معلق قرب الحدود فهو لا يعلم بخروجي للقتال، لا مال ولا هاتف ولا شيء.. فقلت له «الحقني، أنا الآن على الحدود التركية، وليس معي شيء، لا فلوس ولا شيء، غير اللبس اللي ساترني»، فقال لي «اصبر عند السائق 10 دقائق وبأتواصل معك».. فعاد واتصل بي، وأبلغني أنه تحدث مع سفارة المملكة في أنقرة، ولكن الوصول إلى أنقرة يتطلب الكثير من المال.. عندها دبر أخي أمر خروجي من المأزق الذي أعيش فيه، حيث اتصل بـ«شيف» تركي الجنسية يدعى «أبو جميل» يعمل في مطعم في الشمال، تحت كفالة ابن خالتي، وكان العامل حينها في إجازة بتركيا، لكننا فوجئنا أن «أبو جميل» يقيم في اسكندرون وليس في أنطاكية، وزودني برقمه في اسكندرون، فاتصلت بـ«أبو جميل»، فقال «اعطني السواق اللي معاك»، فناولته الهاتف، وصرت أسمع السائق يتحدث معه باللغة التركية، فأنهى المكالمة، وقال «هذا الشخص موجود في اسكندرون، وأنا بآخذ منك 200 ليرة تركية (337 ريالا)، فقلت له «ما في مشكلة.. بس أنت وديني»، فانطلقنا وبعد ساعة وصلنا إلى اسكندرون، وهناك دخلنا إلى منطقة مزدحمة بالأسواق، وتوقفنا، فاتصل السواق، وبعدها بدقائق جاء «أبو جميل» وأخذني معه.. فاتصل بأخي وأبلغه أنني معه، وبعد وقت وجيز ورد اتصال إلى هاتف أبو جميل من رقم تركي، فأجاب، وإذا به شخص يطلب محادثتي، فناولني أبو جميل الهاتف، تحدثت معه، فظهر أنه مسؤول في قسم شؤون الرعايا بالسفارة، بناء على مكالمة دارت بين أخي والسفارة، فأنا -بصراحة- أخفيت عنه الحقيقة وأبلغته أنني فقدت جواز السفر، ولم أبلغه بأنني ذهبت للقتال، فقال لي هذا الموظف «وينك الآن؟»، فقلت له «أنا في اسكندرون»، فقال «ايش وداك اسكندرون؟ حنا لنا شهر نحذر ما أحد يروح اسكندرون.. فأيش اللي وداك؟»، فقلت له «أنا جاي سياحة»، فقال «ووين ضاع جوازك»، فأجبته «جوازي ضاع بتاكسي، وأنا الآن بدون أوراق، وأبغى أرجع للسعودية».
• لماذا أخفيت الحقيقة؟
- بصراحة خفت، فعندما ذهبت في البداية للمركز الحدودي التركي اندفعت على مبدأ «اللي يصير يصير»، بينما بعد الدخول إلى المدن التركية وشعوري بالأمان فكرت في العودة دون كشف الحقيقة.. فوجهني موظف شؤون الرعايا بأن علي الذهاب إلى أنقرة، وزودني باسم وعنوان فندق، تكفلت السفارة بحجز غرفة لي فيه، وقال «أول ما توصل الفندق اعطهم اسمك وهم بينزلونك في الغرفة، والساعة 9 الصباح تجيني في السفارة».
• ماذا حصل بعدها؟
- أعطاني أبو جميل مبلغا من المال، وقال لي تسافر إلى أنقرة برا، عبر حافلات النقل، وبالفعل حجزت من اسكندرون إلى أنقرة.
• كم أعطاك؟
- أعطاني المبلغ الكفيل بإيصالي إلى السفارة في أنقرة، وتحديدا 100 ليرة تركية.
• كم كان الوقت حينها؟
- وقت الظهر.. فذهبت إلى أنقرة، ومن محطة الحافلات توجهت إلى الفندق، وكان قريبا جدا من مبنى السفارة، فدخلت للاستقبال، وبالفعل وجدت حجزا باسمي، نمت في تلك الليلة وفي الصباح توجهت إلى السفارة، وهناك التقيت الموظف، وشرع في إجراءات إصدار «تذكرة مرور» لسفرة واحدة إلى المملكة، فسلمني إياها، وناولني تذكرة سفر من أنقرة إلى الرياض، ومن الرياض إلى منطقتي في شمال المملكة.
