سُلاَفْ القَصِيدْ
20 / 10 / 2012, 19 : 12 AM
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اما بعد ....
اعْلِم أَخِي – أَرْشَدَكَ اللهُ لِطَاعَتِهِ – أَنَّ اللهَ يُحِبُّ مِنَ عِبَادِهِ العَمَل الصَّالِح لاسيمَا فِي العَشْرِ مِنْ ذِي الحِجّة لِقَوْلِهِ - صَلَّى الله عَلَيْهِ وآلِهِوَسَلَّم - :
{ "مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ". فَقَالُوا : "يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ" ؟ . فَقَالَ : "وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِوَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ"}. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمذِيوَابْن مَاجَه.
عَنِ ابْنِ عَبَاسٍ –رَضِي الله عَنْهُمَا - وَأَصْله عِنْدَ البُخَارِي بِلَفْظ :
{ "مَا الْعَمَلُ فِي أَيَّامٍ أَفْضَلَ مِنْهَا فِي هَذِهِ" . قَالُوا : "وَلَا الْجِهَادُ ؟ . قَالَ : "وَلَا الْجِهَادُ إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ" } .
قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ :
هَذَااللَّفْظُ يَحْتَمِلُ أَمْرَيْنِ : ( "أَنْ لَايَرْجِعَ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِهِ وَإِنْ رَجَعَ هُوَ ، وَأَنْ لَا يَرْجِعَ هُوَوَلَا مَالُهُ بِأَنْ رَزَقَهُ اللَّهُ الشَّهَادَةَ") .
قَالَ الشَّوْكَانِيُ :
( "وَالْحَدِيثُ فِيهِ تَفْضِيلُ أَيَّامِ الْعَشْرِ عَلَىغَيْرِهَا مِنْ السَّنَةِ") .
وقال : ( "وَالْحِكْمَةُ فِيتَخْصِيصِ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ بِهَذِهِ الْمَزِيَّةِ اجْتِمَاعُ أُمَّهَاتِالْعِبَادَةِ فِيهَا : الْحَجُّ ، وَالصَّدَقَةُ ، وَالصِّيَامُ ، وَالصَّلَاةُ ،وَلَا يَتَأَتَّى ذَلِكَ فِي غَيْرِهَا" ).ا.هـ
وَلِفَضْلِ هَذِهِ الأَيَّامأَيْضًا قَالَ تَعَالى : { وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍعَشْرٍ}
{ وَالْفَجْرِ } : قِيلَ المُرَادُ بِهِ فَجْر يَوْمِ النَّحْرِ خَاصَّة، وَهْوْخَاتِمَةُ اللَّيَالي العَشْرِ.
{ وَلَيَالٍعَشْرٍ } : اللَّيَالي العَشْر قِيلَ المُرَادُ بهَا عَشْرذِي الحِجّة. كَمَا قَالَهُ ابنُ عَبَّاسٍ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ، وَمجَاهِد،وَغَيْر وَاحِدٍ مِنَ السَّلَفِ وَالخَلَفِ.
وَقَالَ تَعَالى : { وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِفِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِالْأَنْعَامِ } . [الحج/28]
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ –رَضِي الله عَنْهُمَا : { فِي أَيَّامٍمَعْلُومَاتٍ } أَيَّامُ الْعَشْرِ .
قَالَ ابْنُحَزْمٍ: صَحَّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَإِبْرَاهِيمَالنَّخَعِيِّ، وَمُجَاهِدٍ، وَعَطَاءٍ، وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّا.هـ
فَمِنَ أَفْضَلِ الأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ فِي العَشْرِ أَدَاءُالحَجِّ وّالعُمْرَةِ لمنْ تَيَسَّرَ لَهُ ذَلِكَ وَفَضَائِلهما كَثِيرةٌ .
وَمِنَ الأَعْمَال الصَّالِحَةِ فِي العَشْرِالتَكْبِير وَرَفْع الصَّوتِ بَهِ لِقَوْلِهِ تَعَالى: { وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْتَشْكُرُونَ }. [البقرة/185].
