المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لو كنتَ رجلاً . (ق.ق)


عزوف
09 / 10 / 2012, 46 : 01 PM
لو كنتَ رجلاً . (ق.ق)</STRONG>
.

قصة قصيرة : لو كنتَ رجُلاً .

(1)
تنتظرهُ حتّى أحلَك الشوق، في عزّ الظلام.. لم تنتظره بقلَق لأنّه تأخّر، بل لأنّ الصبرَ تبخَّر!
رغم أنها لا تعرف شكل ضحكته إلا أنها تعرف تماماً أنّه يضحك الآن مع أصحابه، مُتباهياً بمعاصيه..
وأنّهُ سيبقى معهم حتى آخر الليل.
حتى لحظة النُعاس _كعادته_.. سيأتي، مُتثاقلاً كل الكلمات منها.
إنّه شُجاع، لأنهُ يتركها تنتظر.. إنّه قويّ، لأنها لا تُكرر اتصالاتها عليه، وتلحّ عليه.
إنّه رجل، لأنّها تخاف منه أكثر ممّا تخاف عليه.

(2)
كان يشعر بعجزٍ وكسل.. كان يعتقد أنّ وقتهُ فارغ جداً، لدرجة أنّه لا يدري ماذا يفعل..
إنه ينسى المشاغل التي تنتظره بأمكنتها، ينسى الأمكنة الفارغة التي تنتظره يأتي؛ ليُكمّلها.
إنه يتناساها بكُل ما أُوتيَ من طيش.
لأنها الصامتَة التي لا يشتهي منها الكلام، الصامتة التي يشمئز من صوتها المُستكين.
لم يتعاركا أبداً، لا يتقابلان أصلاً إلا وقت الغداء فقط، وفي الغداء.. تكون عينها نصف نائمة
من فرط السهر، تأكل بنصف أصبع، ولا تبلع شيء.
إنها تعتقد بدهاء أنه يُفضّل صمتها، حتى أنها تحرص على ألا تُخرج صوتاً حين تمضغ الهواء،
وحين ينزلق ريقها أعماق حلقها.
وقتما ينتهي من الغداء غالباً.. يرمي "ملعقته" ويتأففّ، قائلاً: أخرج لـ أأكل من ( المطعم ) أفضل!
لا تهتم أبداً لـ ( تأففّاته )؛ لأنها لم تعد الطعام له، بل تُقدّمه له كنوع من إبراء الذمّة..
وهي تنوي الطعام لأطفال جارتها الفقيرة.
بل وتفرَح بشدّة حين يترك الكثير من وجبته؛ لتملأ بطون أطفال جارتها، وتُشبعهم.
إنها تثق تماماً بأنّ إعدادها للطعام لا يُعلى عليه، وتعرف أنّه لا يشتهي الطعام.. فقط لأنّها من أعدّته.
تعرف أن الأكل مثير للإعجاب، لكنّه لا يُطيقه.

(3)
لا تملك صبراً، لكنها تملك نصيحة والدتها: اصبري، اصبري يا بُنيّتي !
والدتها تقصد بالصبر مكافحة الألم بالصبر، والصبر لا يعني الصمت والانكسار.
هي لم تعلم أن مصيرها سيصبح بهذهِ الدرجة من البرود، لذلك.. فهي قد حملت معها
أمتعة الحماس، ونفد صبرها هُناك..
التقت بهذا الرجل وهي خاوية من أي صبر!
ولم تستعد لـ أن تستعيد شيئاً من الماضي، فالماضي كان مُجرّد انتظار لهذا الرجل.
كان صبراً ونفد ..

(4)
لقد كان مستعداً لـ أن ينفصل عنها عند أوّل زلّةٍ منها، لكنه ويا لأسفه، لم تأتِ الزلّة بعد!
كان ينوي ضربها وقتما ترفع صوتها فوق صوته.. لكنها لا زالت صامته.
لديه الكثير ليُفجّره، لكنها تُهدئه بطريقةٍ ما . هي لم تكُن ذكيّة؛ لأنها تجعله هادئا،
لم تكن امرأة ناجحة؛ لأنهم لم يتخاصموا بعد!
ولم تكن على صواب، لأنه لم يصرخ عليها يوماً ما.
إنهُ حقيقةً.. يُحاربها، يؤلمها، ينفصل عنها، يضربها، يبصق عليها .. لكن بصمت، ودون
أن تشعر بذلك، ولا يشعر !
كان أهون عليها أن يضربها ويشتمها ولا أن يصمت ويختفي بهذهِ الصورة الموجعة.