• متى كان موعد السفر؟
- في اليوم التالي.
• عبر أي شركة خطوط؟
- الخطوط التركية.
• وطوال هذين اليومين اللذين أمضيتهما في الفندق.. هل شاهدت سعوديين في أرجائه كالبهو أو المطعم؟
- لا، لم أشاهد أي سعودي أبدا.
• وأعتقد أنها حانت ساعة العودة إلى الوطن..
نعم، سافرت من اسطنبول إلى الرياض، ومن هناك إلى الشمال، فوجدت إخواني في استقبالي في المطار.. فالحمد لله أنني عدت، بينما هنالك من وصل إلى مرحلة «اللاعودة»، فأنا أعتبر نفسي محظوظا.
• ماذا عن لقائك بالوالدة؟
- (هنا لم يرد مهندوف على إجابتي وبقي صامتا).
• يبدو أنك سرحت بعيدا؟
- تقريبا.. والله كل ما أفكر.. (صمت قليلا).. الحمد لله على كل حال.. فالتجربة فعلا صعبة، والله يا محمد صعبة جدا، ومهما تكلمت ومهما شرحت فلن أجيد وصف الصورة التي شاهدتها.
• صف لنا لقاءك بالوالدة؟
- أول مرة في حياتي أستغرق هذا الوقت الطويل في أحضان أمي، فبمجرد أن عرفت هي بقدومي، وقفت تنتظرني أمام الباب، وفور وصولي أخذتني في أحضانها، وهي تبكي وأنا أبكي، تبكي وأبكي، وبعدها هدأت موجة الدموع، فجلست بجانبي، وقالت «يا ولدي الحمد لله على سلامتك، أنا طول هالفترة أدعي لك دعوة واحدة في كل صلاة وفي كل سجدة وفي كل لحظة، كنت أقول (يا الله.. اللهم أنت تولاه، فلا تجعل أحدا يتولى أمره)».
• وماذا قالت هي وإخوانك عندما شاهدوا تغير ملامحك.. وطول لحيتك؟
- (يضحك) أول شيء فعلته بمجرد وصولي إلى اسكندرون ولقائي بـ«أبو جميل»، هو الذهاب لأقرب حلاق، حيث خففت اللحية.
• أنت تقول إنك عدت خاوي الوفاض، لا هاتف ولا شيء.. فكيف زودتنا بالصور إذن؟
- بعد عودتي اتصل بي أحد الأصدقاء، وقال «وجدت لك صورا في فيس بوك»، وأرسل لي صورة واحدة، فتذكرت فورا أنها ضمن الصور التي التقطناها أثناء جولتي مع المنسق في أرجاء الغسانية، فدخلت إلى فيس بوك، وبالفعل وجدت صورا، يمجدونني فيها بعبارات جهادية، وصوروني بطلا أسطوريا، ويوجهون من خلالها رسائل إلى شباب المملكة، بالسفر إلى سوريا للقتال، ويدعونهم للاحتذاء بي، بمعنى «تعالوا مثلما جاءنا مهندوف».. الأدهى والأمر من هذا أنني وجدت صوري بعد فترة في مواقع وحسابات للنظام السوري، ومكتوب اسمي، ونسبوني إلى كتائب إرهابية، ولفقوا علي التهم، بأنني ارتكبت عدة مجازر.. فاتضحت لي الصورة بأن هذا الشخص المنسق الذي حرضني على الذهاب إلى سوريا، كان ينوي فعلا تسليمي للنظام، بدليل أن هذه الصور وصلت للنظام وكتبوا عليها «فطيسة».
• سأوجه إليك جملة من الأسئلة تجيبني فيها بصراحة.. وأنت محاسب أمام الله على الإجابة عليها..
- تفضل.