قَالَ البُخَارِيُّ : وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ يَخْرُجَانِ إِلَى السُّوقِ فِي أَيَّامِ الْعَشْرِ يُكَبِّرَانِ وَيُكَبِّرُ النَّاسُ بِتَكْبِيرِهِمَا.ا.هـ لَكِنْ لَيْسَ جَمَاعِيًا .
وَمِنَ الأَعْمَال الصَّالِحَةِ فِي العَشْرِ يُسْتَحَبُ صِيامُ يَوْمِ عَرَفَة وَهْوَ اليِوم التَاسِع لحدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ –رَضِي الله عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهعَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّم - سُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ ؟ فَقَالَ : { " يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ وَالْبَاقِيَةَ" } . رَوَاهُ مُسْلِم .
وَأَمَّاصِيَامُ بَقِيَّة أَيَّامِ العَشْرِ عَدَا التَاسِعِ فقد قَالَتْ عَائِشَة –رَضِيالله عَنْهَا -: ( "مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى الله عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّم - صَائِمًا فِي الْعَشْرِ قَطُّ" ) وَفِي رِوَايَةٍ:
( "لَمْ يَصُمْ الْعَشْرَ قَطُّ " ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ .
وَأَمَّا حَدِيثُ حَفْصَةَ –رَضِي الله عَنْهَا - قَالَتْ : ( "أَ رْبَعٌ لَمْ يَكُنْ يَدَعُهُنَّ النَّبِيُّ - صَلَّى الله عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّم - صِيَامَ عَاشُورَاءَ وَالْعَشْرَ وَثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَرَكْعَتَيْنِ قَبْل
َالْغَدَاةِ") . فَقَدْ رَوَاهُ أَحمَدُ وَالنَّسَائِي وَقَالَ الأَلْبَانِيُ في إِرْوَاءِ الغَلِيلِ رَقَم 954: إِسْنَادٌ ضَعِيفٌرِجَالُهُ ثِقَات غَيْر أَبى إِسْحَاق الأَشْجَعِي فَهْوَ مجْهُول عَلَى أَنَّ الرُّوَاةَ اخْتَلَفُوا عَلَى الحُر بن الصَّباح اخْتِلافًا كَبِيرًا في إِسْنَادِهِ وَمَتْنِهِ زِيَادَةً وَنَقْصًا وَلِذَلِكَ قَالَ الحَافِظُ الزّيلع ىفي نَصْبِ الرَّايَةِ : هُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ.
ثُمَّ صَحّحهُ الأَلْبَاني فيسُنَنِ أَبى دَاودِ عَنْ هُنَيْدَةَ بْنِ خَالِدٍ عَنِ امْرَأَتِهِ عَنْ بَعْضِأَزْوَاجِ النَّبِىِّ - صَلَّى الله عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّم - قَالَتْ : ( "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى الله عَلَيْهِ وآلِهِوَسَلَّم - يَصُومُ تِسْعَ ذِى الْحِجَّةِ وَيَوْمَ عَاشُورَاءَ وَثَلاَثَةَأَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ أَوَّلَ اثْنَيْنِ مِنَ الشَّهْرِ وَالْخَمِيسَ" ). لَكِنْ قَالَ الشَّوْكَاني : وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى هُنَيْدَةَ بْنِ خَالِدٍ فَرَوَاهُ عَنْ امْرَأَتِهِ عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى الله عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّم - ا.هـ.
قُلْتُ : فَالحَدِيثُ ضَعِيفٌ لاضّطِرَابِهِ وَاللهُ أَعْلَم وَلايُصَادِمُ حَدِيثُ عَائِشَة في صَحِيحِ مُسْلِم المُتَقَدِّم. وَمَعَ هَذَافَالجُمْهُورُ عَلَى اسْتِحْبَابِ صِيَامِ التِسْع . عَلَى أَنَ الصِّيَامَكَذَلِكَ مِنَ العَمَلِ الصَّالحِ .