(5)
ذاتَ لحظة حمقاء، أرسلت له رسالة، تُخبرهُ بكونها تُحبّه أكثر من أي شيء آخر.. فاختفى ليلتان!
لقد كانت تكذب، لكن ليس عليه، إنما على نفسها. لأنها كانت تضحك بشدة عندما أرسلت تلك الرسالة،
معتقدةً أنّها شقيّة، وكذّابة !
اختفى، لأنها لم تُصرّ عليه ! هي هكذا اعتقدَتْ ..
إنها تتمسّك بكونها امرأة ذكية، امرأةً صبور، امرأة ناجحة.. لا! ليسَت ناجحة.. لكنها ليست فاشلة!
وهو يعتقد أنه المثالي الذي ابتلاه الله بنقصٍ دمّر باقي حياته!
لقد أقفلوا باب الحوار، والنقاش.. حتى لا يأتِ منه ريح القلق، والجروح.
لكنهم فتحوا نافذة الجفاء، والصمت.. فصارت تؤذيهم بالبرودة، والألم.
بعد تلك الرسالة الحمقاء.. هو لم يأتِ، هو يعتقد أنه قادر على المواجهة، لكنه لن يأتِ !
وهي لا زالت تصرّ على ضحكتها، تصرّ على المتعة وسط فراغها، وانتظارها.
لقد أيقنت أن حياتها هي مجرّد انتظار، وبأنّ عليها أن تصبر فقط، كما قالت لها والدتها!
أوهمت نفسها أنها بخير، بخير.. وهي بخير لأنها استطاعت أن توهم نفسها بذلك وقت الألم.

(6)
لقد أتى.. مكفهرّ الحوَاس!
شِبه غاضب، كان يرغب بشدّة أن يراها على معصيةٍ ما، على خطأ ما.. كي يفجّر كُل ما لديه
من غضب.
لكنها كانت جالسة بملامح هادئة جداً، تُراقب شاشة هاتفها، وتهزّ ساقيها، قلقةً تنتظر !
لقد كان شهماً. أنْ شعر بها وهي تنتظره، أراد أن يخرج ليرسل لها رسالة تجعلها ترمي هاتفها
باشمئزاز، تجعلها تبكي بقهر !
اقترب منها، أخذ هاتفها ورماه على الحائط، وهي تُراقب الأشياء تتكسّر أمامها، بما فيها قلبها،
وعينيها .
تعاركا أخيراً، فتركها عند آخر شتيمة: كم أنتِ ( ناقِصَة )!!
شعرت بكونها ناقصة فعلاً، وراحت تجري وفي عينيها انتقام !
خرج وأغلق الباب بشدة .. فأمسكت بهاتفها الذي تبدو شاشتهُ شِبه مُحطّمة، كقلبها تماماً.. فقط
لتكتب له عبر رسالة -لن تُرسلها- :
" لو كنتَ رجلاً لكمّلتني بك، لو كنتَ كاملاً لمَا شتمتني " !

رمزالطيب
09 / 10 / 2012, 46 : 10 PM
مثل هذه القصص تشوه الحياة تطوى ولا تروى لتنتشي الأيم العش السعيد
بوركت على المشاركة

لميس
09 / 10 / 2012, 01 : 11 PM
يسلمو ع رووعه موضوعك
يعطيك الف عآفيه
ودي لك..~

عزوف
09 / 10 / 2012, 45 : 11 PM
منورين بتواجدكم

سُلاَفْ القَصِيدْ
10 / 10 / 2012, 11 : 03 AM
تسلمين عزوف ع الموضوع ومآقصرتِ

عزوف
10 / 10 / 2012, 00 : 07 AM
يسلمك ربي ع التواجد

دروب الامل
10 / 10 / 2012, 01 : 07 AM
يعطيك العافيه على الطرح الطييب