• بالنسبة للمقاتلين الذين التقيتهم هناك، وأقمت مع عناصر الكتيبة أياما وليالي.. هل هم على ظاهرهم من حيث التدين؟
- والله ما شفت أي أحد منهم يصلي نهائيا، فصليت وحدي إذ لا صلاة في الكتيبة ولا في غيرها، والهيئة التي يظهرون بها مجرد «إطلاق لحى»، ويدخنون، ويسمعون الأغاني.. فلم ألاحظ أي شيء يلمح إلى الدين.
• هل تذكر الأغاني التي يسمعونها؟
- لم أذكر، لكن أسمعها، فبعض العناصر تنعزل ليلا في الطابق الأرضي، ويغلقون الباب، ولا نسمع سوى أغان، ولا نشم سوى الدخان.
• مع الواقع الذي يخلو من الصلاة والعبادة ويتشرب بالدخان والأغاني.. هل هم يرفعون شعارات وعبارات مثل «الله أكبر»؟
- الآيات القرآنية والعبارات الجهادية تغطي مدخل الكتيبة.
• مثل ماذا؟
- مثل الآية «وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى»، وعبارة «قتلاكم في النار وقتلانا في الجنة».. بمعنى أنك تشاهد ديكورا جهاديا.
• هل صحيح ما يشاع عن نكاح الجهاد؟
- بالنسبة لي أنا، لم أشاهد شيئا من ذلك، لكن شهدت خطبة أحد المقاتلين من الكتيبة لفتاة سورية، ولكن أخبروه بعد أيام أن الفتاة قتلت في عملية قصف.
• ألم تتزوج هناك؟
- لا والله ما تزوجت ولا فكرت.
• ولم يعرض عليك أحد الزواج؟
- لا، ولكن يسألونني باستمرار «أنت أعزب؟».
• ماذا كانت نظرة المقاتلين إلى المملكة؟
- نظرة حسد وحقد، وهم يستهدفون السعوديين طمعا في أموالهم، فضلا عن جعل بعضهم ضحايا وفرائس للخيانات.
• ولم يسألك أحد عن مجيئك إلى سوريا مقابل تحذير مفتي عام المملكة وأعضاء هيئة كبار العلماء من السفر إلى هناك؟
- ليس للمفتي أو أعضاء هيئة كبار العلماء أي اعتبار لدى المقاتلين، لأن فتاواهم تتعارض مع رغباتهم الخاصة، بل كرسوا في ذهني أن علي تجاهل أي فتوى تصدر من المملكة أو غيرها بشأن الجهاد، وقالوا لي إن الجهاد في سوريا فرض عين على كل مسلم، وزاد أحدهم «لو كانت اللقمة في فمك عليك أن تخرجها وتنفر إلى الجهاد، بلا مشورة الأم ولا الأب ولا الأخ ولا غيرهم».
• ما الرسالة التي توجهها إلى شباب الوطن المغرر بهم في مواقع القتال؟
- أنا قررت الحديث للإعلام، كي أبرئ ذمتي أمام الله، فأنا نجوت ولله الحمد، وبأعجوبة، ولا أتمنى على أحد من شباب الوطن أن يمر بالتجربة المريرة التي عشتها.
• بقيت أيام وتنتهي المهلة التي أعلنت عنها وزارة الداخلية ودعت فيها المقاتلين في الخارج إلى العودة.. ماذا تقول لهم؟
- أنا أوجه نداء إلى جميع الشباب السعوديين في الخارج أن يتقوا الله في أنفسهم قبل كل شيء، وفي أهليهم وذويهم، وأن يقيموا الواقع بما يرونه لا بالعواطف والمشاعر.. فالجهاد واضح، وما يجري في سوريا ليس بجهاد أبدا، فآمل أن يتداركوا هذه الفرصة ويعودوا في أقرب وقت.
• بماذا تتنبأ لمستقبلك؟
- أنا ابن الوطن، وأتطلع للزواج وبناء أسرتي، وإكمال دراستي، ولكن ظروفي عسيرة، فالشباب فيهم خير، ونأمل من جميع الجهات المزيد من العناية بشؤونهم، والعمل على رعايتهم.
• وأخيرا انتهى الحوار بسؤال مازحت فيه مهندوف:
- أنا أنوي الجهاد.. هل تهيئ لي الطريق؟
(يضحك) والله يا ابن الحلال.. احمد ربك على اللي أنت فيه.