فَأَمَّا عَنِ الرَّسِولِ - صَلَّى اللهعَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّم - فَمَا أَعْلَمُ أَنَّهُ صَامَهَا عَدَا يَومِ عَرَفَةالّذِي حَثَّ عَلَى صِيَامِهِ . فَالصِّيَامُ مِنَ العَمَلِ الصَّالحِ وَمَنْ لمْيَصُمْ فَهْوَ مَأَجُورٌ عَلَى اتبَاعِهِ لِلنَّبِي - صَلَّى الله عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّم - حَيْثُ لم يَثْبُتْ عَنْهُ صِيَامٌ في الْعَشْرِ .
وَقَدْ ثَبَتَعَنِ الحَسَنِ البَصْرِي أَنَّهُ قَالَ : ("صِيَامُ يَوْمٍ مِنَ العَشْرِ يَعْدِلُ شَهْرَيْنِ").رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَاق في مُصَنَّفِهِ وَسَنَدُهُ صَحِيحٌ .
وَعَنْ بنِ عَوْنٍ قَالَ : ( "كَانَمحَمَّدُ بن سِيرِين يَصُوم العَشْر عَشْر ذِي الحِجّة كُلَّهُ فِإِذَا مَضَى العَشْر وَمَضَت أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَفْطَرَ تِسْعَة أَيَّامٍ مِثْلَ مَاصَامَ" ) . رَوَاهُ ابنُ أَبي شَيْبَة فيمُصَنَّفِهِ وَسَنَدُهُ صَحِيحٌ.
وَعَنْ لَيْث قَالَ : ( "كَانَ مجَاهِد يَصُومُ العَشْر قَالَوَكَانَ عَطَاءٌ يَتَكَلَّفهَا" ). رَوَاهُ ابنُ أَبيشَيْبَة في مُصَنَّفِهِ وَفي سَنَدِهِ لَيْث ابن أَبي سَلِيم وَفِيهِ ضَعْفٌ .
وَمِنَ الأَعْمَال الصَّالِحَةِ فِي العَشْرِ يَوْم النَّحْرِالأُضْحِيَة.
فَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ –رَضِي الله عَنْهَا - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى الله عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّم - قَالَ: { "إِذَا دَخَلَتْ الْعَشْرُ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَفَلَا يَمَسَّ مِنْ شَعَرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئًا حَتَّى يُضَحِّيَ" } . رَوَاهُ مُسْلِمٌ .
وَمِنَ الأَعْمَال الصَّالِحَةِ فِيالعَشْرِ صَلاةُ العِيدِ .
وَأَعْمَال الخَيْرِ كَثِيرةٌ فَعَلَى المُسْلِمِأَنْ يُكْثِرَ مِنَ الأَعْمَالِ الصَّالحَةِ غَيْرَ مَا ذُكِرَ مِنْ صَلاةٍوَصَدَقَةٍ وَأَمْرٍ بِالمعْرُوفِ وَنهْيٍ عَنْ المنْكَرِ
وَصِلَةٍ لِلأَرْحَامِ وَبِرٍّ لِلْوَالِدَيْنِ وَدَعْوَةٍ لِلْجَمَاعَةِ وَالتَّآلُفِ وَنَبْذٍ لِلْفُرْقَةِ .
وَعَلَيْهِ أَنْ يَحْذَرَ مِنَ الشِّرْكِ وَالبِدَعِ وَالمعَاصِي وَعَلَيْهِ أَنَ يحْذَرَ مِنَ الفُرْقَةِ وَالتَّنَاحُرِوَالمظَاهَرَاتِ وَمِنْ تَقْلِيدِ أَعْدَاءِ الإِسْلامِ . وَلَيْسَ مِنَ الأَعْمَالِ الصَّالحَةِ مُشَاهَدَة القَنَوَات الفَضَائِية التِي تَنْشُرُالرَّذِيلَة وَتُهِينُ الفَضِيلَة .
وَالحمْدُ للهِ عَلَى نِعَمهِ وَصَلَىالله عَلَى نَبِينَا مُحَمَّدٍ وَآلِه وَسَلَّم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اما بعد ....
اعْلِم أَخِي – أَرْشَدَكَ اللهُ لِطَاعَتِهِ – أَنَّ اللهَ يُحِبُّ مِنَ عِبَادِهِ العَمَل الصَّالِح لاسيمَا فِي العَشْرِ مِنْ ذِي الحِجّة لِقَوْلِهِ - صَلَّى الله عَلَيْهِ وآلِهِوَسَلَّم - :
{ "مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ". فَقَالُوا : "يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ" ؟ . فَقَالَ : "وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِوَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ"}. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمذِيوَابْن مَاجَه.
عَنِ ابْنِ عَبَاسٍ –رَضِي الله عَنْهُمَا - وَأَصْله عِنْدَ البُخَارِي بِلَفْظ :
{ "مَا الْعَمَلُ فِي أَيَّامٍ أَفْضَلَ مِنْهَا فِي هَذِهِ" . قَالُوا : "وَلَا الْجِهَادُ ؟ . قَالَ : "وَلَا الْجِهَادُ إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ" } .
قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ :
هَذَااللَّفْظُ يَحْتَمِلُ أَمْرَيْنِ : ( "أَنْ لَايَرْجِعَ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِهِ وَإِنْ رَجَعَ هُوَ ، وَأَنْ لَا يَرْجِعَ هُوَوَلَا مَالُهُ بِأَنْ رَزَقَهُ اللَّهُ الشَّهَادَةَ") .
قَالَ الشَّوْكَانِيُ :
( "وَالْحَدِيثُ فِيهِ تَفْضِيلُ أَيَّامِ الْعَشْرِ عَلَىغَيْرِهَا مِنْ السَّنَةِ") .
وقال : ( "وَالْحِكْمَةُ فِيتَخْصِيصِ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ بِهَذِهِ الْمَزِيَّةِ اجْتِمَاعُ أُمَّهَاتِالْعِبَادَةِ فِيهَا : الْحَجُّ ، وَالصَّدَقَةُ ، وَالصِّيَامُ ، وَالصَّلَاةُ ،وَلَا يَتَأَتَّى ذَلِكَ فِي غَيْرِهَا" ).ا.هـ
وَلِفَضْلِ هَذِهِ الأَيَّامأَيْضًا قَالَ تَعَالى : { وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍعَشْرٍ}
{ وَالْفَجْرِ } : قِيلَ المُرَادُ بِهِ فَجْر يَوْمِ النَّحْرِ خَاصَّة، وَهْوْخَاتِمَةُ اللَّيَالي العَشْرِ.
{ وَلَيَالٍعَشْرٍ } : اللَّيَالي العَشْر قِيلَ المُرَادُ بهَا عَشْرذِي الحِجّة. كَمَا قَالَهُ ابنُ عَبَّاسٍ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ، وَمجَاهِد،وَغَيْر وَاحِدٍ مِنَ السَّلَفِ وَالخَلَفِ.
وَقَالَ تَعَالى : { وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِفِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِالْأَنْعَامِ } . [الحج/28]
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ –رَضِي الله عَنْهُمَا : { فِي أَيَّامٍمَعْلُومَاتٍ } أَيَّامُ الْعَشْرِ .
قَالَ ابْنُحَزْمٍ: صَحَّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَإِبْرَاهِيمَالنَّخَعِيِّ، وَمُجَاهِدٍ، وَعَطَاءٍ، وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّا.هـ
فَمِنَ أَفْضَلِ الأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ فِي العَشْرِ أَدَاءُالحَجِّ وّالعُمْرَةِ لمنْ تَيَسَّرَ لَهُ ذَلِكَ وَفَضَائِلهما كَثِيرةٌ .
وَمِنَ الأَعْمَال الصَّالِحَةِ فِي العَشْرِالتَكْبِير وَرَفْع الصَّوتِ بَهِ لِقَوْلِهِ تَعَالى: { وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْتَشْكُرُونَ }. [البقرة/185].
قَالَ البُخَارِيُّ : وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ يَخْرُجَانِ إِلَى السُّوقِ فِي أَيَّامِ الْعَشْرِ يُكَبِّرَانِ وَيُكَبِّرُ النَّاسُ بِتَكْبِيرِهِمَا.ا.هـ لَكِنْ لَيْسَ جَمَاعِيًا .
وَمِنَ الأَعْمَال الصَّالِحَةِ فِي العَشْرِ يُسْتَحَبُ صِيامُ يَوْمِ عَرَفَة وَهْوَ اليِوم التَاسِع لحدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ –رَضِي الله عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهعَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّم - سُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ ؟ فَقَالَ : { " يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ وَالْبَاقِيَةَ" } . رَوَاهُ مُسْلِم .
وَأَمَّاصِيَامُ بَقِيَّة أَيَّامِ العَشْرِ عَدَا التَاسِعِ فقد قَالَتْ عَائِشَة –رَضِيالله عَنْهَا -: ( "مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى الله عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّم - صَائِمًا فِي الْعَشْرِ قَطُّ" ) وَفِي رِوَايَةٍ:
( "لَمْ يَصُمْ الْعَشْرَ قَطُّ " ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ .
وَأَمَّا حَدِيثُ حَفْصَةَ –رَضِي الله عَنْهَا - قَالَتْ : ( "أَ رْبَعٌ لَمْ يَكُنْ يَدَعُهُنَّ النَّبِيُّ - صَلَّى الله عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّم - صِيَامَ عَاشُورَاءَ وَالْعَشْرَ وَثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَرَكْعَتَيْنِ قَبْل
َالْغَدَاةِ") . فَقَدْ رَوَاهُ أَحمَدُ وَالنَّسَائِي وَقَالَ الأَلْبَانِيُ في إِرْوَاءِ الغَلِيلِ رَقَم 954: إِسْنَادٌ ضَعِيفٌرِجَالُهُ ثِقَات غَيْر أَبى إِسْحَاق الأَشْجَعِي فَهْوَ مجْهُول عَلَى أَنَّ الرُّوَاةَ اخْتَلَفُوا عَلَى الحُر بن الصَّباح اخْتِلافًا كَبِيرًا في إِسْنَادِهِ وَمَتْنِهِ زِيَادَةً وَنَقْصًا وَلِذَلِكَ قَالَ الحَافِظُ الزّيلع ىفي نَصْبِ الرَّايَةِ : هُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ.
ثُمَّ صَحّحهُ الأَلْبَاني فيسُنَنِ أَبى دَاودِ عَنْ هُنَيْدَةَ بْنِ خَالِدٍ عَنِ امْرَأَتِهِ عَنْ بَعْضِأَزْوَاجِ النَّبِىِّ - صَلَّى الله عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّم - قَالَتْ : ( "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى الله عَلَيْهِ وآلِهِوَسَلَّم - يَصُومُ تِسْعَ ذِى الْحِجَّةِ وَيَوْمَ عَاشُورَاءَ وَثَلاَثَةَأَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ أَوَّلَ اثْنَيْنِ مِنَ الشَّهْرِ وَالْخَمِيسَ" ). لَكِنْ قَالَ الشَّوْكَاني : وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى هُنَيْدَةَ بْنِ خَالِدٍ فَرَوَاهُ عَنْ امْرَأَتِهِ عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى الله عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّم - ا.هـ.
قُلْتُ : فَالحَدِيثُ ضَعِيفٌ لاضّطِرَابِهِ وَاللهُ أَعْلَم وَلايُصَادِمُ حَدِيثُ عَائِشَة في صَحِيحِ مُسْلِم المُتَقَدِّم. وَمَعَ هَذَافَالجُمْهُورُ عَلَى اسْتِحْبَابِ صِيَامِ التِسْع . عَلَى أَنَ الصِّيَامَكَذَلِكَ مِنَ العَمَلِ الصَّالحِ .
فَأَمَّا عَنِ الرَّسِولِ - صَلَّى اللهعَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّم - فَمَا أَعْلَمُ أَنَّهُ صَامَهَا عَدَا يَومِ عَرَفَةالّذِي حَثَّ عَلَى صِيَامِهِ . فَالصِّيَامُ مِنَ العَمَلِ الصَّالحِ وَمَنْ لمْيَصُمْ فَهْوَ مَأَجُورٌ عَلَى اتبَاعِهِ لِلنَّبِي - صَلَّى الله عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّم - حَيْثُ لم يَثْبُتْ عَنْهُ صِيَامٌ في الْعَشْرِ .
وَقَدْ ثَبَتَعَنِ الحَسَنِ البَصْرِي أَنَّهُ قَالَ : ("صِيَامُ يَوْمٍ مِنَ العَشْرِ يَعْدِلُ شَهْرَيْنِ").رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَاق في مُصَنَّفِهِ وَسَنَدُهُ صَحِيحٌ .
وَعَنْ بنِ عَوْنٍ قَالَ : ( "كَانَمحَمَّدُ بن سِيرِين يَصُوم العَشْر عَشْر ذِي الحِجّة كُلَّهُ فِإِذَا مَضَى العَشْر وَمَضَت أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَفْطَرَ تِسْعَة أَيَّامٍ مِثْلَ مَاصَامَ" ) . رَوَاهُ ابنُ أَبي شَيْبَة فيمُصَنَّفِهِ وَسَنَدُهُ صَحِيحٌ.
وَعَنْ لَيْث قَالَ : ( "كَانَ مجَاهِد يَصُومُ العَشْر قَالَوَكَانَ عَطَاءٌ يَتَكَلَّفهَا" ). رَوَاهُ ابنُ أَبيشَيْبَة في مُصَنَّفِهِ وَفي سَنَدِهِ لَيْث ابن أَبي سَلِيم وَفِيهِ ضَعْفٌ .
وَمِنَ الأَعْمَال الصَّالِحَةِ فِي العَشْرِ يَوْم النَّحْرِالأُضْحِيَة.
فَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ –رَضِي الله عَنْهَا - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى الله عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّم - قَالَ: { "إِذَا دَخَلَتْ الْعَشْرُ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَفَلَا يَمَسَّ مِنْ شَعَرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئًا حَتَّى يُضَحِّيَ" } . رَوَاهُ مُسْلِمٌ .
وَمِنَ الأَعْمَال الصَّالِحَةِ فِيالعَشْرِ صَلاةُ العِيدِ .
وَأَعْمَال الخَيْرِ كَثِيرةٌ فَعَلَى المُسْلِمِأَنْ يُكْثِرَ مِنَ الأَعْمَالِ الصَّالحَةِ غَيْرَ مَا ذُكِرَ مِنْ صَلاةٍوَصَدَقَةٍ وَأَمْرٍ بِالمعْرُوفِ وَنهْيٍ عَنْ المنْكَرِ
وَصِلَةٍ لِلأَرْحَامِ وَبِرٍّ لِلْوَالِدَيْنِ وَدَعْوَةٍ لِلْجَمَاعَةِ وَالتَّآلُفِ وَنَبْذٍ لِلْفُرْقَةِ .
وَعَلَيْهِ أَنْ يَحْذَرَ مِنَ الشِّرْكِ وَالبِدَعِ وَالمعَاصِي وَعَلَيْهِ أَنَ يحْذَرَ مِنَ الفُرْقَةِ وَالتَّنَاحُرِوَالمظَاهَرَاتِ وَمِنْ تَقْلِيدِ أَعْدَاءِ الإِسْلامِ . وَلَيْسَ مِنَ الأَعْمَالِ الصَّالحَةِ مُشَاهَدَة القَنَوَات الفَضَائِية التِي تَنْشُرُالرَّذِيلَة وَتُهِينُ الفَضِيلَة .
وَالحمْدُ للهِ عَلَى نِعَمهِ وَصَلَىالله عَلَى نَبِينَا مُحَمَّدٍ وَآلِه وَسَلَّم